المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05



تفسير الاية (61-64) من سورة النحل  
  
1989   06:40 مساءً   التاريخ: 11-8-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النحل /

 

قال تعالى: {وَلَو يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُو وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 61 - 64]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ } أخبر سبحانه أنه لو كان ممن يؤاخذ الكفار والعصاة بذنوبهم ويعاجلهم بالعقوبة لما ترك على وجه الأرض أحدا ممن يستحق ذلك من الظالمين وإنما قال عليها ولم يجر ذكر للأرض في الظاهر لأن الكلام يدل عليه فإن العلم حاصل بأن الناس يكونون على ظهر الأرض ومثله كثير في محاورات العرب يقولون ما بين لابتيها مثل فلان يعنون المدينة وأصبحت باردة يريدون الغداة إذ اللابتان بالمدينة والإصباح لا يكون إلا غدوة .

وقوله { وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } أي: يمهلهم إلى وقت معلوم مسمى وهو يوم القيامة وقيل إلى وقت يعلمه الله تعالى أنه لا يكون في بقائهم فيه مصلحة لأنهم لا يؤمنون ولا يخرج من نسلهم مؤمن وإنما يؤخرهم تفضلا منه سبحانه ليراجعوا التوبة أولما في ذلك من المصلحة واختلف أهل العدل في من المعلوم من حاله أنه لا يؤمن فيما بعد هل يجوز اخترامه فقال بعضهم يجوز لأن التكليف تفضل فلا تجب التبقية وهو قول أبي هاشم وإليه ذهب المرتضى قدس الله روحه وقال: آخرون لا يجوز اخترامه ويجب تبقيته وهو قول البلخي وأبي علي الجبائي وإن اختلفا في علته فقال الجبائي لأنه مفسدة وقال البلخي: لأنه الأصلح وإليه ذهب الشيخ المفيد أبوعبد الله وقيل: إن معنى الآية لو يؤاخذهم بذنوبهم لحبس المطر عنهم حتى تهلك كل دابة عن السدي وعكرمة.

 (سؤال) متى قيل إن المكلف الظالم يستحق العقوبة بظلمه فما بال الحيوانات تؤخذ بغير جرم فجوابه أن العذاب للظالم عقوبة ولغير الظالم عبرة ومحنة فيكون كالأمراض النازلة بالأولياء وغير المكلفين فيعوضون عنها وقيل معناه لو هلك الآباء بكفرهم لم يوجد الأبناء وقيل إنه إذا هلك الظلمة ولم يبق مكلف لا يبقى غيرهم من الحيوانات لأنها إنما خلقت للمكلفين فلا فائدة في بقائها بعدهم { فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ } قد سبق معناه فيما مضى ثم حكى سبحانه عن الكفار فقال: { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} يعني البنات أي يحكمون لله بما يكرهونه لأنفسهم { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ} أي: وتخبر ألسنتهم بالكذب وهوما يقولون { أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} وهي البنون عن مجاهد وقيل: معناه تصفون أن لهم مع قبيح قولهم من الله الجزاء الحسن والمثوبة الحسنى وهي الجنة عن الزجاج وغيره فإن المشركين كانوا يقولون إن كان ما يقوله محمد من أمر البعث والآخرة حقا فنحن من أهل الجنة.

 وروي عن معاذ أنه قرأ وتصف ألسنتهم الكذب بضم الذال والباء فعلى هذا يكون الكذب وصفا للألسنة جمع كاذب أوكذوب ثم رد سبحانه قولهم فقال { لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} أي: ليس الأمر على ما وصفوا جرم فعلهم وقولهم أي كسب أن لهم النار والمفسرون يقولون معناه حقا أن لهم النار أولا بد أن لهم النار { وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ } أي: مقدمون أي معجلون إلى النار ثم أقسم سبحانه فقال: { تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ} يا محمد { فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } أي: كفرهم وضلالهم وتكذيبهم الرسل { فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ } معناه إن الشيطان وليهم اليوم في الدنيا يتولونه ويتبعون إغواءه فأما يوم القيامة فيتبرأ بعضهم من بعض عن أبي مسلم وقيل معناه فهووليهم يوم القيامة أي يكلهم الله تعالى إلى الشيطان أياسا لهم من رحمته { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي وللتابع والمتبوع عذاب مؤلم وجيع ثم بين سبحانه أنه قد أقام الحجة وأزاح العلة وأوضح المحجة فقال { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ } يا محمد { الكتاب } أي: القرآن { إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه } معناه إلا وقد أردنا منك أن تكشف لهم ما اختلفوا فيه من دلالة التوحيد والعدل وتبين لهم الحلال والحرام { وهدى } أي: وأنزلناه دلالة على الحق { وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.

______________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص170-172.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ ولَو يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ }. ظلم الإنسان خالقه بجحوده له ، وبنسبة الشريك والولد إليه ، وأيضا ظلم الإنسان القوي أخاه الضعيف ، فاستعبده وسلبه قوته ومصدر حياته ، وأيضا ظلم نفسه بالكبرياء والطغيان والغرور ، ومع هذا لم يعاجل اللَّه العاصين بالعقوبة ، ولما ذا يعاجل ؟ . هل يخشى الفوت ، أو يتعجل التشفي ، أويخاف التوبة من العصاة ، وهو الذي أمرهم بها ، وحثهم عليها ؟ . وقيل : إنما أخرهم ليراجعوا التوبة . وليس هذا ببعيد عن حلمه وكرمه ، وفي معنى الآية قوله تعالى : « ورَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَو يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا - 58 الكهف » .

{ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ } . تقدم تفسيره في ج 2 ص 171 فقرة : « الأجل محتوم » .

{ ويَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ } لأنفسهم من البنات والشركاء في الرياسة { وتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ } وهو قولهم : { أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى } أي الجنة . وافتروا على اللَّه بأن له شركاء وبناتا ، ثم كذبوا بأن لهم عنده الجنة فكذبّهم سبحانه بقوله :

{ لا جَرَمَ }لا شك في { أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ } أي معجلون إليها .

( تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا » - رسلا - : « إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ ) يا محمد ، فلم يستجيبوا لرسلهم ، وأعرضوا عنهم وآذوهم ، كما أعرض عنك وآذاك مشركو قريش ، فهوّن عليك ولا تحزن { فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ } وهي كفر وضلال ، وطغيان وفساد { فَهُو وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ ولَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ }. لقد تولى الشيطان أمور الطغاة في الحياة الدنيا بعد أن أسلموه الزمام ، فقادهم إلى المآثم والمهالك ، وكان جزاؤه وجزاؤهم عند اللَّه جهنم وساءت مصيرا . قال الإمام علي ( عليه السلام ) : « ان أجل الإنسان مستور عنه ، وأمله خادع له ، والشيطان موكل به ، يزين له المعصية ليركبها ، ويمنيه التوبة ليسوفها ، حتى تنجم منيته عليه أغفل ما يكون عنها » أي يموت على الضلال والمعصية ، وهذه هي ميتة السوء بالذات .

{ وما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وهُدىً ورَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . الخطاب لمحمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) والكتاب القرآن ، وهو هدى لمن طلب الهداية ورحمة لمن أرادها ، وهو الحكم الفصل في كل عقيدة وشريعة ، وكل قول وفعل . .

_____________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4، صفحه 525-526.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ } إلى آخر الآية.

ضمير{عليها} عائد إلى الأرض لدلالة{الناس} عليها.

ولا يبعد أن يدعى أن السياق يدل على كون المراد بالدابة الإنسان فقط من جهة كونه يدب ويتحرك، والمعنى ولو أخذ الله الناس بظلمهم مستمرا على المؤاخذة ما ترك على الأرض من إنسان يدب ويتحرك، أما جل الناس فإنهم يهلكون بظلمهم وأما الأشذ الأندر وهم الأنبياء والأئمة المعصومون من الظلم فهم لا يوجدون لهلاك آبائهم وأمهاتهم من قبل.

والقوم أخذوا الدابة في الآية بإطلاق معناها وهو كل ما يدب على الأرض من إنسان وحيوان فعاد معنى الآية إلى أنه لو يؤاخذهم بظلمهم لأهلك البشر وكل حيوان على الأرض فتوجه إليه: أن هذا هو الإنسان يهلك بظلمه فما بال سائر الحيوان يهلك ولا ظلم له أويهلك بظلم من الإنسان؟.

وأوجه ما أجيب به عنه قول بعضهم بإصلاح منا: إن الله تعالى لو أخذهم بظلمهم بكفر أو معصية لهلك عامة الناس بظلمهم إلا المعصومين منهم وأما المعصومون على شذوذهم وقلة عددهم فإنهم لا يوجدون لهلاك آبائهم وأمهاتهم من قبل، وإذا هلك الناس وبطل النسل هلكت الدواب من سائر الحيوان لأنها مخلوقة لمنافع العباد ومصالحهم كما يشعر به قوله تعالى:{ خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا }: البقرة: 29.

ولهم وجوه أخر في الذب عن الآية على تقدير عموم الدابة فيها لا جدوى في نقلها من أرادها فليراجع مطولات التفاسير.

واحتج بعضهم بالآية على عدم عصمة الأنبياء (عليهم السلام)، وفيه أن الآية لا تدل على أزيد من أنه تعالى لوأخذ بالظلم لهلك جميع الناس وانقرض النوع، وأما أن كل من يهلك فإنما هلك عن ظلمه فلا دلالة لها عليه فمن الجائز أن يهلك الأكثرون بظلمهم ويفنى الأقلون بفناء آبائهم وأمهاتهم كما تقدم فلا دلالة في الآية على استغراق الظلم الأفراد حتى الأنبياء والمعصومين وإنما تدل على استغراق الفناء.

وربما قيل في الجواب إن المراد بالناس الظالمون منهم بقرينة قوله:{بظلمهم} فلا يشمل المعصومين من رأس.

وربما أجيب: أن المراد بالظلم أعم من المعصية التي هي مخالفة الأمر المولوي وترك الأولى الذي هو مخالفة الأمر الإرشادي وربما صدر عن الأنبياء (عليهم السلام) كما حكى عن آدم وزوجه:{ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا }: الأعراف: 23، وغيره من الأنبياء فحسنات الأبرار سيئات المقربين وحينئذ فلا يدل عموم الظلم في الآية للأنبياء على عدم عصمة الأنبياء عن المعصية بمعنى مخالفة الأمر المولوي.

وربما أجيب بأن إهلاك جميع الناس إنما هو بأن الله يمسك عن إنزال المطر على الأرض لظلم الظالمين من الناس فيهلك به الظالمون والأولياء والدواب فإن العذاب إذا نزل لم يفرق بين الشقي والسعيد فيكون على العدو نقمة ونكالا وعلى غيره محنة ومزيد أجر.

والأجوبة الثلاثة غير تامة جميعا: أما الأول: فإن اختصاص الناس بالظالمين يوجب اختصاص الهلاك بهم كما ادعي فلا يعم الهلاك المعصومين، ولا موجب حينئذ لهلاك سائر الدواب المخلوقة للإنسان فلا يستقيم قوله:{ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ } كما لا يخفى.

وأما الثاني: فلأن الآيات بما لها من السياق تبحث عن الظلم بمعنى الشرك وسائر المعاصي المولوية فتعميم الظلم في الآية لترك الأولى وخاصة بالنظر إلى ذيل الآية{ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } الظاهر في الإيعاد لا يلائم السياق.

وأما الثالث: فلعدم دليل من جهة اللفظ على ما ذكر فيه.

وقوله:{ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ } استدراك عن مقدر يدل عليه الجملة الشرطية في صدر الآية والتقدير: فلا يعاجل في مؤاخذتهم ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى والأجل المسمى بالنسبة إلى الفرد من الإنسان موته المحتوم، وبالنسبة إلى الأمة يوم انقراضها وبالنسبة إلى عامة البشر نفخ الصور وقيام الساعة، ولكل منها ذكر في كلامه تعالى قال: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى} [غافر: 67] ، وقال:{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ }: الأعراف: 34، وقال:{ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ }: الشورى: 14.

قوله تعالى:{ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى} إلى آخر الآية، عود إلى نسبة المشركين إليه تعالى البنات واختيارهم لأنفسهم البنين وهم يكرهون البنات ويحبون البنين ويستحسنونهم.

فقوله:{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } يعني البنات وقوله:{ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ } أي تخبر ألسنتهم الخبر الكاذب وهو{أن لهم الحسنى} أي العاقبة الحسنى من الحياة وهي أن يخلفهم البنون، وقيل المراد بالحسنى الجنة على تقدير صحة البعث وصدق الأنبياء فيما يخبرون به كما حكاه عنهم في قوله: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} [فصلت: 50] ، وهذا الوجه لا بأس به لولا ذيل الآية بما سيجيء من معناه.

وقوله:{ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ } أي المقدمون إلى عذاب النار يقال فرط وأفرط أي تقدم والإفراط الإسراف في التقدم كما أن التفريط التقصير فيه، والفرط بفتحتين هو الذي يسبق السيارة لتهيئة المسكن والماء، ويقال: أفرطه أي قدمه.

ولما كان قولهم كذبا وافتراء إن لله ما يكرهون ولهم الحسنى في معنى دعوى أنهم سبقوا ربهم إلى الحسنى وتركوا له ما يكرهون أوعدهم بحقيقة هذا الزعم جزاء لكذبهم وهو أن لهم النار وأنهم مقدمون إليها حقا وذلك قوله:{ لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ } إلخ.

قوله تعالى:{ تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ظاهر السياق أن المراد باليوم يوم نزول الآية والمراد بكون الشيطان وليا لهم يومئذ اتفاقهم على الضلال في زمان الوحي والمراد بالعذاب الموعود عذاب يوم القيامة كما هو ظاهر غالب الآيات التي توعد بالعذاب.

والمعنى: تالله لقد أرسلنا رسلنا إلى أمم من قبلك كاليهود والنصارى والمجوس ممن لم ينقرضوا كعاد وثمود فزين لهم الشيطان أعمالهم فاتبعوه وأعرضوا عن رسلنا فهو وليهم اليوم وهم متفقون على الضلال ولهم يوم القيامة عذاب أليم.

وجوز الزمخشري على هذا الوجه أن يكون ضمير{وليهم} لقريش والمعنى أن الشيطان زين للأمم الماضين أعمالهم وهو اليوم ولي قريش ويبعده لزوم اختلاف الضمائر.

ويمكن أن يكون المراد بالأمم الأمم الماضين والهالكين فولاية الشيطان لهم اليوم كونهم من أولياء الشيطان في البرزخ ولهم هناك عذاب أليم.

وقيل: المراد باليوم مدة الدنيا فهي يوم الولاية والعذاب يوم القيامة.

وقيل: المراد به يوم القيامة فهناك ولاية الشيطان لهم ولهم هناك عذاب أليم.

وقيل: المراد يوم تزيين الشيطان أعمالهم وهو من قبيل حكاية الحال الماضية.

وأقرب الوجوه أولها ثم التالي فالتالي والله أعلم.

قوله تعالى:{ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ } إلخ ضمير لهم للمشركين والمراد بالذي اختلفوا فيه هو الحق من اعتقاد وعمل فيكون المراد بالتبين الإيضاح والكشف لإتمام الحجة، والدليل على هذا الذي ذكرنا تفريق أمر المؤمنين منهم وإفرادهم بالذكر في قوله:{ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }.

والمعنى: هذا حال الناس في الاختلاف في المعارف الحقة والأحكام الإلهية وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتكشف لهؤلاء المختلفين الحق الذي اختلف فيه فيتم لهم الحجة، وليكون هدى ورحمة لقوم يؤمنون يهديهم الله به إلى الحق ويرحمهم بالإيمان به والعمل.

_____________

1- تفسير الميزان ،الطباطبائي،ج12،ص229-232.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

وسعت رحمته غضبه:

بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن جرائم المشركين البشعة في وأدهم للبنات، يطرق بعض الأذهان السؤال التالي: لماذا لم يعذب اللّه المذنبين بسرعة نتيجة لما قاموا به من فعل قبيح وظلم فجيع؟!

والآية الأُولى (61) تجيب بالقول: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ }(2).

«الدابة»: يراد بها كل كائن حي، ويمكن أن يراد بها هنا (الإِنسان) خاصّة بقرينة {بظلمهم}.

أيْ: إِنّ اللّه لو يؤاخذ الناس على ما ارتكبوه من ظلم لما بقي إِنسان على سطح البسيطة.

ويحتمل أيضاً إِرادة جميع الكائنات الحيّة، لعلمنا بأنّ هذه الكائنات إِنّما خلقت وسخرت للإِنسان كما يقول القرآن في الآية (29) من سورة البقرة: { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا }، فعندما يذهب الإِنسان فسينتفي سبب وجود الكائنات الأُخرى وينقطع نسلها.

وهنا يواجهنا السؤال التالي: لو نظرنا إِلى سعة مفهوم الآية وعموميتها فإنّها تدل في النتيجة على أنّه لا يوجد على الأرض إِنسان غير ظالم، فالكلُّ ظالم كلُّ حسب قدره وشأنه، ولو نزل العذاب الفوري السريع والحال هذه لما بقي إِنسان على سطح الأرض... مع إنّنا نعلم أنّ هناك من لا يصدق عليه هذا المعنى، فالأنبياء والأئمّة المعصومون(عليهم السلام) خارجون عن شمولية هذا المعنى، بل في كل زمان ومكان ثمة مَنْ تزيد حسناته على سيئاته من الصالحين المخلصين والمجاهدين ممن لا يستحقون العذاب المهلك أبداً..

والجواب على ذلك أنّ الآية تبيّن حكماً نوعياً وليس حكماً عاماً شاملا للجميع ونظير ذلك كثير في الأدب العربي.

ومن الشواهد على ذلك: الآية (32) من سورة فاطر حيث تقول: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}.

فنرى الآية تتطرق إِلى ثلاثة أقسام: ظالم، صاحب ذنوب خفيفة، وسابق بالخيرات.. ومن المسلم به أَنَّ القسم الأوّل هو المقصود في الآية مورد البحث دون القسمين الآخرين، ولا عجب من تعميم الآية، لأنّ هذا القسم يشكل القسم الأكبر من المجتمعات البشرية.

ويتّضح من خلال ما ذكر أنّ الآية لا تنفي عصمة الأنبياء، أمّا مَنْ يعتقد بخلاف ذلك فقد غفل عن القرائن الموجودة في العبارة من جهة، ولم يلتفت إِلى ما توحي إِليه بقية الآيات القرآنية بهذا الخصوص.

ويضيف القرآن الكريم قائلا: { وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ }.

بل يدركهم الموت في نفس اللحظة المقررة.

______________

1- تفسير الامثل،ناصر مكارم الشيرازي،ج7،ص88-89.

2ـ إِن ضمير «عليها» يعود إِلى «الأرض» وإِنْ لم يرد لها ذكر في الآيات المتقدمة لوضوح الأمر، ونظائر ذلك كثيرة في لغة العرب.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .