أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-03-2015
8658
التاريخ: 15-07-2015
9918
التاريخ: 27-03-2015
2609
التاريخ: 14-07-2015
4372
|
لقد كان الأخفش الكبير، أبو الخطاب من العلماء الذين وثّقوا عرى الصلات بين أبي عمرو و ابن أبي إسحق الحضرمي و بين سيبويه. و الحديث عنه في الكتاب، و إن كان قليلا، لا يقاس بما روي عن الخليل و يونس، فإنه مع ذلك يدل على أن سيبويه قرأ عليه، و تثبّت مما قاله و وثّقه فيما قال. فذكر أنه سأله غير ما مرة، عن لغة بني سليم و إعمالهم للقول بمعنى (الظن)(1)، و عرف منه أنهم ممن يوثق بعربيتهم، و سأله عن عدم صحة استعمال «أيهم مررت
ص69
به، فقال له «لأن» أيهم حرف الاستفهام، لا تدخل عليه الألف. و إنما تركت الألف استغناء فصارت بمنزلة الابتداء، ألا ترى أن حد الكلام أن تؤخر الفعل في «أيهم رأيت» كما تفعل ذلك بالألف (ألف الاستفهام) فهي نفسها بمنزلة الابتداء(2).
و سمع منه شواهد، منها ما هو في باب التنازع، مثل قول المرار الأسدي:
كما استفسر منه معنى لبيك و سعديك، فعرف منه أن لبيك من الإلباب و هو الدنو، و أن سعديك من المساعدة و هي متابعة الأمن(8)، و أوضح معنى (وَ إِذٰا خٰاطَبَهُمُ اَلْجٰاهِلُونَ قٰالُوا سَلاٰماً ) (الفرقان- الآية 63) ، و فيها معنى «البراءة» و التسليم، و استدل له بأن الآية مكية، و بأنّ المسلمين حينئذ لم يؤمروا بالتسليم على المشركين، و إنما هو قولهم: لا خير بيننا و لا شر. و قال إنه قول أمية بن أبي الصّلت:
سلامك ربّنا في كل فجر بريّا ما تغنّتك الذموم
ص70
أي برأتك ربنا من كل سوء(9)
و أخذ عنه توجيه قراءة من قال: (وَ مٰا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهٰا إِذٰا جٰاءَتْ لاٰ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام- الآية 109) «قائلا بوجود وقف بعد قوله تعالى:وَ مٰا يُشْعِرُكُمْ. و بعد الوقف جيء بالابتداء بإن المكسورة(10)
و قليل ما خصصه مؤرخو النحاة لأبي الخطاب الأخفش الكبير، عبد الحميد بن عبد المجيد، سوى أنهم قالوا إنه من أكبر علماء العربية في عصره، و إنه سمع من العرب في ديارهم، و أخذ عن أبي عمرو بن العلاء، و إن سيبويه كان من تلامذته.
و هذه الإشارات المقتضبة لا تمثل في الحقيقة الدور الذي قام به أبو الخطاب في إعداد تدوين النحو-و الرجوع إلى كتاب سيبويه و تتبع المسائل التي روى عنه تعطي صورة أوضح عن أهمية هذا الدور، و إن كانت روايته عنه لا تتعدى نحوا من الأربعين، لكن قيمة مدلولاتها أعلى من عددها، ذلك أن أبا الخطاب نبه سيبويه على ثلاثة مستويات من اللغة التي تشكل أساسا للسماع:
الأول: مستوى الاستعمال عند من يوثق بعربيتهم و أعطى منه نماذج عدة.
الثاني: لغات تعتبر فصيحة، و لكنها غير مطردة اطرادا تاما، مثل ما نسب إلى أهل الحجاز في تثنية الكباء، بالواو(11)، و كسر عين نعم عند هذيل(12) و بعض هذه اللغات غير منسوب إلى قبيلة مخصوصة، مثل الذين يقولون «أرآهم» في مضارع رأيت(13)، و من يقول «راءة» في (راية)(14) و من يقف على الياء و الواو، في مثل رامي و غازي(15)، و كالذين
يجمعون أرضا، على أراض بوزن أفعال(16)، و من يقولون «ثوب» أكياش، يجعلونها مفردا مثل الأنعام(17).
الثالث: هو مستوى استعمال خارج من القواعد العامة و غير معروف إلا عند بعض قبائل العرب، على مستوى لهجات محلية، فذكر أبو الخطاب من
ص71
ذلك أن فزارة و ناسا من قيس و طيء، يقولون في الوقف حبلي، و أفعي(18) (و كيد زيد أن يقوم) و «ما زيل» بدلا من كاد و زال (19)، و منهم من يقول هبيّ و هبيّة يعني صبيّ و صبية (20)، و حي هلى الصلاة، بدلا من حي على الصلاة (21).
و قد اعتبر سيبويه هذه المستويات، فتحدث عن لغة من يوثق بهم، و عن اللغات الفصيحة القليلة، و عن اللغات الرديئة.
و من الأفكار التي أخذها سيبويه عن أبي الخطاب، فكرة التعليل بالتوهم.
و ذكر ذلك في الكتاب راويا عنه مرتين. إحداهما بما قال: و حدثني أبو الخطاب أنه سمع العرب ينشدون هذا البيت:
الثانية، قوله «و زعم أبو الخطاب أن ناسا من العرب يقولون: ادعه من دعوت، فيكسرون العين، كأنها لما كانت في موضع الجزم توهموا أنها ساكنة، إذ كانت آخر شيء في الكلمة في موضع الجزم فكسروا حيث كانت الدال ساكنة لأنه لا يلتقي ساكنان كما قالوا رد يا فتى. و هذه لغة رديئة. و إنما هو غلط كما قال زهير:
_______________________
(1) الحلقة المفقودة، ص 304 نقلا عن الموضح، ص 74.
(2) سيبويه: الكتاب، ج1 ص 124.
(3) سيبويه: الكتاب، ج1 ص 126.
(4) المصدر نفسه، ج1 ص 78.
(5) المصدر نفسه، ج1 ص 120.
(6) المصدر نفسه، ج1 ص 201.
(7) المصدر نفسه، ج1 ص 304.
(8) المصدر نفسه، ج 2 ص 111.
(9) المصدر نفسه، ج1 ص 353.
(10) سيبويه: الكتاب، ج1 ص 325.
(11) المصدر نفسه، ج3 ص 123.
(12) المصدر نفسه، ج3 ص 387.
(13)) المصدر نفسه، ج 4 ص 440.
(14) المصدر نفسه، ج3 ص 546.
(15) المصدر نفسه، ج3 ص 468.
(16) المصدر نفسه، ج 4 ص 183.
(17) المصدر نفسه، ج3 ص 616.
(18) المصدر نفسه، ج1 ص 230.
(19) سيبويه: الكتاب، ج 4 ص 181.
(20) المصدر نفسه، ج 4 ص 343.
(21) المصدر نفسه، ج 4 ص 412.
(22) المصدر نفسه.
(23) المصدر نفسه.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|