أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-5-2019
3159
التاريخ: 18-10-2019
2050
التاريخ: 20-10-2020
2303
التاريخ: 2023-05-02
1209
|
الفصل الثامن
التخطيط الاقتصادي
لم يكن علم الاقتصاد وليد الصدفة ، انما هو نتاج تطورات أجيال وتجارب انسانية على مر العصور ، فإن التخطيط الاقتصادي جاء بالتالي نتاج تلك التطورات ، تعود جذور التخطيط الى ايام الاغريق ، وبالتحديد في عهد أفلاطون الذي اشار بشكل غير مباشر لمفهوم وعملية التخطيط من خلال جمهوريته الفاضلة ، ولقد كانت قبل ذلك مصر الفرعونية مركز الإشعاع الحضاري وعلى مسيرة آلاف السنين ، وليس منا من لا يعرف قصة نبي الله يوسف بن يعقوب مع عزيز مصر ، فطبقاً لما جاء في العقد القديم بدأ يُوسف عليه السلام تخطيط اقتصاد مصر وهو في الثلاثين من عمره حينما استدعاه الفرعون وجعله وزيراً للاقتصاد والمالية ، وأعطاه صلاحيات مطلقة في ادارة اقتصاد البلاد ، وفي ظل التقدم العلمي الملحوظ حينذاك تمكن يُوسف عليه السلام من وضع خطة توزيع دقيقة قائمة على حصر السكان الأحياء خلال الـ 14 عام محل الخطة الموضوعة بإسلوب لا يختلف كثيراً عما يُدرّس حالياً في نظرية الاحتمالات .. كما خصص لكل فرد حصته السنوية ونصيبه اليومي من المؤن على اساس ما يعرف اليوم بحد الكفاف ، كل ذلك يدل على ان العالم القديم عرف الأزمات الاقتصادية وتمكن من تطبيق نظام الطوارئ والتخطيط الاقتصادي لعلاج تلك الأزمات.
أما عن التخطيط الاقتصادي في الاسلام فقد هدف الى ان يجد كل مسلم كا يكفيه من مال ، فحرم الربا وأمر بالزكاة ، ولم يكن هناك حاجة لتخطيط اقتصادي دقيق بمفهومه المعاصر في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والخفاء الراشدين لأسباب عديدة ، لعل من أهمها ان ما كان يصل الى المسلمين من الغنائم اكثر من حاجتهم وحاجة المسلمين ، أما اول مثل للتخطيط في الدولة الاسلامية فكان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ، حيث استبقى ريع الأراضي الزراعية التي حصل عليه المسلمون من فتوحاتهم كمورد ثابت للدولة بجانب الزكاة والخراج ، وقال : " ليس احد أحق بمال الدولة من احد ولا أنا أحق به من احد ، للرجل وقدمه في الاسلام وللرجل وبلاءه وللرجل وحاجته ، والله لو طال بي العمر لجعلت راعي الغنم في جبال صنعاء يستلم حقه من هذا المال وهو يرعى غنمه " ، كما وخصص الخليفة عمر بن الخطاب أرض الحمى فاستحدث بذلك أول قطاع عام للدولة الاسلامية ، ومن اجتهاداته في التخطيط الاقتصادي خطته لحفر قناة لتسهيل نقل الغلال من مصر الى الحجاز والتي تربط بين نهر النيل والبحر الأخمر (قناة السويس حالياً) .
تطورت فكرة التخطيط خلال الحرب العالمية الأولى في ألمانيا من جهة وفرنسا وبريطانيا من جهة اخرى ، واتخذ التخطيط اسلوباُ لإدارة دفة الحرب وتعبئة الموارد لتجهيز الجيوش وامدادها بما تحتاجه من عتاد ومؤن وذخائر ، واعتبر التخطيط في الدول الرأسمالية حينئذ وسيلة مؤقتة لتنظيم عملية تحول الاقتصاد القومي من ظروف السلم الى ظروف الحرب ، وما ان انتهت الحرب العالمية الاولى ، حتى عصفت بالنظام الرأسمالي أزمة الكساد الكبير (1929-1932) ، ففي تلك الفترة انخفضت مستويات الانتاج والاستهلاك والدخل ، وارتفعت مستويات الأسعار ، وتكدست السلع في المخازن والمستودعات ، مما أدى الى تسريح العمال وانتشار الفقر والبطالة ، وأدت هذه الأزمة الى زعزعة الثقة بالنظام الاقتصادي الحر ، الذي اعتمد على فكرة التوازن التلقائي ، وتبين ان اليد الخفية التي تحدث عنها آدم سميث في كتابه ثروة الأمم غير كافة لضمان النمو والاستقرار والاستخدام الكامل للموارد الاقتصادية ، كما تبين فشل قانون المنافذ الذي تحدث عنه ساي ، والذي ينص على ان المنتجات تخلق الطلب عليها ، او العرض يخلق الطلب الخاص به .
جاءت افكار الاقتصادي البريطاني جون مينرد كينز في كتابه الشهير المنشور عام 1636م النظرية العامة للفائدة والتوظف والنقود لتناقض افكار الفكر الاقتصادي الكلاسيكي بالتركيز على جانب الطلب بدل العرض ، واقترح كينز للخروج من أزمة الكساد زيادة الإنفاق العام وضرورة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية ، والتخطيط لزيادة حجم الطلب الفعال الذي يعيد النشاط والفعالية ويحرك عجلة الاقتصاد .
حلت الحرب العالمية الثانية لتحول اقتصاديات الدول من اقتصاديات السلم الى اقتصاديات الحرب مرة اخرى ، وهنا دعت الحاجة الى قيام الدولة بانتهاج إسلوب التخطيط تماماً كما حدث في الحرب الاولى ، وما ان حطت الاحرب اوزارها حتى سارعت الولايات المتحدة الامريكية بتقديم مساعداتها لدول اوربا الغربية لإعادة تعمير ما دمرته الحرب ، وذلك من خلال ماعرف بخطة مارشال Marshal Plan لمواجهة مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والنهوض باقتصادياتها ، وكان لزاماً على الدول ان تنتهج اسلوباً تخطيطياً لتقدير احتياجات إعادة التعمير (فرنسا وبريطانيا عام1946) .
وبإنتهاء الحرب العالمية الثانية قسمت دول العالم الى ثلاث مجموعات :
دول العالم الاول وهي الدول الصناعية الرأسمالية (الاقتصاد الحر) ودول العالم الثاني وهي الدول الصناعية الاشتراكية (التخطيط المركزي) ودول العالم الثالث وهي الدول الفقيرة المتخلفة ، وقد قامت عدة دول من الدول النامية وبمساعدة المنظمات الدولية بإنتهاج اسلوب التخطيط الاقتصادي لرفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية .
ارتبط اسلوب مفهوم التخطيط الاقتصادي بدول الكتلة الشرقية والتي اعتمدت اسلوب التخطيط المركزي كنظام بديل لنظام السوق الذي ساد في الدول الرأسمالية ، وعليه ساد الاعتقاد بأن انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينات يعد نهاية التخطيط الاقتصادي غيران الواقع هو انه ليس هناك ترادف بين التخطيط والاشتراكية أو بين عدم التخطيط والرأسمالية ، حيث ان التخطيط الاقتصادي غير مقصور على الدول الاشتراكية بل هو ضرورة لأي دولة يعجز فيها نظام السوق وحده عن تحقيق التنمية المستدامة بالصورة المطلوبة .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مستشفى العتبة العباسية الميداني في سوريا يقدّم خدماته لنحو 1500 نازح لبناني يوميًا
|
|
|