أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2014
8088
التاريخ: 24-09-2014
8193
التاريخ: 24-09-2014
7943
التاريخ: 8-11-2014
8575
|
فيما يستعمل فيه لفظ «التحريف» وبيان أنّ محلّ البحث ومورد النزاع ماذا ؟ فنقول : قال بعض الأعلام ما لفظه : «يطلق لفظ التحريف ويراد منه عدّة معانٍ على سبيل الاشتراك، فبعض منها واقع في القرآن باتّفاق من المسلمين، وبعض منها لم يقع فيه باتّفاق منهم أيضاً، وبعض منها وقع فيه الخلاف بينهم.
وإليك تفصيل ذلك : الأوّل : نقل الشيء عن موضعه وتحويله إلى غيره، ومنه قوله - تعالى - : { مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ } [النساء : 46] ولا خلاف بين المسلمين في وقوع مثل هذا التحريف في كتاب اللَّه؛ فإنّ كلّ من فسّر القرآن بغير حقيقته، وحمله على غير معناه فقد حرّفه.
وترى كثيراً من أهل البدع والمذاهب الفاسدة قد حرّفوا القرآن بتأويلهم آياته على [طبق] آرائهم وأهوائهم، وقد ورد المنع عن التحريف بهذا المعنى، وذمّ فاعله في عدّة من الروايات : منها : رواية الكافي بإسناده عن الباقر عليه السلام أنّه كتب في رسالته إلى سعد الخير :
«وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه، وحرّفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهّال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية (1) .
الثاني : النقص أو الزيادة في الحروف أو في الحركات، مع حفظ القرآن وعدم ضياعه، وإن لم يكن في الخارج متميّزاً عن غيره.
والتحريف بهذا المعنى واقع في القرآن قطعاً، فقد أثبتنا لك فيما تقدّم (2) عدم تواتر القراءات، ومعنى هذا أنّ القرآن المنزل إنّما هو مطابق لإحدى القراءات، وأمّا غيرها، فهو إمّا زيادة في القرآن، وإمّا نقيصة فيه.
الثالث : النقص أو الزيادة بكلمة أو كلمتين مع التحفّظ على نفس القرآن المنزل.
والتحريف بهذا المعنى قد وقع في صدر الإسلام، وفي زمان الصحابة قطعاً، ويدلّنا على ذلك إجماع المسلمين على أنّ عثمان أحرق جملة من المصاحف، وأمر ولاته بحرق كلّ مصحف غير ما جمعه، وهذا يدلّ على أنّ هذه المصاحف كانت مخالفة لما جمعه، وإلّا لم يكن هناك سبب موجب لإحراقها، وقد ضبط جماعة من العلماء موارد الاختلاف بين المصاحف، منهم : عبداللَّه بن أبي داود السجستاني، وقد سمّى كتابه هذا بكتاب المصاحف، وعلى ذلك فالتحريف واقع لا محالة، إمّا من عثمان، أو من كتّاب تلك المصاحف، ولكنّا سنبيّن بعد هذا - إن شاء اللَّه تعالى - أنّ ما جمعه عثمان كان هو القرآن المعروف بين المسلمين، الذي تداولوه عن النبيّ صلى الله عليه وآله يداً بيد، فالتحريف بالزيادة والنقيصة إنّما وقع في تلك المصاحف التي انقطعت بعد عهد عثمان، وأمّا القرآن الموجود فليس فيه زيادة ولا نقيصة.
الرابع : التحريف بالزيادة والنقيصة في الآية والسورة مع التحفّظ على القرآن المنزل، والتسالم على قراءة النبيّ صلى الله عليه و آله إيّاها.
والتحريف بهذا المعنى أيضاً واقع في القرآن قطعاً.
فالبسملة مثلًا ممّا تسالم المسلمون على أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قرأها قبل كلّ سورة غير سورة التوبة، وقد وقع الخلاف في كونها من القرآن بين علماء السنّة، فاختار جمع منهم أ نّها ليست من القرآن، بل ذهبت المالكيّة إلى كراهة الإتيان بها قبل قراءة الفاتحة في الصلاة المفروضة، إلّا إذا نوى به المصلّي الخروج من الخلاف، وذهب جماعة اخرى إلى أنّ البسملة من القرآن.
وأمّا الشيعة ، فهم متسالمون على جزئيّة البسملة من كلّ سورة غير سورة التوبة ، واختار هذا القول جماعة من علماء السنّة أيضاً (3) ,وإذن فالقرآن المنزل من السماء قد وقع فيه التحريف يقيناً بالزيادة أو بالنقيصة.
الخامس : التحريف بالزيادة ؛ بمعنى أنّ بعض المصحف الذي بأيدينا ليس من الكلام المنزل.
والتحريف بهذا المعنى باطل بإجماع المسلمين ، بل هو ممّا علم بطلانه بالضرورة.
السادس : التحريف بالنقيصة ؛ بمعنى أنّ المصحف الذي بأيدينا لا يشتمل على جميع القرآن الذي نزل من السماء ، فقد ضاع بعضه على الناس.
والتحريف بهذا المعنى هو الذي وقع فيه الخلاف، فأثبته قوم ونفاه آخرون» (4) .
انتهى كلامه قدس سره.
ولكنّه سيجيء (5) - إن شاء اللَّه تعالى - في موضوع جمع القرآن وأنّه في أيّ زمان جمع، أ نّ الجمع كان في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وأنّ اختلاف مصحف عثمان مع سائر المصاحف كان في كيفيّة القراءة من دون اختلاف في الكلمات.
والعجب أنّه بنفسه يصرّح فيما بعد بذلك، حيث يقول : «لا شكّ أنّ عثمان قد جمع القرآن في زمانه، لا بمعنى أنّه جمع الآيات والسور في مصحف، بل بمعنى أنّه جمع المسلمين على قراءة إمام واحد، وأحرق المصاحف الاخرى التي تخالف ذلك المصحف، وكتب إلى البلدان أن يحرقوا ما عندهم منها، ونهى المسلمين عن الاختلاف في القراءة. ..» (6) .
وحينئذٍ فالاختلاف إنّما كان في القراءة لا في الكلمات، كما سيظهر (7) . إن شاء اللَّه تعالى.
______________________
1. الكافي : 8/ 53 قطعة من ح 16، وعنه بحار الأنوار : 78/ 359 قطعة من ح 2.
2. في ص 150 - 162.
3. هنا تحقيق مفصّل للسيّد الخوئي قدس سره في كتابه « البيان» حول آية البسملة تحت عنوان : هل البسملة من القرآن ؟ : 439 - 451، وانظر الإحكام في اصول الأحكام : 1/ 215 - 218.
4. البيان في تفسير القرآن : 197 - 200.
5. في ص 283 -297.
6. البيان في تفسير القرآن : 256.
7. في ص 297.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|