وتعد مقولات نظرية التبعية رفضاً لنظرية التحديث ، وذلك ان نظرية التحديث تسعى الى اعادة انتاج التجربة الرأسمالية الغربية في بلدان العالم الثالث دون اهتمام بالخصوصية البنائية والثقافية لهذه البلدان ، وقد شكلت الطروحات والتوجهات الأيديولوجية التي قدمها مفكرو نظرية التبعية المقولات الاساسية التي تقوم عليها هذه وأهمها :

1ـ الأقاليم شديدة التخلف اليوم هي تلك التي كانت على علاقة وثيقة مع مراكز النظام العالمي إبان تشكل هذا النظام في بداية القرن السادس عشر الميلادي .

2ـ يؤدي تركيز الدول الصناعية على الحصول على المواد الخام بأسعار رخيصة من الدول النامية الى نشوء ما يعرف باسم "الاقتصاد الثنائي" أي وجود شريحة اقتصادية محدودة تتميز بالكفاية التكنولوجية بينما تبقى البنية الاقتصادية الكلية على درجة كبيرة من التقليدية في أساليب العمل وادواته ويينما توجه الشريحة الحديثة قدراتها المتميزة للأسواق الخارجية وتزدهر باستمرار نتيجة لذلك ، فإن بقية أجزاء البنية الاقتصادية تبقى عاجزة عن سد الحاجات المحلية المتزايدة .

3ـ يتواطئ رأسماليو الدول النامية مع رأسماليي المراكز العالية لتحقيق مصالحهم المشتركة على حساب تطور البلدان النامية وتقدمها ، فهم يعملون على استمرار ربط السوق العالمي ، كما يعملون على عقلنة واقع التبعية لضمان الحصول على الدعم والتأييد الشعبي والسياسي لهذا الواقع .

4ـ لا يؤدي وجود الشركات متعددة الجنسيات في البلدان النامية الى نمو هذه البلدان لأن هذه الشركات العملاقة تتحول بتحويل أغلب ارباحها الى مراكزها الرئيسية في البلدان المتقدمة ، وهي لا تستثمر في البلدان النامية الا نسبة ضئيلة من الارباح التي تجني من هذه البلدان النامية .

5ـ  هناك سقف للتنمية في البلدان النامية الى نمو هذه البلدان وان استطاعت تحقيق درجة من النمو الاقتصادي والاجتماعي لا يمكن ان تصل الى مستوى البلدان الصناعية المتقدمة التي تعمل باستمرار على إبقاء البلدان النامية في وضع التابع حتى وان تطلب ذلك استعمال القوة العسكرية .

يمكن القول بأن التبعية هي جوهر التخلف وان التنمية (وهي بالطبع نقيض التخلف) هي في التحليل النهائي عملية تحرر اقتصادي واجتماعي وثقافي وسياسي من اجل يستعيد المجتمع السيطرة على شروط تجدده ، ومن اجل اتاحة الفرصة للإرادة الوطنية لممارسة مفعولها في صنع لتنمية .