المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05



القافية - د. صاحب خليل إبراهيم  
  
13511   01:33 صباحاً   التاريخ: 25-03-2015
المؤلف :
الكتاب أو المصدر :
الجزء والصفحة :
القسم : الأدب الــعربــي / العروض /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-03-2015 1892
التاريخ: 24-03-2015 2877
التاريخ: 24-03-2015 8061
التاريخ: 25-03-2015 3934

القافية

د. صاحب خليل إبراهيم

الصّورة السّمعيّة في الشعر العربي قبل الإسلام: ص208-235

_____________________________

إن من يتتبع القافية بالدرس والتمحيص سيجدها سمعية موسيقية، إذا لا توضع اعتباطاً وكيف ما اتفق، بل تكون ملتحمة بالبيت بشكل جوهري، مكملة له، تسبغ عليه موسيقى خارجية وداخلية، وتكون ذات سياق محكم بإتقان، تتساوق فيه ضمن الحروف والحركات، وإن كانت تشكل بحد ذاتها مقطعاً صوتياً إيقاعياً منسجماً متماثلاً منتظماً في مجالي الموسيقى والزمن، فضلاً عن تأثير الطابع النفسي لها.

والقافية هذه الموسيقى التي تتردد في كل بيت بانسجامها وإيقاعها تفضل البيت كله بجودتها "وحظ جودة القافية وإن كانت كلمة واحدة، أرفع من حظ سائر البيت"(1).

وبتتابعها تكون موسيقى، وسميت قافية لكوناه تقع في آخر البيت، وهي مأخوذة من قولك: قفوت فلانا إذا تبعته، وقفا الرجل إثر الرجل إذا قصة، وقافية الرأس مؤخرة(2).

وما القافية عند العرب إلاّ تكرير لأصوات لغوية بعينها، وتكريرها هو السبب في إحداث النغم في الأبيات(3).

وقد عرف العرب القافية، واستخدموها في شعرهم، وتعد من أهم عناصر الشعر الرئيسة(4).

وانصرفت عناية الشعراء إلى القافية بشكل لافت للنظر، فكانوا يقدّمون الشاعر الذي يحسن الإتيان بها(5).

وينقل لنا الجاحظ عن صحيفة بشر بن المعتمر كيف يختار القافية المناسبة والأوقات المناسبة لها(6)، وإن انصراف العناية بالشعر إنّما هو بالقوافي(7)، وتأكيد ضرورة اختيار أعذب القوافي وأشكلها للمعنى الذي يراد بناء الشعر عليه(8)، وملاءمتها للسمع(9)، وإن القافية إذا أسقطت قفز من الكلمات قسط كبير من الموسيقى الأثرية(10).

ومهما يكن فالقافية ظاهرة بالغة التعقيد، فلها وظيفتها الحاصلة في التطريب كإعادة أو ما يشبه الإعادة للأصوات(11).

وتعد القافية "صورة تضاف إلى غيرها، وهي كغيرها من الصور لا تظهر وظيفتها الحقيقية إلاّ في علاقتها بالمعنى، والقافية تكرار موسيقي"(12).

والقوافي على أنواع منها ما يكثر دورانها في الشعر، ومنها ما يقل استعمالها ومنها ما تنفر منه الأذواق.

وتخضع القوافي وحسن اختيارها، نسيجاً ومعنى وموسيقى لقريحة الشاعر، وقدرته وبراعته، وذوقه، وملكته اللغوية.

ولا بد للقافية من أن تكون عذبة وحلوة في رنينها ونغمتها، وعلى الشاعر أن يتجنب حروف الروي الثقيلة البشعة مثل حروف (التاء، والخاء، والشين، والصاد، والضاد، والطاء، والظاء، والغين، والذال، والواو، والزاي) لقلة استعمالها، وثقل موسيقاها وعدم الميل لها، وفقدانها للعذوبة والحلاوة، فضلاً عن كزازتها.

على أننا سنتناول نماذج شعرية بالتحليل لإيضاح الأثر الموسيقي فيها الخارجي والداخلي، وعلاقة أصوات الحروف في تشكيل الصورة السمعية.

قال المهلهل:

نُبئّتُ أنَّ النّارَ بعدَكَ أُوقِدتْ

واستَبّ بعدَكَ يا كُليبُ المُجْلِسُ

لو كنتَ شاهدهم بها لم ينبسوا ... وتكلمّوا في أمرِ كلِ عظيمةٍ

وذراع باكيةٍ عليها بُرْنُسُ ... فإذا تشاءُ رأيتُ وجهاً واضحاً

تأسى عليك بعبرةٍ وتَنَفَسُ(13) ... تبكي عليك ولستُ لائمَ حُرّةٍ

 

عندما أراد المهلهل أن يعبّر عن خلجاته النفسية إزاء مقتل أخيه كليب فاتخذ ابتداء من البحر الكامل إيقاعه الخارجي لما فيه من زخم لاحتواء احتدام المشاعر لما يعتمل في أعماقه من أسى على فقد كليب، نظراً لما يحفل به هذا البحر من موسيقى تجعله جليلاً مع عنصر ترنمي ظاهر"(14)، على أن نغمة الأسى والحزن واضحة لما يضمه فضاء الأبيات من تضاد بين حالتين، الأولى في عدم إيقاد النار والنبأ بإيقادها، هدوء المجلس وأصطخابه بالسب والتكلم، وعدم التكلم والبكاء وعدمه، مما ترك هذا التضاد أثراً يميل بالشاعر إلى أنْ يذكر الحرة الباكية، ويترك لومها، لتأسى عليه تأوهاً وتحسراً للتعويض عنه.

ومن الملاحظ أن الشاعر منذ البيت الأول قد قرع أسماعنا بـ (نُبِّئْتُ) ليعلن استياءه من حالة القوم بعد ذهاب أخيه، وينقل المهلهل الإيقاع الداخلي إلى حرف (النون) فنجده منتشراً في مفاصل الأبيات ثماني مرات بما فيها التشديد في (ان) و(النار)، والنون مجهور شديد أغن، ونحس بالثقل الشديد عند قراءة قوله (نبئت ان النار) لتجاور النونين وهما من مخرج واحد، ولتوالي تذبذب الوترين الصوتيين بعد ضغط الهواء ومروره جزئياً عن طريق التجاويف الأنفية، من خلال اعتماد طرف اللسان أصول الأسنان العليا واللثة والتصاقه بهما.

ويشيع التنوين ست مرات، على أن (الباء) احتلت موقعها إحدى عشَرة مرة، وهي حرف مجهور شديد انفجاري، وجاءت (الميم) في سبعة مواضع، وهي صوت مجهور يتذبذب فيها الوتران الصوتيان حال النطق به.

وإذا ما تأملنا أبيات المهلهل فسنجدها قد استخدمت (الكاف) عشر مرات ابتداء من الحرف الأول من اسم (كليب) لخلق تجانس صوتي بين كليب والأصوات الأخر، لأن الكاف صوت مهموس، بالرغم من كونه شديدا، فاورد: بعدك 2+ كليب+ تكلموا+ كل+ كنت+ (باكية + تبكي) + عليك 2).

على أن حرف السين المهموس ورد ثلاث مرات في أربعة أبيات عدا القافية التي كانت متلائمة مع البحر ومشاعر الحزن التي تتفاوت حدتها في أعماق الشاعر.

في الوقت الذي نقف فيه عند المتلمس الضبعي لنسلط الضوء على بضعة أبيات من قصيدته السينية نتذكره عاشقاً غريباً، أرمضه الحنين إلى وطنه العراق، وعصف به الشوق إلى أهله، تلبث في معبد الحب، واكتوى بناء الجوى، فانداحت كلماته المغمسة بنجيع الألم، ترمض الأحشاء، وتثير كوامن الأسى والتعاطف

يقول المتلمس الضبعي:

حَنّتْ قلوصي بها والليلُ مُطَّرِقٌ ... بعدَ الهُدوءِ وشاقتَها النَّواقيسُ

أنّى طُرِبْتِ ولم تُلْحَيْ على طَرَبٍ ... ودونَ إلْفكِ أمْراتٌ أماليسُ

حَنّتْ إلى النخلةِ القُصوى فقلتُ لها ... بَسْلٌ عليكِ ألا تلكَ الدّهاريسُ(15)

 

القصيدة من البحر البسيط "وللبسيط جلالة وروعة، وفيه بقية من استفعالات الرجز ذات دندنة تمنع نغمة من أن يكون خالص الاختفاء وراء كلام الشاعر (16).

إن الإيقاع الخارجي للوزن انتظمت فيه الصور السمعية بتدفقها، واسمعتنا نبضات الشاعر عبر حالته النفسية المتأزمة، وحنينه الطاغي، حيث تجلى الإيقاع بالنغمة العالية، متفاوتاً بين الخفة والثقل.

وإذا ما تتبعنا النسيج الشعري لقصيدة المتلمس فسنجد علامتين رئيستين هما (الحنين، الهدوء)، الحنين الصاخب، والهدوء المؤقت، الحنين الذي يصاحبه الطرب، الذي هاجته النواقيس، والهدوء المؤقت المرتبط بسواد الليل الذي مبعثه الأرض الواسعة المستوية الجرداء التي تبعث الخوف حيث تكمن خلفها الدواهي.

إن الحنين والهدوء حركتان خلقتا تضادا في نفس الشاعر، لبعث حالة الاستقرار لإنهاء الاغتراب، في حين أن المسافة البعيدة المتمثلة بالأرض الجرداء ومجابهة الدواهي تمثل حالة الاغتراب الحاد العميق، حيث تتشكل ثنائية القبول والرفض، القبول المتمثل بالحنين وعدم اللوم، والرفض المتمثل بالخوف المقابل.

إن الصورة السمعية تتكرر في نسيج الأبيات، من الحنين (صوت الطرب) سواء أكان ذلك عن حزن أم فرح، إذ كرر الشاعر (حنت) والطرب، مؤكداً تقوية المعاني الصورية في أسماعنا، وإبراز طغيان الحنين الذي تخفى به الشاعر خلف ناقته.

إن تكرار حرف (القاف) المهموس الشديد في (قلوص ومطرق والنواقيس، والقصوى، وقلت) قد زاد من جلجلة الإيقاع الداخلي للتعبير عما يعانيه الشاعر من تشنج وانفعالات داخلية صعدها الحنين العارم، على أن تكرار حرف (السين) في القصيدة المتوافق مع القافية يحمل الجرس الموسيقي صوتاً قوياً يتفق فيه حنين الناقة مع أصوات النواقيس، ويوحي باليأس في الأبيات اللاحقة.

كما أن معطيات (النون، والتنوين) ذات الجرس العالي داخل نسيج القصيدة أشاعت النغمة الحزينة داخلها، بيد أن وقع الجرس عبر الألفاظ يستلذه السمع بما يشكله من صور سمعية تتساوق معها نغمة القافية التي جرسها من جوهر الغُنّة، وهي تبعث على التطريب، غير أن القصيدة تقع تحت نوعين من الإيقاع الداخلي: السريع والبطيء، يتخللان القصيدة في استخدام أصوات اللين (الألف والواو والياء)، حيث استطاع المتلمس أن يربط تلك الأصوات بموضوعة (الحنين) إذ جاء (الواو) في:

قلوصي، والهدوء، و(الألف) في: شاقتها، والنواقيس، وامرات، واماليس، والدهاريس، فضلاً عن (الياء المتكررة)، لذلك كله من أجل توكيد المعنى في الصور المختلفة، فلفظة (الليل) تعرضت لصوت اللين (الياء) للتعبير عن طوله وشدة سواده، يماثله الهدوء والسكون، ولذلك كانت الناقة تشتاق لأصوات النواقيس، فاقتران تلك الأصوات بصوت اللين في النواقيس جاءا منسجمين في إطالة موسيقى الكلمة لينسجم مع الحنين لكثرة الشوق، والاستماع لتلك النواقيس.

وضمن البحر البسيط، والإيقاعين: الخارجي والداخلي، والحروف المتكررة، ومد الناقة صوتها (حنت) طرباً إلى إلف، أو وطن، والطرب، والقول تأكدت صور سمعية لدى السامع، وقد برزت الصورة السمعية على غيرها من الصور لطبيعة الموضوع ولطبيعة الحنين الطاغي في أعماق الشاعر.

إن علاقة أصوات الحروف بتشكيل الصور السمعية ينبع من التكرار أيضاً، لأن التكرار تجانس إيقاعي داخلي -وإن بدا ظاهرياً-يسعى من خلالها الشاعر إلى إحداث تأثير صوتي في المتلقي ولفت سمعه عبر تشكيل صورة سمعية (صوتاً ودلالة)، وقد تتحول الدلالة إلى صورة سمعية ذهنية مقترنة بالأصوات التي أدت إلى تشكيلها "فعند حصول الشعور باللفظ يبادر الذهن إلى تفسيره، على وفق ما اقترن به من معنى، لأن للألفاظ صوراً دلالية استقرت في أذهان الناطقين بتلك الألفاظ"(17).

ومن أمثلة ذلك أصوات حرف القاف والشين في قول امرئ القيس:

وقد رابني قولها: يا هنا

هُ ويحكَ الحقتَ شرّاً بشرّ(18)

 

وقول حسان بن ثابت في تكرار السين، والحاء، والذال، والراء مما أدى إلى الأداء النغمي لاستيعاب التشبيه وتأكيد المعنى من خلال أصوات الحروف، والقسم فضلاً عن أصوات الأداء السمعي:

 

فوقفتُ في البيداءِ أسأَلُها ... أنّى اهتديت لمنزلِ السَّفْرِ

وحلفتُ لا أنسى حديثكِ ما ... ذكرَ الغَويّ لذاذةَ الخَمْرِ(19)

ومن التكرار ما يتجانس مع القافية وغيرها لفظا ودلالة، ومنها ما يتفق لفظاً ويختلف في الدلالة، ومنها ما يختلف في اللفظ والدلالة، سواء أكان في نوع الحروف أم في شكلها وصوتها من الهيئة الحاصلة من الحركات والسكتات، أم في عددها أم في ترتيبها.

ومن التكرار ما يتجانس مع القافية لفظاً ودلالة لتقوية النغم وتقوية الصورة السمعية عبر الصورة التي تمثل التضاد في القلة والكثرة، والتأثيرات النفسية التي يحدثها التعبير في هذه الظاهرة التي يهتم بها العرب آنذاك:

 

تُعَيِّرنا أنّا قليلٌ عديدُنا ... فقلتُ لها إنَ الكرامَ قليلُ(20)

 

وقد استخدم الشاعر حرف (القاف) الحلقي الذي أشاع تجانساً في الصورة عبر معطيات المعنى المتضاد.

ومن أمثلة ما يتفق لفظاً ويختلف في الدلالة في نوع الحروف وعددها في غير القافية مثل (الخرق): الأرض الواسعة التي ينخرق فيها الريح، والخرقاء: الناقة النشيطة، حيث جرى تصوير الصحراء وصوت الريح، والناقة التي تشكو من التعب والسأم:

 

واقطعُ الخَرْقَ بالخرقاءِ قد جَعَلتْ ... بعدَ الكلالِ تَشكّى الأَيْنُ والسَّأَما(21)

 

فضلاً عن النغم المنبعث من حرف القاف من الخرق والخرقاء، والأصوات في اختلاف الدلالة بينهما.

ومنها ما يختلف في اللفظ والدلالة مثل (اسف، وخلف) في قول بشر بن أبي خازم:

 

هلْ للحليمِ عن ما فاتَ منْ أسَفِ

أمْ هلْ لعيشٍ مضى في الدهرِ منْ خَلَفِ(22)

 

إن اختلاف الصوت في (اسف وخلف) في العروضة والضرب أشاع نغماً، بيد أن الصور هنا قائمة على تصوير الماضي والحاضر، فضلاً عن أصوات الاستفهام التي ساعدت على تصوير الحالتين في الماضي والمستقبل، وحرقة النفس على الماضي.

وكقول امرئ القيس في اختلاف اللفظ والدلالة في (عسعسا، واخرسا):

ألِمّا على الربّعِ القديمِ بعسعسا ... كأني أُنادي أو أُكَلِّمُ أخْرَسا(23)

 

إن الصورة أساساً سمعية من خلال النداء أو تكليم الأخرس بدلالة المفردة السمعية (أخرس) بيد أن اختلاف اللفظ وانسجام الإيقاع الصوتي اشاعا موسيقي منسجمة في البيت لتقوية الصورة السمعية فيه.

وإن استثمار البديع في الشعر لإحداث تناغم صوتي في الإيقاع الداخلي من خلال التجانس المتعدد في النوع والكم مما يغري بوجود هندسة صوتية لتشكيل صورة سمعية، حيث يتحرى الشاعر عن الأصوات الموسيقية المتجانسة على وفق معايير خاصة تقوم على التجانس مما يؤدي إلى ائتلاف اللفظ والوزن فضلاً عن تقوية النغم على الصعيد الإيقاعي "لأن الصوت آلة اللفظ والجوهر الذي يقوم به التقطيع، وبه يوجد التأليف، ولن تكون حركات اللسان لفظاً ولا كلاماً موزوناً ولا منثوراً إلا بظهور الصوت"(24).

إن تجانس الأصوات من تجانس الحروف والألفاظ والجمل والقافية مع الإيقاع فتجد التلاحم والائتلاف قائماً مما يسبغ على الشعر جودة وحلاوة فتجده مسبوكاً "وأجود الشعر ما رأيته متلاحم الأجزاء، سهل المخارج، فتعلم بذلك أنه قد أفرغ إفراغاً واحداً وسبك سبكاً واحداً، فهو يجري على اللسان كما يجري الدهان"(25).

فالائتلاف بين اللفظ والوزن لا يسعى إلى تقوية النغم على صعيد الإيقاع حسب بل هو "تأكيد الوصف، أو المدح، أو الذم، أو التهويل، أو الوعيد"(26).

وممّا جاء لتأكيد الوصف قول المنخل اليشكري:

 

فَدَفعتُها فَتدافَعَتْ ... مَشْيَ القَطاةِ إلى الغَدير

ولثمتُها فَتَنَفستْ ... كتنفسِ الظّبي الغَريرَ(27)

تبرز الصورة من خلال الأفعال المختلفة التي احتلت مساحة البيتين، فأسبغت حالة من العلاقة القائمة بين الشاعر وفتاته، وتصوير ممارستها، كما نجد العلاقة القائمة بين الحروف، وهي علاقات الرقة المنسجمة مع الموقف المفرح والحالة النفسية التي هما عليها، حيث انسجمت تلك الحروف مع الإيقاع لإبراز الصورة السمعية (ولثمتها فتنفست كتنفس الظبي الغرير) فالفاء المتكرر هنا صوت مهموس احتكاكي" عند النطق به تقترب الشفة السفلى من القواطع العليا وتلامسها بحيث تسمح للهواء المزفور ينفذ من خلالها مع حدوث الاحتكاك(28) هذا الصوت رسم لنا صورة تنفس الفتاة وسماع هذا التنفس وتشبيهه بتنفس الظبي، على أن التكرار في لفظة التنفس، قد قوت الإيقاع والصورة السمعية غير الصاخبة.

وقال السموءل مؤكداً معنى المدح:

ونُنكِرُ إنْ شئنا على الناسِ قوْلَهمْ ... ولا ينكرونَ القولَ حينَ نقول(29)

 

إن ألفاظ الأداء السمعي التي شكلّت الصورة قد تعددت (بالنكران والقول)، مما أدى إيقاع الألفاظ المتكررة إلى تقوية المعنى الذي يقودنا إلى التصوير من خلال تصور القوم إزاء حالتي الضعف والقوة، فالقوم ضعفاء لا يستطيعون رد قول قوم الشاعر، في حين صور السموءل حالة قومه بالقوة والمهابة والسطوة والجاه. بحيث لا ينكر الناس قولهم، إنه توظيف إيحائي يوظف الحالة النفسية عبر طاقة الألفاظ وتكررها (ننكر ونقول)، فالصورة السمعية بالرغم من تشكيلها بألفاظ ذات دلالة سمعية، فإنها قامت على إبراز المشاعر والحالة النفسية الكامنة في الناس وقوم الشاعر، وهو سلوك صوره السموءل من الحزم والإرادة والقوة لقومه، والضعف والخوف للناس.

وفي إطار الذم قال بشر بن أبي حازم:

فَمَنْ يَك مِنْ جار ابْنِ ضَبّاء ساخراً

فقد كانَ في جارِ ابنِ ضَبّاء مسخرُ(30)

إن التكرار هنا في (ساخرا ومسخر) أفاد في تكوين صورتين، الأولى صورة المستهزئ الذي يسخر من جار بن ضباء، والصورة الثانية بالضد منها تماماً، حيث تنقلب الصورة من المستهزئ إلى المُسْتَهْزَأ به، مع ما يصاحب ذلك من تأثيرات نفسية، حيث يختفي الرنين من تنوين (ساخرا) إلى (سخر)، حيث تتضافر أصواتها لإبراز معناها وتأثيرها النفسي في الذي سخر به، فالميم صوت أنفي مجهور عند النطق به يحبس الهواء ويضغط في الفم، والسين صوت صفيري احتكاكي، والخاء احتكاكي، والراء هذا الصوت المجهور المتكرر الذي يحتوي على رنين صوتي، فتتعاون تلك الأصوات المجهورة والمهموسة لتؤدي المعنى المطلوب عبر الصورة التي شكلها لنا الشاعر.

وفي الوعيد كرر زهير بن أبي سلمى عبارات وألفاظاً توخي منها تقوية النغم والصور الشعرية فقال:

 

وإما أن يقولوا: قد وفينا ... بذمتنا فعادتَنا الوفاءُ

وإما أنّ يقولوا: قد أبينا ... فَشَرُّ مواطن الحَسَب الإباءُ(31)

 

ابتداء رسم لنا الشاعر صورة للوفاء بإيفاء ما بذمة القوم، كما رسم صورة للرفض وما يترتب عليها من شر.

فالقول هنا يتوجب عليه الوفاء إذا كان بالإيجاب، ويترتب على القول بالرفض (الشر)، فالتكرار كان لتقوية الصورة التي أكدت المعنى، سواء أكان ذلك في تكرار القول أم في تكرار الوفاء، على أن حرف القاف الذي تكرر عدة مرات قد ساعد أيضاً على إبراز هذا الصوت الحلقي لتقوية النغم والمعنى والصورة، على أن للحالة النفسية التي عليها الشاعر أثرا في رسم الصورة واستخدام الألفاظ السمعية والتكرار، لإبلاغ تلك الحالة للخصم المقصود بها التهديد، وما تكرار القول إلا لطبيعة الخطاب الموجه لبني عليم للتشهير والتذكير من خلال إشاعة النغم القوي المتكرر.

على أن التكرار باب يتسع للجناس بأنواعه المختلفة، وتفرعاته المتعددة المتباينة، آثرنا أن تنضوي تلك المسميات تحت التكرار لشموليته ورحابة ما يضمه من تكرار في الحروف والألفاظ، أو العبارات، أو الأشطر، سواء أكان التكرار لتقوية المعاني الصورية أم النغمية، أم المعاني التفصيلية الملفوظة أو الملحوظة.

وآثرنا أن ندرج البديع(32) ضمن التكرار الصوتي (اللفظي) فهو به الصق، لكونه يشكل أصواتاً إيقاعية داخل النسيج الشعري، لتوخي الفائدة أوّلاً، واستكمال جوانب الموضوع ثانياً.

والتجنيس تكرار موسيقى، وهو "ما تكون الكلمة تجانس أخرى في تأليف حروفها وما يشتق منها"(33)، أي بتجانس اللفظ مع اختلاف الدلالة، وبالرغم من قلته في الصورة السمعية فهو قد ورد عند بعض الشعراء:

بحسامِ سيفكَ أو لسانِكَ والـ ... ... كَلِمُ الأصيلُ كأَرْغَبِ الكَلِمْ(34)

حيث جانس الشاعر بين الكلم (الكلام البليغ)، والكلم: الجرح، حيث نجد أن تكرار النغمة في اللفظتين أثر في تشكيل الصورة الجزئية والصورة الكلية، فالجزئية في الشطر الأول، إذ صور لنا الشاعر السيف القاطع بإضافة الحسام لتخصيص القطع بحسم الأمر وإحداث الجرح، والصورة الجزئية الثانية تمثلت بإضافة الكلام البليغ النافذ (ألفاظ سمعية) إلى اللسان والمراد به هجو العدو وإحداث الجرح البليغ، لأن جرح اللسان أبلغ من جرح السيف، فحصيلة مزج الصورتين وترابطهما تنتج الصورة المركبة، وبالتالي تتضح أمامنا الصورة الكلية، حيث اتجه التصوير للسيف القاطع الجارح واللسان الحاد الجارح أيضاً، ومن هنا فالنغمة بصوت (الكلم) تختلف في المعنى بقرينة السيف أو اللسان، فاللسان ينطق ويجرح بنطقه (الهجاء) الأحاسيس والمشاعر، والكلم (الجرح) بقرينة الحسام يؤذي ويؤلم، وهذا النغم المتباين أثر في تشكيل الصورة، ولولا هذا التباين لما حدثت الصورة، والتجنيس الموفق يتبع قدرة الشاعر على الإفادة منه عبر التكرير اللفظي لإحداث النغم لخدمة المعاني الصورية والجرس الداخلي.

وقال أوس بن حجر مجانساً بين (حيّوا) من التحية، والحي: المكان:

 

قد قلتُ للركب لولا أنهمْ عَجلوا ... عرجوا فحيّوا الحيّ أو سيروا(35)

 

انبثق الجرس الموسيقي من تكرار حرفي الحاء والياء في (حيّوا) والحي، فضلاً عن المجانسة بين اللفظتين لإشاعة النغم في نسيج البيت الشعري، كما أن اختلاف الدلالة له أثره في تشكيل الصورة الجزئية صوتياً، وامتداد أصوات الألفاظ ذات الدلالة السمعية، فضلاً عن أصوات الحروف في (عجلوا وعوجوا) ذلك كله ساهم في تشكيل الصورة الكلية المتمثلة بمخاطبة الركب المتعجل، والطلب منه تحية القوم الذين يسكنون الحي، أو أن يتابعوا سيرهم، فالصورة إذا قامت على الأصوات والأثر النغمي، فتلك العلاقات اغنت الصورة التي نقلت المعنى سمعياً عبر الصورة الصوتية.

وجانس أمية بن الصلت بين (اعتبت) من العتاب، و(معتب) اسم فتاة:

فما أعتبْت في النائباتُ مُعَتّبٌ ... ولكنّها طاشَتْ وضَلّتْ حلومُها(36)

 

أحدثت اللفظتان (اعتبت ومعتب) نغماً من التجانس أولاً، ونغما من اختلاف الدلالة، ثانياً، كما قامت الصورة على العلاقات بين الحروف وخاصة (التاء) التي تكررت بشكل لافت للسمع، وقد استمدها الشاعر من اسم الفتاة (معتب)، واشاعه في البيت، كي يشيع في نفسه وعن طريق السماع راحة نفسية، أو لتأكيد المعنى غير ما يحدثه هذا الصوت من نغم بما ينسجم والموضوع الذي توخاه الشاعر.

ويتخذ التكرار مع ما يتجانس مع القافية لفظاً ودلالة لتقوية النغم من جهة، ولتوكيد الدلالة من جهة ثانية بعدا آخر في التأليف بين الحروف والمعنى، فيكرر الشاعر اللفظة في بيت لاحق لبيت سابق، مثال ذلك امرؤ القيس (37) وتأبط شراً بقوله:

لكنّما عِولي إنْ كنت ذا عِوَلٍ

على بصير بكسْب الحمدِ سَبّاقِ

مرّجع الصوت هَدّاً بين أرفاقِ(38) ... سَباقِ غايات مَجْد في عشيرتهِ

في تتبعنا للجانب الصوتي للألفاظ المتجانسة نجده قد أشاع نغماً من خلال تكرار تلك الألفاظ (سباق) و(عولي- عول) لتأكيد المعنى، فضلاً عن التشديد في (سبّاق) الذي منح الصوت إصراراً على أنه طلاب لوجوه الحمد ومآثر الشكر في البيت الأول (القافية) و(سباق) في البيت الثاني لإحراز المجد وقصبات السبق بين أهله وعشيرته، ليصبح بهم آمراً ناهياً، فكانت (سبّاق) نمطاً صوتياً في التكرار يخدم المعنى، والجرس الداخلي، اذان قوة النغم انبثقت من التشديد في (سباق، ومرجع، وهدا) مما يتساوق مع أصوات تلك الألفاظ، والتأثير في الصورة وشحنها بطاقة تضغط على المدرك السمعي، وبالتالي النفسي له أهميته إلى جانب الأصوات والجرس الموسيقي الداخلي في تشكيل الصورة التي تجعله آمراً ناهياً عبر صوت مردد غليظ شديد يهد قلوب الرفقة.

ومن تكرار الألفاظ وتجانسها مع القافية في بيت واحد مستقل، ما وجدناه عند بشر بن أبي خازم(39)، وامرئ القيس(40)، وعبيد بن الأبرص(41)، والسموؤل(42)، وعدي بن زيد (43)، والنابغة الذبياني(44)، وزهير بن أبي سلمى:

فَمَنْ مُبْلِغُ الاحلافَ عنّي رسالةً ... وذُبيانَ هلْ اقسْمتُمُ كلَّ مُقْسَمِ؟(45)

ومَنْ يجعل المعروف من دونِ عرضهِ ... يَفِرْهُ، ومَنْ لا يَتّقِ الشتمَ يُشْتَمِ(46)

هذا وليس كَمَنْ يعيا بِخُطّتِهِ ... وَسْطَ النَّديِّ إذا ما ناطِقٌ نَطَقا(47)

إن التأثيرات الصوتية المنبعثة من تكرار الألفاظ التي وردت في الأبيات السابقة مثل (أقسمتم كل مقسم) ومن لا يتق الشتم يشتم، وإذا ما ناطق نطقاً، قد أشاعت عبر الألفاظ جرسا موسيقيا يؤكد المعنى والصورة والنغم، إلى جانب أصوات الألفاظ ذات الدلالة السمعية، وخاصة في (تبليغ الرسالة) في البيت الأول، والألفاظ الإيحائية في البيت الثاني التي وصفت الكرم والجرأة والبلاغة إذا ما قام في مجلس القوم ناطقاً.

على أن التكرار داخل البيت الواحد قد احتل حيزاً كبيراً من مساحة الشعر الجاهلي، فقد ورد بصيغة (الصوت) مع تصريفاته المختلفة(48)،

والحديث(49)، و(النبأ +انبأته) (50) و(التذكر+ ذكرت + تذكرتهم) (51)، والدعاء وتصريفاتهم (52) والشكوى والأرنان(53)، والصياح(54)، و(المدح +الشكر +الوعد+ الذكر + اطيط)(55) و(الزجر+ العتب)(56)، و(اللوم +الهزج+ التبليغ)(57)، والحمد(58) و(يغط +يسأل +سائل + دب+ دبيب +هديل(59)و(تخشخش- خشخشت - وعدتك -موعدا- كموعد)(60)، و(الحمد- للحمد)(61) و(بلغت- لمبلغك- صريف- (مقالة -مقالتهم +(تكلم -كلامه)+ (حيوا -تحيون) +(تكلمنا -كلمتنا)+ (تخبرني -أخبرها)+ (عاتبة- العاتب)(62)، والعلم (63)، و(سألنا- التساءل+ اسأل- سؤالك+اساءلت- تسائل)(64)،

و(وشي-وشاة) (65)، و(صوته الصوت) (66) و(شكت +تشكي) (67)، و(لام -لائم) (68)، و(سمعت بسمع -اسمع -السامعون) (69)، و(سأوصي -وصاة) (70)، و(يصيح -صياح) (71)، وانطقتني -نطقت) (72)، و(يستجيب -مجيب+ (غياث -يغيثه) (73).

والترصيع من الصور السمعية، يتمثل بالإيقاع الداخلي المتوازن بتوازن الألفاظ ويتوخى من الترصيع "تصيير مقاطع الأجزاء في البيت على سجع أو شبيه به أو من جنس واحد في التصريف"(74)، وهو إيقاع يستميل السامع إليه عبر نغمة متوازنة، كما ورد عند تأبط شراً: (عذّالة خذّالة)، فاللفظتان متوازنتان مما أثارا نغماً، وتأثيرا موسيقياً فضلاً عن التشديد فيهما مما يقوّي هذا النغم الذي ينسجم في الإيقاعين الخارجي والداخلي وتأثير ذلك في سمع المتلقي:

 

يا مَنْ لِعذّالةٍ خَذّالةٍ أَشبٍ ... حَرَّقَ باللوم جلدي أيّ تَحراقِ(75)

 

فالصورة هنا سمعية تأثرت بالإيقاع المنسجم، فضلاً عن تساوق التشديد والتنوين لإحداث الانسجام المطلوب.

على أن امرأ القيس قد أورد لفظتين مسجوعتين هما (مكر-مفر)، وأتبعها بلفظتين متضادتين (مقبل -مدبر)، دلالة على الحركة والسرعة في الإقبال والإدبار والحركة الدائمة المنسجمة مع (العدوان) التي اتخذت صفة الاضطراب وعدم السكون:

 

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معاً ... كتيسِ ظِباءِ الحُلَّبِ العَدَوان(76)

كما ورد له أيضاً (فتور القيام، قطيع الكلام) (77)، ومما جاء من الترصيع عند أوس بن حجر (هدلا مشافرها -بحا حناجرها)، الصورة هنا ارتبطت بالحناجر المبحوحة ولذا كانت المشافر هدلاً، فالتساوق جاء في صورة انسجم فيها الصوت مع الحالة عبر نغم متجانس.

 

هُدْلاً مشافرُها، بُحّاً حناجِرُها ... تُزجي مرابيعها في صَحْصَحٍ ضاحي(78)

 

هذا الترصيع ذو الجرس الداخلي الذي أدى إلى إيقاع منسجم مع الانفعالات النفسية للشاعر، منح الصورة السمعية قدرة أدائية متميزة تعويضاً عن البحر البسيط الذي يبدو أنه يستطيع بإيقاعه أن يستوعب أحاسيس الشاعر، ولذلك اتجه إلى استخدام التكرار المتمثل بالترصيع، لما له من قدرة على تشكيل إيقاعات داخلية تتساوق مع الحالة التي يروم الشاعر التعبير عنها، فضلاً عن صوت (الحاء) المهموس الذي تكرر في البيت بشكل لافت للسمع، الذي أسبغ على إيقاعات الترصيع ومن ثم الصورة أداء متميزاً عبر عن صوت الرعد، ومن هنا جاءت الصورة السمعية متميزة فرضتها قدرة الشاعر في استيحائها من اللجوء إلى إيقاع التكرار، على أننا لا نغفل الأثر النفسي في صياغتها من طغيان مشاعر الفرح بالغيث.

ويتخذ التكرار صيغاً متعددة تدخل في نسيج الإيقاع الداخلي لشكيل التآلف الصوتي عبر الألفاظ المختارة، من خلال تكرار بعض الحروف.

ومن تكرار الأصوات بعينها في بيت واحد، أو عدة أبيات تكمن موسيقى عذبة، أو زخرف صوتي، يكشف الشاعر فيه عن مقدرته الإبداعية في إقامة تجانس صوتي من خلال حروف بذاتها من جنس القافية مما يشكل صوراً سمعية.

قال امرؤ القيس:

تقول وقد مالَ الغبيطُ بنا معاً: ... عَقَرْتَ بعيري يا امرأ القيسِ فانزلِ(79)

 

نلاحظ الشاعر قد كرّر صوت اللام خمس مرات مجانسة للقافية (اللام) من تقول، ومال، ولام الغبيط والقيس، فانزل، على أننا نجد علاقة بين الميلان والنزول في المعنى.

ونجد صوت اللام وهو المجهور الشديد المستمر منتشراً في أكثر أبيات المعلقة، حتى ليمكننا أن نعد هذا الصوت هو مفتاح القصيدة.

على أن زهير بن أبي سلمى(80) قد كرّر صوت الميم في معلقته سوى بيت واحد خلا منه باستثناء قافيته.

وتتعدد الأمثلة في نماذج شعرية كثيرة يضيق بنا مجال حصرها.

وإذا ما تتبعنا بعض القصائد فسنجد أن الشاعر يكرر حرفاً معيناً من أبياته، مستمداً من أحد أحرف اسم زوجه، أو حبيبته، أو صاحبته، فقد أخذ امرؤ القيس حرف الميم من (فاطمة) وكرره في عدة أبيات لإحداث التجانس الصوتي لما لهذا الحرف الأنفي المجهور من رنين، وقد دخل على الأفعال التي ضمت معاني القوة، وأوضحت الآثار النفسية للشاعر:

 

أفَاطمَ مهلاً بعضَ هذا التّدللِ ... وإنّ كنتِ قد أزمعتِ صَرمي فأجملي

أَغرّك مني أنّ حبّكِ قاتلي ... وأنكِ مهما تأمري القلبَ يفعلِ(82)

 

ونجح صوت (الميم) في إبراز الصورة السمعية من خلال ما أدّاه في إيضاح الانفعال النفسي المقصود لحالتي الحب واستجابة القلب لكل ما تأمر به الحبيبة، وحالة الخوف من الهجر، وما يترتب عليه.

وحين يذكر (ليلى) نجده يكرر اللام في جميع الأبيات التي ذكر فيها ليلى(82) وعندما يذكر (نعما) يكرر (العين) في عدة أبيات(83).

ونجد زهير بن أبي سلمى يكرر حرف الميم من (أم أو في) في معلقته، فكان حرف الميم هو مفتاح معلقته، وهو حرف يطرد ذكره في أكثر أبياتها ليوائم رويها(84):

 

أمْن أم أوفى دمنُة لم تَكَلّمِ ... بحومانِه الدّراجِ، فالمتثلم

فلما عرفتُ الدارَ قلتُ لريعها ... ألا عمْ صباحاً أيها الربع واسلمِ(85)

 

الميم: حرف مجهور انفي له رنين، وما استخدامه هنا من لدن زهير إلا لجهره ورنينه، لا سيما زهير قد وقف على الأطلال وطرح تساؤله، ولكنها لم تجبه (لم تتكلم) بيد أنه بعد أن عرف الدار حياها، ودعا لها أن تسلم، ذلك كله بحاجة إلى الصوت المصحوب بالرنين لتقوية الصوت الجهير المتسائل، وإعلان حالة الشاعر، في الصوت المرتفع بالتساؤل والتحية والدعاء، حتى الصوت في أعماقه انطلق جهراً لما له من أثر في نفسه ليسمع إيقاع حالته النفسية المتوجعة المتحفزة للاستقرار، وتحقيق السلم بعد الاقتتال، بدلالة الدمنة الشاخصة، وتحيتها والدعاء لها، على أن استخدام الميم المجهور استدعاه إعلان المدح لداعيتي السلام وحقن الدماء.

وقد اختار زهير حرف اللام من (سلمى) وكرره في أكثر أبيات قصيدته التي مطلعها:

 

صحا القلب من سلمى وقد كاد لا يسلو ... وأقفرَ منْ سلمى التعانيقُ فالثّقْلُ

تأوّبني ذِكْرُ الأحبّةِ بعدما ... هَجَعْتُ ودوني قُلّةُ الحَزْنِ فالرّملُ(86)

 

وكرر قيس بن الخطيم (العين) من (عمرة)(87)، وإذا ما تجاوزنا ذلك إلى صناجة العرب (الأعشى)، فإننا سنجده قد اختار (التاء) من اسم صاحبته الذي أشار له بـ (تيا) وإشاعة في أكثر أبيات القصيدة:

أتشفيكَ "تيا" أم تركتَ بدائِكا ... وكانتْ قتولاً للرجالِ كذلكا(88)

 

ولا يختلف الأمر معه في قصيدة أخرى اختار فيها اللام من (ليلى)(89)، واختار ابن مقبل اللام من ليلى أيضاً(90)، واختار لبيد (الميم) من (سلمى)(91).

وقد يكون مبعث تكرار حرف من أحرف اسم الحبيبة ذا أثر نفسي يستطيبه الشاعر ليشيع في نفسه وسمعه إيقاعاً ذا نغمة معينة قد تؤنسه فيطرب لها، وهو بدوره يحاول أن ينقله إلينا عبر الإيقاع الذي اختاره، وقد يتخذ من الحرف مكاناً في نسيج الشعر تبعاً لحالته وغرضه الأساس وتجربته وباعثه الآني.

أسماء النساء:

ويتحقق الإيقاع الصوتي من خلال استخدام الشعراء لأسماء النساء وإشاعة حرف من الاسم، أو حرفين في أغلب أبيات القصيدة، فتنتشر موسيقى داخلية عبر تكرار الاسم أو أحد أحرفه البارزة.

احتلت النساء حيزاً كبيراً في الشعر العربي قبل الإسلام، سواء أكان ذلك في لوحات الافتتاح، أم في اللوحات التالية لها، أم في صلب القصيدة، والقصائد التي تخلو من أسماء النساء قليلة قياساً إلى انتشار الأسماء، بل حتى تعددها أو تكرارها في القصيدة الواحدة.

وقد تعدد المدلول الرمزي لتلك الأسماء بسبب اختلاف تجارب الشعراء الشخصية، واستحالة توافق المواقف في حياتهم إلاّ في الأطر العامة وافتراقها في التفصيلات الدقيقة.

وقد يكون الاسم حقيقياً، أو مستعاراً، بَيْدَ أنّ ما يهمنا هنا هو مدى علاقة الاسم بالوزن والقافية، وتكرار أحد حروفه في نسيج القصيدة، وأثره في الإيقاع، وتحسين موسيقى الشعر بحيث يكسبه رونقاً، فضلاً عما يسبغه على المعنى من تجانس.

وقد قيل "وللشعراء أسماء تخف على ألسنتهم، وتحلو في أفواههم، فهم كثيراً ما يأتون بها زوراً نحو: ليلى، وهند، وسلمى، ودعد، ولبنى، وعفراء، وأروى، وريا، وفاطمة، ومية، وعلوة، وعائشة، والرباب، وجمل، وزينب، وأشباههن"(92).

ونحن لا ننكر هذا الرأي المتقدم، على أننا يمكن أن نعزو اختيار الاسم إلى تأثيرات مهمة تتمثل في:

1-التأثر بالموروث وأتباعه، بما يتيحه له من اختيار الاسم مع ما ينسجم وذوق الشاعر، أو مدى شيوع الاسم وانتشاره بما يقرره الذوق العام.

2-واقعية الاسم، إذ يتبدى لنا موقف الشاعر الواضح إزاء ذلك الاسم من خلال الحدث الواقعي الذي انبثق منه العمل الإبداعي عبر تجربته الحيوية التي انعكست على بعض شعره.

3-التخفي وراء أسماء عديدة للنساء، وهو موقف يتضح في معطياتهم الشعرية الكثيرة بما يتلاءم ومعالجات الشعراء لموضوعاتهم.

4-توظيف الاسم فنياً، لوقعه الموسيقي، أو لملاءمته مع الوزن والقافية، وعلاقته بأبيات القصيدة، وما يملكه من قدرة في منح القصيدة التجانس الصوتي المطلوب، وتأثير ذلك في الصورة السمعية، فضلاً عما يشيعه من متغيرات نفسية واجتماعية وذوقية بما يخدم موضوع الشاعر، وتوتراته وانفعالاته.

على أن حرف السين كان أكثر شيوعاً من غيره لدى الشعراء الجاهليين، وتلك ظاهرة لا يمكن أن نعزوها إلى عنصر المصادفة المفرغة من المحتوى الفني(93).

ومن حيث تعلق الاسم بالوزن، قد تنسجم أسماء رباعية في وزن معين مثل: سلمى، ليلى، وأشباههما، أو ثلاثية تنتهي بتنوين مثل (هند، دعد، زهر، جمل، نعم..) في وزن آخر، وكذلك الأسماء الخماسية، أو المرخمة، وأحياناً يلجأ الشاعر إلى التصغير أو إلى همزة الاستفهام، أو غير ذلك مما يجعل الاسم منسجماً مع الوزن ويؤدي إلى إحداث إيقاع منسجم(94).

وإن اختيار حرف السين (95)، المهموس له علاقة بالأجواء التي رسمها الشاعر ابتداء من الطلل البالي، والسعادة المفقودة، والأسى المتسرب إلى النفس، واستحضار الذكريات، ويترفق امرؤ القيس بالحديث عنها، وتلين نفسه لها، فالنغم المتكرر من السين المهموس المتساوق مع أسرار النفس والأسى المتسرب فيها أثّر ذلك في الصورة السمعية.

وبالرغم من الذكريات التي يسردها امرؤ القيس يوضح فيها لهوه، فإن القافية (اللام) المنتهية بكسرة جاءت مناسبة لانكساره النفسي.

على أن حرف (السين) المهموس، قد تساوق مع حرفي: التاء، والثاء المهموسين، وتلك الأحرف قد انتشرت في نسيج القصيدة بشكل يثير الانتباه(96).

بيد أننا لا نستبعد أن يكون اسم (سلمى) رمزاً للمملكة الضائعة التي خلفت في نفسه ألما وحسرة.

وما استخدام حرف (السين) المترافق مع سلمى، إلا لإشاعة جو نغمي لتقوية الصورة المعنوية، ومنها الصورة السمعية، وتقوية النغم، على أننا اخترنا بعض القصائد لعدد من الشعراء تكرر عندهم اسم (سلمى)(97).

 

وحرف السين عند النابغة(98) من سعاد قد انتشر (21) مرة، وقد تعاقبت الأحرف بعد السين، مثل التاء، والشين، والثاء، وكلها أحرف مهموسات، على أن موضوع القصيدة في الفخر قد تساوق مع حرف الميم المهجور (القافية) المنتهي بالمد الذي ساعد على تخفيف شدة الميم:

 

يُنْبِئْكَ ذو عرضهم وعالِمُهُمْ ... وليس جاهلُ شيءٍ مِثْلَ مَنْ عَلِما(99)

 

في حين نجد القافية (النون) المضمومة المهجورة الشديدة قد انبثقت من تفخيم النابغة للنعمان بن المنذر، ولكنها قد تساوقت أيضاً مع الأحرف المهموسة: السين، والتاء، والشين، والثاء، فالشين من (الشامتين) بالرغم من كونها مهموسة، كانت سبب استسلام الشاعر للحزن.

 

وقال الشامتونَ هوى زيادٍ ... لكلِ مَنّيةٍ سببٌ مُبينُ

أغيركَ مَعْقلاً أبغى وحِصناً ... فأعيتني المعاقِلُ والحصونُ(100)

 

فالمهموسات أشاعت نغماً حزيناً متساوقاً مع حزن الشاعر، على أن نغم النون أدى إلى حالة تفخيم الممدوح للاحتماء به.

في حين استخدم النابغة حرف السين من (سعدى وسعداك) 19 مرة في قصيدة تعدادها 18 بيتاً، يمدح فيها النعمان بن وائل، مستخدماً قافية (الدال) المكسورة، وقد اعترف بالجميل لممدوحه، لإنقاذ النواهد(101)، كما أنه قد خص قصيدة أخرى بقافية الدال المكسورة حيث عبرت عن الانكسار النفسي بالرحيل.

 

لا مرحباً بغدٍ ولا أهلاً بهِ ... إنْ كانَ تفريقُ الأحبّةِ في غَدِ(102)

 

فالنغم المتكون من الكسرة، والدال المهجورة قد انتشرا في نسيج البيت (بِغَدٍ، به الأحبة) لتصوير عنف الفراق وقوة الزمن.

واستخدم زهير بن أبي سلمى حرف السين من سلمى(103) مع قافية اللام المضمومة واللام صوت مجهور شديد يناسب هذا التفخيم ومكانة الممدوح وينسجم مع قوة السلاح والحرب، وقوة المحاربين.

وفي قصيدة له استخدم فيها السين من سلمى أيضاً مع قافية اللام المضمومة، والقصيدة فيها من الفخر والمدح ما جعل ذلك يتساوق مع صوت اللام المجهور الشديد:

عزيزٌ إذا حَلّ الحليفان حوله ... بذي لَجَب لَجّاتُهُ وصواهِلُهْ

فاقبلتُ في الساعين أسألُ عنهُمُ ... سؤالكَ بالشيءِ الذي أنتَ جاهِلُه(104)

 

كما استخدم زهير بن أبي سلمى (الهمزة من أسماء) في قصيدة غرضها الرئيس المدح:

 

وذاكَ أحْزَمُهُمْ رأياً إذا نَبَأ ... مِنَ الحوادِث غادى الناسَ أو طَرَقا

قد جعلَ المبتغونَ الخيرَ في هَرِمٍ ... والسائلونَ إلى أبوابهِ طُرُقا

هذا وليس كمن يعيا بخطتِهِ ... وَسْطَ النّديّ إذا ما ناطِقٌ نَطَقا(105)

 

بالرغم من شدة الهمزة التي انتشرت في الأبيات، إلا أننا نجدها قد تكررت بشكل مناسب بما ينسجم وحرف (القاف) المهموس الشديد في (القافية) التي ساعدت على المد ليريح المنشد والسامع، وهي الراحة التي يجدها الشاعر والناس عند الممدوح.

واستخدم زهير حرف الهمزة أيضاً من (أسماء) في قصيدته الهمزية المضمومة، وقد وجدنا فيها ثورة نفس، وألماً مشرباً بالأمل(106).

وإذا ما انتقلنا إلى حرف الهاء من (هند) فإن تكرارها قد أشاع جواً نغمياً(107) وقد استخدم طرفة بن العبد(108) حرف الهاء في قصيدة يهجو فيها عبد عمر بن مرشد، قافيتها لام مضمومة تتلاءم مع الشدة التي يعامل بها المهجو مع الأقارب، وسوء معاملته لهم وفي الوقت نفسه يعامل الأباعد مثل الرياح الرخية اللينة، فكانت قصيدته تعبّر تارة عن السخط بألفاظ القوة كقوة (الضمة) على الكلام، فكانت الهاء المهموسة (الملاينة والسكون)، والسين المهموسة متساوقين في النغم مع الشدة واللين وحسب الموضوع الذي تستوعبه بما يقتضيه الموقف، حيث يقول:

 

دَبَبْتَ بسرّي بعدما قد عَلِمْتَهُ ... وأنتَ بأسرارِ الكرامِ تَسولُ

وإنَ لسانَ المرءِ ما لمْ تكنْ له ... حَصاةٌ على عَوراتِهِ لدَليلُ(109)

 

وقال الأعشى:

فهو مشغوفٌ بهندٍ هائمُ ... يرعوي حيناً وأحياناً يحنْ

بلعوب طيّب أردانُها ... رَخْصةِ الأطرافِ كالرئم الأغن(110)

 

يفرغ الشاعر في هذه القصيدة لنفسه، تهيجه ذكريات الحب، وقدَ ضجت بالصور السمعية لأنه أنشدها في مجلس شراب وغناء.

استخدم اسم (هند)، حيث كرر حرف (الهاء) منه عشر مرات في ستة أبيات، ولقد كانت الهاء منسجمة تماماً مع الملاينة، ولكن النغم يتصاعد والجرس يعلو في استخدام النون (القافية) الساكنة، نون الغُنّة، وكذلك التنوين، وقد ورد صوت النون في (22) موضعاً وهو من أحرف الذلاقة ويسهل على اللسان النطق به، كما ورد حرف (الدال) من (هند) أربع مرات.

إن الأعشى قد تفنن في اختيار قافيته ذات الرنين "فصنع من المفردات النفسية المعنوية قافيته المناسبة"(111).

إن اتفاق القافية مع الألفاظ الموضوعية ذات الإيقاع الموسيقي والدلالي، والرنين، قد أحدث تجانساً مع بحر الرمل الليّن الذي استجاب لموضوع الشاعر وتقبل الأصوات المختلفة فيه مع المدركات الحسية المتعددة، وإن كان الشاعر قد ابتدأ بحرفين سهلين رخوين هما (الفاء والهاء) مع صوت لين (الواو) تجمعها كلمة (فهو) حيث قال: (فهو مشغوف بهند هائم).

ويتضح مما سبق أن التآلف الصوتي ينبع من تآلف الحروف وتكريرها، وإشاعتها في النسيج الشعري، ويتوقف ذلك التوافق والتآلف على مقدرة الشاعر في إحداث أصوات بعينها مما يخلق معه التجانس الصوتي (الموسيقي).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البيان والتبيين: 1/112.

(2) القوافي لأبي يعلى: 59-ينظر: اللغة الشاعرة: 20.

(3) القافية والأصوات اللغوية: 9.

(4) ينظر: نقد الشعر: 17.

(5) ينظر: فحولة الشعراء: 12

(6) ينظر: البيان والتبيين: 2/127.

(7) ينظر الخصائص: 1/84

(8) ينظر: عيار الشعر: 170

(9) حديث الأربعاء: 1/138

(10) ينظر: ت.س اليوت الناقد والشاعر: 182

(11) نظرية الأدب: 208

(12) بنية اللغة الشعرية: 74

(13) أخبار المراقسة: ق12/280.

(14) المرشد إلى فهم أشعار العرب: 246

(15) ديوانه: ق4/82، وينظر ديوان عبيد بن الأبرص: ق31/5-6/80.

(16) المرشد إلى فهم أشعار العرب: 414.

(17) القيمة المعرفية للألفاظ اللغوية (بحث): 4.

(18) ديوانه: ق29/ 160

(19) ديوانه: 224-231 (البرقوقي)

(20) السموءَل: ق1/8.

(21) النابغة الذبياني: 218.

(22) ديوانه: ق32/157.

(23) ديوانه: ق13/105.

(24) البيان والتبيين: 1/79

(25) المصدر نفسه: 1/67.

(26) ينظر تحرير التحبير: 375، خزانة الحموي: 164-165.

(27) الأغاني: المجلد الثالث عشر-القسم الرابع: 360 (دار مكتبة الحياة-دار الفكر، الشماخ: ق2/42/88.

(28) علم الأصوات العام: 121.

(29) ديوانه: ق1/10.

(30) ديوانه: ق6/85-ق19/2/97.

(31) ديوانه: ق11/137-138، وينظر ديوان الأعشى: ق9/25-27/79.

(32) البديع لغة، مما جاء في لسان العرب، مادة (بدع) البديع المحدث العجيب، المبدع، وأبدعت الشيء: اخترعته لا على مثال، وفي العمدة: 1/265، البديع، هو الجديد، وينظر كشاف اصطلاحات الفنون مادة بدع.

(33) البديع لابن المعتز: 25، وينظر كتاب الصناعتين: 330.

(34) طرفة بن العبد: 92.

(35) ديوان أوس بن حجر: ق21/40.

(36) أمية بن أبي الصلت ق118/289.

(37) ديوانه: ق52/244.

(38) ديوانه، تحقيق علي ذو الفقار شاكر، ق21/135-136، وينظر ديوانه عبيد بن الأبرص: ق21/2/100، ق8/1-3/24-25.

(39) ديوانه: ق5/8/27.

(40) ديوانه: 59/263.

(41) ديوانه: ق3/8/4/-37/3/92.

(42) ديوانه: ق 1/17/10.

(43) ديوانه: ق9/18/65

(44) ديوانه 124

(45) زهير بن أبي سلمى: 1/17.

(46) المصدر نفسه: ق1/26

(47) زهير بن أبي سلمى: ق4/77-ق52/1/294-وينظر ديوان الأعشى: ق1/1/3-ق2/82/25-ق17/21/137-ق27/19/187.

(48) أبو كبير الهذلي، ديوانه الهذليين: 2/113، وينظر ديوان امرئ القيس: ق13/106-الطفيل الغنوي: ق4/1/52.

(49) امرؤ القيس ق17/127-ق30/168-عبيد بن الأبرص: ق12/4/38.

(50) امرؤ القيس: ق32/185.

(51) بشر بن أبي خازم: ق21/2/100، عبيد بن الأبرص: ق8/1-3/24-25.

(52) امرؤ القيس: ق6/23/268، عنترة العبسي: ق6/6/247، أبو خراش الهذلي (خويلد بن مرة)، ديوان الهذليين: 2/136، كعب بن سعد الغنوي: شعراء النصرانية: 747-الأعشى: ق4/64/33، ق15/43/125.

(53) الشنفرى، لامية العرب: 46/ ب 34، وينظر اللامية: 38/ ب 7.

(54) أبو داؤد الايادي: ق2/1/283

(55) بشر بن أبي خازم: ق1/13/3-ق9/2/41، ق11/5/82-ق21/2/100-ق29/14/145.

(56) عمرو بن قميئة: ق13/14/64 -ق15/20/71

(57) امرؤ القيس: ق43/208، ق47/216-ق46/213

(58) عبيد بن الأبرص: ق3/8/4، عدي بن زيد: ق6/19/52، زهير بن أبي سلمى: ق19/42/190.

(59) عبيد بن الأبرص: ق5/19/14، ق5/24/14-ق5/24/14، ق5/46/19، ق13/6/43.

(60) علقمة الفحل: ق1/30/45-ق3/8/82.

(61) عدي بن زيد: ق6/19/52.

(62) النابغة الذبياني: 55-86-98-145-146-147.

(63) زهير بن أبي سلمى: ق1/49-25

(64) زهير بن أبي سلمى: ق1 /الهامش/ 29، ق3/47/61، الأعشى: ق6/55/ 61 ق15/4/119-أبو ذؤيب الهذلي، ديوان الهذليين: 1/1/139..

(65) زهير بن أبي سلمى: ق21/2/201

(66) الطفيل الغنوي: ق4/1/52.

(67) الشنفري، لامية العرب: 46/ ب 34-الأعشى: ق31/11/207.

(68) الأعشى: ق9/1/77.

(69) الأعشى: ق12/31/97-ق28/29/193.

(70) الأعشى: ق14/5/113

(71) ساعدة بن جؤية، ديوان الهذليين: 1/30/205.

(72) أبو ذؤيب الهذلي، ديوان الهذليين: 1/1/139.

(73) كعب بن سعد الغنوي: 747.

(74) نقد الشعر: 40.

(75) ديوانه: تحقيق ذو الفقار: 21/140.

(76) ديوانه: ق8/87-ق1/50/19 الحلب: نبات ترعاه الظباء، العدوان الشديد العدو

(77) امرؤ القيس: ق29/13/157.

(78) ديوانه: ق5/17. هدل: مسترخية، تزجي: تسيم وترعى، الصحيح: المكان المستوي الظاهر، المرابيع: المرباع: الناقة التي تضع في ربعية النتاج وهو أوله، وإنما يعني أولادها.

(79) امرؤ القيس: ق1/11، عبيد بن الأبرص: ق12/1/38 (الحاء)، ق19 (الدال)، ق20-21 (الدال)، ق28 (السين) مع القافية. وينظر: بشر بن أبي خازم: ق25 (العين) مع القافية، ق18 (الراء) مجانسة للقافية.

(80) ديوانه: ق1/8/29، وانظر ديوان زهير أيضاً: ق2/31-44 (مجانسة صوت اللام للقافية. وعلقمة الفحل: ق1/33-49 مجانسة صوت الباء مع القافية عدا بيتين. وق2-79، جانس فيها صوت الميم مع القافية خلا أربعة أبيات من مجموع 55 بيتاً.

(81) امرؤ القيس: ق1/12 وما بعدها

(82) امرؤ القيس ق73/296-297.

(83) امرؤ القيس ق73/296-297.

(84) قضايا الشعر في النقد العربي: 10/73

(85) زهير بن أبي سلمى: ق1/ 9-10 وما بعدها.

(86) ديوانه: ق2/31-32-44

(87) ديوانه: ق4/76-وما بعدها

(88) الأعشى: ق11

(89) الأعشى: ق12

(90) تميم بن مقبل: ق41

(91) لبيد: ق11

(92) العمدة: 2/121/122

(93) دراسات نقدية في الأدب العربي: 75، وقد جرد أربعين ديواناً فوجد أن (35) ديواناً. تشترك في استخدام السين. وقد قمنا بجرد أكثر من ستين ديواناً فكانت النتيجة الغلبة لحرف السين.

(94) المصدر السابق: 74.

(95) امرؤ القيس: ق2، عدتها 54 بيتاً، تكرر حرف السين (51) مرة في (34) بيتاً.

(96) تكرر حرف التاء (87) مرة في 54 بيتاً، وتكرر حرف (الثاء) 16 مرة.

(97) امرؤ القيس: ق4/54/ 29/47. وقد رمزنا لـ (ق) بالقصيدة. والرقم الثاني: لمجموع أبيات القصيدة. والرقم الثالث: لعدد الأبيات التي تكرر فيها الحرف، والرقم الأخير يمثل عدد المرات التي تكرر فيها الحرف. وانظر امرأ القيس: ق31/24/11/14 مع تكرار أحرف التاء والشين، ق55/26/16/26، مع تكرار حرفي الشين والثاء في الأبيات التي خلت من السين، وانظر زهير بن أبي سلمى: ق2/41/39 مع تكرار حرف (التاء، والثاء)، ق3/47/ 20/34، ق28/29/13/19، ق32/27/15/20. ولاحظنا تكرار الحرف الثالث (الميم) من سلمى 69 مرة في القصيدة نفسها، ق44/24/10/15، على أن حرف الميم قد تكرر (53) مرة.

ووجدنا عند النابغة الذبياني أن حرف السين من (سعاد) تم استخدامه كما يأتي: ص58/10/9/11، وقد احتل حرف التاء والثاء مواقعهما بالتسلسل بعد حرف السين. وفي ص215/27/15/21، وص262/21/9/10، وقد تعاقبت بعد السين الأحرف: التاء، والشين، والثاء.

 

أما سعدي، وسعداك عند النابغة أيضاً فقد كانت كما يأتي: ص89/55/33/47، وفي ص184/30/20/29، وأما (أسماء) عند النابغة فقد كانت في ص195/31/14/16، وإذا ما أخذنا الحرف الأول (الهمزة) من (أسماء) فسنجده قد تكرر في القصيدة نفسها في ص195، تكرر (34) مرة في (22) بيتاً من أصل (31) بيتاً. وكانت الهمزة عند زهير من (أسماء) في ق4/33/24/45، (ق9/37/32/56 وق21/8/7/21، ووجدنا حرف السين من (سلمى) عند الأعشى على الوجه الآتي: ق39/51/23 في حين تكرر الحرف الثالث (الميم) من القصيدة نفسها (68) مرة وفي ق78/16/11/18. وقد تتبعنا اسم (مية) فوجدنا تكرار حرف الميم عند النابغة ص76/50/46/120، أما (أميمة) عند زهير فقد تكررت الهمزة (43) مرة في القصيدة رقم (24) من أصل (33) بيتاً، والميم، الحرف الثاني تكرر (76) مرة.

(98) النابغة الذبياني: 215-218.

(99) النابغة الذبياني: 215-218.

(100) النابغة الذبياني: 264-266، وانظر ص58

(101) المصدر نفسه: 89-93

(102) المصدر نفسه: 93

(103) ديوانه: ق2/31

(104) زهير بن أبي سلمى: ق2/60-61

(105) المصدر نفسه: ق4/75-76-77

(106) زهير بن أبي سلمى: ق21

(107) امرؤ القيس: ق18/7/6/10، ق54/20/10/16.

(108) طرفة بن العبد: ص76/15/10/15

(109) طرفة بن العبد: 80. وانظر النابغة ص178/6/4/9، الأعشى: ق78/11/11/18.

(110) الأعشى: ق78/357.

(111) الصورة الفنية معياراً نقدياً: 424.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.