أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2017
3937
التاريخ: 2023-08-24
1236
التاريخ: 7-5-2019
3550
التاريخ: 28-8-2020
3768
|
استقلال الكتابات التاريخية عن العلوم الإسلامية وأسبابها: -
ومنذ بداية القرف الثالث الهجري وحتى أكائل القرن الرابع أخذت تظهر بدايات التأليف التاريخي بمعناه الواسع وأخد العلم التاريخ يستقل على العلوم الإسلامية، ونلاحظ زيادة جوهرية في حجم المادة التاريخية وازدياد مصادرها وتنوع موادها واتساق مناهج تأليفها وصارت المعرفة التاريخية تطلب لذاتها، لا لخدمة علم آخر من العلوم، وصار الهدف فن كتابة التاريخ علما كرسّ نفسو لخدمة هذه الدولة القوية وتسجيل مآثرها ورصد أحداثها كبيرها وصغيرها (1).
وقبل دراسة هذا التطور في الكتابة التاريخية من حيث الطريقة والمنهج والأسلوب يجب التنبيه أولا لمجموعة من العوامل والأسباب التي أدت إلى هذا التطور:
- حيث شهدت هذه المرحلة نشاطان دبَّ في أوصال الأمة الإسلامية ابتداء ن من القرن الثالث الهجري في مجال التأليف والتصنيف في شتى فروع العلم، كمن بينها التأريخ بفعل الحافز الجديد الذي تولدّ في ارتفاع مستويات الثقافة المادية في نواحي عديدة بالاطلاع والانتقادات (2).
- انتفاع المؤرخين بما عثروا عليه من مخلفات الدولة الأموية وعهد الخلفاء الراشدين قبلها، كما تبقي عنهم من سجلات ووثائق تتضَّمن مراسلاتهم السياسية ومعاهداتهم الرسمية وانتفعوا أيضا بما وجدوه
مدونا من أحداث القرن الأول للهجرة، كما صادفوه من تراجم أو روايات عن كبار الشخصيات
من خلفاء وقوّاد وعمال وقضاه، وولاة وأمراء للحج إلى جانب أوصاف الحروب والفتوحات و
وقائع الغزو (3).
- احتكاك المسلمين بشعوب وأمم لها تاريخ عريق، أدى إلي عناية العرب بإبراز تاريخهم والكتابة على فتوحاتهم وانتصاراتهم، وحضارتهم القديمة والجديدة في ظل الإسلام وانتشاره وشجعهم الخلفاء وحكام الأمصار الإسلامية عليها (4).
- كما زادت الدادة التاريخية نتيجة استقرار دواوين الدولة العباسية خاصة دواوين الإنشاء، والخراج كالجند والبريد، ما أمكن لرجال التاريخ الانتفاع بما في هذه الدواوين من معلومات. فاحتوت كتابات القرن الثالث على عهود رسمية ومراسلات سياسية وإحصاءات للمواليد والوفيات ومعلومات غزيرة من رجال كبار الدولة من وزراء والقادة وعمال الولايات (5).
- سهولة الانتقال في انحاء الدولة الإسلامية شجع الرحلة في طلب العلم وهي حركة بدأ أهل
الحديث في سبيل جمع الأحاديث وتصنيفها وهذه الاتصالات أدت إلي تبادل الأثير من ناحية
الأسلوب والنظرة التاريخية (6)
- ظهور واتساع حركة الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية، وتشجيع الخلفاء على ازدياد على ازدياد هذه الحركة في العالم الإسلامي، فتًرجمت المؤلفات الفارسية والسريانية واليونانية واللاتينية وغيرها. الأمر الذي ساعد على إطلاع المسلمين على ثقافات الأمم الاخرى وطريقتهم ومنهجهم في الكتابة التاريخية مما دفع المسلمين لصهر كل هذه المناهج والثقافات والمعارف في بوقعه إسلامية خالصة أنتجت التطور والمنهج العربي الإسلامي (7).
- وكان لاستخدام الورق الأثر العظيم في تطور الكتابة التاريخية عند المسلمين، ولا سيما بعد تأسيس أول مصنع للورق في بغداد سنة 178 هـ / 794، وبو شاعت الكتابة.
- كما استلزم النظام العطاء الجديد والجند الذي رُتت حسب الأنساب وحسب الأسبقية في الإسلام، أن تكون هناك مدونات ثابتة ساعدت كمصادر على الكتابة التاريخية ولا سيما كتب الطبقات (8).
إن تطور الكتابة التاريخية يعتبر جزء اً حيوياً من التطور الثقافي، فالروايات المبعثرة في الأخبار والحديث والأنساب صارت تجمع، وظهر التاريخ بصورة ثابتة حين بدأ استعمال الكتابة لحفظ الأخبار والروايات (9)، وكثرت المادة التاريخية فاتجه الكثير من العلماء وثقاف المؤرخين لدراسة التاريخ والتأليف فيه ثم أخد التاريخ مظهره الرائع على أنه من أجلّ علوم المسلمين (10)، وظهر المؤرخون الكبار الذين أفادوا من كتب الأخبار، فأعادوا تنظيم مادتها ودمجوا بينها في مصنفات كبيرة، وسميت بكتب التاريخ وقد تميزت بشمولها لأحداث الدولة الإسلامية دون الاقتصار على إقليم بعينه كما تميز معظمها باتباع نظام الحوليات، كما ظهر التصنيف في الموضوعات الخاصة وتواريخ المدن أو كتب تراجم الخلفاء والوزراء والقضاة والكتاب والعلماء والأدباء والشعراء وغيرهم، أو كتب الإدارة والنظم أو كتب البلدان والمسالك أو كتب الأنساب (11).
ومجمل القول أنو أضحى لهذا العلم رجاله ومتخصصوه، وصارت اهتماماته أوسع من ذي قبل فلم تعتد تقتصر على تدوين أحداث مرحلة النبوّة أو مرحلة الخلفاء الراشدين بل تجاوزت ذلك إلى رصد كل ما يمس نشاطات الدولة وكل أحداثها ومراحل تطورها، وهكذا قفر مفهوم التاريخ منذ القرن الثالث للهجرة من مجرد علم ينصّب على الأخبار الجاهلية وعلى السير والمغازي والطبقات والفتوح إلى علم يشمل التواريخ العامة سواء تاريخ الأمة الإسلامية أو تواريخ الأمم الأخرى، فدون المؤرخون الذين لا يحصى عددهم أحداث وأخبار الدولة العربية الإسلامية بكل تفصيلاته (12).
_________________
(1) المرجع نفسو، ص 24.
(2) سعد بدير الحلواني، تأريخ التأريخ مدخل إلي علم التاريخ ومناهج البحث فيه، ط 2، دار ضياء (السعودية , 1999م) ص 78.
(3) محمد عبد الكريم الوافي، المرجع السابق، ص 232.
(4) سعد بدير الحلواني، المرجع السابق، ص 78.
(5) يسري عبد الغني عبد الله، معجم المؤرخين المسلمين حتى القرن 12، دار الكتب العلمية (بيروت،1991) ص 25.
(6) عبد العزيز الدوري، المرجع السابق، ص 78.
(7) سعد بدير الحلواني، المرجع السابق، ص 80.
(8) المرجع نفسه، ص 80.
(9) عبد العزيز الدوري، المرجع السابق، ص 65.
(10) يسري عبد الغني عبد الله، المرجع السابق، ص 26.
(11) أكرم ضياء العمري، موارد الخطيب البغدادي، دار طيبة (الرياض، 1985) ص 123.
(12) محمد عبد الكريم الوافي، منهج البحث في التاريخ، ص 248- 249.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|