أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-8-2016
1316
التاريخ: 8-8-2016
2867
التاريخ: 30-8-2016
1846
التاريخ: 8-8-2016
1425
|
هل الأمر المتعلّق بالمسبّب يجب إرجاعه إلى السبب عقلا، أم هو حقيقة متعلّقة بنفس المسبّب، والسبب إنّما يجب من باب المقدّمة؟ الوجوه المتصوّرة في المقام ثلاثة، أحدها أن يقال: إنّ الأمر بالمسبّب مطلقا راجع إلى السبب عقلا، والثاني أن يقال:
إنّ الأمر بالمسبّب متعلّق بنفسه مطلقا، والثالث: التفصيل بين ما إذا كانت الواسطة من قبيل الآلات مثل انكسار الخشبة المتحقّق باتصال الآلة قوّة الإنسان إليها، وبين ما إذا لم تكن كذلك، كما لو كان في البين فاعل آخر كما في إلقاء نفس إلى السبع فيتلفه أو إلقاء شخص في النار فيحرقه.
احتجّ للأوّل بأنّ متعلّق الإرادة والتكليف إنّما هو فعل المكلّف؛ إذ لا معنى للأمر بما ليس من فعله، والأفعال المرتّبة على أسباب خارجيّة ليست من فعله بل هي من فعل تلك الأسباب والوسائط؛ لانفكاكها عن المكلّف في بعض الأحيان، كما إذا رمى سهما فمات فأصاب زيدا بعد موت الرامي، فلو كان الفاعل هو الرامي لما جاز وجود القتل في ظرف عدم الرامي؛ لامتناع انفكاك المعلول عن علّته زمانا، فيكشف ذلك عن عدم كون الفاعل في المثال هو الرامي بل هو السهم، غاية الأمر لم يكن فاعلا بالطبع، وإنّما يكون فاعليّته من جهة إحداث الرامي القوّة فيه، وقس على ذلك سائر الأمثلة.
واجيب عنه بأنّا نسلّم أنّ التكليف لا يتعلّق إلّا بما يعدّ فعلا للمكلّف، إلّا أن نقول:
إنّ الفعل الصادر عنه له عنوان أوّلي وعناوين ثانويّة متّحدة معه بواسطة ترتّب الآثار عليه، مثلا حركة اليد المؤثّرة في حركة المفتاح لها عنوان أوّلي وهو حركة اليد، وتحريك اليد وبملاحظة تأثيرها في حركة المفتاح ينطبق عليها تحريك المفتاح، وبملاحظة تأثيرها في انفتاح الباب ينطبق عليها فتح الباب ولا إشكال في أنّه كما أنّ حركة اليد، التي هي الفعل الأوّل للفاعل فعل له، كذلك العناوين المتّحدة معها؛ لمكان اتّحادها مع فعله الأوّل في الخارج، وحينئذ لو تعلّق التكليف بتحريك المفتاح التي يتّحد مع تحريك اليد الذي هو فعل للمكلّف فلا موجب لإرجاعه إلى التعلّق بتحريك اليد، إذ كما أنّه فعل اختياري له كذلك ما يتّحد معه.
وقد يناقش في هذا الجواب بأنّ تحريك المفتاح في المثال لا يمكن أن ينطبق على تحريك اليد؛ لأنّه عين حركة المفتاح في الخارج لما تقرّر من وحدتهما في الخارج، وإنّما الفرق من حيث الاعتبار وهي غير حركة اليد المتّحدة مع تحريكها، فيجب أن يكون تحريك المفتاح أيضا غير تحريك اليد، وإلّا لزم كون حركة اليد وحركة المفتاح متّحدين أيضا، والمفروض خلافه.
والجواب إنّا لا نقول بانطباق العنوانين في عرض واحد بل نقول: إنّ الفعل الذي يكون عنوانه تحريك اليد في الآن الأوّل ينقلب عنوانه إلى تحريك المفتاح في الآن الثاني فافهم، هذا، ولكن لا يخفى أنّ هذا إنّما يصحّ فيما إذا كانت الواسطة من قبيل الآلة، وأمّا إذا كان هناك فاعل آخر يصدر عنه الفعل فلا يمكن القول باتّحاد الفعل الصادر عنه مع الفعل الصادر عن الفاعل الأوّل، وهذا واضح.
وقد يجاب أيضا عن أصل الدليل بأنّا لا نسلّم لزوم تعلّق الإرادة بالفعل الصادر عن الفاعل، بل يكفي في قابليّة تعلّق الحكم بشيء كونه مستندا إلى المكلّف بنحو من الإسناد، سواء كان بنحو الفاعليّة أو على نحو تأثير الشرط في وجود المشروط أو غير ذلك.
وبعبارة اخرى: الكلام في المقام إنّما هو في أنّ متعلّق الإرادة بحسب حكم العقل ما ذا؟ فنقول: ما يقطع العقل باعتباره في متعلّق الطلب هو ارتباط المطلوب بالمكلّف بنحو من أنحاء الارتباط، فخرج به ما ليس للمكلّف تأثير فيه بنحو من الأنحاء، وأمّا لو كان له ربط بالمكلّف بوجه بحيث يكون وجوده منوطا باختياره بحيث لو شاء يوجد ولو لم يشأ لم يوجد، فنمنع استحالة تعلّق التكليف به عقلا.
وفيه أنّه لو أراد أنّ التكليف فيما ليس بيد المكلّف إلّا إيجاد شرطه كالإحراق بالنار مثلا متعلّق بما هو شأن الواسطة، كما إذا تعلّق التكليف بما هو شأن النار في المثال فهذا غير معقول، وإن أراد أنّ التكليف متعلّق بما هو شأن المكلّف فهو راجع إلى الأمر بإيجاد الواسطة.
توضيح المقام على وجه يرفع الإبهام عن وجه المرام أنّ الأعراض باعتبار النسبة إلى محالّها تختلف تارة بكون نسبتها إليها بمجرّد كونها حالة بها من دون أن تكون صادرة عن محالّها كالموت والحياة والسواد والبياض، واخرى يكون نسبتها إليها من جهة أنّها صادرة عنها كالضرب والقيام.
أمّا ما كان من قبيل الأوّل فلا إشكال في عدم قابليّة تعلّق الطلب به؛ ضرورة أنّ الطلب يقتضي صدور الفعل من الفاعل، وما ليس من مقولة الحركة والفعل لا يمكن تعلّق الطلب به؛ لأنّ إرادة الآمر مثل إرادة الفاعل في كونها موجبة لتحريك العضلات، غاية الأمر أنّ الأوّل موجب لتحريك عضلات المأمور والثاني موجب لتحريك عضلات المريد، وظاهر أنّ ما ليس من قبيل الحركة لا يمكن تعلّق إرادة الفاعل به، فكذلك إرادة الآمر، فلو تعلّق الطلب بحسب الصورة بمثل ما ذكر يجب إرجاعه إلى ما يرجع إلى فعل المأمور.
والحاصل أنّ متعلّق الطلب لا بدّ وأن يكون معنى مصدريّا صادرا عن المخاطب بالخطاب، فلو لم يكن كذلك بأن لم يكن من معنى المصدر، أو كان ولم يكن صادرا من المأمور لم يمكن تعلّق الأمر به، أمّا الأوّل فلما عرفت، وأمّا الثاني فلما مضى من أنّ الإرادة ما يوجب تحريك عضلات الفاعل إلى الفعل ولا يمكن تحريكها إلّا إلى فعل نفسه.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّ الطلب إذا تعلّق صورة بما ليس من الفعل الصادر من الفاعل يجب توجيهه بما يرجع إلى ذلك، ومن هنا يقوي التفصيل بين ما إذا تعلّق التكليف بما ليس بينه وبين المكلّف إلّا آلة توصل قوّة الفاعل إلى القابل، وما إذا تعلّق بالأفعال التي ليس فعلا له، بل هي أفعال للواسطة، ففي الأوّل التكليف متعلّق بنفس ذلك الفعل وفي الثاني يجب إرجاعه إلى السبب فليتأمّل جيّدا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
معهد الكفيل للنطق والتأهيل: أطلقنا برامج متنوعة لدعم الأطفال وتعزيز مهاراتهم التعليمية والاجتماعية
|
|
|