المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

التحديات التي تواجه إدارة الموارد البشرية
19-10-2016
نوع العمل هو المهم لا مقداره
13-1-2021
اليوم السادس والعشرون من الشهر والدعاء فيه.
2023-12-02
Jean Baptiste Joseph Fourier
7-7-2016
Amino Acid Analysis
1-12-2015
تفسير الآية (9-14) من سورة الشورى
26-8-2020


الحساب والسؤال ورد المظالم  
  
1438   11:11 صباحاً   التاريخ: 30-03-2015
المؤلف : العلامة المحقق السيد عبد الله شبر
الكتاب أو المصدر : حق اليقين في معرفة أصول الدين
الجزء والصفحة : ج2، ص 425 - 432
القسم : العقائد الاسلامية / المعاد / القيامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-12-2018 1684
التاريخ: 9-08-2015 3732
التاريخ: 30-03-2015 710
التاريخ: 13-12-2018 1550

 الآيات والأخبار في ذلك كثيرة، والإيمان بذلك مجملا واجب، قال اللّه تعالى في‌ مواضع كثيرة: {وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [البقرة: 202] ‌وقال تعالى: {وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام: 62]‌ وقال‌ تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ} [الرعد: 18] وقال تعالى: {وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} [الرعد: 21] ‌وقال‌ تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا} [الطلاق: 8] . وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا } [الانشقاق: 7، 8] .

وقال تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية: 25، 26] . وروى الطبرسي رحمه اللّه في المجمع ان اللّه سبحانه يحاسب الخلائق كلهم في مقدار لمح البصر. وروي بقدر حلب شاة. وروي عن أمير المؤمنين عليه السّلام انه تعالى يحاسب‌ الخلق دفعة كما يرزقهم دفعة.

وقال الصدوق في رسالة العقائد : اعتقادنا في الحساب والميزان انهما حق ، منه ما يتولاه اللّه عز و جل ، ومنه ما يتولاه حججه ، فحساب الأنبياء والأئمة يتولاه اللّه عز و جل ، ويتولى كل نبي حساب أوصيائه، ويتولى الأوصياء حساب الأمم ، واللّه تبارك وتعالى هو الشهيد على الأنبياء والرسل، وهم الشهداء على الأوصياء والأئمة شهداء على الناس ، وذلك قوله تعالى: {لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [الحج: 78] ‌وقوله عز وجل: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41] . وقوله عز وجل: { أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } [هود: 17]. والشاهد أمير المؤمنين عليه السّلام ‌وقوله تعالى: { إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية: 25، 26] .

وسئل الصادق عليه السّلام عن قول اللّه عز وجل : {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا } [الأنبياء: 47]. قال: الموازين الأنبياء والأوصياء، ومن الخلق من يدخل الجنة بغير حساب. فأما السؤال فهو واقع على جميع الخلق لقول اللّه تعالى : {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف: 6] ‌يعني عن الدين، وأما غير الدين فلا يسأل إلا من يحاسب قال‌ اللّه عز و جل: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ } [الرحمن: 39] ‌يعني من شيعة النبي ‌والأئمة عليهم السّلام دون غيرهم كما ورد في التفسير، وكل محاسب معذب ولو بطول الوقوف، ولا ينجو من النار ولا يدخل الجنة أحد إلا برحمة اللّه تعالى، واللّه يخاطب عباده من ‌الأولين والآخرين بحساب عملهم مخاطبة واحدة، يسمع منها كل أحد قضيته دون غيرها و يظن أنه مخاطب دون غيره، لا يشغله عز وجل مخاطبة عن مخاطبة، ويفرغ من حساب‌ الأولين والآخرين في مقدار ساعة من ساعات الدنيا ، ويخرج اللّه عز وجل لكل إنسان كتابا يلقاه منشورا، ينطق عليه بجميع أعماله لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فيجعله اللّه ‌محاسب نفسه والحاكم عليها، بأن يقال له اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا، ويختم اللّه تبارك وتعالى على قوم أفواههم وتشهد أيديهم وأرجلهم وجميع جوارحهم بما كانوا يكسبون.

{وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 21، 22].

انتهى كلامه‌ رحمه اللّه وقد جمع بين الآيات والأخبار بهذا النحو.

وفي الكافي عن السجاد عليه السّلام في حديث قال فيه : اعلموا عباد اللّه أن أهل الشرك‌ لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين، وإنما يحشرون إلى جهنم زمرا، وإنما تنصب الموازين وتنشر الدواوين لأهل الإسلام.

وروى القمي في تفسيره، والشيخ في الأمالي، والصدوق في الخصال عن‌ الباقر عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لا تزول قدما عبد يوم القيامة من بين يدي اللّه حتى ‌يسأله عن أربع خصال، عمرك فيما أفنيته، وجسدك فيما أبليته ، ومالك من أين كسبته و أين‌ وضعته، وعن حبنا أهل البيت.

وروى الصدوق في الأمالي بسند معتبر عن الصادق عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان كلاهما من أهل الجنة، فقير في الدنيا وغني في الدنيا. فيقول الفقير يارب على مَ أوقف فوعزتك انك لتعلم انك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو اجور،ولم ‌ترزقني مالا فأؤدي منه حقا أو أمنع، ولا كان رزقي يأتيني منها إلا كفافا على ما علمت ‌و قدرت لي، فيقول اللّه جل جلاله صدق عبدي خلوا عنه يدخل الجنة. ويبقى الآخر حتى ‌يسيل منه من العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها ثم يدخل الجنة، فيقول له الفقير ماحبسك، فيقول طول الحساب ما زال الشي‌ء يجيئني بعد الشي‌ء، يغفر لي ثم أسأل عن ‌شي‌ء آخر حتى تغمدني اللّه عز و جل برحمته، وألحقني بالتائبين فمن أنت، فيقول أنا الفقير الذي كنت معك آنفا، فيقول لقد غيرك النعيم بعدي.

وفي كتاب الزهد للحسين بن سعيد عن حجر بن زائدة عن رجل عن أبي‌ جعفر عليه السّلام قال: قلت يا ابن رسول اللّه اني أذنبت ذنبا بيني و بين اللّه لم يطلع عليه أحد فعظم علي وأجلّك أن استقبلك به، فقال انه إذا كان يوم القيامة وحاسب اللّه عبده المؤمن ‌أوقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا، ثم غفرها له لا يطلع على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا ولا مرسلا.

قال الراوي و أخبرني عن غير واحد أنه عليه السّلام قال: ويستر عليه من ذنوبه ما يكره أن يوقفه‌ عليها، قال ويقول لسيئاته كوني حسنات، قال وذلك قول اللّه تبارك وتعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الفرقان: 70] .

وروى الشيخ في الأمالي عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عن قوله‌ تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ } [الفرقان: 70]الآية. فقال: عليه السّلام يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى ‌يقام بموقف الحساب، فيكون اللّه تعالى هو الذي يتولى حسابه لا يطلع على حسابه أحدا من الناس، فيعرّفه ذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته قال اللّه عز وجل للكتبة بدلوها حسنات‌ وأظهروها للناس، فيقول الناس حينئذ ما كان لهذا العبد سيئة واحدة، ثم يأمر اللّه به إلى‌ الجنة، فهذا تأويل الآية وهي للمذنبين من شيعتنا خاصة.

وروى الصدوق في العيون عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وسلّم : إن اللّه عز و جل يحاسب كل الخلق إلا من أشرك باللّه عز و جل، فإنه لا يحاسب و يؤمر به‌ إلى النار.

وبأسانيد عديدة عنه عليه السّلام قال: قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أول ما يسأل عنه العبد حبنا أهل البيت.

وروى الشيخ في الأمالي و غيره في كتاب أمير المؤمنين عليه السّلام لأهل مصر: من‌ عمل للّه أعطاه اللّه أجره في الدنيا والآخرة و كفاه المهم فيهما، وقد قال اللّه تعالى: {يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] . فما أعطاهم اللّه في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة،قال اللّه تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] والحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا. الخبر.

و في أمالي الشيخ عن الصادق عليه السّلام قال: ما من عبد إلا و للّه عليه حجة، إما في‌ ذنب اقترفه واما في نعمة قصر عن شكرها. وعن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: يوقف العبد بين يدي اللّه فيقول قيسوا بين نعمي‌ عليه و بين عمله فلتستغرق النعم العمل. فيقولون قد استغرق النعم العمل، فيقول هبوا له‌ نعمي وقيسوا بين الخير والشر منه، فإن استوى العملان أذهب اللّه الشر بالخير وأدخله‌ الجنة، وإن كان له فضل أعطاه اللّه بفضله، وإن كان عليه فضل وهو من أهل التقوى لم‌ يشرك باللّه تعالى واتقى الشرك به فهو من أهل المغفرة، يغفر اللّه له برحمته إن شاء ويتفضل ‌عليه بعفوه.

وفي أمالي الشيخ أيضا عن الصادق عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة وكلنا اللّه‌ بحساب شيعتنا، فما كان للّه سألنا اللّه أن يهبه لنا فهو لهم، وما كان لنا فهو لهم، ثم ‌قرأ عليه السّلام: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } [الغاشية: 25، 26]‌.

وفي البصائر عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: انا أول قادم على‌ اللّه، ثم يقدم علي كتاب اللّه، ثم يقدم علي أهل بيتي، ثم تقدم علي أمتي، فيقفون فيسألهم‌ ما فعلتم في كتابي وأهل بيت نبيكم.

وروى العياشي في تفسيره عن الصادق عليه السّلام في قول اللّه تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] قال يسأل السمع عما سمع، والبصر عما يطرف، والفؤاد عما عقد عليه.

وفي الكافي و المحاسن عن الحلبي في الصحيح عن الصادق عليه السّلام قال: ثلاثة أشياء لا يحاسب العبد المؤمن عليهن، طعام يأكله ، وثوب يلبسه، وزوجة صالحة تعاونه‌ ويحصن بها فرجه.

وفي العيون بإسناده عن إبراهيم بن العباس الصولي قال: كنا يوما بين يدي علي بن‌ موسى الرضا عليهما السّلام، فقال: ليس في الدنيا نعيم حقيقي، فقال له بعض الفقهاء ممن ‌حضره عز وجل: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] ‌أما هذا النعيم في الدنيا وهو الماء البارد، فقال له الرضا عليه السّلام وعلا صوته: وكذا فسرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب‌ فقالت طائفة هو الماء البارد، وقال غيرهم هو الطعام الطيب، وقال آخرون هو طيب ‌النوم، ولقد حدثني أبي عن أبيه أبي عبد اللّه عليه السّلام ان أقوالكم هذه ذكرت عنده، فغضب‌ وقال عليه السّلام ان اللّه عز وجل لا يسأل عباده عما تفضل عليهم به ولا يمن بذلك عليهم، والامتنان بالإنعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عز و جل ما لا يرضى‌ المخلوقون به، ولكن النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا، يسأل اللّه عنه بعد التوحيد والنبوة، لأن العبد إذا و فى بذلك أداه إلى نعيم الجنة التي لا تزول.

ولقد حدثني بذلك أبي عن أبيه‌ عن محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن أبيه عليهم السّلام انه قال: قال ‌رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا علي ان أول ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلا اللّه وأن‌ محمدا رسول اللّه وأنك ولي المؤمنين بما جعله اللّه وجعلته لك، فمن أقر بذلك وكان ‌يعتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له.

وروى ثقة الإسلام في الكافي بإسناد معتبر عن ثوير بن أبي فاختة عن السجاد عن‌ علي عليهما السّلام قال: إذا كان يوم القيامة بعث اللّه تبارك وتعالى الناس من حفرهم غرلا مهلا جردا مردا، والغرل جمع أو أغرل وهو الأغلف، والمهل من المهلة بمعنى السكينة والرفق ‌كناية عن الحيرة و الدهشة، والمراد مسرعين فإن الماهل السريع المتقدم ، ويحتمل ان ‌يكون تصحيف بهم كما في الروايات العامة جمع بهيم، وهو في الأصل الذي لا يخالط لونه سواه، يعني ليس فيهم شي‌ء من العاهات والأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى‌ والعور والعرج وغير ذلك، والجرد جمع الأجرد، وهو الذي لا شعر عليه وكذا المرد لفظا، ومعنى منه في صعيد واحد يسوقهم النور و تجمعهم الظلمة حتى يقفوا على عقبة المحشر، فيركب بعضهم بعضا و يزدحمون دونها فيمنعون من المضي، فتشتد أنفاسهم ‌ويكثر عرقهم وتضيق بهم أمورهم ويشتد ضجيجهم وترتفع أصواتهم، قال وهو أول هول‌ من أهوال يوم القيامة. قال فيأمر الجبار ملكا من الملائكة فينادي فيهم يا معشر الخلائق‌ أنصتوا واستمعوا منادي الجبار، قال فيسمع آخرهم كما يسمع أولهم، قال فتنكسرأصواتهم عند ذلك وتخشع أبصارهم وتضطرب فرائصهم وتفزع قلوبهم ويرفعون رءوسهم ‌إلى ناحية الصوت مهطعين إلى الداعي. قال فعند ذلك يقول الكافر هذا يوم عسير.قال‌ فيشرف اللّه الحكم العدل عليهم فيقول أنا اللّه لا إله إلا أنا الحكم العدل الذي لا يجور، اليوم أحكم بينكم بعدلي وقسطي، لا يظلم اليوم عندي أحد، اليوم آخذ للضعيف من‌ القوي بحقه، ولصاحب المظلمة بالمظلمة، بالقصاص من الحسنات و السيئات، وأثيب‌على الهبات، ولا يجوز هذه العقبة اليوم عندي ظالم، ولا أجد عنده مظلمة إلا مظلمة يهبها لصاحبها وأثيبه عليها وآخذ له بها عند الحساب، فتلازموا أيها الخلائق واطلبوا مظالمكم عند من ظلمكم بها في الدنيا، وأنا شاهد لكم بها عليهم وكفى بي شهيدا قال ‌فيتعارفون ويتلازمون فلا يبقى أحد له عند أحد مظلمة أو حق إلا لزمه بها، قال فيمكثون ماشاء اللّه فيشتد حالهم فيكثر عرقهم. وفي رواية يكون عرقهم إلى أفواههم، ويشتد غمهم‌ وترتفع أصواتهم بضجيج شديد، فيتمنون المخلص منه بترك مظالمهم لأهلها، قال ويطلع ‌اللّه عز وجل على جهدهم فينادي مناد من عند اللّه عز وجل يسمع آخرهم كما يسمع أولهم، يا معشر الخلائق أنصتوا لداعي اللّه تبارك وتعالى واسمعوا ان اللّه تبارك وتعالى يقول لكم، أنا الوهاب إن أحببتم أن تواهبوا فتواهبوا، وان لم تتواهبوا أخذت لكم بمظالمكم. قال ‌فيفرحون بذلك لشدة جهدهم وضيق مسلكهم وتزاحمهم. قال فيهب بعضهم مظالمهم ‌رجاء ان يتخلصوا مما هم فيه، ويبقى بعضهم فيقول يا رب مظالمنا أعظم من ان نهبها، قال فينادي مناد من تلقاء العرش أي رضوان خازن الجنان جنان الفردوس، قال فيأمر اللّه‌ عز وجل أن يطلع من الفردوس قصرا من فضة بما فيه من الآنية والخدم، قال فيطلعه‌ عليهم في حفافة القصر الوصائف والخدم، قال فينادي مناد من عند اللّه تبارك وتعالى يامعشر الخلائق ارفعوا رءوسكم فانظروا إلى هذا القصر، قال فيرفعون رءوسهم فكلهم‌ يتمناه، قال فينادي مناد من عند اللّه تبارك وتعالى يا معشر الخلائق هذا لكل من عفا عن ‌مؤمن. قال فيعفون كلهم إلا القليل. قال فيقول اللّه عز وجل لا يجوز إلى جنتي اليوم ظالم‌ ولا يجوز إلى ناري اليوم ظالم، ولأحد من المسلمين عنده مظلمة حتى نأخذها منه عند الحساب، أيها الخلائق استعدوا للحساب، قال ثم يخلي سبيلهم فينطلقون إلى العقبة، يسوق ويدفع بعضهم بعضا حتى ينتهون إلى العرصة، والجبار تبارك و تعالى على العرش ‌أي مستولي عليه ينفذ حكمه عنده، قد نشرت الدواوين ونصبت الموازين و أحضر النبيون ‌والشهداء وهم الأئمة، يشهد كل إمام على أهل عالمه بأنه قد قام فيهم بأمر اللّه عز و جل، ودعاهم إلى سبيل اللّه. قال فقال له رجل من قريش: يا ابن رسول اللّه إذا كان للرجل‌ المؤمن عند الرجل الكافر مظلمة أي شي‌ء يأخذ من الكافر وهو من أهل النار. فقال له‌ علي بن الحسين عليهما السّلام يطرح عن المسلم من سيئاته بقدر ما له على الكافر،فيعذب ‌الكافر بها مع عذابه بكفره عذابا بقدر ما للمسلم قبله من مظلمة. قال فقال له القرشي:إذا كانت المظلمة لمسلم عند مسلم كيف تؤخذ مظلمته من المسلم. قال:يؤخذ للمظلوم من ‌الظالم من حسناته بقدر حق المظلوم فيزاد على حسنات المظلوم. قال فقال له القرشي: فإن لم يكن للظالم حسنات. قال:ان لم يكن للظالم حسنات فإن للمظلوم سيئات تؤخذ من سيئات المظلوم فتزاد على سيئات الظالم. قد دلت الآيات المتكاثرة و الأخبار المتواترة على أن أصل الحساب حق لا ريب فيه‌ ولا شبهة تعتريه، فيجب الاعتقاد به إجمالا، إلا أنها اختلفت فيمن يحاسب ويسأل و عن ‌أي شي‌ء يحاسب و يسأل، فذهب جمع إلى أن السؤال و الحساب عن جميع النعم الدنيوية، لما ورد في الحديث من طرق العامة والخاصة ان في حلال الدنيا حساب، وفي حرامها عقاب.

وقد تقدم في جملة من الأخبار أن المؤمن لا يحاسب على النعم الدنيوية، وتقدم ‌في جملة منها نفي الحساب على المأكول و الملبوس و المنكوح. وورد في أخبار كثيرة في‌ ثواب الأعمال، ان من عمل العمل الفلاني دخل الجنة بغير حساب، وحينئذ فيمكن ‌تخصيص هذه الأخبار الدالة على نفي الحساب عن المؤمن أو الأشياء الخاصة و نحوها لعموم الأخبار الدالة على الحساب، ويمكن الجمع أيضا بوجهين آخرين :

الأول:

حمل ما دل على نفي الحساب على المؤمنين و ما دل عليه على‌غيرهم.

الثاني:

حمل الأول على الأمور الضرورية كالمأكل و الملبس و المسكن و المنكح، والآخر على ما زاد على الضرورة، كجمع الأموال زائدا على ما يحتاج إليه، أو صرفها فيما لا يدعوه إليه ضرورة ولا يستحسن شرعا، .... وأيضا ما دل عليه الخبر من حشر الناس جردا أي عراة يدل عليه جملة من الأخبار أيضا كما تقدم في فاطمة بنت أسد.

وورد في جملة من الأخبار تنوقوا بأكفانكم فإنكم‌تحشرون بها يوم القيامة، ويمكن حمل الثاني على المؤمنين أو الكاملين منهم، والأول على غيرهم.

وما ... فعله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في قبر فاطمة لمزيد الاطمئنان، أويقال انهم يحشرون أولا في الأكفان، ثم تبلى أكفانهم فإن يوم القيامة يوم طويل و الله‌ العالم.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.