أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-14
805
التاريخ: 3-5-2021
1837
التاريخ: 2023-04-24
1522
التاريخ: 31-1-2018
14029
|
بداية الإبداع العلمي عند العرب المسلمين
تجدر الإشارة بداية أن تعريف” العرب المسلمون” في بداياته كان يشمل كل من إعتنق الإسلام من الأعراق والإتنيات كافة، إذ أن الإسلام تجاوز الإنتماء القومي ودعا للإنتماء إليه ليصبح الجميع فيه متساوون في الحقوق والواجبات.
وبذلك إستوعب الإسلام كل الشعوب التي رضيت به وانتسبت إليه فدخل في الدين والدولة العديد من العلماء والأدباء والمفكرين من الحضارات الأخرى. ومع حث الإسلام على العلم والمعرفة إنطلقت حركة متنامية بإتجاه إكتساب مختلف أنواع المعارف والعلوم من كل مكان. لذلك شهدت الأمة الإسلامية منذ بداياتها تنوعاً ثقافياً وإجتماعياً منقطع النظير، وسارع المسلمون إلى إستدراك كيفية ملاءمة هذا التراث الحضاري الزاخر للأمم الأخرى العريقة مع قواعد الإسلام ونظمه، مما يساهم في إثراء النهضة العربية الإسلامية المتحفزة. ففي كل المجالات والإهتمامات تمكن العرب المسلمون من إنشاء منتجات حضارية متناسبة معهم. في السياسة والإقتصاد والمعارف العامة والمجتمع... الخ. ففي العهد الراشدي وإثر إستيعاب حركات الرده والتمرد والتمكين للدولة الإسلامية الناشئة في عهد الخليفة أبو بكر الصديق، ومع توسع رقعة الخلافة الإسلامية في الشرق على حساب إنهيار الإمبراطورية الفارسية وفي الغرب على حساب تراجع الإمبراطورية الرومانية وإنكماشها، كان على الخليفة الثاني عمر بن الخطاب أن يسعى لتنظيم شؤون الإمبراطورية الناشئة وما تسلتزمه عملية تنظيم الإدارة و إنشاء الدواوين وتوزيع العطاء وفرض الجزية وجباية الخراج... وإستحداث تقويم ثابت لتوقيت الحوادث يبدأ بهجرة النبي (صلى الله عليه وآله) من مكة إلى يثرب (1). فضاً عن القضايا السياسية والإدارية والإجتماعية... وإدارة المناطق المحررة وطرق تنظيمها وحكمها(2). وبالرغم من قصر عهد الخلفاء الراشدين وخطورة الأزمات التي واجهتهم وسياسة الحذر والتأني التي إتبعها الخلفاء الراشدون تجاه الإنفتاح على الحضارات الأخرى حرصاً على الإسلام والمسلمين وتورعاً وخوفاً مما قد يسيء للرسالة الإسلامية النقية الصافية. فإن ما تحقق من إنجازات وإنتصارات يعتبر فاتحة العبور نحو المزيد من التطور والتقدم والتحديث في كل مجالات الحياة. ووجد العلماء والمفكرون والمبدعون من الأمم التي دخلت الإسلام رعاية وحماية بل وتشجيعاً ودافعاً للمزيد من الإبتكار والإكتشاف، خاصة مع تولي الأمويين الحكم، حيث فتح مؤسس الخلافة الأموية معاوية بن أبي سفيان الباب واسعاً للإستفادة من خبرات وإمكانات وإبداعات الامم والحضارات السابقة، وهو المعروف بإنفتاحه وإعتداله والمشهور بسياسته البراغماتية، ففي عهده إنطلق المسلمون يخوضون البحار ويستكشفون ما غمض وراءه من عوالم، كما كانت الحاجة لتأمين الإستقرار في العواصم والثغور إلى الأخذ بكل مكتسبات وإنجازات الحضارات الأخرى من كافة النواحي الإقتصادية والإجتماعية والثقافية...الخ.
ولما وصلت في عهد الخلافة الأموية حدود إمبراطورية الإسلام إلى أقاصي الشرق عند باد ما وراء النهر وأقاصي الغرب عند سواحل الأطلسي زخرت الحضارة الإسلامية بفيض غامر من أهل الفكر والعلم والمعرفة والإكتشافات فظهر كبار العلماء في مختلف الإختصاصات العلمية والإجتماعية. لقد ذهب بعضهم أحياناً إلى القول بأن دولة الأمويين كانت من عدة وجوه” وريثة” خلفت الأمبراطورية الرومانية الشرقية (3). ثم إن هشام بن عبد الملك تعمد الإبتعاد عن مطامع أسافه في تنظيم الدولة العربية على أسس بيزنطية وتبدو سياسته موجهة توجيهاً مستمراً نحو جعل الدولة العربية وريثة للمأثور الشرقي وخليفة للأمبراطورية الفارسية الشرقية (4). فارتقت في ذلك الحياة العربية وارتفع مستوى الحضارة والتمدن... كما تطورت الإدارة الحكومية وتعددت حاجاتها... أما إشتغال المسلمين بالعلوم العقلية فإنهم إستمدوا آرائهم وعلومهم من الثقافة اليونانية وجرى نقل علوم الطب والكيمياء إلى العربية (5). ولما اتسعت فتوح العرب وإختلطوا بغيرهم من الأمم الأخرى جمعوا شتى الأساليب الفنية القديمة وطبعوها بطابع دينهم الجديد (6). وما يستدعي الإنتباه ونظر الباحث في تاريخ الثقافة الإسلامية، أن السواد الأعظم من الذين إشتغلوا بالعلم كانوا من الموالي (غير العرب) وخاصة الفرس (7). ويقول الأستاذ نيكلسون: وكان لإنبساط رقعة الدولة العباسية ووفرة ثرواتهم ورواج تجارتها، أثر كبير في خلق نهضة ثقافية لم يشهدها الشرق من قبل.. وفي عهد الدولة العباسية كان الناس يجوبون ثاث قارات سعياً إلى موارد العلم...(8) وقد ميز كتاب المسلمين بين العلوم التي تتصل بالقرآن الكريم وبين العلوم التي أخذها العرب عن غيرهم من الأمم، ويطلق على الأولى العلوم الفقهية أو الشرعية وهي: علم التفسير وعلم القراءات وعلم الحديث و الفقه وعلم الكلام والنحو واللغة والبيان والأدب. وعلى الثانية العلوم العقلية أو الحكمية و يطلق عليها اسم أحياناً إسم علوم العجم أو العلوم القديمة، وهي: الفلسفة والهندسة وعلم النجوم والموسيقى والطب والسحر والكيمياء والتاريخ والجغرافيا 39 (9). وفي كل هذه العلوم والمعارف برز علماء ومفكرون ومبدعون تنافسوا في مجالات إختصاصاتهم. وقويت حركة الترجمة في عهد المأمون العباسي، وكان من أثر نشاط حركة النقل والترجمة أن اشتغل الكثير من المسلمين بدراسة الكتب التي ترجمت إلى العربية وعملوا على تفسيرها والتعليق عليها وإصاح أغلاطها. وظهرت المعاهد العلمية مثل الزاوية والرباط والكتاب والمدرسة وديوان الإنشاء والمارستان (10). وبرز من الأسماء المشهورة في علم القراءات يحي بن حارث الزماري، وفي علم التفسير ابن جريج ومقاتل الأزدي، وفي علم الحديث محمد بن إسحق، وفي الفقه الأئمة الأربعة وتلاميذهم، في علم الكلام واصل بن عطاء والأشعري وأبو الهذيل العلاف، وفي النحو أبو الأسود الدؤلي وأبو عمر والعاء وسيبويه، وفي الشعر ابو نواس وأبو تمام، وفي النثر ابن المقفع وعبدالحميد الكاتب، وفي الترجمة حسين بن إسحاق، وفي الرياضيات الخوارزمي، وفي التاريخ ابن اسحق والباذري، وفي الجغرافيا ابن خرداذبه، وفي علم النجوم ابن نوبخت والبلخي، وفي علم الحساب ابن الوضاح، وفي الهندسة ابن أرطأة، وفي الصيدلة كوهين العطار، وفي الطب ابن بختيشوع وابن ماسويه (11). إضافة إلى أسماء كثيرة من العلماء والمفكرين والمبدعين في كل مجالات العلوم والمعارف. وهي حركة تطور مستمرة في مختلف مجالات الثقافة والعلوم والمعارف المشهورة في ذلك الوقت مع ازدياد اهتمام العرب المسلمين بها وحاجتهم لها وتشجيعهم لأصحابها.
_______________
(1) هرنشو، علم التاريخ، المرجع السابق، ص 26.
(2) أحمد أمين، فجر الإسلام، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، ط 8، القاهرة 1961،156.
(3) هاملتون جب، دراسات في حضارة الإسلام، دار الملايين، بيروت 1979، ط 3،ص 77.
(4) المرجع نفسه، ص 78
(5) حسن ابراهيم حسن، تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والإجتماعي، ج 1، مكتبة النهضة المصريه، ط 7،1964 ،ص 510-511.
(6) زكي محمد حسن، فنون الإسلام، القاهرة 1948 ، ص 10
(7) عبدالرحمن بن محمد بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، بيروت، ص 270- 274.
(8) A,Rynold, Nichlson, literary history of the Arab’s, Heyd’w, cambridge1930,p251
(9) حسن ابراهيم حسن، تاريخ الإسلام، المرجع السابق،م 2،ص 333
(10) المرجع نفسه، ص 348- 360.
(11) للتوسع، المرجع نفسه، ص 32
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|