المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



تفسير الاية (28-31) من سورة ابراهيم  
  
16305   03:06 مساءً   التاريخ: 26-7-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة إبراهيم /

 

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30) قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ } [إبراهيم: 28 - 31]

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

خاطب سبحانه نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال:{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا } يحتمل أن يكون المراد أ لم تر إلى هؤلاء الكفار عرفوا نعمة الله بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أي: عرفوا محمدا ثم كفروا به فبدلوا مكان الشكر كفرا.

 وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال ((نحن والله نعمة الله التي أنعمها أنعم بها على عباده وبنا يفوز من فاز)) . ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره ويحتمل أن يكون المراد جميع نعم الله على العموم بدلوها أقبح التبديل إذا جعلوا مكان شكرها الكفر بها واختلف في المعنى بالآية فروي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك ومجاهد أنهم كفار قريش كذبوا نبيهم ونصبوا له الحرب والعداوة وسأل رجل أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) عن هذه الآية فقال هم الأفجران من قريش بنو أمية وبنو المغيرة فأما بنوأمية فمتعوهم إلى حين وأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر وقيل إنهم جبلة بن الأيهم ومن اتبعوه من العرب تنصروا ولحقوا بالروم.

{ وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} أي: أنزلوا قومهم دار الهلاك بأن أخرجوهم إلى بدر وقيل: معناه أنزلوهم دار الهلاك وهي النار بدعائهم إياهم إلى الكفر بالنبي وإغوائهم إياهم{ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} وهذا تفسير لدار البوار يعني أن تلك الدار هي جهنم يدخلونها وبئس القرار قرار من قراره النار{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادً} أي: وجعل هؤلاء الكفار الذين بدلوا نعمة الله كفرا لله نظراء وأمثالا في العبادة زيادة على كفرهم وجحدهم{ لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} أي: ليكون عاقبة أمرهم إلى الضلال الذي هو الهلاك وليست هذه اللام لام الغرض لأنهم لم يعبدوا الأوثان من دون الله وغرضهم أن يهلكوا ومن قرأ{ليضلوا} بضم الياء فمعناه ليضل الناس عن سبيل الله ثم قال سبحانه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم){قل} لهؤلاء الكفار الذين وصفناهم{تمتعوا} وانتفعوا بما تهوون من عاجل هذه الدنيا والمراد به التهديد وإن كان بصورة الأمر{فإن مصيركم} أي: مرجعكم وم آلكم{إلى النار} والكون فيها وكان قد يكون .

{قل} يا محمد{ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا } أي: اعترفوا بتوحيد الله وعدله عنى به أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن ابن عباس وقيل: أراد به جميع المؤمنين عن الجبائي{يقيموا الصلاة } أي: يؤدوا الصلوات الخمس لمواقيتها فإن الصلاة لا تصير قائمة إلا بإقامتهم{ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} أي: وقل لهم ينفقوا من أموالهم في وجوه البر من الفرائض والنوافل ينفقون في النوافل سرا ليدفعوا عن أنفسهم تهمة الرياء وفي الفرائض علانية ليدفعوا تهمة المنع{ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ } يعني يوم القيامة والمراد بالبيع إعطاء البدل ليتخلص به من النار لا أن هناك مبايعة{ولا خلال} أي: ولا مصادقة وهذا مثل قوله { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ }.

_________________

1- تفسير مجمع البيان ،الطبرسي،ج6،ص77-80.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وبِئْسَ الْقَرارُ } . ضمير أحلوا يعود إلى قادة الكفر والضلال ، والمراد بنعمة اللَّه الايمان والهداية ، والمعنى ألا تعجب يا محمد ، أوأيها السامع والقارئ من حال قادة الكفر والضلال الذين اختاروا الضلالة على الهدى ، والجحيم على النعيم ، فحلوا فيها هم ومن اتبعهم ، وكانوا لها حطبا . وفي معنى هذه الآية قوله تعالى :

« أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وما كانُوا مُهْتَدِينَ - 15 البقرة » .

ونقل الطبري في تفسير هذه الآية ان عمر بن الخطاب قال : « الذين بدلوا نعمة اللَّه كفرا ، وأحلوا قومهم دار البوار هما الأفجران من قريش : بنوالمغيرة ، وبنوأمية ، فأما بنوالمغيرة فكفيتموهم يوم بدر ، وأما بنوأمية ، فمتعوا إلى حين » .

{ وجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ } . جعلوا للَّه شركاء يحبونهم كحبه ، ويعبدونهم كعبادته . . ومن الواضح انهم فعلوا ذلك بقصد ان يهتدوا لا ان يضلوا عن سواء السبيل ، ومن أجل هذا تكون اللام في ليضلوا لام النتيجة والعاقبة ، ويكون المعنى ان المشركين عبدوا الأصنام بقصد ان يهتدوا بها ، وتقربهم من اللَّه زلفى ، فكانت النتيجة الضلال والهلاك والبعد عن اللَّه ورحمته ، فاللام هنا تماما كاللام في : لدوا للموت وابنوا للخراب { قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ } .

أمر اللَّه نبيه ان يحذر المشركين من سوء العاقبة والمصير ، ويقول لهم : ان متاع الدنيا قليل وان راق لكم ، والآخرة خير لمن اتقى . . ولكن . . هل تجدي لغة الحق والواقع مع الذين لا تحركهم الا الأرباح والمكاسب ! { قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ } التي تذكر المصلي باللَّه وتحذره من العذاب والعقاب ، وتخلق فيه وازعا ورادعا عن المآثم والجرائم ، ان كان حقا من المؤمنين الصالحين ( ويُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وعَلانِيَةً ) . الزكاة أخت الصلاة ، هذه تذكر المصلي باللَّه ، وتلك تقربه عند اللَّه زلفى ، ومر نظيره في الآية 274 من سورة البقرة ج 1 ص 425 { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ ولا خِلالٌ} .

والبيع هنا كناية عن الفدية ، والخلال الصداقة ، والمعنى ان من أنفق من ماله في سبيل اللَّه انتفع بهذا الإنفاق في اليوم الآخر ، ومن بخل به كان عليه حسرة وعذابا ، ولا يجديه شيء في ذلك اليوم حيث لا فدية ولا صداقة ، ومر نظيره في الآية 18 من سورة الرعد .

________________

1- التفسير الكاشف، محمد جواد مغنية،ج4، صفحه 446-447.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى:{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} قال في المجمع: الإحلال وضع الشيء في محل إما بمجاورة إن كان من قبيل الأجسام أوبمداخلة إن كان من قبيل الأعراض، والبوار الهلاك يقال: بار الشيء يبور بورا إذا هلك ورجل بور أي هالك وقوم بور أيضا. انتهى.

وقال الراغب: البوار فرط الكساد ولما كان فرط الكساد يؤدي إلى الفساد كما قيل: كسد حتى فسد، عبر بالبوار عن الهلاك يقال: بار الشيء يبور بورا وبؤرا قال عز وجل:{تجارة لن تبور} انتهى.

والآية تذكر حال أئمة الكفر ورؤساء الضلال في ظلمهم وكفرانهم نعمة الله سبحانه التي أحاطت بهم من كل جهة بدل أن يشكروها ويؤمنوا بربهم، وقد ذكر قبل كيفية خلقه تعالى السماوات والأرض على غنى منه وهي نعمة، ثم ذكر كلمة الحق التي يدعوإليها وما لها من الآثار الثابتة الطيبة وهي نعمة.

والآية مطلقة لا دليل على تقييدها بكفار مكة أوكفار قريش وإن كان الخطاب فيها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان في ذيلها مثل قوله:{ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} لظهور أن ذلك لا يوجب تقييدا في الآية مع إطلاق مضمونها وشمولها للطواغيت من الأمم وما صنعوا بأقوامهم.

فقوله:{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} يذكر حال أئمة الكفر ورؤساء الضلال من الأمم السابقة ومن هذه الأمة والدليل على اختصاصه بهم قوله:{ وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} المشعر بكونهم نافذي الكلمة مطاعين في قومهم فهم الأئمة والرؤساء.

والمراد بتبديلهم نعمة الله كفرا تبديلهم شكر نعمته الواجب عليهم كفرا ففي الجملة مضاف محذوف والتقدير: بدلوا شكر نعمة الله كفرا، ويمكن أن يراد تبديل نفس النعمة كفرا بنوع من التجوز، ونظير الآية في هذه العناية قوله تعالى:{وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}: الواقعة: 82.

وذكر إحلالهم قومهم دار البوار يستلزم إحلال أنفسهم فيها لأنهم أئمة الضلال ضلوا ثم أضلوا والتبعة تبعة الضلال، ونظير الآية في هذا المعنى قوله في فرعون:{ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ}: هود: 98.

والمعنى أ لم تنظر إلى الأئمة والرؤساء من الأمم السابقة ومن أمتك الذين بدلوا شكر نعمة الله كفرا واتبعتهم قومهم فحلوا وأحلوا قومهم دار الهلاك وهوالشقاء والنار.

قوله تعالى:{ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ} بيان لدار البوار، واحتمال بعضهم أن يكون:{جهنم} منصوبا بالاشتغال والتقدير يصلون جهنم يصلونها والجملة مستأنفة خال عن الوجه لأن النصب مرجوح ولا نكتة تستوجب الاستئناف.

ومن هنا يظهر فساد قول من قال إن الآيات مدنية والمراد بالذين كفروا هم عظماء مكة وصناديد قريش الذين جمعوا الجموع على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحاربوه ببدر فقتلوا وأحلوا قومهم دار البوار.

وذلك أنك عرفت من معنى الآية أنها مطلقة ولا موجب لتخصيصها بقتلى بدر من الكفار أصلا، بل الآية تشمل كل إمام ضلال أحل قومه دار البوار ممن تقدم وتأخر، والمراد بإحلال دار البوار إقرارهم في شقاء النار وإن لم يقتلوا ولا ماتوا ولا دخلوا النار بعد.

على أن ظاهر الآية التالية{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} أن ضمير الجمع راجع إلى الذين كفروا المذكورين في هذه الآية ولازمه كون خطاب قل تمتعوا خطابا للباقين منهم وهم الذين أسلموا يوم الفتح وهوإيعاد بشقاء قطعي منجز من غير استثناء.

قوله تعالى:{ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} الأنداد جمع ند وهو المثل وهم الآلهة الذين اتخذوهم آلهة من دون الله من الملائكة والجن والإنس.

وإنما جعلوها أندادا مع اعترافهم بأنهم مخلوقون لله سبحانه من جهة أنهم سموهم آلهة وأربابا ونسبوا إليهم تدبير أمر العالم ثم عبدوهم خوفا وطمعا مع أن الأمر والخلق كله لله وقد اعترفت بذلك فطرتهم وأيد الله ذلك بما ألهمه أنبياءه ورسله من الآيات والحجج الدالة على وحدانيته.

فهم كانوا على بصيرة من أمر التوحيد لم يتخذوا الأنداد عن غفلة أوخطإ بل عمدوا إلى ذلك ابتغاء عرض الحياة الدنيا وليستعبدوا الناس ويستدروهم بإضلالهم عن سبيل الله، ولذلك علل اتخاذهم الأنداد بقوله:{ليضلوا عن سبيله} ثم أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يوعدهم بالنار التي إليها مرجعهم لا مرجع لهم سواها فقال:{ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ}.

وكان من طبع الكلام أن يقال لهم: اتخذوا الأنداد أوأضلوا عن سبيل الله فإن مصيركم إلى النار، لكن بدل من قوله:{تمتعوا} ليصرح بغرضهم الفاسد الذي كانوا يخفونه ليكون أبلغ في فضاحتهم.

قوله تعالى:{ قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ } لما توعدهم على لسان رسوله بعذاب يوم القيامة لإضلالهم الناس عن سبيل الله، أمره أن يأمر عباده الذين آمنوا بالتزام سبيله من قبل أن يأتي يوم القيامة فلا يسعهم تدارك ما فات منهم من السعادة بشيء من الأسباب الدائرة بينهم لذلك وهي ترجع إلى أحد شيئين: إما المعارضة بإعطاء شيء وأخذ ما يعادله وهوالبيع بالمعنى الأعم، وإما الخلة والمحبة، ولا أثر من هذه الأسباب في يوم محض للحساب والجزاء فإن ذلك شأن يوم القيامة لا شأن له دون ذلك.

ومن هنا يظهر أن قوله:{يقيموا الصلاة وينفقوا} بيان لسبيل الله وقد اكتفى بهذين الركنين اللذين بهما يلحق سائر الوظائف الشرعية مما يصلح حياة الإنسان الدنيوية فيما بينه وبين ربه وما بينه وبين سائر أفراد نوعه.

وقوله:{يقيموا الصلاة وينفقوا} إلخ مجزومان لوقوعهما في جواب الأمر ومقول القول محذوف لدلالة الفعلين عليه، والتقدير: قل: أقيموا الصلاة وأنفقوا{إلخ} يقيموا الصلاة وينفقوا{إلخ}.

والإشكال فيه بأن المجزوم في جواب الأمر يجب أن يكون مترتبا عليه ولا يلزم من الأمر بالصلاة والإنفاق أن يطيعوا ذلك.

ساقط فإن اللازم فيه أن يكون الجواب مما يقتضيه الأمر بوجه، وأمر عباده المؤمنين وهم عباد مؤمنون مما يقتضي الطاعة بلا إشكال.

والإنفاق المذكور في الآية مطلق الإنفاق في سبيل الله فإن السورة مكية ولم تنزل آية الزكاة بعد، والمراد بالإنفاق سرا وعلانية أن يجري الإنفاق على ما يقتضيه الأدب الديني الحق فيسر به فيما يحسن الإسرار ويعلن فيما يحسن الإعلان، والمطلوب بذلك على أي حال الإتيان بما يصلح ما في مظنة الفساد ويقيم أود المجتمع من أمور المسلمين.

ولا ينافي ما في هذه الآية من نفي المخالة قوله تعالى:{ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}: الزخرف: 67 فإن النسبة بين الآيتين نسبة العموم والخصوص المطلق فتخصص هذه الآية بتلك الآية ويتحصل المراد من الآيتين أن كل خلة من غير جهة التقوى ترتفع يوم القيامة، وأما الخلة التي من جهتها وهي الخلة في ذات الله فإنها تثبت وتنفع فنفي الخلال مطلقا ثم إثبات بعضه في الآيتين نظير نفي الشفاعة مطلقا في قوله:{ولا خلة ولا شفاعة}: البقرة: 254 ثم إثباتها فيما كان بإذن الله كما في قوله:{ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }: الزخرف: 86.

وما قيل في نفي التنافي: إن المراد بالخلال في الآية النافية المخالة التي هي من الأسباب الدنيوية لتدارك ما فات بخلاف ما في الآية المثبتة، وكذا ما قيل إن المراد بالمخالة المنفية هي التي تكون بحسب ميل الطبع ورغبة النفس بخلاف المخالة المثبتة فإنها التي تكون في ذات الله، مرجعهما بالحقيقة إلى ما ذكرناه.

______________

1- تفسير الميزان،الطباطبائي،ج12،ص44-47.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

نهاية كفران النعم:

الخطاب في هذه الآيات موجّه للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في الحقيقة عرض لواحد من موارد «الشجرة الخبيثة».

يقول تعالى أوّلا: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ...}إلى نهاية الآية. هؤلاء هم جذور الشّجرة الخبيثة وقادة الكفر والإنحراف، لديهم أفضل نعمة وهو رسول الله، وبإستطاعتهم أن يستفيدوا منه في الطريق إلى السعادة، إلاّ أنّ تعصّبهم الأعمى وعنادهم وحقدهم صارت سبباً في تركهم هذه النعمة الكبيرة، ولم يقتصروا على تركها فحسب. بل أضلّوا قومهم أيضاً ممّا جعلهم يسلكون هذا السلوك.

مع أنّ بعض المفسّرين الكبار عند متابعتهم للروايات الإسلامية فسّروا ـ أحياناً ـ هذه النعمة بوجود النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأحياناً أُخرى بالأئمّة (عليهم السلام)، وفسّروا الكافرين بهذه النعمة «بني اُميّة» و «بني المغيرة» مرّةً، ومرّةً أُخرى جميع الكفّار الذين عاصروا عهد النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن من المسلّم به أنّ للآية مفهوماً أوسع من هذا، وليس مختّصاً بمجموعة معيّنة، بل تشمل جميع الأفراد الذين يكفرون بالنعم الإلهيّة.

وتثبّت الآية ضمناً هذه الحقيقة، وهي أنّ الإستفادة من وجود القادة العظام تعود لنفس الإنسان، كما أنّ الكفر بهذه النعمة العظيمة يؤدّي إلى الهلاك والبوار.

ثمّ إنّ القرآن الكريم يُفسّر دار البوار بقوله تعالى: { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ }(2).

ثمّ يشير في الآية الأُخرى إلى واحدة من أسوأ أنواع كفران النعم { وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ} لكي يستفيدوا عدّة أيّام من حياتهم الماديّة ومن رئاستهم وحكومتهم في ظلّ الشرك والكفر لإضلال الناس عن طريق الحقّ.

أيّها النّبي { قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ}.

فحياتكم هذه شقاء ورئاستكم فاسدة، ومع ذلك فانّها تعدّ حياة لذيذة وسعيدة بالنسبة للنهاية التي تنتظرهم، كما نقرأ في آية أُخرى { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}.(الزمر،8)

عظمة الإنسان من وجهة نظر القرآن:

تعقيباً للآيات السابقة في الحديث عن برنامج المشركين والذين كفروا بأنعم الله وكون مصيرهم إلى دار البوار، تتحدّث هذه الآيات عن برنامج عباد الله المخلصين والنعم النازلة عليهم، يقول تعالى: { قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} قبل أن يأتي ذلك اليوم الذي لا يستطيع فيه الإنسان من التخلّص من العذاب بشراء السعادة والنعيم الخالد، ولا تنفع الصداقة حينئذ { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ }.

____________

1- تفسير الامثل ،مكارم الشيرازي،ج6،ص529-532.

2- «يصلون» من «الصلي» بمعنى الإشتعال والإحتراق بالنار.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .