الالفاظ المفردة موضوعة بازاء المعاني المعرّاة عن الوجود الخارجي والذهني |
1727
08:10 صباحاً
التاريخ: 9-6-2020
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-7-2020
2409
التاريخ: 28-8-2016
1448
التاريخ: 31-8-2016
1505
التاريخ: 28-8-2016
1931
|
هل الألفاظ المفردة موضوعة بإزاء المعاني المتقرّرة المعرّاة عن الوجود الخارجي والذهني أو لها بوصف كونها ملحوظة في الذهن؟ قد استدلّ للأوّل بأنّ الثاني مستلزم لثلاثة توال فاسدة:
الأوّل: أنّ من المعلوم صحّة الحمل في القضايا من دون تجريد، وعلى هذا يتوقّف صحّته على التجريد؛ ضرورة أنّ مفهوم زيد المقيّد باللحاظ الذهني مباين لمفهوم قائم المقيّد به، وكلّ منهما مباين للخارج، فلا يحمل أحدهما على الآخر، ولا شيء منهما على الخارج، والقيد وإن كان خارجا إلّا أنّ التقيّد داخل، فصحّة الحمل يتوقّف على تجريد اللفظ من جزء معناه وهو التقيّد باللحاظ.
الثاني: أنّ من المعلوم توقّف الاستعمال على تصوّر المعنى بتمامه، فلو كانت الألفاظ موضوعة بإزاء المعاني المتصوّرة يلزم أن يكون الاستعمال محتاجا إلى تصوّرين، الأوّل تصوّر ذات المعنى للتكميل، والثاني تصوّر المعنى المتصوّر للاستعمال، والوجدان شاهد بكفاية تصوّر واحد في مقام الاستعمال.
الثالث: يلزم أن يكون وضع مثل لفظ الإنسان والأسد والغنم ونحوها من أسماء الأجناس عامّا والموضوع له خاصّا؛ وذلك لأنّ المفهوم المقيّد بالتصوّر الخارجي جزئي حقيقي.
فإن قلت: إنّا نأخذ التصوّر قيدا لكن لا بخارجيّته، بل بما هو مفهوم كسائر المفاهيم له خارج وهو النفس، وذهن وهو تصوّر هذا المفهوم، وتقرّر، ومن المعلوم أنّ ضمّ كلّي إلى كلّي آخر لا يصيّره جزئيّا حقيقيّا، فيكون معنى لفظ الأسد مثلا هو الأسد المتصوّر.
قلت: منشأ هذا النزاع كون المستعمل في مقام الاستعمال محتاجا إلى التصوّر الفعلي للمعنى فقيل بجزئيّة هذا التصوّر للمعنى، وقيل بعدم جزئيّته، وأنت إذا تسلّمت عدم جزئيّته فلا داعي لك إلى إدخال مفهوم من المفاهيم المتقرّرة في المعنى لتكون دائرة المعنى بسببه مضيّقا.
والجواب عن الأوّل أوّلا بالنقض بأسماء الأجناس؛ فإنّها موضوعة للجهة الجامعة، وهي عبارة عمّا يؤخذ من الأفراد بعد إلغاء جميع الخصوصيّات، فالتجريد عن جميع الخصوصيّات مأخوذ قيدا وحالا لمعنى هذه الألفاظ، ومن المعلوم أنّ المعنى المتّصف بالتجريد يباين الخارجيّات، فكيف يصحّ حمله عليها؟ ولو لم يكن نفس المعنى مجرّدا بل كان أعمّ بحيث لائم مع المجرّد ومع غيره لوجب أن يكون استعمال اللفظ في الخاص من حيث الخصوصيّة حقيقة، وظاهرهم الإطباق على مجازيّته.
فإن قلت: فرق بين اللابشرط القسمي والبشرطلا، وبعبارة اخرى بين عدم اللحاظ ولحاظ العدم، والمقام من قبيل الأوّل لا الثاني، فالواضع لم يلاحظ مع المعنى شيئا من الخصوصيّات لا أنّه لا خط التجريد معه.
قلت: مفهوم الرجل مثلا له ثلاثة تصوّرات:
الأوّل: تصوّر زيد، فإنّه تصوّر للرجوليّة المندكّة فيه،
الثاني: تصوّر الرجل الأسود.
الثالث: تصور الرجل، فإن كان الموضوع له هو المقسم لهذه الثلاثة لزم أن يكون استعمال لفظ الرجل في الزيد حقيقة، فلا بدّ أن يكون الموضوع له هو التصوّر الأخير، ولا شكّ أنّه متقوّم بالتجريد بحيث يلزم من انتفاء التجريد انتفائه، وهذا معنى القيديّة.
وعلى هذا فيكون ضمّ الخصوصيّة إلى معنى لفظ الرجل كضم الحجر إليه، غاية الأمر أنّه متّحد مع الخصوصيّة في الخارج، ومن المعلوم أنّ شيئا من الخارجيّات لا يكون متّصفا بالتجريد البتّة.
وكذا الكلام فيما نحن فيه؛ فإنّه إذا تصوّر أحد مفهوم الرجل وكان تصوّره طريقا وحاكيا للخارج، وتصوّره آخر وكان قيد الملحوظيّة ملحوظا عنده مستقلا، فإذا اطّلع ثالث عليهما فكما أنّه يرى الثاني مقيّدا باللحاظ، فكذا الأوّل بلا فرق؛ ضرورة أنّ الوجود الذهني كالوجود الخارجي، فكما أنّ الزيد في الخارج مقيّد بالوجود الخارجي فكذا مفهوم الرجل أيضا في ذهن اللاحظ الأوّل مقيّد باللحاظ الذهني، غاية الأمر أنّ اللاحظ الأوّل قد استطرق بتصوّره إلى الواقع ولم يأخذه موضوعا ولم يلحظه مستقلا، والثاني قد أخذه موضوعا ولاحظه مستقلا، فالواضع تعهّد على أنّه متى تعقّل المعنى مستطرقا إلى الواقع تكلّم باللفظ فيصير اللفظ بذلك أمارة على تعقّل المعنى كذلك، والاستعمال عبارة عن جريه على طبق تعهّده، فاللفظ حاك عن الصورة الذهنيّة وهي حاكية عن الخارج.
فنقول في مقام الحلّ: إنّ التصوّر الاستطراقي لا يراه اللاحظ مستقلا حين لحاظه وإن كان ربّما يلتفت إليه كالتفات العالم إلى علمه والناظر بالباصرة إلى نظره، بل يتخيّل أنّه ليس في البين إلّا ذات المعنى، ولهذا يقبح عنده حمله على الخارجيّات بخلاف الثالث الذي يرى تقيّد المعنى في ذهنه باللحاظ؛ فإنّه يحكم بمباينته للخارجيّات، فالواضع وضع اللفظ لمعنى يكون متحقّقا مع تتمّته في ذهن المستعمل أبدا، لكن المستعمل حين الاستعمال لا يرى هذه التّتمة، وهذا نظير ما عرفت في الحروف من أنّها موضوعة لمعان لا يمكن للمستعمل لحاظها مستقلا حال الاستعمال، بل لا بدّ من لحاظها حالة في الغير أبدا.
فكما وضع الواضع اسم الجنس للمعنى المتّصف بالتجريد، لكن إذا قطع النظر عن تجريده ولم يلاحظ قيدا ووصفا له حتّى ينطبق على الخارجيّات، فكذا يمكن ذلك في التصوّر أيضا بأن يتعهد الواضع على أنّه متى تعقّل هذا المعنى ولم يلاحظ هذا التعقّل وصفا وحالا له بل جعله طريقا للواقع تكلّم بهذا اللفظ، فاتّصاف المعنى بكونه موضوعا له نظير اتّصاف الطبيعة بالكليّة.
بيان ذلك: أنّ العوارض لا يعرض على الطبيعة إلّا إذا وجدت إمّا في الخارج كبرودة الماء وحرارة النار، أو في الذهن؛ ضرورة أنّ الطبيعة معرّاة عن جميع العوارض خارج هذين العالمين؛ لأنّ وجود العرض فرع وجود المعروض والطبيعة خارج العالمين لا شيء؛ إذ ليس ورائهما عالم آخر، وهذا معنى قولهم:
«الطبيعة من حيث هي ليست إلّا هي» يعني أنّ الماهيّة المهملة لا تكون كليّة ولا جزئيّة؛ لأنّها ليست بموجودة في شيء من العالمين بل هي معرّاة عن عرض كونها ليست إلّا هي أيضا.
فالتعبير به من باب ضيق العبارة، فلا بدّ أن يتحقّق الطبيعة في الذهن مجرّدة عن جميع الخصوصيّات حتّى ينطبق على الخارجيّات، فوصف الكليّة إنّما يعرض على الطبيعة في حال الملحوظيّة والتجريد بحيث لو سلب عنها هذا الحال انتفى هذا الوصف، لكنّ الطبيعة الملحوظة جزئي ذهني مباين للخارجيّات فلا يتّصف بالكليّة والصدق عليها، فلا بدّ أن يصير وصف الذهنيّة والتجريد ملغى بعد ثبوته واقعا، وبعبارة اخرى لا بدّ من التخلية عنه بعد التخلية به.
والجواب عن الثاني أوّلا: بالتكلّم في مدرك هذا المطلب أعني: لزوم تصوّر المعنى في الاستعمال فنقول: لا مدرك له سوى كلمات العلماء، وقد جرت العادة على تسمية ما يتعلّق به قصد المتكلّم وإرادته عند الاستعمال باسم المعنى، فالمراد بهذا اللفظ اصطلاحا بل لغة أيضا هو ما قصد من اللفظ لا ما وضع له، وتصوّر المعنى بهذا المعنى لازم بلا إشكال.
وثانيا: بأنّه لا فرق في هذا المقام بين القولين؛ إذ القائل الأوّل يقول: بأنّ هنا مرحلتين: الاولى جعل المقابلة والاختصاص بين اللفظ وذات المعنى، والثانية استعمال اللفظ في المعنى، وتصوّر المعنى لا بدّ منه لتحقّق الاستعمال فهو من مقوّمات الاستعمال، وهو متأخّر رتبة عن الوضع، ولا شكّ أنّ غرض كلّ مستعمل ومقصودة هو تصيير مخاطبه منتقلا إلى مراده بتوسط اللفظ، ولا شكّ أيضا أنّ هذا المقصود ليس مغفولا عنه في نظر المستعمل، بل هو ملتفت إليه فلزم أن يتصوّر علاوة على ذات المعنى وصف كونه مرادا له أيضا، فهذا القائل لا بدّ له من الالتزام بذلك في مقام الاستعمال، والقائل الآخر أيضا لا يلتزم بشيء أزيد من هذا حتّى يوجب هذا الشيء فساد كلامه، غاية الأمر أنّه يقول بأنّ جعل اللفظ مقابلا لذات المعنى محال، فالوضع عبارة عن التعهّد على التّلفظ باللفظ عند إرادة المعنى، والاستعمال عبارة عن متابعة هذا التعهّد والجري على طبقه.
فإن قلت: إنّ القائل الأوّل لا يلتزم بأنّ مقصود المستعمل تصيّر مخاطبه منتقلا إلى إرادة المعنى بتوسّط اللفظ بل إلى ذاته.
قلت: لو كان الأمر كذلك فلم يصر المتكلّم مذموما عند كذب القضيّة بل وجب أن يكون حاله حال سائر الناس بالنسبة إلى هذه القضية، فليس ذلك إلّا لموضوعيّة إرادته وعقده القلبي وقصد إظهاره باللفظ.
والجواب عن الثالث أنّه قد جرى الاصطلاح على أنّه متى كان المعنى المتصوّر حال الوضع خاصّا كان كلّ من الوضع والموضوع له خاصّا، ومتى كان عامّا فإن كان تعهّد الواضع على التلفّظ باللفظ عند إرادة نفس العام كان كلّ منهما عامّا، وإن كان على التلفّظ به عند إرادة جزئياته كان الوضع عامّا والموضوع له خاصّا، ولا مشاحة في الاصطلاح.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|