أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-07-2015
4358
التاريخ: 27-03-2015
4645
التاريخ: 27-03-2015
3307
التاريخ: 15-07-2015
9887
|
و قد كان شديد التثبت في تحصيله، موثوق الرواية قوي الحافظة، يقول الزبيدي إنه ليس عنده من العلم إلا ما رآه بعينه(2)، و شبهه واصفوه بالكوز الذي لا يدخل فيه الشيء إلا بعسر و لكن لا يخرج منه ما دخل فيه، يعنون أنه لا ينسى ما علم(3). و مما حفظ عن ابن أبي إسحق الحضرمي من أمهات المسائل
النحوية، قوله: إن أصل الكلام بناؤه على «فعل» ثم يبنى آخره على عدد من فعل الفعل من المؤنث و المذكر و من الواحد و الاثنين و الجميع كقوله فعلت، و فعلنا، و فعلن، و فعلا، و فعلوا و يزاد في أوله ما ليس من بنائه فيزيدون الميم بدلا من الألف كقولك أعطيت إنما أصلها أعطوت ثم يقولون معطى فيزيدون الميم بدلا من الألف و إنما أصلها عاطى، و يزيدون في أوساط فعل افتعل، و انفعل، و استفعل و نحو هذا(4). و في هذا الكلام نرى أول إشارة إلى وضع قواعد أصول الكلمات و زوائدها، و وزن مقابلها بلفظ الفعل.
هذا عن ابن أبي إسحق، أما مع أبي عمرو فقد توطدت العلاقة العلمية بينهما، و تصدر طلابه في مجلسه. و لقد روى عن أبي عمرو عدة حروف من معاني القرآن. منها تفسيره لقوله تعالى: (وَ إِذٰا أَرَدْنٰا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنٰا مُتْرَفِيهٰا ) (الإسراء- الآية 16) ، فيقول يونس ناقلا عنه، إن «أَمَرْنٰا» بمعنى «أكثرنا» و أن العرب تقول «خير المال نخلة مأبورة، و مهرة مأمورة» أي كثيرة الولد(5). و منها توجيه قوله تعالى: (فَظَلَّتْ أَعْنٰاقُهُمْ لَهٰا خٰاضِعِينَ ) (الشعراء-الآية 3) إنّ الأعناق جاءت في موضع «هم» ، و مثاله في الشعر قوله:
طول الليالي أسرعت في نقضي طوين طولي و طوين عرضي(6)
ص66
و بجانب أبي عمرو كان يونس يعتمد كثيرا في اللغة على رؤبة بن العجاج، الذي التقى به و هو في سن الطفولة لما بعثه إليه والده يسأله عن إعراب قول الشاعر:
عجب لتلك قضية و إقامتي فيكم على تلك القضية أعجب(11)
ص67
للعلم من يونس(13) كما كان سريع البديهة في الاستفادة من كلام العرب، من ذلك أنه جاءه أعرابي مرة، و سأل الناس، قائلا من ينصرني للّه «فقال يونس» ها هي أتتكم عن قرب، إنه يعني يرزق» و هذا مثل قوله تعالى: (مَنْ كٰانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اَللّٰهُ فِي اَلدُّنْيٰا وَ اَلْآخِرَةِ ) (الحج-الآية 15) (14).
كانت هذه الحلقة مدرسة العلماء، مكث فيها أبو عيسى أربعين سنة، و خلف الأحمر عشرين و أبو زيد الأنصاري عشر سنوات، و أخذ منها سيبويه نحوا من مائتي مسألة في كتابه. و لما رأى يونس كتابه، و قرأ ما روى عنه، قال: صدق في جميع ما قال، و هو قولي (15).
و لم يك البصريون وحدهم هم الذين رووا عنه، فقد زاره أئمة الكوفة مثل الكسائي الذي سئل في مجلسه عن قول الشاعر:
و استحسن يونس توجيهه، غير أنه قال إنه روى البيت بنصب «ضربة» ، و رفع عبيطات. و أن الشاعر جعل الفاعل مفعولا مثل ما قال الحطيئة:
فهي تنوش الحوض نوشا من علا نوشا به تقطع أجواز الفلا (17)
ص68
و يقول ابن الأنباري، إن ليونس بن حبيب أقيسة و آراء تفرد بها، و قد اشتهر من-أقواله-رد المحذوف في التصغير، و إثبات التاء في النسبة لبنت، و إلحاق نون التوكيد الخفيفة للمثنى في نحو اضربان (19).
و لا ننس كذلك أن يونس كان ذا فكر و نقد، فهو الذي كان يتمنى أن يناقش آدم في خروج ذريته من الجنة، و يوسف في عدم عودته إلى أبيه يعقوب، و الزبير و طلحة في خروجها على الإمام علي (20). أما نقده للشعر، فلنا عليه مثال، و هو
أن مروان بن أبي حفصة عرض عليه قوله:
طرقتك زائرة فحيّ خيالها
فاستجادها و أمره أن يبثها و زعم أنه فاق فيها أعشى قيس، لأن هذا الأخير قال في شعره.
_____________________
(1) الزبيدي: طبقات النحويين، ص 51.
(2) المصدر و الصفحة نفسها.
(3) إنباه الرواة 4 /74.
(4) أبو عبيدة: مجاز القرآن، ج 1 ص 376.
(5) المصدر نفسه، ج 1 ص 373.
(6) المصدر نفسه، ج 2 ص 83.
(7) أبو عبيدة: مجاز القرآن، ج 1 ص 293.
(8) الحلقة المفقودة، ص 290 نقلا عن شرح ما يقع فيه التصحيف، ص 263.
(9) ديوان النابغة.
(10) سيبويه: الكتاب، ج 1 ص 51.
(11) المصدر نفسه، ج 1 ص 319.
(12) المصدر نفسه، ج 2 ص 65.
(13) الزبيدي: طبقات النحويين، ص 52.
(14) أبو عبيدة: مجاز القرآن، ج 2 ص 46.
(15) السيرافي: اخبار النحويين، ص 64.
(16) القفطي: انباه الرواج، ج 4 ص 78.
(17) ابن الانباري: نزهة الألباء، ص 49.
(18) راجع الحلقة المفقودة، ص 291، عزوا للمزهر، و الملاحظ أن السيوطي في النوع العاشر من المزهر نسب المسألة إلى ابن دريد 1 /219.
(19) ابن الأنباري: نزهة الألباء، ص 47.
(20) المصدر نفسه، ص 49.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|