أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-9-2016
2826
التاريخ: 10-9-2020
2279
التاريخ: 22-9-2016
1605
التاريخ: 20-9-2016
1898
|
لماذا مؤرّخو الشـيعة؟
كانت لي مطالعات ومتابعات في كتاب الدكتور شاكر مصطفى التاريخ العربي والمؤرّخون الذي يمكن عـدّه أهمّ موسوعة اشتملت على تراجم لأكبر عدد من مؤرّخي الاِسلام، ولا تصحّ نسبته العربية ـ التاريخ العربي ـ إلاّ بلحاظ اللغة التي كتب فيها التاريخ..
لقد استوعبت هذه الموسوعة مراحل التدوين التاريخي، وأنواع التواريخ، لتضيف إلى تراجم المؤرّخين تصنيفاً مهمّاً للمدوّنات التاريخية، لم يخلُ غالباً من تعريف بمنهج المؤرّخ وأُسلوبه في كتابه، مع ذِكر بعض معالم الكتاب، إن لم يكن الكتاب مفقوداً، وإلاّ اكتفى بذِكره مع المتيسّر من ترجمة صاحبه.
وهكذا مثّل هذا الكتاب عملاً موسوعياً مهمّاً هو الاَشمل والاَوسع من سائر ما كتب في هذا الباب، من مثل: علم التاريخ عند المسلمين لفراتنز روزنتشال، والتاريخ والمؤرّخون العرب للدكتور سيّد عبـد العزيز سالم، وغيرهما.
الجولة نفسها قطعتُها مع الاَُستاذ فؤاد سزگين في تاريخ التراث العربي (ج 2: في التدوين التاريخي)، ويأتي هذا الكتاب في المرتبة الثانية بعد الكتاب الاَوّل من حيث الشمول والاستيعاب، مع أنّه يأتي في المرتبة الاَُولى من حيث الدقّة والتوثيق.
وممّا لفت انتباهنا في هذه الاَعمال هو إهمالها لطائفة كبيرة من أصحاب التصانيف في التاريخ، يتوزّع رجالها على سائر الطبقات والقرون، أُولئك هم المؤرّخون الشـيعة!
ونحن لا نرى أنّ نزعة طائفية تكمن وراء هذه الظاهرة، ولكن كان وراءها غفلة عن المصادر الشـيعية، نشأت عليها المكتبة السُـنّية بشكل عامّ، ولا تزال، باسـتثناء فهرست النديم (الشهير بابن النديم)؛ لاَنّه كتاب جامع لم يختصّ بعلماء الشـيعة ومصنّفيهم، فأُهملتْ فهرستات المصنّفات الشـيعية ككتاب الرجال للنجاشي، والفهرست للشيخ الطوسي، ومعالم العلماء لابن شهرآشوب..
ولو رجع إليها أُولئك الباحثون لكانت أعمالهم أكثر شمولاً وموضوعيّة.
وإنّما ترجموا للمؤرّخين الشـيعة الّذين وجدوا تراجمهم في مصادر سُـنّية، وإذا وجدوا ذلك ربّما رجعوا إلى تلك المصادر الشـيعية ـ كـ: رجال النجاشي، وفهرست الطوسي ـ لذِكرها في مصادر الترجمة، دون بذل شيء من الجهد في البحث في هذه المصادر نفسها عن مؤرّخين آخرين ومصنّفات تاريخية أُخرى بلغت عدّة مئات من الكتب الصغيرة والكبيرة.
دفعتنا هذه الملاحظة إلى التنقيب في الفهرستات الشـيعية، بحثاً عن مؤرّخين من أصحاب التصنيف في التاريخ، فاستوعب تنقيبنا الفهرستات المعروفة، وهي:
1 ـ الفهرست، للنديم، المتوفّى سنة 380 هـ.
2 ـ الرجال، للنجاشي، المتوفّى سنة 450 هـ.
3 ـ الفهرست، للشيخ الطوسي، المتوفّى سنة 460 هـ.
4 ـ معالم العلماء، لابن شهرآشوب، المتوفّى سنة 588 هـ.
5 ـ الفهرست، لمنتجب الدين، المتوفّى سنة 700 هـ.
فوقفنا من هذه الكتب الخمسة، التي ينتهي آخرها عند آخر القرن السابع الهجري، لتستوعب سبعة قرون هي القرون الاَغنى في حركة التأليف، ليس في التاريخ وحده، بل في شتّى العلوم؛ وقفنا منها على كمٍّ هائل في ما نحن بصدده.
فجمعنا ما وقفنا عليه ليكون مكمّلاً لِما أنجزه الباحثون المشار إليهم واستدراكاً على كتاباتهم، وإثراءً لساحة البحث العلمي بشكل عامّ، والبحث التاريخي بشكل خاصّ.
ملاحظات في الكتب الخمسة
هناك نقاط ذات صلة مهمّة بهذا العمل، بعضها يعدّ من المميّزات المنهجية لبعض هذه الكتب، وبعضها الآخر يكشفه البحث والمقارنة، ومن بين الملاحظات العديدة أردنا أن نذكر منها هنا ما له صلة مباشرة بموضوع الدراسة:
1 ـ بعض ما أورده النديم من أسماء المؤرّخين الشيعة هو مثبّت عند النجاشي أو الطوسي غالباً، وقد يذكر من المؤرّخين ما يفوت الشيخين ذكره.
2 ـ تميّز النديم بذِكره تاريخ وفيات الاَعلام الّذين يترجم لهم، غالباً، فيما ندر أن نجد في الكتب الاَربعة الاَُخرى تحديداً لسنة وفاة المترجم له، حتّى بعض ممّن مات على عهد المصنّف نفسه.
وهذه مشكلة علمية لم يتداركها المتأخّر من بين المصنّفين الاَربعة، رغم كون غرض ابن شهرآشوب هو الاستدراك على الشيخ الطوسي، بذِكر المصنّفين الّذين عاشوا بعده، وكان غرض الشيخ منتجب الدين هو تتميم فهرست ابن شهرآشوب بذِكر من لم يدركه من أصحاب التصانيف، غير أنّهم جميعاً لم يلاحظوا هذه المشكلة، ولم يثبّتوا تواريخ الوفيات إلاّ للقليل النادر.
3 ـ تميّز النديم بذكر أسماء الكتب التي ينسبها إلى أصحابها دائماً، فيما اعتمد النجاشي والطوسي طريقة غريبة في ذِكر بعض الكتب؛ إذ يذكران اسم المصنِّف ثمّ يكتفون بالقول: «له كتاب» دون أن نعرف شيئاً عن هذا الكتاب، وقد وقع هذا في كتابيهما كثيراً.
4 ـ أدرج الشيخ الطوسي خاصّة، والنجاشي بدرجة أقلّ، أسماء بعض المصنّفين ـ ومن بينهم مؤرّخين ـ ليسوا من الشيعة؛ لمجرّد أنّهم صنّفوا كتاباً في أهل البيت عليهم السلام، يظهر فيه الحبّ والنصرة، فيما أهملا ذِكر مؤرّخ كبير لا شكّ في تشيّعه، كاليعقوبي مثلاً، وتفرّد النديم بنسبة الواقدي إلى التشيّع، وقد أهمل النجاشي والطوسي ذِكره، والاَرجح أنّ الصواب معهما دون النديم.
5 ـ معظم الكتب التي ذكرها النجاشي والطوسي ومنتجب الدين ذكروا لها أسانيد كاملة تدلّ على روايتهم إيّاها، أو اطّلاعهم عليها، وهذا أثر توثيقي فائق الاَهمّية، فإذا كانت هذه الكتب مفقودة الآن، فهي ـ آنذاك ـ مشهورة عندهم، وقفوا عليها بأنفسهم، أو رووها كاملة.
مؤرّخون لم يدخلوا في هذا المعجم
لمّا اقتصر هذا المعجم على مؤرّخي الشـيعة ممّن له تصنيف في التاريخ، فقد أسقطنا من الاعتبار عدّة أصناف من أصحاب الاَثر التاريخي من الشـيعة، أو ممّن انتسب إلى التشـيّع، أو نُسب إليه، وهذه الاَصناف هي:
أوّلاً
أصحاب الروايات التاريخية الّذين دخلت رواياتهم في مصادر التاريخ المعتبرة لكن لم تُعرف لهم مصنّفات خاصّة في التاريخ، وهم كثير، منهم:
1 ـ حبّة بن جوين العرني:
من أصحاب عليّ عليه السلام، شهد معه المشاهد كلّها، أرّخ وفاته الطبري وابن الاَثير في آخر أحداث سنة 76 هـ، عدّه بعضهم في الصحابة، واستبعد ذلك آخرون (1).
له روايات تاريخية، في تاريخ الطبري وتاريخ الاِسلام للذهبي، وغيرهما (2).
2 ـ إسماعيل بن عبـد الرحمن السدّي القرشي:
وهو السدّي الكبير، رأى الاِمام الحسن عليه السلام وعبـدالله بن عمر وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة، وحدّث عن أنس بن مالك، وخرّج أحاديثه مسلم والترمذي وأبو داود.
جرحه الجوزجاني لتشيّعه، ووثّقه يحيى بن سعيد القطّان، وأحمد بن حنبل، وابن عديّ، والذهبي، توفّي سنة 127 هـ (3).
أورد له الطبري روايات عديدة في التاريخ (4).
3 ـ الحارث بن حصيرة الاَزدي، أبو النعمان الكوفي:
من تابعي التابعين، عدّه الذهبي في الطبقة الخامسة عشرة، الّذين توفّوا بين سنتَي 141 ـ 150 هـ، وله في تاريخ الطبري، والبداية والنهاية لابن كثير، روايات عديدة (5) (6).
ثانياً
مؤرّخون من أصحاب المصنّفات، نُسبوا إلى التشيّع:
ليس يخفى على أهل التحقيق أنّ التشيّع عند المتقدّمين من أهل الجرح والتعديل، وأهل السُـنّة، إنّما هو تفضيل الاِمام عليّ عليه السلام على عثمان، أمّا النَيْل من بني أُميّة فهو عندهم تشدّد في التشيّع.
أمّا تفضيل الاِمام عليّ عليه السلام على أبي بكر وعمر فهو الرفض، حسب تعريفهم، وأمّا النَيْل من أبي بكر وعمر فهو الغلوّ في الرفض، حسب هذا التعريف.
وبناءً على هذا التقسيم أدخلوا الكثير من أهل العلم في التشيّع لمجرّد تفضيلهم الاِمام عليّ عليه السلام، وقدحهم في بني أُميّة، فمن الحفّاظ عدّوا النسائي والحاكم في الشيعة؛ لهذا الاعتبار وحده..
وعلى هذا القياس عدّوا جماعة من المؤرّخين في رجال الشيعة، ولم يكونوا كذلك، على رأسهم محمّـد بن جرير الطبري ـ صاحب التاريخ ـ حتّى أدخله الدكتور عبـد العزيز محمّـد نور ولي في كتابه: أثر التشيّع على الروايات التاريخية، وترجم له ترجمة مفصّلة (7).
وصنع مثل هذا مع النسائي (8)، والحاكم النيسابوري (9)، وعبـد الرزّاق ـ صاحب «المصنّف» (10) ـ.
فهؤلاء ومن شاكلهم من المنسوبين إلى التشيّع بهذا الاعتبار لم ندخلهم في هذا المعجم.
ثالثاً
مؤرّخون غلاة انتسبوا إلى التشيّع:
لقد مُنيَ مذهب أهل البيت عليهم السلام بأصناف الغلاة الّذين أسهم الواقع التاريخي كثيراً في تكوين آرائهم الفاسدة، والغلوّ الذي نعنيه هو الغلوّ في الاعتقاد على حقيقته، والذي يتجلّى بادّعاء الاَلوهية للاَئمّة، أو نسبة الصفات الاِلهية إليهم.
وقد ظهر من أتباع الفرق الغالية مؤرّخون كتبوا في الكثير من أبواب التاريخ، ودخلت أسماؤهم في فهارس مصنّفي الشيعة وعلمائهم، منهم:
1 ـ أحمد بن محمّـد بن سيّار:
قال النجاشي: فاسد المذهب، له في التاريخ كتاب الغارات (11).
2 ـ جعفر بن محمّـد بن مالك:
أبو عبـد الله، كوفي، كان يضع الحديث وضعاً، ويروي عن المجاهيل، فاسد المذهب والرواية، له في التاريخ: أخبار الاَئمّة ومواليدهم (12).
3 ـ الحسين بن حمدان الخصيبي، المتوفّى سنة 358 هـ أو 346 هـ:
وهو شيخ الغلاة النُصرية في عصره، فاسد المذهب (13)، وهو صاحب كتاب الهداية الكبرى الذي حاول أن يتجنّب فيه العقائد الغالية لاَنّه كتبه لسيف الدولة الحمداني، أيّام الحمدانيّين، وهم من الشيعة الاِمامية، وقد التجأ الخصيبي إلى دولتهم وتقرّب إليهم بهذا الكتاب وبأمثاله.
4 ـ علي بن أحمد الكوفي:
صاحب كتاب البدع المحدَثة، وهو من الغلاة المخمّسة (14).
فهؤلاء وأمثالهم لم ندرجهم في هذا المعجم؛ لاَنّه أُفرد بشكل خاصّ لمن يصدق عليهم لقب التشيّع من المؤرّخين أصحاب التصنيف في التاريخ، في أبوابه المتعدّدة.
____________
(1) تاريخ الطبري والكامل في التاريخ: في آخر أحداث سنة 76 هـ.
(2) تاريخ الطبري 5|38، الاِصابة 1|372، تهذيب الكمال 5|351.
(3) تهذيب الكمال 3|132، ميزان الاعتدال 1|236.
(4) في 84 موضعاً من تاريخ الطبري؛ بواسطة فهارس تاريخ الطبري: 180، وفي 23 موضعاً من البداية والنهاية؛ بواسطة فهارس البداية والنهاية: 528.
(5) تاريخ الطبري في عشرة مواضع، والبداية والنهاية 7|392 ـ طبعة دار إحياء التراث العربي سنة 1408 ـ.
(6) الطبقات الكبرى 6|334، تهذيب الكمال 5|224، الثقات ـ لابن حبّان ـ 6|173.
(7) أثر التشيّع على الروايات التاريخية: 219 ـ 225.
(8) أثر التشيّع على الروايات التاريخية: 217 ـ 219.
(9) أثر التشيّع على الروايات التاريخية: 225 ـ 228.
(10) أثر التشيّع على الروايات التاريخية: 189 ـ 195.
(11) رجال النجاشي: 80 رقم 192.
(12) رجال النجاشي: 122 رقم 212.
(13) رجال النجاشي: 67 رقم 159.
(14) رجـال النجـاشي: 265 ـ 266، الرجـال ـ لابـن داود ـ: 259 ـ 260، الخلاصـة ـ للعلاّمة الحلّى ـ: 223 رقم 10، معجم رجال الحديث 11|246 ـ 247 رقم 7876.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|