أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-8-2020
6302
التاريخ: 24-8-2020
6121
التاريخ: 16-8-2020
48841
التاريخ: 24-8-2020
16524
|
قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوإِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } [الإسراء: 53 - 57]
أمر سبحانه عباده باتباع الأحسن من الأقوال والأفعال فقال: { وقل } يا محمد { لعبادي } وهذا إضافة تخصيص وتشريف أراد به المؤمنين وقيل: هو عام في جميع المكلفين { يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي: يختاروا من المقالات والمذاهب المقالة التي هي أحسن المقالات والمذاهب وقيل: معناه مرهم يقولوا الكلمة التي هي أحسن الكلمات وهي كلمة الشهادتين وكل ما ندب الله إليه من الأقوال وقيل: معناه يأمروا بما أمر الله به وينهوا عما نهى الله عنه عن الحسن وقيل: معناه قل لهم يقل بعضهم لبعض أحسن ما يقال مثل رحمك الله ويغفر الله لك وقيل: معناه قل لعبادي إذا سمعوا قولك الحق وقول المشركين يقولوا ما هو أولى ويتبعوا ما هو أحسن عن أبي مسلم وقال نظيره: { فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}.
{ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} أي: يفسد بينهم ويغري بعضهم ببعض ويلقي بينهم العداوة { إن الشيطان كان } في جميع الأوقات { للإنسان } أي: لآدم وذريته { عدوا مبينا } مظهرا للعداوة ثم خاطب سبحانه الفريقين فقال: { ربكم أعلم بكم } معناه: أنه أعلم بأحوالكم فيدبر أموركم على ما يعلمه من المصلحة لكم { إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} قيل: أراد أنه سبحانه مالك للرحمة والعذاب فيكون الرجاء إليه والخوف منه عن الجبائي وقيل: معناه إن يشأ يرحمكم بالتوبة أوإن يشأ يعذبكم بالإصرار على المعصية عن الحسن وقيل: معناه إن يشأ يرحمكم بإخراجكم من مكة وتخليصكم من إيذاء المشركين أوإن يشأ يعذبكم بتسليطهم عليكم وقيل: إن يشأ يرحمكم بفضله وإن يشأ يعذبكم بعدله وهوالأظهر ثم عاد إلى خطاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} أي:: وما أرسلناك موكلا عليهم حفيظا لأعمالهم يدخل الإيمان في قلوبهم شاءوا أم أبوا ومعناه إنك لا تؤاخذ بأعمالهم فإنا أرسلناك داعيا لهم إلى الإيمان فإن أجابوك وإلا فلا شيء عليك فإن عتاب ذلك يحل بهم واللائمة تلزمهم { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: هوأعلم بمن في السماوات من الملائكة وبمن في الأرض من الأنبياء بين سبحانه بهذا أنه لم يختر الملائكة والأنبياء للميل إليهم وإنما اختارهم لعلمه بباطنهم وقيل معناه أنه أعلم بالجميع فجعلهم مختلفين في الصور والرزق والأحوال كما اقتضته المصلحة كما فضل بعض النبيين على بعض { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} والمعنى: أن الأنبياء وإن كانوا في أعلى مراتب الفضل فإنهم طبقات في ذلك وبعضهم أعلى من بعض بزيادة الدرجة والثواب وبالمعجزات والكتاب ولما كان سبحانه عالما ببواطن الأمور اختارك للنبوة وفضلك على الأنبياء كما فضل بعضهم على بعض فسخر لبعضهم النار وألان لبعضهم الحديد وآتى بعضهم الملك وكلم بعضهم وكذلك خصك بخصائص لم يعطها أحدا وختم بك النبوة.
ثم قال { وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} قال الحسن : كل كتاب زبور إلا أن هذا الاسم غلب على كتاب داود (عليه السلام) كما غلب اسم الفرقان على القرآن وإن كان كل كتاب من كتب الله فرقانا لأنه يفرق بين الحق والباطل وقال الزجاج : معنى ذكر داود هنا أنه يقول لا تنكروا تفضيل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وإعطاءه القرآن فقد أعطينا داود الزبور ثم قال سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم): { قل } يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يعبدون غير الله { ادعوا الذين زعمتم من دونه } أنها آلهة عند ضر ينزل بكم ليكشفوا ذلك عنكم أويحولوا تلك الحالة إلى حالة أخرى.
{ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} للحالة التي تكرهونها إلى حالة تحبونها يعني تحويل حال القحط إلى الخصب والفقر إلى الغنى والمرض إلى الصحة وقيل: معناه لا يملكون تحويل الضر عنكم إلى غيركم بين سبحانه أن من كان بهذه الصفة فإنه لا يصلح للإلهية ولا يستحق العبادة والمراد بالذين من دونه هم الملائكة والمسيح وعزير عن ابن عباس والحسن وقيل: هم الجن لأن قوما من العرب كانوا يعبدون الجن عن ابن مسعود وقال وأسلم أولئك النفر من الجن وبقي الكفار على عبادتهم قال الجبائي ثم رجع سبحانه إلى ذكر الأنبياء في الآية الأولى فقال { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} ومعناه: أولئك الذين يدعون إلى الله تعالى ويطلبون القربة إليه بفعل الطاعات { أيهم أقرب} أي: ليظهر أيهم الأفضل والأقرب منزلة منه وتأويله أن الأنبياء مع علو رتبهم وشرف منزلتهم إذا لم يعبدوا غير الله فأنتم أولى أن لا تعبدوا غير الله وإنما ذكر ذلك حثا على الاقتداء بهم وقيل: إن معناه أولئك الذين يدعونهم ويعبدونهم ويعتقدون أنهم آلهة من المسيح والملائكة يبتغون الوسيلة والقربة إلى الله تعالى بعبادتهم ويجتهد كل منهم ليكون أقرب من رحمته أويطلب كل منهم أن يعلم أيهم أقرب إلى رحمته أوإلى الإجابة.
{ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} أي: وهم مع ذلك يستغفرون لأنفسهم فيرجون رحمته إن أطاعوا ويخافون عذابه إن عصوا ويعملون عمل العبيد { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} أي: متقى يجب أن يحذر منه لصعوبته وقد ذكرنا ما جاء في معنى الوسيلة عند قوله { وابتغوا إليه الوسيلة } .
________________
1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص261-263.
{ وقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } . أمر سبحانه نبيه الكريم بأن يأمر المؤمنين أو الناس أجمعين بأن ينطقوا بالحسنى ، ويقولوا كلمة الحق والعدل أيا كان الثمن . انظر تفسير الآيتين 24 و 26 من إبراهيم : « ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ . . . ومَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ » . { إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ } يتلمس عثرات اللسان ليتخذ منها وقودا لنار العداوة والبغضاء بين الناس . .
ولا تنحصر عثرات اللسان بالسب والهجاء ، بل تكون أيضا بالمدح والثناء في غير موضعه ، وفي ألفاظ الفسق والفجور { إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً } .
وقد صرح هو بهذه العداوة حيث قال : « لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ومِنْ خَلْفِهِمْ وعَنْ أَيْمانِهِمْ وعَنْ شَمائِلِهِمْ » - 17 الأعراف .
{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } . اللَّه عالم وعادل وحكيم ، يعلم أحوال عباده : ما يصلحهم وما يفسدهم ، ويعاملهم بعدله وحكمته ، فيرحم من يستحق الرحمة ، وهو من يمتثل ويطيع ، ويعذب من يستحق العذاب ، وهو من يعصي ويتمرد ، هذا بعد ان يلقي عليه الحجة بتبليغ الحلال والحرام بلسان النبي الكريم { وما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } بل مبلغا وكفى :
« فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وعَلَيْنَا الْحِسابُ » - 40 الرعد .
{ ورَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ والأَرْضِ ولَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً } اللَّه يعلم أهل السماء والأرض ، ويعلم مؤهلات كل واحد منهم ، وعلى أساسها يصطفي من الملائكة رسولا إلى أنبيائه كجبريل ( عليه السلام ) ، ويبعث من البشر رسلا مبشرين ومنذرين ، وكما فضل بعض الملائكة على بعض فقد فضل أيضا بعض الأنبياء على بعض .
وتسأل : ان الإسلام يقوم على مبدأ المساواة ، فما معنى هذا التفضيل ؟ . ثم كيف يتحقق التفضيل ويتصور بين الملائكة ، وبين الأنبياء ، مع العلم بأن الجميع عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ؟ .
الجواب : اجل ، لا تفضيل على أساس الطاعة والعصمة والولاية من حيث هي ، بل من حيث وصفها تماما كالذهب . . فإنه ثمين بشتى افراده ، ولكن بعضها أثمن من بعض ، وهكذا سائر الأشياء الحسنة الجميلة فإنها تتفاوت في مقدار الجمال ودرجاته ، لا في كنهه وحقيقته ، ومن هنا قيل : نور على نور . . وخير على خير .
سؤال ثان : لماذا أفرد اللَّه داود بالذكر ، وقال : وآتينا داود زبورا . مع أنه آتى موسى التوراة وعيسى الإنجيل ومحمدا القرآن ؟ .
الجواب : أفرد داود بالذكر للرد على المشركين الذين قالوا : كيف يكون محمد نبيا ، وقد عاش يتيما فقيرا ؟ . ووجه الردّ أن المعنى انه سبحانه يجعل رسالته عند من يستحقها سواء أكان المستحق يتيما عفيرا كمحمد ، أم كان غنيا كداود . . وفي كثير من كتب السير والتاريخ يعبر عن داود النبي بداود الملك .
{ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ ولا تَحْوِيلاً } .
قال كثير من المفسرين : ان هذه الآية والتي بعدها نزلتا في الذين عبدوا الملائكة وعيسى وعزيرا ، وان عبدة الأصنام غير مقصودين لأنه تعالى وصف المعبودين بأنهم { يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } وابتغاء الوسيلة أي القربة إليه لا يليق بالأصنام ، وعليه يكون المعنى قل يا محمد لمن عبد الملائكة وعيسى وعزيرا : إذا أصابك الضر كالفقر أو المرض فاسأل معبودك ان يكشفه عنك ، ثم انظر : هل يقدر على دفعه أو تحويله إلى غيرك ؟ . . وما من شك في عجزه لأنه لا يملك ذلك لنفسه فكيف يملكه لغيره .
{ أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ } . أولئك إشارة إلى الذين اتخذهم المشركون أربابا ، والمعنى ان الذين تعبدونهم أيها المشركون يتوسلون إلى اللَّه بالطاعة لا يستكبرون عن عبادته ويسبحون له ويسجدون ، فكيف تعبدونهم ؟ .
{ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ويَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ويَخافُونَ عَذابَهُ } أي ان كلا من الملائكة وعيسى وعزير يجد ويجتهد في عبادة اللَّه والإخلاص له ليكون قريبا من عفوه ورحمته ، بعيدا من سخطه وعذابه . ذلك { إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً } تحذره الأنبياء والأولياء ، فكيف بغيرهم ، وكل عاقل يحذر ويخاف من العواقب ، ويعد لها العدة مهما كانت منزلته ومقدرته ، وبخاصة إذا كان الطالب والمحاسب يعلم السر وأخفى .
__________________
1- التفسير الكاشف، ج 5، محمد جواد مغنية، ص 54-56.
قوله تعالى:{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} إلخ يلوح من السياق أن المراد بعبادي هم المؤمنون فالإضافة للتشريف، وقوله:{قل لعبادي يقولوا} إلخ أي مرهم أن يقولوا فهو أمر وجواب أمر مجزوم، وقوله:{التي هي أحسن} أي الكلمة التي هي أحسن، وهو اشتمالها على الأدب الجميل وتعريها عن الخشونة والشتم وسوء الأمر.
الآية وما بعدها من الآيتين ذات سياق واحد، وخلاصة مضمونها الأمر بإحسان القول ولزوم الأدب الجميل في الكلام تحرزا عن نزغ الشيطان، وليعلموا أن الأمر إلى مشية الله لا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يرفع القلم عن كل من آمن به وانتسب إليه ويتأهل للسعادة، فله ما يقول، وله أن يحرم غيره كل خير ويسيء القول فيه فما للإنسان إلا حسن سريرته وكمال أدبه، وقد فضل الله بذلك بعض الأنبياء على بعض وخص داود بإيتاء الزبور الذي فيه أحسن القول وجميل الثناء على الله سبحانه.
ومن هنا يظهر أن المؤمنين قبل الهجرة ربما كانوا يحاورون المشركين فيغلظون لهم في القول ويخاشنونهم بالكلام وربما جبهوهم بأنهم أهل النار، وأنهم معشر المؤمنين أهل الجنة ببركة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فكان ذلك يهيج المشركين عليهم ويزيد في عداوتهم ويبعثهم إلى المبالغة في فتنتهم وتعذيبهم وإيذاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والعناد مع الحق.
فأمر الله سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأمرهم بقول التي هي أحسن والمقام مناسب لذلك فقد تقدم آنفا حكاية إساءة الأدب من المشركين إلى النبي وتسميتهم إياه رجلا مسحورا واستهزائهم بالقرآن وبما فيه من معارف المبدإ والمعاد، وهذا هو وجه اتصال الآيات الثلاث بما قبلها واتصال بعض الثلاث ببعض فافهم ذلك.
فقوله:{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أمر بالأمر والمأمور به قول الكلمة التي هي أحسن فهو نظير قوله:{وجادلهم بالتي هي أحسن}: النحل: 125 وقوله: إن الشيطان ينزغ بينهم} تعليل للأمر، وقوله:{ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} تعليل لنزغ الشيطان بينهم.
وربما قيل: إن المراد بقول التي هي أحسن الكف عن قتال المشركين ومعاملتهم بالسلم والخطاب للمؤمنين بمكة قبل الهجرة فالآية نظيرة قوله:{وقولوا للناس حسنا}: البقرة: 83 على ما ورد في أسباب النزول، وأنت خبير بأن سياق التعليل في الآية لا يلائمه.
قوله تعالى:{ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا} قد تقدم أن الآية وما بعدها تتمة السياق السابق، وعلى ذلك فصدر الآية من تمام كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أمر بإلقائه على المؤمنين بقوله:{قل لعبادي يقولوا} إلخ وذيل الآية خطاب للنبي خاصة فلا التفات في الكلام.
ويمكن أن يكون الخطاب في صدر الآية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين جميعا بتغليب جانب خطابه على غيبتهم، وهذا أنسب بسياق الآية السابقة وتلاحق الكلام، والكلام لله جميعا.
وكيف كان فقوله:{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} في مقام تعليل الأمر السابق ثانيا، ويفيد أنه يجب على المؤمنين أن يتحرزوا من إغلاظ القول على غيرهم والقضاء بما الله أعلم به من سعادة أو شقاء كأن يقولوا: فلان سعيد بمتابعة النبي وفلان شقي وفلان من أهل الجنة وفلان من أهل النار وعليهم أن يرجعوا الأمر ويفوضوه إلى ربهم فربكم - والخطاب للنبي وغيره - أعلم بكم وهو يقضي فيكم على ما علم من استحقاق الرحمة أو العذاب إن يشأ يرحمكم ولا يشاء ذلك إلا مع الإيمان والعمل الصالح على ما بينه في كلامه أو إن يشأ يعذبكم ولا يشاء ذلك إلا مع الكفر والفسوق، وما جعلناك أيها النبي عليهم وكيلا مفوضا إليه أمرهم حتى تختار لمن تشاء ما تشاء فتعطي هذا وتحرم ذاك.
ومن ذلك يظهر أن الترديد في قوله:{ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ} باعتبار المشية المختلفة باختلاف الموارد بالإيمان والكفر والعمل الصالح والطالح وأن قوله:{وما أرسلناك عليهم وكيلا} لردع المؤمنين عن أن يعتمدوا في نجاتهم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والانتساب إلى قبول دينه نظير قوله:{ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}: النساء: 123 وقوله:{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}: البقرة: 62 وآيات أخرى في هذا المعنى.
وفي الآية أقوال أخر تركنا التعرض لها لعدم الجدوى.
قوله تعالى:{ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} صدر الآية توسعة في معنى التعليل السابق كأنه قيل: وكيف لا يكون أعلم بكم وهو أعلم بكم وهو أعلم بمن في السماوات والأرض وأنتم منهم.
وقوله:{ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} كأنه تمهيد لقوله:{وآتينا داود زبورا} والجملة تذكر فضل داود (عليه السلام) بكتابه الذي هو زبور وفيه أحسن الكلمات في تسبيحه وحمده تعالى، وفيه تحريض للمؤمنين أن يرغبوا في أحسن القول ويتأدبوا بالأدب الجميل في المحاورة والكلام.
ولهم في تفسير الآية أقوال أخرى تركنا التعرض لها ومن أرادها فليراجع المطولات.
احتجاج من وجه آخر على التوحيد ونفي ربوبية الآلهة الذين يدعون من دون الله وأنهم لا يستطيعون كشف الضر ولا تحويله عن عبادهم بل هم أمثالهم في الحاجة إلى الله سبحانه يبتغون إليه الوسيلة يرجون رحمته ويخافون عذابه.
وأن الضر والهلاك والعذاب بيد الله، وقد كتب في الكتاب على كل قرية أن يهلكها قبل يوم القيامة أو يعذبها عذابا شديدا وقد كانت الأولون يرسل إليهم الآيات الإلهية لكن لما كفروا وكذبوا بها وتعقب ذلك عذاب الاستئصال لم يرسلها الله إلى الآخرين فإنه شاء أن لا يعاجلهم بالهلاك غير أن أصل الفساد سينمو بينهم والشيطان سيضلهم فيحق عليهم القول فيأخذهم الله وكان أمرا مفعولا.
قوله تعالى:{ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} الزعم بتثليث الزاي مطلق الاعتقاد ثم غلب استعماله في الاعتقاد الباطل، ولذا نقل عن ابن عباس أن ما كان في القرآن من الزعم فهو كذب.
والدعاء والنداء واحد غير أن النداء إنما هو فيما إذا كان معه صوت والدعاء ربما يطلق على ما كان بإشارة أو غيرها، وذكر بعضهم في الفرق بينهما أن النداء قد يقال إذا قيل: يا أو أيا أو نحوهما من غير أن يضم إليه الاسم، والدعاء لا يكاد يقال إلا إذا كان معه الاسم نحو يا فلان. انتهى.
والآية تحتج على نفي ألوهية آلهتهم من دون الله بأن الرب المستحق للعباد يجب أن يكون قادرا على إيصال النفع ودفع الضر إذ هو لازم ربوبية الرب على أن المشركين مسلمون لذلك وإنما اتخذوا الآلهة وعبدوهم طمعا في نفعهم وخوفا من ضررهم لكن الذين يدعونهم من دون الله لا يستطيعون ذلك فليسوا بآلهة، والشاهد على ذلك أن يدعوهم هؤلاء الذين يعبدونهم لكشف ضر مسهم أو تحويله عنهم إلى غيرهم فإنهم لا يملكون كشفا ولا تحويلا.
وكيف يملكون من عند أنفسهم كشف ضر أو تحويله ويستقلون بقضاء حاجة ورفع فاقة وهم في أنفسهم مخلوقون لله يبتغون إليه الوسيلة يرجون رحمته ويخافون عذابه باعتراف من المشركين.
فقد بان أولا أن المراد بقوله:{الذين زعمتم من دونه} هم الذين كانوا يعبدونهم من الملائكة والجن والإنس فإنهم إنما يقصدون بعبادة الأصنام التقرب إليهم وكذا بعبادة الشمس والقمر والكواكب التقرب إلى روحانيتهم من الملائكة.
على أن الأصنام بما هي أصنام ليست بأشياء حقيقية كما قال تعالى:{ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ}.
وأما ما صنعت منه من خشب أو فلز فليس إلا جمادا حاله حال الجماد في التقرب إليه والسجود له وتسبيحه، وليست من تلك الجهة بأصنام.
وثانيا: أن المراد بنفي قدرتهم نفي استقلالهم بالقدرة من دون استعانة بالله واستمداد من إذنه والدليل عليه قوله سبحانه في الآية التالية:{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} إلخ.
وقال بعض المفسرين: وكأن المراد من نفي ملكهم ذلك نفي قدرتهم التامة الكاملة عليه، وكون قدرة الآلهة الباطلة مفاضة منه تعالى مسلم عند الكفرة لأنهم لا ينكرون أنها مخلوقة لله تعالى بجميع صفاتها وأن الله سبحانه أقوى وأكمل صفة منها.
وبهذا يتم الدليل ويحصل الإفحام وإلا فنفي قدرة نحو الجن والملائكة الذين عبدوا من دون الله تعالى مطلقا على كشف الضر مما لا يظهر دليله فإنه إن قيل هو أن الكفرة يتضرعون إليهم ولا يحصل لهم الإجابة عورض بأنا نرى أيضا المسلمين يتضرعون إلى الله تعالى ولا يحصل لهم الإجابة.
وقد يقال: المراد نفي قدرتهم على ذلك أصلا ويحتج له بدليل الأشعري على استناد جميع الممكنات إليه عز وجل ابتداء انتهى.
قلت: هو سبحانه يثبت في كلامه أنواعا من القدرة للملائكة والجن والإنس في آيات كثيرة لا تقبل التأويل البتة غير أنه يخص حقيقة القدرة بنفسه في مثل قوله:{أن القوة لله جميعا}: البقرة: 165 ويظهر به أن غيره إنما يقدر على ما يقدر بإقداره ويملك ما يملك بتمليكه تعالى إياه فلا أحد مستقلا بالقدرة والملك إلا هو، وما عند غيره تعالى من القدرة والملك مستعار منوط في تأثيره بالإذن والمشية.
وعلى هذا فلا سبيل إلى تنزيل الحجة في الآية على نفي قدرة آلهتهم من الملائكة والجن والإنس من أصلها بل الحجة مبتنية على أن أولئك المدعوين غير مستقلين بالملك والقدرة، وأنهم فيما عندهم من ذلك كالداعين محتاجون إلى الله مبتغون إليه الوسيلة والدعاء إنما يتعلق بالقدرة المستقلة بالتأثير والدعاء والمسألة ممن هو قادر بقدرة غيره مالك بتمليكه مع قيام القدرة والملك بصاحبهما الأصلي فهو في الحقيقة دعاء ومسألة ممن قام بهما حقيقة واستقلالا دون من هو مملك بتمليكه.
وأما ما ذكره أن نفي قدرتهم مطلقا غير ظاهر الدليل فإنه إن قيل: إن الكفرة يتضرعون إليهم ولا يحصل لهم الإجابة، عورض بأنا نرى أيضا المسلمين يتضرعون إلى الله تعالى ولا يحصل لهم الإجابة، فقد أجاب الله سبحانه في كلامه عن مثل هذه المعارضة.
توضيح ذلك: أنه تعالى قال وقوله الحق:{ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}: البقرة: 186 وقال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر: 60] فأطلق الكلام وأفاد أن العبد إذا جد بالدعاء ولم يلعب به ولم يتعلق قلبه في دعائه الجدي إلا به تعالى بأن انقطع عن غيره والتجأ إليه فإنه يستجاب له البتة ثم ذكر هذا الانقطاع في الدعاء والسؤال في ذيل هذه الآيات الذي كالمتمم لما في هذه الحجة بقوله:{ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ }: الآية - 67 من السورة فأفاد أنكم عند مس الضر في البحر تنقطعون عن كل شيء إليه فتدعونه بهداية من فطرتكم فيستجيب لكم وينجيكم إلى البر.
ويتحصل من الجميع أن الله سبحانه إذا انقطع العبد عن كل شيء ودعاه عن قلب فارغ سليم فإنه يستجيب له وأن غيره إذا انقطع داعيه عن الله وسأله مخلصا فإنه لا يملك الاستجابة.
وعلى هذا فلا محل للمعارضة من قبل المشركين فإنهم لا يستجاب لهم إذا دعوا آلهتهم وهم أنفسهم يرون أنهم إذا مسهم الضر في البحر وانقطعوا إلى الله وسألوه النجاة نجاهم إلى البر وهم معترفون بذلك، ولئن دعاه المسلمون على هذا النمط عن جد في الدعاء وانقطاع إليه كان حالهم في البر حال غيرهم وهم في البحر ولم يخيبوا ولا ردوا.
ولم يقابل سبحانه في كلامه بين دعائهم آلهتهم ودعاء المسلمين لإلههم حتى يعارض باشتراك الدعاءين في الرد وعدم الاستجابة وإنما قابل بين دعاء المشركين لآلهتهم وبين دعائهم أنفسهم له سبحانه في البحر عند انقطاع الأسباب وضلال كل مدعو من دون الله.
ومن لطيف النكتة في الكلام إلقاؤه سبحانه الحجة إليهم بواسطة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ قال:{ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} ولو ناقشه المشركون بمثل هذه المعارضة لدعا ربه عن انقطاع وإخلاص فاستجيب له.
قوله تعالى:{ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} إلى آخر الآية{أولئك} مبتدأ و{الذين} صفة له و{يدعون} صلته وضميره عائد إلى المشركين، و{يبتغون} خبر{أولئك} وضميره وسائر ضمائر الجمع إلى آخر الآية راجعة إلى{أولئك} وقوله:{أيهم أقرب} بيان لابتغاء الوسيلة لكون الابتغاء فحصا وسؤالا في المعنى هذا ما يعطيه السياق.
والوسيلة على ما فسروه هي التوصل والتقرب، وربما استعملت بمعنى ما به التوصل والتقرب ولعله هو الأنسب بالسياق بالنظر إلى تعقيبه بقوله:{أيهم أقرب}.
والمعنى - والله أعلم - أولئك الذين يدعوهم المشركون من الملائكة والجن والإنس يطلبون ما يتقربون به إلى ربهم يستعلمون أيهم أقرب؟ حتى يسلكوا سبيله ويقتدوا بأعماله ليتقربوا إليه تعالى كتقربه ويرجون رحمته من كل ما يستمدون به في وجودهم ويخافون عذابه فيطيعونه ولا يعصونه إن عذاب ربك كان محذورا يجب التحرز منه.
والتوسل إلى الله ببعض المقربين إليه - على ما في الآية الكريمة قريب منه قوله{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}: المائدة: 35 غير ما يرومه المشركون من الوثنيين فإنهم يتوسلون إلى الله ويتقربون بالملائكة الكرام والجن والأولياء من الإنس فيتركون عبادته تعالى ولا يرجونه ولا يخافونه وإنما يعبدون الوسيلة ويرجون رحمته ويخافون سخطه ثم يتوسلون إلى هؤلاء الأرباب والآلهة بالأصنام والتماثيل فيتركونهم ويعبدون الأصنام ويتقربون إليهم بالقرابين والذبائح.
وبالجملة يدعون التقرب إلى الله ببعض عباده أو أصنام خلقه ثم لا يعبدون إلا الوسيلة مستقلة بذلك ويرجونها ويخافونها مستقلة بذلك من دون الله فيشركون بإعطاء الاستقلال لها في الربوبية والعبادة.
والمراد بأولئك الذين يدعون إن كان هو الملائكة الكرام والصلحاء المقربون من الجن والأنبياء والأولياء من الإنس كان المراد من ابتغائهم الوسيلة ورجاء الرحمة وخوف العذاب ظاهره المتبادر، وإن كان المراد بهم أعم من ذلك حتى يشمل من كانوا يعبدونه من مردة الشياطين وفسقة الإنسان كفرعون ونمرود وغيرهما كان المراد بابتغائهم الوسيلة إليه تعالى ما ذكر من خضوعهم وسجودهم وتسبيحهم التكويني وكذا المراد من رجائهم وخوفهم ما لذواتهم.
وذكر بعضهم: أن ضمائر الجمع في الآية جميعا راجعة إلى أولئك والمعنى أولئك الأنبياء الذين يعبدونهم من دون الله يدعون الناس إلى الحق أو يدعون الله ويتضرعون إليه يبتغون إلى ربهم التقرب، وهو كما ترى.
وقال في الكشاف، في معنى الآية: يعني أن آلهتهم أولئك يبتغون الوسيلة وهي القربة إلى الله تعالى، و{أيهم} بدل من واو{يبتغون} وأي موصولة أي يبتغي من هو أقرب منهم وأزلف الوسيلة إلى الله فكيف بغير الأقرب؟ أو ضمن{ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} معنى يحرصون فكأنه قيل: يحرصون أيهم يكون أقرب إلى الله وذلك بالطاعة وازدياد الخير والصلاح ويرجون ويخافون كما غيرهم من عباد الله فكيف يزعمون أنهم آلهة. انتهى.
والمعنيان لا بأس بهما لو لا أن السياق لا يلائمهما كل الملاءمة وثانيهما أقرب إليه من أولهما.
وقيل: إن معنى الآية أولئك الذين يدعونهم ويعبدونهم ويعتقدون أنهم آلهة يبتغون الوسيلة والقربة إلى الله تعالى بعبادتهم ويجتهد كل منهم ليكون أقرب من رحمته.
انتهى. وهو معنى لا ينطبق على لفظ الآية البتة.
___________________
1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج13،ص95-106.
التعامل المنطقي مَع المعارضيين:
الآيات السابقة عرضت لقضية المبدأ والمعاد، أمّا الآيات التي نحنُ بصددها فهي توضح أسلوب المحادثة والإِستدلال مَع المعارضين وَخصوصاً المشركين،لأنَّهُ مهما كانَ المذهب عالي المستوى، والمنطق قوياً، فإنَّ ذلك لا تأثير له ما دامَ لا يتزامن مَع أُسلوب صحيح للبحث والمجادلة مُرفقاً بالمحبّة بدلا مِن الخشونة. لذا فإنَّ أوّل آية مِن هَذِهِ المجموعة تقول: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}. الأحسن مِن حيثُ المحتوى وَالبيان، والأحسن مِن حيث التلازم بين الدليل وَمكارم الأخلاق والأساليب الإنسانية، وَلكن لماذا يستعمل هَذا الأُسلوب مَع المعارضين؟
الجواب: إِذا ترك الناس القول الأحسن واتبعوا الخشونة في الكلام والمجادلة فـ {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} ويثير بينهم الفتنة والفساد، فلا تنسوا: {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}.
أمّا مَن هم (العباد) المقصودون في هَذِهِ الآية؟
في صدد الجواب هُناك رأيان مُختلفان بين المفسّرين، وَكل رأي مدعم بالقرائن التي تؤيدهُ; هَذان الرأيان هما:
أوّلا: المقصود مِن (عبادي) هُم عبيده المشركون، إِذ بالرغم مِن أنّهم سلكوا طريقاً خاطئاً، إِلاَّ أنّ الله تبارك وَتَعالى يناديهم (عبادي) وَذلكَ مِن أجل إِثارة عواطفهم الإِنسانية، وَيدعوهم إِلى (القول الأحسن) ويعني هُنا كلمة التوحيد وَترك الشرك وَمراقبة أنفسهم مِن وسواس الشيطان، وهكذا يكون الهدف مِن هَذِهِ الآيات ـ بعد ذكر أدلة التوحيد والمعاد ـ هو النفوذ إِلى قلوب المشركين حتى يستيقظ ذوي الإِستعداد مِنهم.
الآيات التي تلي هَذِهِ الآية ـ كما سيأتي ـ تُناسب هَذا المعنى، وَكون هَذِهِ السورة مكّية يرجح هَذا الرأي، إِذ لم يكن الجهاد قد فرضَ بعد وَكانت الدعوة بالمنطق والأُسلوب الحسن فقط هي المأمور بها.
ثانياً: كلمة (عبادي) خطاب للمؤمنين، حيث تعلّمهم الآية أُسلوب النقاش مَع الأعداء، فقد يحدث في بعضِ الأحيان أن يتعامل المؤمنون الجُدد بخشونة مَع معارضي عقيدتهم وَيقولون لهم بأنّهم مِن أهل النّار والعذاب، وأنّهم ضالون، وَيعتبرون أنفسهم مِن الناجين، قد يكون هَذا الموقف سبباً في أن يقف المعارضون موقفاً سلبياً إِزاء دعوة الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم).
اِضافة لذلك، فإنّ الإتهامات التي يطلقها المشركون ضدَّ شخص رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وَيتهمونه فيها بالسحر والجنون والكهانة والشعر، قد تكون سبباً في أن يفقد المؤمنون السيطرة على أنفسهم وَيبدأوا بالتشاجر مَع المشركين وَيستخدموا الألفاظ الخشنة ضدَّهم... القرآن يمنع المؤمنين مِن هَذا العمل وَيدعوهم إِلى التزام اللين والتلطَّف بالكلام واختيار أفضل الكلمات في أُسلوب التخاطب، حتى يأمنوا مِن إِفساد الشيطان.
كلمة (بينهم) وُفقاً لهذا الرأي توضح أنَّ الشيطان يحاول زرع الفساد بين المؤمنين وَمَن يخالفهم; أو أنَّهُ يحاول النفوذ إِلى قلوب المؤمنين لإِفسادها «ينزغ» مُشتقة مِن «نزغ» وتعني الدخول إِلى عمل بنيّة الافساد.
بملاحظة مجموع هَذِهِ القرائن يتبيّن لنا أنَّ التّفسير الثّاني ينطبق مَع ظاهر الآية الكريمة أكثر مِن التّفسير الأوّل، لأنَّ كلمة (عبادي) في القرآن تستخدم عادة لمخاطبة المؤمنين، إِضافة إِلى أن سبب نزول الآية يُؤيد هَذا المعنى وَيدعم هَذا التّفسير، إِذ ينقل بعض المفسّرين أنَّ المشركين كانوا يُؤذون أصحاب الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في مكّة وَيضيِّقون عليهم، وَفي أثناء ذلك كان بعضهم يَأتي إِلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يستأذنَهُ وَيلح عليه في مُواجهة المشركين بالمثل (على الأقل الرد عليهم بالفاظ شديدة تناسب ألفاظ المشركين) والبعض يطلب الإِذن بالجهاد، وَلكن الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) كانَ يبيّن لهم بأنّه لم يُؤذَن له بعد القيام بهَذِهِ الأعمال. وَفي هَذِهِ الأثناء نزلت الآيات أعلاه تؤكّد بأنْ التكليف مازال يتمثل في استمرار الدعوة بالكلام، والمجادلة باللطف وبالتي هي أحسن(2).
الآية التي بعدها تضيف: {رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ}. بناءً على الرأيين السابقين في تفسير مَن المخاطَب في تعبير (عبادي) فإنَّ هَذِهِ الآيه أيضاً ـ وَتبعاً لما سبق ـ تَحتَمِلُ تفسيرين هما:
الأوّل: أيّها المشركون; إنَّ ربّكم ذو رحمة واسعة، وذو عقاب اليم، وَسيشملكم مُنهما ما يلائم أعمالكم، وَلكن الأفضل أن تتوسلوا برحمته الواسعة وَتحذروا عذابه.
الثّاني: لا تظنوا أيّها المؤمنون بأنّكم وحدكم الناجون، وأن غيركم سيكون مصيره النّار، فالله أعلم بأعمالكم وَنواياكم، وَلو أراد عزَّوجلّ لأخذكم بذنوبكم، وَلو شاء لشملكم برحمته، ففكروا قليلا في أنفسكم وَليكن حكمكم على أنفسكم والآخرين بالانصاف.
وفي آخر الآية مُواساة للرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان يتأذى وَيتألم مِن عدم إيمان المشركين، إذ يقول تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا}. إِنَّ مسؤوليتك ـ يا رسول الله ـ هي الإِبلاغ الواضح، والدعوة الحثيثة نحو الحق، فإذ آمنوا فهو الأفضل، أمّا إن لم يُؤمنوا فسوف لن يصيبك ضرر، لأنك أنجزت مسؤوليتك وَقمت بواجبك.
وَبالرغم مِن أنَّ المخاطب في الآية هو الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، إلاَّ أنَّ مِن غير المستبعد أن يكون هدف الخطاب جميع المؤمنين. وَهَذا دليل آخر على التّفسير الثّاني للمعنى مِن خطاب (عبادي)، إذ يقول القرآن للمؤمنين: إِنَّ مسؤوليتكم هي الدعوة سواء آمنوا أم لم يؤمنوا. لذا لا داعي لعدم ارتياحكم الذي قد يُؤدي بكم إِلى اتباع الخشونة مَع غير المؤمنين، والخروج بالتالي عن طريق التي هي أحسن، ممّا يؤدي إِلى نزغ الشيطان.
الآية التّالية ذهبت أكثر مِن الآية السابقة في التعبير عن إحاطه الله تبارك وَتعالى وَعلمه بأعمال ونيّات عباده، فقالت: {وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. ثمّ أضافت: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}.
هذا التعبير القرآني جواب على أحد أسئلة المشركين وَشكوكهم، حيثُ كانوا يقولون ـ بأُسلوب استهزائي ـ: لماذا انتخب الله للنّبوة محمّد اليتيم، ثمّ ما الذي حصل حتى أصبح هَذا اليتيم ليس نبيّاً وَحسب، وإنّما خاتم الأنبياء؟
القرآن يقول لهؤلاء: لا تعجبوا مِن ذلك، لأنَّ الله عليم بقيمة كل إنسان، وَهو سبحانُه وَتعالى ينتخب أنبياءه مِن بين عامّة الناس، وَيفضل بعضهم على بعض، إِذ جعل أحَدهم (خليل الله) والآخر (كليم الله) والثّالث (روح الله)، أمّا نبيّنا فقد أنتخبُه بعنوان (حبيب الله). وباختصار: لقد فضل الله بعض النّبيين على بعض لموازين يعلمها هو وَتختص بها حكمتُه جلَّ وَعلا.
أمّا لماذا اختار تبارك وَتعالى (داود) مِن بين جميع الأنبياء، وَذكر (الزبور) مِن دون الكتب السماوية الأُخرى؟... قد يكون السبب مايلي:
أوّلا: يختص زبور داوُد(عليه السلام) مِن بين جميع كُتب الأنبياء بأنَّ جميعهُ على شكل مُناجاة وَدعاء، وَذكرهُ هُنا يتلائم أكثر مَعَ موقع هَذِهِ الآيات وَحديثها عن القول الحسن والكلام الجميل.
ثانياً: في زبور داوُد إخبار عن حكومة الصالحين الذين هُم ظاهراً أناس فقراء وَيتامى. وَهَذا الإِخبار يتناسب مَع دعوة الرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين الذين يكونوا عادة في زمرةِ الفقراء، وَهو رَد على إشكال المشركين وأسئلتهم وشكوكهم(3).
ثالثاً: بالرّغم مِن أنَّ داوُد(عليه السلام) كان له حكم عظيم وَدولة كبيرة وَملك واسع، إِلاَّ أنَّ الله سبحانه لم يجعل هَذِهِ الأُمور سبباً لإِفتخاره، بل اعتبر كتاب الزّبور فخره، حتى يدرك المشركون أنَّ عظمة الإنسان، ليسَ لها علاقة بالمال وَالثروة وَوجود الحكومة والسلطة، كما أنّ اليتم والفقر ليس مدعاةً للذل أو دليلا على الحقارة.
رابعاً: بعض اليهود قالوا: لا يمكن نزول كتاب سماوي آخر بعدَ موسى(عليه السلام)، والقرآن يقول لهم: إنّنا أعطينا داوُد زبوراً، فلماذا تتعجبون مِن نزول القرآن؟ (بالطبع كتاب داوُد كان كتاباً للأخلاق وَليسَ للأحكام، وَلكِنَّهُ نَزَلَ من الله سبحانه وَتَعالى بعدالتّوراة).
في كل الأحوال، ليسَ هُناك مِن مانع أن تكون النقاط الأربع أعلاه سبباً لإنتخاب داوُد وَزبوره مِن بين جميع الأنبياء، وَجميع الكتب السماوية.
الآية التي تليها تستمر في اتجاه الآيات السابقة، إِذ تقول للرّسول(صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخاطب المشركين بقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا}.
إِنَّ هَذِهِ الآية ـ في الحقيقة، كما في آيات أُخرى كثيرة ـ تبطل مَنطق المشركين وَتضرب، صميم عقيدتهم مِن هَذا الطريق، وَهو أنَّ عبادة الآلهة مِن دون الله، إمّا بسبب جلب المنفعة أو دَفع الضرر، في حين أنَّ الآلهة التي يعبدونها لَيس لها القدرة على حل مُشكلة معينة أو حتى تحريكها; أي نقل المشكلة مِن مستوى معين إِلى مستوى أقل.
لذا فإنَّ ذكر جملة (وَلا تحويلا) بعد قوله { فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ} إشارة إِلى أنّ هؤلاء ليست لهم القدرة للتأثير الكامل في حل المشاكل بشكل نهائي، وَلا القدرة للتأثير الناقص في تغيير هَذِهِ المشاكل وَحلَّها بشكل جزئي.
«زعمتم» مأخوذة مِن «زعم» وَهي عادة ما تعني المعنى الناقص، لذا نُقل عن ابن عباس أنَّهُ متى ما جاءت كلمة (زعم) في القرآن فإنّها تعني الكذب والعقائد الباطلة.
أمّا الراغب الأصفهاني في كتاب المفردات فيقول: «الزعم حكاية قول يكون مظنَّة للكذب». لذا فإنَّ هَذِهِ الكلمة وَردت مذمومة في جميع الموارد التي ذكرت في القرآن الكريم.
أمّا كلمة (كشف) ففي الأصل تعني إِبعاد الستار أو اللباس أو ما شابهُه عن شي معين. وإِذا استخدمت في تعبير (كشف الضر) فتعني إِبعاد الحزن والغم والمرض; والسبب في ذلك أنّ هَذِهِ الأُمور تعتبر كالستار التي يغطي وَجه الإِنسان وَجسمه، إِذ تغطي الوجه الحقيقي الذي هو عبارة عن السلامة والراحة والهدوء، لذلك فإنَّ إِزالة هذا الغم والحزن يعتبر (كشفاً للضر).
مِن الضروري أيضاً الإِلتفات هُنا إِلى ملاحظة مهمّة هي أنَّ استخدام تعبير «الذين» في هَذِهِ الآية لا يشمل جميع المعبودات التي يشركها الإِنسان مَع الله (كالأصنام وَغيرها) بل يشمل الملائكة والمسيح وَأمثالهم، لأنَّ (الذين) في اللغة العربية هي اسم إشارة يستخدم عادة للعاقل.
بعد ذلك تؤكّد الآية التالية على ما ذكرناه في الآية السابقة، فتقول: هل تعلمون لماذا لا يستطيع الذين تدعونهم مِن دون الله أن يحلّوا مشاكلكم، أو أن يجيبوا لكم طلباتكم بدون إِذن الله سبحانه وَتعالى؟
الآية تجيب على ذلك بأنَّ هؤلاء أنفسهم يذهبون إِلى بيت الله، وَيلجأون للتقرب مِن الذات الإِلهية المقدَّسة لقضاء حوائجهم وَحل مشاكلهم وَتحقيق ما يريدونه: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ... أَيُّهُمْ أَقْرَبُ... وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ... وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ... إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}.
في تفسير قوله تعالى (أيّهم أقرب) لمفسري القرآن العظيم آراء مُختلفة في ذلك، نحاول استعراضها فيما يلي:
ذهب بعض كبار مفسري الإِسلام إِلى: أنّ التعبير القرآني يُشير إِلى أنّ أولياء الله يذهبون إِلى الملائكة والأنبياء {الذين يعبدهم المشركون من دون الله}، أيّهم أقرب إِلى الله فيقربون إِليه أكثر. وَهؤلاء لا يملكون شيئاً مِن عِندهم، بل كل ما يملكونه هو مِن الله، وَكلما يرتفعون في المقام تزداد طاعتهم وَعبوديتهم(4).
البعضُ الآخر مِن المفسّرين يعتقد بأنّ مفهوم التعبير القرآني هو أنّهم يحاولون التسابق في التقرُّب مِن الخالق، ففي طريق طاعة الله والتقرب مِن ذاته المقدَّسة اشترك هؤلاء في مسابقة معنوية، حيثُ يحاول كل واحد مِنهم أن يتقدم على الآخر في الميدان.
والآية ـ بعد ذلك ـ تقول: الذين يتصفون بهذه الصفات هل يُمكن عبادتهم مِن دون الله، وَهل هُم مستقلون(5)؟
أمّا التّفسير الذي يقول: إِنّهم يسلكون أي وسيلة تقربهم مِن الله، فاحتمالُه بعيد جدّاً، لأنَّ ضمير (هُم) في «أيّهم» والذي يُستخدم لجمع المذكر، لا يتلائم مَع هذا المعنى، بل كان يجب أن يكون «أيّها» ليستقيم الرأي و بالإضافة إِلى ذلك فإنَّ جملة {أيّهم أقرب} تقع على شكل مُبتدأ وَخبر، في حين أنَّها وفقاً لهَذا المعنى يجب أن تكون على شكل مفعول أو بدلا عن المفعول.
______________
1- تفسير الامثل،ناصر مكارم الشيرازي،ج7،ص320-326.
2 ـ إِلَى هَذا الرأي يذهب الشّيخ الطبرسي في مجمع البيان، والقرطبي في تفسيره. يُراجح تفسيرهما للآية الكريمة.
3 ـ في كتاب مزاميز داوُد (الزّبور) والذي بين أيدينا الآن، نقرأ في الزبور (27): «لأنَّ الشريرين سوف ينقطعون، أمّا المتوكلون على الله فسيرثون الأرض، وَبعد مدّة سوف لا يكون هُناك شريرين، أمّا الحكماء والصالحون فسيرثون الأرض». وَفي المُزمور في الجملة (22) و (29) نقرأ تعابير مُشابهة. وَهَذا ينطبق مع ما جاءَ في القرآن الكريم في الآية (105) مِن سورة الأنبياء: (وَلَقد كتبنا في الزبور من بعدِ الذكر أنَّ الأرض يرثها عبادي الصالحون).
4 ـ وُفقاً لهذا التّفسير تكون «أيّهم» بدل من ضمير «يبتغون»، أو مبتدأ لخبر محذوف، وَفي التقدير تكون الآية: (أيّهم أقرب) أيّهم أكثر دعاءً وابتغاءً للوسيلة.
5 ـ في هَذِهِ الحالة «أيّهم» مِن حيث التركيب النحوي يمكن أن تكون ـ فقط ـ بدلا مِن ضمير (يبتغون).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|