أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-03-2015
3249
التاريخ: 27-03-2015
7759
التاريخ: 27-03-2015
8542
التاريخ: 27-03-2015
2539
|
كل هذه الصفات، مكنته أن يعيش طيلة حياته مكرما في البصرة بعد ما كان عاملا للإمام علي بن أبي طالب، و ظل وفيا له و مناصرا لعترته، دون أن يمسه السوء من قبل العثمانية أو من قبل عمال معاوية في العراق.
ص45
و إن اتصاله الوثيق بالإمام علي، و ابن عمه عبد اللّه بن عباس، كان مصدر إنماء معارفه في القرآن و منطلقا للنهوض بملكاته اللغوية، فانفتحت أمامه أبواب التفكير و الإبداع، و كان من نتائج فكره المتميز أن وضع اللبنات الأولى في
الخطة التي رسمها له الإمام علي بن أبي طالب لهذا العلم. كما أن جمهور المؤرخين يتفقون على أهمية ما قام به في نشأة النحو.
يقول ابن سلام الجمحي في مقدمة طبقات الشعراء إن أبا الأسود كان أول من أسس العربية، و فتح بابها و أنهج سبيلها، و وضع قياسها، و إنما قال ذلك حينما اضطرب كلام العرب فغلبت السليقة فكان سراة الناس يلحنون، فوضع باب الفاعل و المفعول و المضاف و حرف الجر و الرفع و النصب و الجزم (1).
و قد يكون أبو الأسود، حسب ما يذكره المؤرخون في أول أمره ضنينا بما أخذ عن الخليفة من علم، إذ لا يريد أن يخرج شيئا أخذه عنه إلى أحد. إلا أن عوامل استجدت فدعته إلى تجاوز التمسك بعلمه، فحينما امتد اللحن إلى القرآن الكريم، و سمع من يقرأ قوله تعالى: أَنَّ اَللّٰهَ بَرِيءٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ (التوبة- الآية 3 ) بكسر اللام، استجاب لأمر الأمير زياد و أتى بكاتب لقن، عهد إليه أبو الأسود أن ينقط على أعلى الحرف إذا فتح شفته، و يجعل النقطة بين يدي الحرف حين يضمها، و أن يضع النقطة تحت الحرف إن كسر شفته (2).
كما أن حرصه على مساعدة الموالي الذي دخلوا في الإسلام و صاروا له إخوة دعاه أن يسعفهم، فوضع باب الفاعل و المفعول. ثم إن الروايات الأخرى تذكر أنه كان مدرسا لأبناء زياد و لبعض العلماء، و أن مجموعة من العلماء أخذت عنه النحو.
و قد اهتم الدكتور عبد العال سالم مكرم (3) بالتنقيب عما وجد من آثار أبي الأسود في مراجع النحو و كتب القراءات. و استخرج من ذلك مجموعة من القضايا التي لها صلة بالمسائل النحوية، مثل القراءة المنسوبة إليه، و هي (أَلاٰ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ) (هود- الآية 5 ) و هي قراءة شاذة، تقع فيها
(تثنوني) على تفعوعل. و قد وردت هذه الصيغة عند العرب مثل ما جاء فيقول حميد بن ثور:
فلما مضى عامان بعد انفصالهعلى الضرع و احلولى دماثا يرودها (4)
ص46
(دعوا الحبشة ما و دعوكم و اتركوا الترك ما تركوكم).
و مما نسب إلى أبي الأسود أيضا قوله إن من العرب من يقول: لولاي لكان كذا. مع إيراد شاهد ليزيد بن الحكم، و هو قوله:
و قوله:
و أورد له ابن الشجري في أماليه شاهدا على حذف الهمزة من «أبي فلان» إذا كان منادى. و ذلك في قوله:
يا بالمغيرة ربّ أمر معضل فرّجته بالمكر منّي و الدّها(9)
ص47
و قد أجاز ابن عصفور أن تكون: «مؤتيك» في بيت أبي الأسود جمعا حذفت نونه للإضافة (11).
و قد فصّل ابن هشام في هذه القاعدة قائلا 2إن المضاف إلى المفرد يجب إفراده إن أريد به الحكم على كل فرد، نحو: كل رجل يشبعه رغيف، و إذا نسب الحكم إلى المجموع تعين الجمع مثل قول عنترة:
فقد كان إذن دور أبي الأسود حاسما في نشأة النحو؛ لأنه استوعب التصور الأول الذي أوحى به الإمام علي بن أبي طالب، فاستكمل رسمه، و بدأ بتنفيذه ثم فتح أول مدرسة لتعليم النحو فعرفه المؤرخون أستاذ أساتذة النحو.
_________________
(1) الجمحي: طبقات الشعراء، ص 29.
(2) ابن الأنباري: نزهة الألباء، ص 20.
(3) الحلقة المفقودة من تاريخ النحو، ص 9 و ما بعدها.
(4) ابن جني: المحتسب، ج 1 ص 318.
(5) ابن جني: الخصائص ج 1 ص 396.
(6) سيبويه: الكتاب، ج 2 ص 372.
(7) المصدر نفسه، ج 1 ص 296.
(8) المصدر نفسه، ج 1 ص 169.
(9) ابن الشجري: الأمالي، ج 2 ص 16.
(10) سيبويه: الكتاب، ج 1 ص 441.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
في مستشفى الكفيل.. نجاح عملية رفع الانزلاقات الغضروفية لمريض أربعيني
|
|
|