الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الصدق والكذب بين أبي تمام والبحتري
المؤلف:
وحيد صبحي كبابة
المصدر:
الخصومة بين الطّائِيّيْن وعمود الشعر العربي
الجزء والصفحة:
ص28-29
25-03-2015
4868
إن الحديث عن مطالبة القدماء الشعراء بالكتابة وفق أذواق المتلقين، ووفق مذهب الأوائل، يقودنا إلى الحديث عن قضية الصدق والكذب. والآمدي في موازنته يتعرض لهذه القضية، " فيعرض طائفة من مآخذ الرواة على القدماء، وهي مآخذ تُردّ في أكثرها إلى مطالبة الشاعر بأن لا يصف الأشياء كماهي في الواقع، بل كمثل أعلى، كما تُردّ إلى المبالغة في فهم بعض الأبيات مبالغة تفسد معانيها.. (1)
وعليه، يرى محمد زغلول سلام مع ابن رشيق " أن المحدثين أكثر تلاؤماً مع العصر ومسايرة له، وأنهم أصدق تعبيراً من التقليديين الذين ينهجون مناهج القدماء، وأن شعر القدماء لا يوافق بحال أذواق العصر، وحياة البداوة مغايرة لحياة الحضارة. فصور الشعر القديم المشتقة من حياة القدماء، لا توافق أمزجة المحدثين الذين بدّلت الحضارة من حياتهم وعدّلت في أذواقهم. والمحدثون أصدق إحساساً وتعبيراً، لأنهم إنما يصوّرون ما يقع تحت أعينهم، ويديرون على ألسنتهم ما يقرّ في آذانهم " (2).
لقد كانت الخصومة حول مذهب أبي تمام، لأنه خالف الطريقة التقليدية للشعر العربي، في اعتماد مبدأ المثل في التصوير والمقاربة في التشبيه، ولإغراقه في طلب الغريب من المعاني والمبالغ فيها.
لقد اعتمد أبو تمام على ذاته وأخضع الآخرين له، بدل أن يخضع لهم (3). وفي هذا تحدّ للذوق العام والتقليد الشعري، الذي يدعو إلى المقاربة في التشبيه واعتماد مبدأ المثل في التصوير.
ولعلّ للإطار الحضاري العام أثراً بارزاً في ما جاء به أبو تمام. فطريقته ليست غريبة في العصر الذي عاشه، ذاك العصر الذي: " تزعزعت فيه فكرة النموذج أو الأصل، ولم يعد الكمال موجوداً، كما يقول التقليد الديني، خارج التاريخ. لقد أصبح الكمال في هذا العصر موجوداً داخل التاريخ. أصبح بمعنى آخر، كامناً في حركة الإبداع المستمرة، أي في الحاضر -المستقبل، ولم يعد قائماً في الماضي، كأنه ابتكر للمرة الأولى والأخيرة " (4).
استناداً إلى ما تقدّم، نرى أنّ أحد أهم أسباب الخصومة حول الشاعرين، هو ذاك المقياس النقدي الذي يحكم للشاعر بمقدار اتفاق شعره مع النموذج المثال المألوف... فإذا ما شاء الخروج على هذا المذهب، معتمداً نموذجه الخاص، فإنه مارق خارج على عمود الشعر.
وهكذا صار الكذب مقياس الأدبية، مادام متفقاً مع المثال التقليدي، وبات الصدق مرفوضاً، مادام يخالف ذاك المثال.
إن أهم ثورة تحققت في هذه الخصومة، هي إعادة حقوق الإبداع للمبدع، فيقول ما في نفسه، سواء أفهم القارئ أم لم يفهم، وسواء أطابق القولُ المثالَ الموجود في أذهان المتلقين أم قلب مفاهيمهم
وإذا كنّا نقف حذرين أمام هذا الاستنتاج، فإن ذلك كان خطوة هامة لإقامة جسر التواصل بين الشاعر والمتلقي على أسس جديدة تحفظ لكل منهما حقّه في الفهم والإفهام، كما كان خطوة هامة نحو التجديد الذي يقوم على التجاوز المستمر للذات والمألوف. وفي بداية كل تجاوز غموض.
_____________
(1) البلاغة تطور وتاريخ 129، وانظر الموازنة 1/37 -52
(2) تاريخ النقد العربي 2/ 146، لمحمد زغلول سلام، دار المعارف بمصر، د. ت
(3) يقول إبراهيم السامرائي: ".. ولعل الكلمة القصيرة التي توجه بها إسحاق الموصلي إلى أبي تمام في قوله: " يافتى، ما أشدّ ما تتّكئ على نفسك "، خير ما يوضح نظر النقاد التقليدي الجامد، أولئك الذين لم يؤمنوا بالتجديد والخروج على طرائق القول عند المتقدمين ". (لغة الشعر بين جيلين 135، ط 2، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1980.
(4) الثابت والمتحول 3/ 267
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
