أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-9-2020
1017
التاريخ: 20-9-2020
914
التاريخ: 19-9-2020
1714
التاريخ: 19-9-2020
943
|
السؤال : إنّي شيعي من جنوب لبنان ، لقد تعرّفت على هذا الموقع عن طريق أخي ، وأنا قد واجهت بعض المشاكل في الحديث عن أهل البيت مع الإخوة السنّة ، وإنّي حاولت أن أحدّد إجاباتي في كُلّ وقت يطرح عليّ سؤال ما ، ولكن وفي وقت من الأوقات تحدّثت مع أخي ، وقال لي تراسل مع هذا المركز الذي سوف يساعدك قي مواجهة هذه المشكلة.
والمشكلة على وجه التحديد هي : تكفير المذهب الوهّابي للمذهب الشيعي ، واعتقادهم بأنّهم هم المذهب المسلم المسالم المسلمين ، فأتمنّى منكم أن ترسلوا لي بعض الأحاديث والدلائل على مناقشة هذا الموضوع بطريقة الكتاب ، وعبر طريق المستندات السنّية ، التي تثبت القول ، وذلك لفقر مناطقنا الشيعية بهذه الكتب ، وشكراً.
الجواب : إنّ تكفير أهل القبلة أمر مردود على صاحبه ، ومرفوض كتاباً وسنّة ، قال تعالى في كتابه الكريم : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... } [النساء: 94].
وعن ابن عباس قال : لحق المسلمون رجلاً في غنيمة له ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه ، وأخذوا غنيمته ، فنزلت هذه الآية : {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94] تلك الغنيمة (1).
وأيضاً عن ابن عباس قال : مر رجل من سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه غنم فسلّم عليهم ، فقالوا : ما سلّم عليكم إلاّ ليتعوّذ منكم ، فقاموا إليه فقتلوه ، وأخذوا غنمه وأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأنزل الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا... } [النساء: 94] (2).
فقد دلّت الآية الكريمة على أنّ من أظهر أدنى علامات الإسلام ـ كالتحية ـ تجري عليه أحكامه ، من عصمة ماله ودمه.
عن ابن عباس في قوله : ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) ، قال : حرّم الله على المؤمنين أن يقولوا لمن يشهد أن لا إله إلاّ الله لست مؤمناً ، كما حرّم عليهم الميتة ، فهو آمن على ماله ودمه ، فلا تردّوا عليه قوله (3).
وقال النبيّ صلى الله عليه وآله : « إيّاكم والظنّ فإنّه أكذب الحديث » (4) ، وقال تعالى : {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] ، وقال : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ} [الممتحنة: 10] ، ومعلوم أنّه لم يرد حقيقة العلم بضمائرهنّ واعتقادهنّ ، وإنّما أراد ما ظهر من إيمانهنّ من القول.
وقال تعالى : ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) ، وذلك عموم في جميع الكفّار ، وقال النبيّ صلى الله عليه وآله لأُسامة بن زيد ، حيث قتل الرجل الذي قال : لا إله إلاّ الله ، فقال : إنّما قالها متعوّذاً ، قال : « هلاّ شققت عن قلبه » (5).
وقال سيّد سابق في فقه السنّة : وفي ميدان الحرب والقتال ، إذا أجرى المقاتل كلمة السلام على لسانه ، وجب الكفّ عن قتاله ، يقول الله تعالى : ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) (6).
نقول : فما بالك بالذي يشهد الشهادتين ، ويؤمن بالمعاد ، ويأتي بما أوجب الله تعالى عليه ، من صلاة وصيام وزكاة وحجّ وغيرها من فروع الدين ، هل يحقّ لأحد ـ ممّن يدّعي الإسلام ـ أن يكفّره؟ أو يقاتله؟ أو يعتدي على ماله؟ ويسبي ذراريه؟ وهو ما يفتي به علماء الوهّابية بحقّ من خالفهم من المسلمين ، ويخصّون بالذكر أتباع أهل البيت عليهم السلام ، يبتغون بذلك عرض الحياة الدنيا ، كما هو الواقع الذي تحكي عنه الآية السابقة ، فبئس ما يصنعون.
وقد ورد في السنّة الشريفة من الأحاديث والمواقف الدالّة على النهي الشديد عن تكفير أهل القبلة ، وأهل الشهادتين وقتالهم ، نذكر جملة منها :
1 ـ قال النبيّ صلى الله عليه وآله : « لا تكفّروا أهل ملّتكم ، وإن عملوا الكبائر » (7).
2 ـ وقال صلى الله عليه وآله : « لا تكفّروا أحداً من أهل قبلتي بذنب ، وإن عملوا الكبائر » (8) ، نقول : نعم إنّ الكبائر توجب العقاب لا الكفر.
3 ـ وقال صلى الله عليه وآله : « بني الإسلام على خصال : شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله ، والإقرار بما جاء من عند الله , والجهاد ماض منذ بعث رسله إلى آخر عصابة تكون من المسلمين ... فلا تكفّروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك » (9).
4 ـ وقال صلى الله عليه وآله : « بني الإسلام على ثلاث ، أهل لا إله إلاّ الله لا تكفّروهم بذنب ، ولا تشهدوا عليهم بشرك » (10).
5 ـ وقال صلى الله عليه وآله : « إذا أحدكم قال لأخيه : يا كافر ، فقد باء بها أحدهما » (11).
6 ـ وقال صلى الله عليه وآله : « لا يرمي رجل رجلاً بالفسق ، ولا يرميه بالكفر إلاّ ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك » (12).
7 ـ وقال صلى الله عليه وآله : « من كفّر أخاه فقد باء بها أحدهما » (13).
8 ـ وقال صلى الله عليه وآله : « أيّما رجل مسلم كفّر رجلاً مسلماً ، فإن كان كافراً وإلاّ كان هو الكافر » (14).
9 ـ وقال صلى الله عليه وآله : « إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فهو كقتله » (15).
10 ـ وقال صلى الله عليه وآله : « كفّوا عن أهل لا إله إلاّ الله ، لا تكفّروهم بذنب ، فمن أكفر أهل لا إله إلاّ الله فهو إلى الكفر أقرب » (16).
وعن الزهري : أخبرني محمود بن الربيع قال : سمعت عتبان بن مالك يقول : غدا عليّ رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال رجل : أين مالك بن الدخشن؟ فقال رجل منّا : ذلك منافق لا يحبّ الله ورسوله ، فقال النبيّ صلى الله عليه وآله : « ألا تقولوه يقول لا إله إلاّ الله يبتغي بذلك وجه الله » قال : بلى ، قال : « فإنّه لا يوافي عبد يوم القيامة به ، إلاّ حرّم الله عليه النار » (17).
وعن ابن ظبيان : « سمعت أُسامة بن زيد بن حارثة يحدّث قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الحرقة من جهينة ، قال : فصحبنا القوم فهزمناهم ، قال : ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجل منهم ، قال : فلمّا غشّيناه قال : لا إله إلاّ الله ، فكفّ عنه الأنصاري ، فطعنته برمحي حتّى قتلته.
قال : فلمّا قدمنا بلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وآله قال : فقال لي : « يا أُسامة ، أقتلته بعدما قال لا إله إلاّ الله »؟ قال : قلت : يا رسول الله إنّما كان متعوّذاً ، قال : « أقتلته بعد أن قال لا إله إلاّ الله »؟ قال : فما زال يكرّرها عليّ حتّى تمنّيت أنّي لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم » (18).
وعن الزهري قال : حدّثنا عطاء بن يزيد : أنّ عبيد الله بن عدي حدّثه : أنّ المقداد بن عمرو الكندي ـ حليف بني زهرة ـ حدّثه ، وكان شهد بدراً مع النبيّ صلى الله عليه وآله ، أنّه قال : يا رسول الله إن لقيت كافراً فاقتتلنا ، فضرب يدي بالسيف فقطعها ، ثمّ لاذ بشجرة وقال : أسلمت لله ، أأقتله بعد أن قالها؟
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : « لا تقتله » ، قال : يا رسول الله ، فإنّه طرح إحدى يدي ، ثمّ قال ذلك بعدما قطعها أأقتله؟ قال : « لا تقتله ، فإن قتلته فإنّه بمنزلتك قبل أن تقتله ، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال » (19).
لمّا خاطب ذو الخويصرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بقوله : اتق الله ... قال خالد بن الوليد : يا رسول الله! ألا أضرب عنقه؟ قال صلى الله عليه وآله : « لا ، لعلّه أن يكون يصلّي » ، فقال خالد : كم مصلّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : « إنّي لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ، ولا أشقّ بطونهم » (20).
وفي هذه الأحاديث نجد الدلالة واضحة في النهي عن تكفير أهل القبلة ، وأهل الشهادتين كذلك ، والنهي عن رمي الناس بالكفر أو الشرك لأدنى ذنب أو خلاف.
ومن أقوال العلماء في النهي عن تكفير أهل القبلة والناطقين بالشهادتين ، قال ابن حزم عندما تكلّم فيمن يكفّر ولا يكفّر : « وذهبت طائفة إلى أنّه لا يكفّر ولا يفسّق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا ، وإنّ كُلّ من اجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنّه الحقّ ، فإنّه مأجور على كُلّ حال ، إن أصاب فأجران ، وإن أخطأ فأجر واحد.
وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداود بن علي ، وهو قول كُلّ من عرفنا له قولاً في هذه المسألة من الصحابة ، لا نعلم منهم في ذلك خلافاً أصلاً » (21).
وعن أحمد بن زاهر السرخسي ـ أجلّ أصحاب الشيخ أبي الحسن الأشعري ـ قال : « لمّا حضرت الشيخ أبا الحسن الأشعري الوفاة في داري ببغداد قال لي : أجمع أصحابي ، فجمعتهم ، فقال لنا : أشهدوا على أنّي لا أقول بتكفير أحد من عوام أهل القبلة ، لأنّي رأيتهم كُلّهم يشيرون إلى معبود واحد ، والإسلام يشملهم ويعمّهم » (22).
وقال القاضي الإيجي : « جمهور المتكلّمين والفقهاء على أنّه لا يكفّر أحد من أهل القبلة » (23).
وقال المنّاوي : « فمخالف الحقّ من أهل القبلة ليس بكافر ، ما لم يخالف ما هو من ضروريات الدين ، كحدوث العالم وحشر الأجساد » (24).
بل إنّنا نجد أنّه قد جاء عن ابن تيمية ما هذا لفظه : « جميع أُمّة محمّد [صلى الله عليه واله] موحّدون ، ولا يخلّد في النار من أهل التوحيد أحد » (25).
ولا تظنّ أنّ ابن تيمية يريد بأهل التوحيد أمراً غامضاً معقّداً أكثر ممّا هو وارد في الروايات الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وآله السالفة الذكر ، من النطق بالشهادتين والإتيان بالفرائض وعدم جحدها.
وقال الإمام الشافعي : « فأعلم رسول الله صلى الله عليه وآله أن فرض الله أن يقاتلهم حتّى يظهروا أن لا إله إلاّ الله ، فإذا فعلوا منعوا دماءهم وأموالهم إلاّ بحقّها » (26).
وقال القاضي عياض : « اختصاص عصم النفس والمال بمن قال : لا إله إلاّ الله ، تعبير عن الإجابة إلى الإيمان ، أو أنّ المراد بهذا مشركو العرب وأهل الأوثان ومن لا يوحّد ، وهم كانوا أوّل من دعي إلى الإسلام وقوتل عليه ، فأمّا غيرهم ممّن يقرّ بالتوحيد ، فلا يكتفي في عصمته بقوله لا إله إلاّ الله ، إذا كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده ، ولذلك جاء في الحديث الآخر : وأنّي رسول الله ، ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة » (27).
وبعد هذا لم نجد عند الوهّابيين ما ينهضون به لتكفير المسلمين ، ومنهم أتباع أهل البيت عليهم السلام من دليل راجح ، سوى شبهات احتطبوها هنا وهناك من قشور فهم سقيم للشريعة المقدّسة ، فانكبّوا على المسلمين يكفّرونهم لمجرّد التوسّل بالأولياء ، أو لمجرّد زيارة قبورهم ، أو الدعاء عند أضرحتهم الشريفة ، وأمثال هذه الأُمور التي بيّن موارد جوازها علماء المسلمين من جميع المذاهب الإسلامية ـ عدا المخالفين في ذلك لأدلّة الجواز الواردة في القرآن والسنّة كالوهّابيين مثلاً ـ بما لا مزيد عليه.
_____________
1 ـ صحيح البخاري 5 / 182 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 174 و 6 / 326 ، جامع البيان 5 / 305 ، أسباب نزول الآيات : 115 ، الجامع لأحكام القرآن 5 / 336 ، تفسير القرآن العظيم 1 / 551 ، الدرّ المنثور 2 / 199 ، فتح القدير 1 / 502.
2 ـ أسباب نزول الآيات : 115.
3 ـ جامع البيان 5 / 305 ، الدرّ المنثور 2 / 201.
4 ـ مسند أحمد 2 / 539 ، مسند الشهاب 2 / 97 أحكام القرآن للجصّاص 2 / 350 و 360 و 3 / 397 ، تفسير الثعالبي 5 / 273.
5 ـ مسند أحمد 5 / 207 ، صحيح مسلم 1 / 67.
6 ـ فقه السنّة 2 / 596.
7 ـ نصب الراية 2 / 35 ، كنز العمّال 1 / 215.
8 ـ الجامع الكبير 2 / 43 ، كنز العمّال 1 / 215.
9 ـ كنز العمّال 1 / 29.
10 ـ المصدر السابق 1 / 277.
11 ـ مسند أحمد 2 / 18 و 60 و 112 ، صحيح البخاري 7 / 97 ، صحيح مسلم 1 / 57 ، الجامع الكبير 4 / 132.
12 ـ مسند أحمد 5 / 181 ، صحيح البخاري 7 / 84 ، الجامع الصغير 2 / 464.
13 ـ مسند أحمد 2 / 142 ، تاريخ بغداد 9 / 64.
14 ـ كنز العمّال 3 / 635.
15 ـ المعجم الكبير 18 / 194 ، مجمع الزوائد 8 / 73.
16 ـ المعجم الكبير 12 / 211 ، الجامع الصغير 2 / 275 ، مجمع الزوائد 1 / 106.
17 ـ صحيح البخاري 8 / 54.
18 ـ المصدر السابق 8 / 36.
19 ـ المصدر السابق 8 / 35.
20 ـ المصدر السابق 5 / 111.
21 ـ الفصل بين الملل والأهواء والنحل 3 / 247.
22 ـ اليواقيت والجواهر : 50.
23 ـ المواقف في علم الكلام 3 / 560.
24 ـ فيض القدير 5 / 12.
25 ـ مجموع الفتاوى 11 / 487.
26 ـ الأُم 7 / 311.
27 ـ بحار الأنوار 65 / 243.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|