أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-03-2015
3192
التاريخ: 29-03-2015
1705
التاريخ: 4-03-2015
1946
التاريخ: 12-08-2015
1363
|
يقول ابن بشكوال عن الأعلم إنه كان «عالما باللغات العربية و معاني الأشعار حافظا لجميعها، كثير العناية بها، حسن الضبط لها، مشهورا بمعرفتها و إتقانها، أخذ الناس عنه كثيرا، و كانت الرحلة إليه في وقته)(1). و يذكر ابن مضاء أنه كان مولعا بالعلل الثواني و الثوالث، و كلما استنبط منها شيئا ظن أنه ظفر بطائل(2).
درس الأعلم اللغة على أبي سهل الحراني، ثم كان عمدته في النحو إبراهيم بن محمد بن زكريا المعروف بابن الإفليلي (352-441 ه)(3) تلميذ الزبيدي، و قد كان ابن الإفليلي نحويا بارزا، و حافظا للأشعار، و أخبار العرب و أيامها.
قضى الأعلم حياته كلها في الأندلس، و كانت مليئة بالتدريس و التأليف، فله من اللغويات شرح شعر الشعراء الستة الجاهليين، و شرح أبيات شواهد الكتاب، و شواهد الجمل، و شرح شعر أبي تمام.
و من أهم كتبه في النحو، شرحه لكتاب سيبويه المعروف بالنكت، و الذي طبع أخيرا، بعناية د. عبد المحسن سلطان. و نلاحظ من خلاله تمسكه بمنهج إمام النحاة و الدفاع عنه، و مثل ما فعل ابن ولاد، تركز رده على انتقاد المبرد لسيبويه، و الأمثلة التالية تعطينا نماذج من هذا الدفاع:
أ- ففي بعض الردود، يعرض رأي سيبويه، و رأي المبرد، و إذا لم يكن له اعتراض على قول أبي العباس يفضل أن لا يبدي رأيه الخاص. مثل ما هو في المثال التالي: يقول الأعلم:
ص227
و في باب المصدر أنشد سيبويه قول غيلان بن حريث.
ب- و مرة أخرى يكتفي بتفسير نص سيبويه ملمحا أن المبرد لم يدرك قصده فيقول:
«في باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمرا، و ذلك أنهم بدأوا بالإضمار لأنهم شرطوا التفسير. و ذلك قولك: نعم رجلا عبد اللّه، كأنك قلت حسبك به رجلا، و مثل ذلك ربّه رجلا. ورد المبرد على سيبويه ترجمة الباب و ألزمه المناقضة فيها لأنه قال: هذا باب ما لا يعمل في المعروف إلا مضمرا ثم جاء بعده: نعم الرجل عبد اللّه فجاء بالرجل مظهرا.
و الذي أراده سيبويه أنه لا يعمل في المعروف إلا مضمرا إذا بنى ذلك المعروف على أن يفسر بما بعده، و شبهه بقولك إنه كرام قومك، و الهاء إضمار الحديث الذي يأتي بعده، و لا يجيء إلا مضمرا لأنه قد لزمه التفسير، و كذلك الاسم الذي يعمل فيه نعم و بني على التفسير لا يكون إلا مضمرا.
و اعلم أنك إذا قلت ربّه رجلا فليست الهاء بضمير شيء جرى ذكره و لو كانت كذلك لصارت معرفة، و لم يجز أن تلى «رب» لأنه لا يليها إلا نكرة، و لكنه ضمير مبهم يحتاج إلى التفسير بغيره فضارع النكرات (5).
ج- و إذا وجد من النحويين من يتكفل بالرد على المبرد في مخالفته على سيبويه اكتفى الأعلم بتصوبيه، مثل ما قاله في المثال التالي مؤيدا قول الزجاج فقال:
(و في باب ما يشبه من الأماكن المختصة بالمكان غير المختص مثل قول العرب هو منّي منزلة الشغاف، و هو مني منزلة الولد، و كذلك هو مني مزجر الكلب، و أنت مني مقعد القابلة) .
ص228
قال سيبويه «و اعلم أن ظروف الدهر أشد تمكنا في الأشياء. . . (و قال المبرد: «غلط سيبويه في هذا لأنه ذكر في أول الكتاب أن ظروف المكان أقرب إلى الأناسي و نحوهم، لأن لها جثثا و أسماء تعرف بها كما تعرف الأناسي) (6).
و صوب الزجاج رأي سيبويه فقال: (أصاب لأن ظروف الزمان يقل فيها ما لا يتمكن، ألا ترى أن «سحر» إذا نكر تمكن) .
د- و إذا ما ارتفع صوت المبرد بالنكير على سيبويه، يتشدد الأعلم في دفاعه عنه إلى أن يصل به ذلك إلى ذكر تجاوزات المبرد في مذاهبه، و التي لا توجد في القرآن و غيره، مثل ما قال:
(و ذكر سيبويه عن العرب حذف علامة التأنيث من الحيوان مع قلته، و كان المبرد ينكر ذلك أشد الإنكار و يقول: «لم يوجد ذلك في قرآن و لا كلام فصيح و لا شعر» ، و قول سيبويه أصح لأنه حكاه عن العرب، و هو غير متهم في حكايته، و ليس كل لغة توجد في كتاب اللّه عزّ و جل، و لا كل ما يجوز في العربية يأتي به القرآن و الشعر، و للمبرد مذاهب تجوزها لم توجد في قرآن و غيره، من ذلك إجازته إن زيد قائما قياسا على ما زيد قائما، و هذا لا يكاد يوجد له شاهد من شعر أو غيره. . .) (7).
ه) و في بعض الأحيان يقول إن رأيه ليس بحجة كما جاء في قوله أن «أوبر» نكرة و يحتج بدخول الألف و اللام عليه، يقول بعض الشعراء.
(و من جملة ما ذكر (سيبويه) قولهم لاه أبوك، يريدون للّه أبوك فحذفوا منه لامين و قد كانوا قد حذفوا منه ألف الوصل، و اللامان المحذوفتان عند سيبويه لام الجر و اللام التي بعدها. و قال المبرد لام الجر هذه اللام المبقاة لأنها
ص229
دخلت لمعنى فلا تحذف و فتحت لأنها مفتوحة في الأصل و الصواب قول سيبويه لأن حروف الجر قد حذفت في مواضع كثيرة.
و جملة القول أن قول سيبويه أولى لأنه إذا حذف من الكلمة ما قاله فالباقي منها هو اللفظ الموجود من غير تغير، و على قول المبرد تبقى اللام المكسورة و تتغير و ليس على التغيير دليل يجب التسليم له) (9).
ز- و قال مرة إن المبرد يلجأ إلى القول بزيادة بعض الحروف، دون أن تكون الحاجة إلى ذلك، فيقول: و أنشد سيبويه لعنز بن دجاجة المازني:
ح- كما يذكر أنه ربما أتى بتقدير غير صحيح، و ذلك في باب ما يتقدم فيه المستثنى فيقول:
قوله (سيبويه) من لي إلا أبوك صديقا.
قدره المبرد على أن «من» مبتدأ و أبوك خبره و مثّله بقوله ما زيد إلا أخوك و صديقا حال، و قول سيبويه «لأنك أخليت من للأب» يدل على خلاف تقدير المبرد لأن معنى أخليت من للأب أي أبدلت الأب منه.
فعلى هذا يكون «من» مبتدأ و «لي» خبره و أبوك بدل من من كأنه قال مالي أحد إلا أبوك. و تقدير المبرد لا يصح (11).
ط) و انتقد قول المبرد أن «نصف» معرفة في قول ذي الرمّة. فقال: أنشد سيبويه قول ذي الرّمة:
ترى خلقها نصف قناة قويمة و نصف نقا يرتجّ أو يتمرمر
ص230
و الخبر عند سيبويه يعني الحال هنا. ورد المبرد نصب «نصفا» على الحال و قال لأن «نصفا» ينبغي أن تكون معرفة. و يقول الأعلم «إن العلة التي ادعى بها التعريف أن «نصفا» بمنزلة بعض و كل. و القول ما قال سيبويه لأن النصف من باب الثلث و سائر الأجزاء إلى العشرة و هو يثنى و يجمع، فيقال المال بينهما نصفان. و ليس ذلك في بعض و كل. و من أوضح ما يدل على بطلان قوله أنه يقال النصف بالألف و اللام و لو كان معرفة لم تدخله كما لا تدخل بعضا و كلا (13).
و لقد كان في أكثر ردود الأعلم على المبرد، قسط من التبرير المعقول، غير أنه قد يضطر إلى الدفاع بحجج فيها بعد و تكلف مثل ما قال، عند قول سيبويه «في باب ما ينتصب فيه الخبر بعد الحروف الخمسة انتصابه إذا كان ما قبله مبنيا على الابتداء و ذلك قولك: «إن هذا عبد اللّه منطلقا» ، فقال الأعلم: «ذكر سيبويه في هذا الباب مسألة ظاهرها غير جائز إلا أن تحمل على معنى. و هي قوله إن الذي في الدار أخوك قائما. فإن جعلت قائما حالا عمل فيه الأخ و أنت تريد أخوّة النسب لم يجز، كما لا يجوز زيد أخوك قائما في النسب.
و إن نصبت قائما بالظرف على تقدير إن الذي في في الدار قائما أخوك صار «قائما» في صلة «الذي» ، و لم يجز أن يفصل بين الصلة و الموصول بالأخ و هو خبر، و إن جعلت «أخوك» في معنى المؤاخاة و المصادقة و جعلته هو العامل في قائم جاز. و إن حملته على مثل قولك: أنا زيد منطلقا في حاجتك إذا كان قد عهده قائما قبل هذه الحال جاز، كما يجوز مثله في الابتداء (14).
و في المثال الأخير نرى الأعلم يعترض على المبرد و الزجاج منتصرا للخليل و سيبويه فيقول: «لا خلاف بين النحويين أن الفعلين إذا اتفق معناهما جاز أن يوصف فعلاهما (أو فاعلاهما) بلفظ واحد كقولك: مضى زيد و انطلق عمرو الصالحان الكريمان. و إذا اختلف معناهما فمذهب الخليل و سيبويه في الفعلين المختلفين و المتفقين واحد فأجازا ذهب أخوك و قدم عمرو الرجلان الحليمان. و كان المبرد و الزجاج و كثير من المتأخرين يأبون جواز ذلك عن المختلفين، و الحجة للخليل و سيبويه أن مذهب عمل الفعل و الفاعل مذهب واحد و إن اختلف
ص231
معنى الفعلين، و مما يدل على ذلك أنك تقول اختلف زيد و عمرو الصالحان، و معنى اختلف أن كل واحد منهما فعل فعلا مخالفا لفعل الآخر (15).
و الذي يستخلص الباحثون من الأمثلة الواردة في كتاب النكت، و انتصاره الثابت لآراء سيبويه، هو أن هذا العالم لم يقتصر على نقل مباحث كتاب سيبويه، بل إنه اعتمدها مذهبا، عرف أصوله السمعية، و قواعده القياسية. فسعة باعه في اللغة و الشعر، و استيعابه لأمهات الكتب النحوية، و بحثه في التعليل و الاستنباط، كل ذلك جعل منه القدوة الذي أنار الطريق أمام النحويين المغاربة، لإثراء النحو و تطويره، و من أشهر من اتبع طريقه في هذا المجال الأستاذ أبو الحسين بن الطراوة بالرغم مما أشيع عليه من التفرد بآراء اعتبرها بعضهم خرقا لإجماع النحويين، و هذا ما سنرى أمثلة منه في استعراض آرائه.
ص232
____________________
(1) ابن بشكوال الصلة، ص 643.
(2) الرد على النحاة، ص 137.
(3) ترجمته في انباه الرواة، 1 / 218.
(4) النكت، 1/ 389، و المقتصب 3 / 204.
(5) النكت، 1 / 536.
(6) الكتاب، 1/ 208.
(7) النكت، 1/ 457.
(8) النكت، 1/ 490.
(9) النكت، 1/ 501.
(10) النكت، 1/ 633.
(11) النكت، 1/ 638.
(12) النكت، 1/ 223.
(13) النكت، 1/ 445.
(14) النكت، 1/ 420.
(15) النكت، 1/ 469.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|