أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-9-2020
4377
التاريخ: 4-9-2020
2692
التاريخ: 19-9-2020
68174
التاريخ: 19-9-2020
3657
|
قال تعالى : {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60) تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُو الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَو أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان : 55 - 62]
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :
أخبر سبحانه عن الكفار فقال {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم} من الأصنام والأوثان {وكان الكافر على ربه ظهيرا} الظهير العون والمعين أي معينا للشيطان على ربه بالمعاصي عن الحسن ومجاهد وقال الزجاج لأنه يتابع الشيطان ويعاونه على معصية الله فإن عبادتهم الأصنام معاونة للشيطان وقيل ظهيرا أي هينا كالمطرح من قولهم ظهر فلان بحاجته إذا جعلها خلف ظهره فلم يلتفت إليها واستهان بها والظهير بمعنى المظهور وهو المتروك المستخف به ومنه قوله {واتخذتموه ورائكم ظهريا} والأول أوجه وقالوا عنى بالكافر أبا جهل .
{وما أرسلناك} يا محمد {إلا مبشرا} بالجنة {ونذيرا} من النار وقد سبق معناه {قل} يا محمد لهؤلاء الكفار {ما أسألكم عليه} أي على القرآن وتبليغ الوحي {من أجر} تعطونيه {إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا} بإنفاقه ماله في طاعة الله واتباع مرضاته والمعنى إني لا أسألكم لنفسي أجرا ولكني لا أمنع من إنفاق المال في طلب مرضاة الله سبحانه بل أرغب فيه وأحث عليه وفي هذا تأكيد لصدقه لأنه لو طلب على تبليغ الرسالة أجرا لقالوا إنما يطلب أموالنا .
{وتوكل على الحي الذي لا يموت} أي فوض أمورك إليه فإنه ينتقم لك ولو بعد حين فإنه الحي الذي لا يموت فلن يفوته الانتقام {وسبح بحمده} أي احمده منزها له عما لا يجوز عليه في صفاته بأن تقول الحمد لله رب العالمين الحمد لله على نعمه وإحسانه الذي لا يقدر عليه غيره الحمد لله حمدا يكافىء نعمه في عظيم المنزلة وعلة المرتبة وما أشبه ذلك وقيل معناه وأعبده وصل له شكرا منك له على نعمه .
{وكفى به بذنوب عباده خبيرا} أي عليما فيحاسبهم ويجازيهم بها فحقيق بهم أن يخافوه ويراقبوه {الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما} أي ما بين هذين الصنفين {في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن} قد سبق تفسيره في سورة الأعراف {فسئل به خبيرا} اختلف في تأويله فقيل إن المعنى فاسأل عنه خبيرا والباء بمعنى عن والخبير هاهنا هوالله تعالى عن ابن جريج وأنشد في قيام الباء مقام عن قول علقمة بن عبدة :
فإن تسألوني بالنساء فإنني *** خبير بإغواء النساء طبيب
يردن ثراء المال حيث وجدنه *** وشرخ الشباب عندهن عجيب (2)
إذا شاب رأس المرء أوقل ماله *** فليس له في ودهن نصيب
وقول الأخطل
دع المعمر لا تسأل بمصرعه *** وأسأل بمصقلة البكري ما فعلا
وقيل : إن الخبير هنا محمد (صلى الله عليه واله وسلم) والمعنى ليسأل كل منكم عن الله تعالى محمدا فإنه الخبير العارف به قيل إن الباء على أصلها والمعنى فاسأل بسؤالك أيها الإنسان خبيرا يخبرك بالحق في صفته ودل قوله {فاسأل} على السؤال كما قالت العرب من كذب كان شرا له أي كان الكذب شرا له ودل عليه كذب وقد مر ذكر أمثاله وقيل إن الباء فيه مثل الباء في قولك لقيت بفلان ليثا إذا وصفت شجاعته ولقيت به غيثا إذا وصفت سماحته والمعنى أنك إذا رأيته رأيت الشيء المشبه به والمعنى فاسأله عنه فإنه لخبير به وروي أن اليهود حكوا عن ابتداء خلق الأشياء بخلاف ما أخبر الله تعالى عنه فقال سبحانه {فاسأل به خبيرا} قال نفطويه أي سلني عنه فإنك تسأل بسؤالك خبيرا .
{وإذا قيل لهم} أي لهؤلاء المشركين {اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن} أي وأي شيء الرحمن والمعنى أنا لا نعرف الرحمن قال الزجاج الرحمن اسم من أسماء الله عز اسمه مذكور في الكتب الأولى ولم يكونوا يعرفونه من أسماء الله فقيل لهم إنه من أسماء الله ومعناه عند أهل اللغة ذو الرحمة التي لا غاية بعدها في الرحمة لأن فعلان من أبنية المبالغة تقول رجل ريان وعطشان في النهاية من الري والعطش وفرحان وجذلان إذا كان في النهاية من الفرح والجذل {أ نسجد لما تأمرنا} مر تفسيره {وزادهم نفورا} أي زادهم ذكر الرحمن تباعدا من الإيمان عن مقاتل والمعنى أنهم ازدادوا عند ذلك نفورا عن الحق وقبول قول النبي (صلى الله عليه واله وسلم) .
ثم مدح سبحانه نفسه بأن قال {تبارك} وقد مر معناه في أول السورة {الذي جعل في السماء بروجا} يريد منازل النجوم السبعة السيارة التي هي زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر وهي اثنا عشر برجا الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت وقيل هي النجوم الكبار عن الحسن ومجاهد وقتادة وسميت بروجا لظهورها {وجعل فيها سراجا} يعني الشمس ومن قرأ سرجا أراد الشمس والكواكب معها {وقمرا منيرا} أي مضيئا بالليل إذا لم تكن شمس {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة} أي يخلف كل واحد منهما صاحبه فيما يحتاج أن يعمل فيه فمن فاته عمل الليل استدركه بالنهار ومن فاته عمل النهار استدركه بالليل وهو قوله {لمن أراد أن يذكر} عن عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن وروي ذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال تقضي صلاة النهار بالليل وصلاة الليل بالنهار وقيل معناه أنه جعل كل واحد منهما مخالفا لصاحبه فجعل أحدهما أسود والآخر أبيض عن مجاهد {لمن أراد أن يذكر} أي يتفكر ويستدل بذلك على أن لهما مدبرا ومصرفا لا يشبههما ولا يشبهانه فيوجه العبادة إليه {أو أراد شكورا} يقال شكر يشكر شكرا وشكورا أي أراد شكر نعمة ربه عليه فيهما وعلى القول الأول فمعناه أو أراد النافلة بعد أداء الفريضة .
_______________
1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج7 ، ص304-310 .
2- الثراء : كثرة المال . وشرخ الشباب : أوله .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :
{ويَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ ولا يَضُرُّهُمْ} تقدم بالحرف الواحد في الآية 18 من سورة يونس ج 4 ص 143 {وكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً} أي يعين أهل الباطل على أهل الحق ، وكل من أعان الباطل فقد أعان على اللَّه ونصب له العداء ، وان سبحه وقدسه بلسانه ، قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) : (من أعان ظالما ، وهو يعلم أنه ظالم فقد بريء من الإسلام) . ومهما شككت فاني لا أشك في أن من يتعمد الظلم كافر ، بل الكافر (العادل) خير منه ، والآيات القرآنية كثيرة وصريحة في ذلك ، أما الأحاديث النبوية فقد تجاوزت حد التواتر . . أجل ، علينا أن نعامله في الظاهر معاملة المسلم ، لا لشيء إلا لقوله : لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه .
{وما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً ونَذِيراً} تقدم بالحرف في الآية 105 من سورة الإسراء {قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً} .
لا مطمع لي فيكم ولا في أموالكم ، ولا أريد أن أبيعكم أذرعا في الجنة ، إن أريد إلا الإصلاح ، فمن شاء منكم أن يتخذ السبيل إلى الهداية فأجره على اللَّه . وتقدم مثله في الآية 90 من سورة الأنعام ج 3 ص 221 والآية 88 من سورة هود ج 4 ص 261 .
{وتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً} .
بشّر وأنذر يا محمد متوكلا على اللَّه ، مخلصا له في أقوالك وأفعالك ، ومنزها مقامه عن المثيل ، وعن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته ، وهو أعلم بمن ضل عن سبيله فيحاسبه ويجازيه {الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ وما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ} . المراد بالاستواء الاستيلاء ، والأرجح ان المراد بالأيام الدفعات أو الأطوار ، إذ لا أيام قبل وجود الكون والشمس ، وتقدمت هذه الآية في سورة الأعراف الآية 54 ج 3 ص 338 ، وفي سورة يونس الآية 3 وفي سورة هود الآية 7 . {الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً} به متعلق بخبير ، والهاء تعود إلى خلق السماوات والأرض المفهوم من السياق ، وفي الكلام حذف وتقديم وتأخير أي هو الرحمن فاسأل عن خلق السماوات والأرض خبيرا به ، وهو اللَّه .
{وإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا ومَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وزادَهُمْ نُفُوراً} . إذا قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) للمشركين : اعبدوا الرحمن ولا تعبدوا الأصنام قالوا متجاهلين ساخرين : ما هو الذي تدعونا لعبادته ، وتسميه بالرحمن ؟ .
أتريدنا ان نطيعك ، ونعصي آباءنا فيما كانوا يعبدون ؟ . وتذكرنا هذه الجهالة والسفاهة بجهالة الشباب الذين إذا قيل لهم : صلوا وصوموا قالوا : أصلاة في القرن العشرين ؟ والغريب ان هؤلاء الشباب يتغنون بالحرية والإنسانية . . وكأن الحرية هي الزندقة والتهتك ، والإنسانية هي التحرر من قيمها ومثلها . . وما دروا ان الحر هو الذي يعبد اللَّه ولا يخضع لسواه ، وان الإنسانية هي دين اللَّه الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر .
{تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وجَعَلَ فِيها سِراجاً وقَمَراً مُنِيراً} . المراد بالبروج منازل الشمس والقمر . انظر تفسير الآية 16 من سورة الحجر ج 4 ص 470 ، والمراد بالسراج هنا الشمس لقوله تعالى : {وقَمَراً مُنِيراً} . وقال سبحانه في الآية 5 من سورة يونس : {هُو الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً والْقَمَرَ نُوراً} .
وفرق البعض بين الضوء والنور بأن الضوء يستند إلى الكواكب مباشرة وبلا واسطة كضوء الشمس ، والنور يستند إلى الكواكب بالواسطة كنور القمر فإنه مكتسب من الشمس ، واستدل على هذه التفرقة بآية جعل الشمس ضياء والقمر نورا .
{وهُو الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَو أَرادَ شُكُوراً} .
خلفة أي ان الليل والنهار يتعاقبان ويخلف أحدهما الآخر ، يذهب الليل ويأتي النهار ، ثم يذهب هذا ويأتي ذاك ، وهكذا دواليك ، ولا يمكث أحدهما إلى ما لا نهاية أو طويلا أكثر من حاجة الخلائق . . والتعاقب على هذه الصورة يدل دلالة قاطعة على وجود مدبر حكيم ، وتعاقب الليل والنهار يستند مباشرة إلى حركة الأرض ، وحركة الأرض تستند إلى سببها ، ولكن سلسلة الأسباب تنتهي بجميع حلقاتها إلى المبدأ الأول ، أما الحكمة من هذا التعاقب فلأنه لو استمر وجود الظلمة أو الضياء لتعذرت الحياة على وجه الأرض . . وقوله تعالى : {لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ} معناه ان من طلب الدليل على وجود اللَّه وجده في جميع الأشياء ، ومنها تعاقب الليل والنهار ، وقوله : {أَو أَرادَ شُكُوراً} معناه ان من أراد أن يشكر اللَّه على نعمه فليشكره أيضا على تعاقب الليل والنهار فإنه من النعم الكبرى .
______________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج5 ، ص478-480 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :
قوله تعالى : {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا} معطوف على قوله : {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا} .
والظهير بمعنى المظاهر على ما قيل والمظاهرة المعاونة .
والمعنى : ويعبدون - هؤلاء الكفار المشركون - من دون الله ما لا ينفعهم بإيصال الخير على تقدير العبادة ولا يضرهم بإيصال الشر على تقدير ترك العبادة وكان الكافر معاونا للشيطان على ربه .
وكون هؤلاء المعبودين وهم الأصنام ظاهرا لا ينفعون ولا يضرون لا ينافي كون عبادتهم مضرة فلا يستلزم نفي الضرر عنهم أنفسهم حيث لا يقدرون على شيء نفي الضرر عن عبادتهم المضرة المؤدية للإنسان إلى شقاء لازم وعذاب دائم .
قوله تعالى : {وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا} أي لم نجعل لك في رسالتك إلا التبشير والإنذار وليس لك وراء ذلك من الأمر شيء فلا عليك إن كانوا معاندين لربهم مظاهرين لعدوه عليه فليسوا بمعجزين لله وما يمكرون إلا بأنفسهم ، هذا هو الذي يعطيه السياق .
وعليه فقوله : {وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا} هذا الفصل من الكلام نظير قوله : {أ فأنت تكون عليه وكيلا} في الفصل السابق .
ومنه يظهر أن أخذ بعضهم الآية تسلية منه تعالى لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال والمراد ما أرسلناك إلا مبشرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين فلا تحزن على عدم إيمانهم .
غير سديد .
قوله تعالى : {قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا} ضمير {عليه} للقرآن بما أن تلاوته عليهم تبلغ للرسالة كما قال تعالى : {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [المزمل : 19] ، الدهر : 29 ، وقال : {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} [ص : 86 ، 87] .
وقوله : {إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا} استثناء منقطع في معنى المتصل فإنه في معنى إلا أن يتخذ إلى ربه سبيلا من شاء ذلك على حد قوله تعالى : {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء : 88 ، 89] ، أي إلا أن يأتي الله بقلب سليم من أتاه به .
ففيه وضع الفاعل وهومن اتخذ السبيل موضع فعله وهو اتخاذ السبيل شكرا له ففي الكلام عد اتخاذهم سبيلا إلى الله سبحانه باستجابة الدعوة أجرا لنفسه ففيه تلويح إلى نهاية استغنائه عن أجر مالي أوجاهي منهم ، وأنه لا يريد منهم وراء استجابتهم للدعوة واتباعهم للحق شيئا آخر من مال أوجاه أو أي أجر مفروض فليطيبوا نفسا ولا يتهموه في نصيحته .
وقد علق اتخاذ السبيل على مشيتهم للدلالة على حريتهم الكاملة عن قبله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا إكراه ولا إجبار إذ لا وظيفة له عن قبل ربه وراء التبشير والإنذار وليس عليهم بوكيل بل الأمر إلى الله يحكم فيهم ما يشاء .
فقوله : {قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتخذ} إلخ بعد ما سجل لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ليس له إلا الرسالة بالتبشير والإنذار يأمره أن يبلغهم أن لا بغية له في دعوتهم إلا أن يستجيبوا له ويتخذوا إلى ربهم سبيلا من غير غرض زائد من الأجر أيا ما كان ، وأن لهم الخيرة في أمرهم من غير أي إجبار وإكراه فهم والدعوة إن شاءوا فليؤمنوا وإن شاءوا فليكفروا .
هذا ما يرجع إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو تبليغ الرسالة فحسب من غير طمع في أجر ولا تحميل عليهم بإكراه أو انتقام منهم بنكال ، وأما ما وراء ذلك فهو لله فليرجعه إليه وليتوكل عليه كما أشار إليه في الآية التالية : {وتوكل على الحي الذي لا يموت} .
وذكر جمهور المفسرين أن الاستثناء منقطع ، والمعنى لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا أي بالإنفاق القائم مقام الأجر كالصدقة والإنفاق في سبيل الله فليفعل ، وهو ضعيف لا دليل عليه لا من جهة لفظ الجملة ولا من جهة السياق .
وقال بعضهم : إنه متصل والكلام بحذف مضاف والتقدير إلا فعل من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا بالإيمان والطاعة حسبما أدعو إليهما .
وفيه أخذ استجابتهم له أجرا لنفسه وقطعا لشائبة الطمع بالكلية وتطييبا لأنفسهم ، ويرجع هذا الوجه بحسب المعنى إلى ما قدمناه ويمتاز منه بتقدير مضاف والتقدير خلاف الأصل .
وقال آخرون : إنه متصل بتقدير مضاف والتقدير لا أسألكم عليه من أجر إلا أجر من شاء (إلخ) أي إلا الأجر الحاصل لي من إيمانه فإن الدال على الخير كفاعله .
وفيه أن مقتضى هذا المعنى أن يقال : إلا من اتخذ إلى ربه سبيلا فلا حاجة إلى تعليق الاتخاذ بالمشية والأجر إنما يترتب على العمل دون مشيته .
قوله تعالى : {وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا} لما سجل على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ليس له من أمرهم شيء إلا الرسالة وأمره أن يبلغهم أن لا بغية له في دعوتهم إلا الاستجابة لها وأنهم على خيرة من أمرهم إن شاءوا آمنوا وإن شاءوا كفروا تمم ذلك بأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتخذه تعالى وكيلا في أمرهم فهو تعالى عليهم وعلى كل شيء وكيل وبذنوب عباده خبير .
فقوله : {وتوكل على الحي الذي لا يموت} أي اتخذه وكيلا في أمرهم يحكم فيهم ما يشاء ويفعل بهم ما يريد فإنه الوكيل عليهم وعلى كل شيء وقد عدل عن تعليق التوكل بالله إلى تعليقه بالحي الذي لا يموت ليفيد التعليل فإن الحي الذي لا يموت لا يفوته فائت فهو المتعين لأن يكون وكيلا .
وقوله : {وسبح بحمده} أي نزهه عن العجز والجهل وكل ما لا يليق بساحة قدسه مقارنا ذلك للثناء عليه بالجميل فإن أمهلهم واستدرجهم بنعمه فليس عن عجز فعل بهم ذلك ولا عن جهل بذنوبهم وإن أخذهم بذنوبهم فبحكمة اقتضته وباستحقاق منهم استدعى ذلك فسبحانه وبحمده .
وقوله : {وكفى به بذنوب عباده خبيرا} مسوق للدلالة على توحيده في فعله وصفته فهو الوكيل المتصرف في أمور عباده وحده وهو خبير بذنوبهم وحاكم فيهم وحده من غير حاجة إلى من يعينه في علمه أوفي حكمه .
ومن هنا يظهر أن الآية التالية : {الذي خلق السماوات والأرض} متممة لقوله : {وتوكل على الحي الذي لا يموت} إلخ ، لاشتمالها على توحيده في ملكه وتصرفه كما يشتمل قوله : {وكفى به} إلخ على علمه وخبرته وبالحياة والملك والعلم معا يتم معنى الوكالة وسنشير إليه .
قوله تعالى : {الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا} ظاهر السياق أن الموصول صفة لقوله في الآية السابقة : {الحي الذي لا يموت} وبهذه الآية يتم البيان في قوله : {وتوكل على الحي الذي لا يموت} فإن الوكالة كما تتوقف على حياة الوكيل تتوقف على العلم ، وقد ذكره في قوله : {وكفى به بذنوب عباده خبيرا} وتتوقف على السلطنة على الحكم والتصرف وهو الذي تتضمنه هذه الآية بما فيها من حديث خلق السماوات والأرض والاستواء على العرش .
وقد تقدم تفسير صدر الآية في مواضع من السور السابقة ، وأما قوله : {الرحمن فاسأل به خبيرا} فالذي يعطيه السياق ويهدي إليه النظم أن يكون الرحمن خبرا لمبتدأ محذوف والتقدير هو الرحمن ، وقوله : {فاسأل} متفرعا عليه والفاء للتفريع ، والباء في قوله : {به} للتعدية مع تضمين السؤال معنى الاعتناء .
وقوله : {خبيرا} حال من الضمير .
والمعنى : هو الرحمن - الذي استوى على عرش الملك والذي برحمته وإفاضته يقوم الخلق والأمر ومنه يبتدىء كل شيء وإليه يرجع - فاسأله عن حقيقة الحال يخبرك بها فإنه خبير .
فقوله : {فاسأل به خبيرا} كناية عن أن الذي أخبر به حقيقة الأمر التي لا معدل عنها وهذا كما يقول من سئل عن أمر : سلني أجبك إن كذا وكذا ومن هذا الباب قولهم : على الخبير سقطت .
ولهم في قوله : {الرحمن فاسأل به خبيرا} أقوال أخرى كثيرة : فقيل : إن الرحمن مرفوع على القطع للمدح ، وقيل : مبتدأ خبره قوله : {فاسأل به} وقيل : خبر مبتدؤه {الذي} في صدر الآية ، وقيل : بدل من الضمير المستكن في {استوى} .
وقيل في {فاسأل به} إنه خبر للرحمن كما تقدم والفاء فصيحة ، وقيل : جملة مستقلة متفرعة على ما قبلها والفاء للتفريع ثم الباء في {به} للصلة أو بمعنى عن والضمير راجع إليه تعالى أو إلى ما تقدم من الخلق والاستواء .
وقيل {خبيرا} حال عن الضمير وهو راجع إليه تعالى ، والمعنى فاسأل الله حال كونه خبيرا ، وقيل : مفعول فاسأل والباء بمعنى عن والمعنى فاسأل عن الرحمن أوعن حديث الخلق والاستواء خبيرا ، والمراد بالخبير هو الله سبحانه ، وقيل جبرئيل وقيل : محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وقيل : من قرأ الكتب السماوية القديمة ووقف على صفاته وأفعاله تعالى وكيفية الخلق والإيجاد ، وقيل : كل من كان له وقوف على هذه الحقائق .
وهذه الوجوه المتشتتة جلها أوكلها لا تلائم ما يعطيه سياق الآيات الكريمة ولا موجب للتكلم عليها والغور فيها .
قوله تعالى : {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أ نسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا} هذا فصل آخر من معاملتهم السوء مع الرسول ودعوته الحقة يذكر فيه استكبارهم عن السجود لله سبحانه إذا دعوا إليه ونفورهم منه وللآية اتصال خاص بما قبلها من حيث ذكر الرحمن فيها وقد وصف في الآية السابقة بما وصف ولعل اللام فيه للعهد .
فقوله : {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن} الضمير للكفار ، والقائل هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدليل قوله بعد : {أ نسجد لما تأمرنا} ولم يذكر اسمه ليتوجه استكبارهم إلى الله سبحانه وحده .
وقوله : {قالوا وما الرحمن} سؤال منهم عن هويته ومائيته مبالغة منهم في التجاهل به استكبارا منهم على الله ولولا ذلك لقالوا : ومن الرحمن ، وهذا كقول فرعون لموسى لما دعاه إلى رب العالمين : {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ } [الشعراء : 23] ، وقول إبراهيم لقومه : {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } [الأنبياء : 52] ، ومراد السائل في مثل هذا السؤال أنه لا معرفة له من المسئول عنه بشيء أزيد من اسمه كقول هود لقومه : {أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ } [الأعراف : 71] .
وقوله حكاية عنهم : {أ نسجد لما تأمرنا} في تكرار التعبير عنه تعالى بما إصرار على الاستكبار ، والتعبير عن طلبه عنهم السجدة بالأمر لا يخلو من تهكم واستهزاء .
وقوله : {وزادهم نفورا} معطوف على جواب إذا والمعنى : وإذا قيل لهم اسجدوا استكبروا وزادهم ذلك نفورا ففاعل زادهم ضمير راجع إلى القول المفهوم من سابق الكلام .
وقول بعضهم : إن الفاعل ضمير راجع إلى السجود بناء على ما رووا أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه سجدوا فتباعدوا عنهم مستهزءين ليس بسديد فإن وقوع واقعة ما لا يؤثر في دلالة اللفظ ما لم يتعرض له لفظا .
ولا تعرض في الآية لهذه القصة أصلا .
قوله تعالى : {تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا} الظاهر أن المراد بالبروج منازل الشمس والقمر من السماء أو الكواكب التي عليها كما تقدم في قوله : {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [الحجر : 16 ، 17] ، وإنما خصت بالذكر في الآية للإشارة إلى الحفظ والرجم المذكورين .
والمراد بالسراج الشمس بدليل قوله : { وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح : 16] .
وقد قرروا الآية أنها احتجاج بوحدة التدبير العجيب السماوي والأرضي على وحدة المدبر فيجب التوجه بالعبادات إليه وصرف الوجه عن غيره .
والتدبر في اتصال الآيتين بما قبلهما وسياق الآيات لا يساعد عليه لأن مضمون الآية السابقة من استكبارهم على الرحمن إذا أمروا بالسجود له واستهزائهم بالرسول لا نسبة كافية بينه وبين الاحتجاج على توحيد الربوبية حتى يعقب به ، وإنما المناسب لهذا المعنى إظهار العزة والغنى وأنهم غير معجزين لله بفعالهم هذا ولا خارجين عن ملكه وسلطانه .
والذي يعطيه التدبر أن قوله : {تبارك الذي جعل في السماء بروجا} إلخ ، مسوق سوق التعزز والاستغناء ، وأنهم غير معجزين باستكبارهم على الله واستهزائهم بالرسول بل هؤلاء ممنوعون عن الاقتراب من حضرة قربه والصعود إلى سماء جواره والمعارف الإلهية مضيئة مع ذلك لأهله وعباده بما نورها الله سبحانه بنور هدايته وهو نور الرسالة .
وعلى هذا فقد أثنى الله سبحانه على نفسه بذكر تباركه بجعل البروج المحفوظة الراجمة للشياطين بالشهب في السماء المحسوسة وجعل الشمس المضيئة والقمر المنير فيها لإضاءة العالم المحسوس ، وأشار بذلك إلى ما يناظره في الحقيقة من إضاءة العالم الإنساني بنور الهداية من الرسالة ليتبصر به عباده ، كما يذكر حالهم بعد هذه الآيات ودفع أولياء الشياطين عن الصعود إليه بما هيأ لدفعهم من بروج محفوظة راجمة .
هذا ما يعطيه السياق وعلى هذا النمط من البيان سيقت هذه الآيات والتي قبلها كما تقدمت الإشارة إليه في تفسير قوله : {أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل} فليس ما ذكرناه من التأويل بمعنى صرف الآيات عن ظاهرها .
قوله تعالى : {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا} الخلفة هي الشيء يسد مسد شيء آخر وبالعكس وكأنه بناء نوع أريد به معنى الوصف فكون الليل والنهار خلفة أن كلا منهما يخلف الآخر ، وتقييد الخلفة بقوله : {لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا} للدلالة على نيابة كل منهما عن الآخر في التذكر والشكر .
والمقابلة بين التذكر والشكر يعطي أن المراد بالتذكر الرجوع إلى ما يعرفه الإنسان بفطرته من الحجج الدالة على توحيد ربه وما يليق به تعالى من الصفات والأسماء وغايته الإيمان بالله ، وبالشكور القول أو الفعل الذي ينبىء عن الثناء عليه بجميل ما أنعم ، وينطبق على عبادته وما يلحق بها من صالح العمل .
وعلى هذا فالآية اعتزاز أو امتنان بجعله تعالى الليل والنهار بحيث يخلف كل صاحبه فمن فاته الإيمان به في هذه البرهة من الزمان تداركه في البرهة الأخرى منه ، ومن لم يوفق لعبادة أو لأي عمل صالح في شيء منهما أتى به في الآخر .
هذا ما تفيده الآية ولها مع ذلك ارتباط بقوله في الآية السابقة : {وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا} ففيه إشارة إلى أن الله سبحانه وإن دفع أولئك المستكبرين عن الصعود إلى ساحة قربه لكنه لم يمنع عباده عن التقرب إليه والاستضاءة بنوره فجعل نهارا ذا شمس طالعة وليلا ذا قمر منير وهما ذوا خلفة من فاته ذكر أو شكر في أحدهما أتى به في الآخر .
وفسر بعضهم التذكر بصلاة الفريضة والشكور بالنافلة والآية تقبل الانطباق على ذلك وإن لم يتعين حملها عليه .
__________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج15 ، ص184-190 .
تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :
يبيّن القرآن الكريم في نهاية المطاف في الآية الأخيرة ـ مورد البحث ـ انحراف المشركين عن أصل التوحيد ، من خلال المقايسة بين قدرة الأصنام وقدرة الخالق ، حيث مرّت نماذج منها في الآيات السابقة ، يقول : {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم} .
من المسلّم أنّ وجود المنفعة والضرر لا يكون وحده معيار العبادة ، لكن القرآن يبيّن من خلال هذا التعبير هذه النكتة ، وهي أنّهم يفتقدون أية حجة في هذه العبادة ، لأنّ الأصنام موجودات عديمة الخاصية تماماً ، وفاقدة لأية قيمة ، ولأي تأثير سلبي أو إيجابي .
ويضيف القرآن الكريم في ختام الآية أن الكفرة يعين بعضهم بعضاً في مواجهة خالقهم «في طريق الكفر» {وكان الكافر على ربّه ظهيراً} .
إن هؤلاء ليسوا وحدهم في طريق الضلال ، إنهم يقوي بعضهم بعضاً بشكل قاطع ، ويعبئون القوى ويقيمون العراقيل ضد دين الله ونبيّه والمؤمنين الحقيقيين . وإذا رأينا أن بعض المفسّرين يحصر «الكافر» الوارد في هذه الآية في «أبي جهل» فمن باب ذكر المصداق البارز ، وإلاّ فإنّ الكافر في كل مورد له معنى واسع يشمل جميع الكفار .
وقوله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } [الفرقان : 56 - 59]
أَجري هو هدايتكم :
كان الكلام في الآيات السابقة حول إصرار الوثنيين على عبادتهم الأصنام التي لا تضرُّ ولا تنفع ، وفي الآية الحالية الأُولى يشير القرآن إلى مهمّة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم)قبالة هؤلاء المتعصبين المعاندين ، فيقول تعالى : {وما أرسلناك إلاّ مبشراً ونذيراً} . (2)
إذا لم يتقبل هؤلاء دعوتك ، فلا جناح عليك ، فقد أديت مهمتك في البشارة والإِنذار ، ودعوت القلوب المستعدة إلى الله .
هذا الخطاب ، كما يشخص مهمّة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ، كذلك يسلّيه ، وفيه نوع من التهديد لهذه الفئة الضالة ، وعدم المبالاة بهم .
ثمّ يأمر النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول لهم أنني لا اريد منكم في مقابل هذا القرآن وابلاغكم رسالة السماء أي أجر وعوض : {قل ما أسألكم عليه من أجر} ثمّ يضيف : إن الأجر الوحيد الذي أطلبه أن يهتدي الناس إلى طريق الله {إلاّ من شاء أن يتخذ إلى ربّه سبيلا} .
يعني أجري وجزائي هو هدايتكم فقط ، وبكامل الإرادة والإختيار أيضاً ، فلا إكراه ولا إجبار فيه ، وكم هو جميل هذا التعبير الكاشف عن غاية لطف ومحبة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) لأتباعه ، ذلك لأنّه عدَّ (3) أجره وجزاءَه سعادتهم .
بديهي أنّ للنّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أجراً معنوياً عظيماً على هداية الأمة ، ذلك لأن «الدال على الخير كفاعله» .
وذكر المفسّرون احتمالات أُخرى أيضاً في تفسير هذه الآية من جملتها :
يرى جماعة من المفسّرين أنّ معنى هذه الآية هكذا «أنا لا أريد منكم أي جزاء إلاّ ما أردتم من إنفاق الأموال على المحتاجين في سبيل الله ، وذلك مرتبط برغبتكم» . (4)
لكنّ التّفسير الأوّل .قرب إلى معنى الآية .
اتّضح ممّا قلناه أعلاه ، أنّ الضمير في «عليه» يرجع إلى القرآن وتبليغ دين الإِسلام ، لأن الكلام كان في عدم المطالبة بالأجر والجزاء في مقابل هذه الدعوة .
هذه الجملة بالإِضافة إلى أنّها تقطع حجج المشركين ، فهي توضح أن قبول هذه الدعوة الإِلهية سهل ويسير جدّاً لكل أحد ، بلا مشقّة ولا خسارة .
وهذا بنفسه شاهد على صدق دعوة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ونقاء فكره ومنهجه ، وذلك لأنّ الأدعياء الكاذبين لابدّ أن يُدخلوا في هذا العمل رغبتهم في الأجر والجزاء بصورة مباشرة أو غير مباشرة .
وتبيّن الآية التي بعدها المعتمد الأساس للنّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : {وتوكل على الحي الذي لا يموت} .
فمع هذا المعتمد والملجأ والمولى الذي ما زال ولن يزال حياً دائماً ، فلا حاجة لك بأجر وجزاء هؤلاء ، ولا خوف عليك من ضررهم ومؤامراتهم .
والآن حيث الأمر على هذه الصورة فسبح الله تنزيهاً له من كل نقص ، وأحمده إزاء كل هذه الكمالات (وسبح بحمده) .
من الممكن اعتبار هذه الجملة بمنزلة التعليل للجملة السابقة ، لأنّ تعالى هو المنزّه من كل عيب ونقص ، وأهلٌ لكل كمال وجمال ، وحقيق بالتوكل عليه .
ثمّ يضيف القرآن الكريم : لا تقلق من بهتان ومؤامرات الأعداء ، لأنّ الله مطلع على ذنوب عباده وسيحاسبهم : {وكفى به بذنوب عباده خبيراً} .
الآية التالية بيان لقدرة الخالق في ساحة عالم الوجود ، ووصف آخر لهذا الملاذ الأمين ، يقول تعالى : {الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيّام} . ثمّ {استوى على العرش} فأخذ بتدبير العالم .
إنّ من له هذه القدرة الواسعة يستطيع أن يحفظ المتوكلين عليه من كل خطر وحادثة ، فكما أنّ خلق العالم كان بواسطة قدرته ، كذلك فإنّ إدارة وقيادة وتدبير ذلك العالم بأمر ذاته المقدسة .
ضمناً ، فإنّ خلق العالم بشكل تدريجي إشارة إلى أنّ الله لا يعجل في أي عمل ، فإذا لم يجاز أعداءك سريعاً ، فلأجل أن يمنحهم الفسحة والفرصة حتى يأخذوا بإصلاح أنفسهم ، فضلا عن أن من يعجل هومن يخاف الفوت ، وهذا غير متصور بالنسبة إلى الله القادر المتعال .
في مسألة خلق عالم الوجود في ستة أيّام ، فإنّ «اليوم» في مثل هذه الموارد بمعنى «المرحلة» ، أو الفترة الزمنية وهذه الفترة من الممكن أن تستغرق ملايين أو مليارات من السنين ، وشواهد هذا المعنى في الأدب العربي وغيره كثيرة ، بحثناه بشكل مفصل في تفسير الآية (54) من سورة الأعراف ، وشرحنا هناك هذه المراحل الست .
وأيضاً فإنّ معنى «العرش» وجملة (استوى على العرش) وردت هناك أيضاً .
وفي ختام الآية يضيف تعالى : (الرحمن) : من شملت رحمته العامّة جميع الموجودات ، فالمطيع والعاصي والمؤمن والكافر يغترفون من خوان نعمته التي لا انقطاع فيها .
والآن ، حيث ربّك الرحمن القادر المقتدر ، فإذا أردت شيئاً فاطلب منه فإنّه المطلع على احتياجات جميع عباده : {فاسأل به خبيراً} .
هذه الجملة ـ في الحقيقة ـ نتيجة لمجموع البحوث السابقة . يأمر الله النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) : أعلِنْ لهم أنّني لا أريد منكم أجراً ، وتوكل على الله الجامع لكل الصفات ، القادر ، والرحمن ، والخبير ، والمطلع ، وأطلب منه أي شيء تريده .
للمفسّرين أقوال أُخرى في تفسير هذه الجملة ، فقد جعلوا السؤال هنا بمعنى الإستفهام (لا الطلب) ، وقالوا : إن مفهوم الجملة هو : إذا أردت أن تسأل في موضوع خلق الوجود وقدرة الخالق ، فاسأله هو ، فهو العالم بكل شيء .
بعض آخر ، بالإضافة إلى أنّهم فسروا «السؤال» بـ «الإستفهام» قالوا : إن المقصود بـ «الخبير» جبرئيل ، أو النّبي ، يعني : إسألهما عن صفات الله .
التّفسير الأخير بعيد جدّاً بالتأكيد ، وما قبله أيضاً غير متناسب كثيراً مع الآيات السابقة ، والأقرب هوما قلناه في معنى الآية من أن المقصود من السؤال هو الطلب من الله . (5)
وقوله تعالى : {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُواْ لِلرَّحْمَنِ قَالُواْ وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً (60) تَبَارَكَ الَّذِى جَعَلَ فِي السَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِرجاً وَقَمَراً مُّنِيراً (61) وَهُو الَّذِى جَعَلَ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَو أرَادَ شُكُوراً}
البروج السماوية :
كان الكلام في الآيات الماضية عن عظمة وقدرة الله ، وعن رحمته أيضاً ، ويضيف الله تعالى في الآية الأُولى هنا : {وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن} .
نحن لا نعرف «الرحمن» أصلا ، وهذه الكلمة ليس لها مفهوم واضح عندنا ، {أنسجد لما تأمُرنا} نحن لا نخضع لأي أحد ، وسوف لن نكون أتباع أمر هذا أو ذاك {وزادهم نفوراً} اي أنّهم يتكلمون بهذا الكلام ويزدادون ابتعاداً ونفوراً عن الحقّ .
لا شكّ أنّ أنسب اسم من أسماء الله للدعوة إلى الخضوع والسجود بين يديه ، هو ذلك الاسم الممتلىء جاذبية «الرحمن» مع مفهوم رحمته العامّة الواسعة ، لكن أولئك بسبب عمى قلوبهم ولجاجتهم ، لم يظهروا تأثراً حيال هذه الدعوة ، بل تلقوها بالسخرية والإستهزاء ، وقالوا على سبيل التحقير : (وما الرحمن) كما قال فرعون حيال دعوة موسى(عليه السلام) : {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء : 23] فهؤلاء لم يكونوا على استعداد حتى ليقولوا : «ومن الرحمن» أو «من ربّ العالمين» .
ورغم أن بعض المفسّرين يرى أن اسم «الرحمن» لم يكن مأنوساً بين عرب الجاهلية ، وحينما سمعوا هذا الوصف من النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) طرحوا هذا السؤال على سبيل التعجب واقعاً ، حتى كان يقول البعض منهم : «ما نعرف الرحمن إلاّ رجلا باليمامة» (يعنون به مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوّة كذباً ، وعرفه وقومه بهذا الاسم «الرحمن») .
لكن هذا القول بعيد جدّاً ، لأنّ مادة هذا الاسم وصيغته كلاهما عربيان ، وكان النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) يتلوـ دائماً ـ في بداية السور القرآنية ، الآية (بسم الله الرحمن الرحيم)وعلى هذا فلم يكن هدف أُولئك إلاّ التحجج والسخرية ، والعبارة التالية شاهد على هذه الحقيقة أيضاً لأنهم يقولون : {أنسجد لما تأمرنا} .
وبما أن تعاليم القادة الإلهيين تؤثر في القلوب المؤهلة فقط ، فإنّ عمي القلوب من المعاندين مضافاً الى عدم انتفاعهم بها ، فإنّها تزيدهم نفوراً لأنّ آيات القرآن كقطرات المطر الباعثة على الحياة تنمي الورد والخضرة في البستان ، والشوك في الأرض السبخة ، ولذا لا مجال للتعجب حيث يقول : {وزادهم نفوراً} . (6)
الآية التالية إجابة على سؤالهم حيث كانوا يقولون : «وما الرحمن» ، وإن كانوا يقولون هذا على سبيل السخرية ، لكن القرآن يجيبهم إجابة جادة ، يقول تعالى : {تبارك الذي جعل في السماء بروجاً} .
«البروج» جمع «برج» في الأصل بمعنى «الظهور» ولذا يسمون ذلك القسم الأعلى والأظهر من جدار أطراف المدينة أو محل تجمع الفرقة العسكرية «برج» ، ولهذا أيضاً يقال حينما تظهر المرأة زينتها «تبرجت المرأة» ، وهذه الكلمة تطلق أيضاً على القصور العالية .
على أية حال ، فالبروج السماوية ، إشارة إلى الصور الفلكية الخاصّة حيث تستقر الشمس والقمر في كل فصل وكل موضع من السنة إزاء واحد منها ، يقولون مثلا : استقرت الشمس في برج «الحمل» يعني أنّها تكون بمحاذاة «الصورة الفلكية» ، «الحمل» ، أو القمر في «العقرب» يعني وقفت كرة القمر أمام الصورة الفلكية «العقرب» (تطلق الصورة الفلكية على مجموعة من النجوم لها شكل خاص في نظر المشاهد) .
بهذا الترتيب ، أشارت الآية إلى منازل الشمس والقمر السماوية ، وتضيف على أثر ذلك : {وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً}(7) .
تبيّن هذه الآية النظم الدقيق لسير الشمس والقمر في السماء (وبديهي أن هذه التغييرات في الحقيقة ترتبط بدوران الأرض حول الشمس دائماً) . والنظام الفذ الدقيق الذي يحكمهما ملايين السنين بلا زيادة أو نقصان ، بالشكل الذي يستطيع الفلكيون ـ أحياناً ـ أن يتنبؤا . قبل مئات السنين بوضع حركة الشمس والقمر في يوم معين وساعة معينة بالنسبة إلى مئات السنين الآتية ، هذا النظام الحاكم على هذه الأفلاك السماوية العظيمة شاهد ناطق على وجود الخالق المدبر والمدير لعالم الوجود الكبير .
مع هذه الدلائل الواضحة ، ومع هذه المنازل البديعة والدقيقة للشمس والقمر ، فهل مازلتم تجهلونه وتقولون : «وما الرحمن» !؟
أمّا لماذا سميت الشمس ، «سراجاً» ، وقُرِنَ القمر بصفة «منير»؟ فمن الممكن أن يكون دليله أن «السراج» بمعنى المنبع الضوئي الذي نوره مستمدٌ من ذاته وهذا ينطبق على حال الشمس ، حيث أنّ من المسلمات العلمية طبقاً للتحقيقات أن نورها من نفسها . بخلاف القمر الذي نوره من ضياء الشمس ، ولذا وصفه بـ «المنير» الذي يستمد نوره من غيره دائماً ، (في التّفسير الأمثل ، أوردنا القول مفصلا في هذا الصدد ، ذيل الآية 5 و6 سورة يونس) .
في الآية الأخيرة ، يواصل القرآن الكريم التعريف بالخالق سبحانه ، ويتحدث مرّة أُخرى في قسم آخر من نظام الوجود ، فيقول تعالى : {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكّر أو أراد شكوراً} .
هذا النظام البديع الحاكم على الليل والنهار ، حيث يعقب أحدهما الآخر متناوبين متواصلين على هذا النظم ملايين السنين . . . النظم الذي لولاه لإنعدمت حياة الإنسان نتيجةً لشدة النور والحرارة أو الظلمة والعتمة ، وهذا دليل رائع للذين يريدون أن يعرفوا الله عزَّوجلّ
ومن المعلوم أن نشوء نظام «الليل» و«النهار» نتيجة لدوران الأرض حول الشمس ، وأن تغيراتهما التدريجية والمنظمة ، حيث ينقص من أحدهما ويزاد في الآخر دائماً بسبب ميل محور الأرض عن مدارها ممّا يؤدي لوجود الفصول الأربعة .
فإذا دارت كرتنا الأرضية في حركتها الدورانية أسرع أو أبطأ من دورانها الفعلي ففي احدى الصور تطول الليالي الى درجة أنّها تجمد كل شيء ، ويطول النهار الى درجة أنّ الشمس تحرق كل شيء . . . وفي صورة اخرى فإنّ الفاصلة القصيرة بين الليل والنهار كانت ستبطل تأثيرهما وفائدتهما . فضلا عن أنّ القوّة المركزية الطاردة كانت سترتفع بحيث ستقذف جميع الموجودات الأرضية بعيداً عن الكرة الأرضية .
والخلاصة أنّ التأمل في هذا النظام يوقظ فطرة معرفة الله في الإنسان من جهة (ولعل التعبير بالتذكر والتذكير إشارة إلى هذه الحقيقة) ، ومن جهة أُخرى يُحي روح الشكر فيه ، وقد أُشير إلى ذلك بقوله تعالى : (أو أراد شكوراً) .
الجدير بالذكر أنّنا نقرأ في بعض الرّوايات التي نقلت عن النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أو الأئمّة المعصومين في تفسير الآية ، أن تعاقب الليل والنهار من أجل أن الإنسان إذا أهمل اداء واجب من واجباته تجاه الله سبحانه وتعالى فإنّه بإمكانه جبرانه أو قضاءه في الوقت الآخر منهما . هذا المعنى من الممكن أن يكون تفسيراً ثانياً للآية ، وممّا سبق من كون الآيات القرآنية ذات بطون ، فلا منافاة بين هذا المعنى والمعنى الأوّل أيضاً .
وفي ذلك ورد في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : «كلّ ما فاتك بالليل فاقضه بالنهار ، قال الله تبارك وتعالى : {وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً} يعني أن يقضي الرجل ما فاته بالليل بالنهار ، وما فاته بالنهار بالليل» . (8)
نفس هذا المعنى نقله «الفخر الرازي» عن النّبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) .
______________
1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج228-240 .
2 ـ «نذير» في اعتقاد البعض صيغة مبالغة ، في حين أنّ «مبشر» اسم فاعل فقط ، هذا التفاوت التعبيري يمكن أن يكون بسبب أن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) كان في مواجهة فئة بلا إيمان وكان لها إصرار بالغ على انحرافها ، فلا بد أن يبالغ في إنذارها . (روح المعاني ذيل الآية مورد البحث) .
3 ـ بناء على هذا فالإستثناء في الآية أعلاه «استثناء متصل» وإنْ بدا منقطاً لأول وهلة .
4 ـ الإستثناء في هذه الحالة «استثناء منقطع» .
5 ـ طبقاً لهذا التّفسير فـ «الباء» في «به» زائدة ، أمّا طبقاً للتفاسير الأُخرى ، فإن «الباء» بمعنى «عن» .
6 ـ على هذا فإنّ فاعل (زاد) هو ذلك الأمر بالسجود الذي ترك أثراً معكوساً في أولئك المرضى قلوبهم ، وإن نقل بعض المفسّرين أنّ النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) سجد بعد هذا الكلام وسجد المؤمنون أيضاً ، فسبّب هذا ابتعاد أُولئك أكثر ، بناء على هذا ففاعل (زاد) السجدة ، لكن المعنى الأوّل أكثر صحّة .
7 ـ طبقاً للتفسير أعلاه ، فإنّ ضمير «فيها» يرجع إلى البروج ، وينبغي أن يكون هكذا ، ذلك لأنّ الموضوع المهم هو دوران الشمس والقمر ضمن نظام خاص في البروج : وليس وجود البروج في السماء فقط .
8 ـ من لا يحضره الفقيه ، طبقاً لنقل نور الثقلين ، ج 4 ذيل الآية .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|