أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-03-2015
7829
التاريخ: 24-03-2015
5600
التاريخ: 25-12-2015
19011
التاريخ: 24-03-2015
2744
|
وتغيير ثاني حرفي السبب ادعه
زحافاً فأوج الجزء من ذلك احتمى
أقول: التغيير الذي يلحق أجزاء التفاعيل على نوعين، نوع يسمى بالزحاف، ونوع يسمى بالعلة. وبعض العروضيين يزيد نوعاً آخر وهو العلة الجارية مجرى الزحاف.
وعندي أن ثم قسماً رابعاً وهو زحاف يجري مجرى العلة. ألا ترى أن القبض مثلاً من أنواع الزحاف ويدخل في عروض الطويل على وجه اللزوم، فهو زحاف من حيث هو تغيير لحق ثاني السبب، وجرى مجرى العلة من حيث لزومه.
إذا تقرر ذلك فالزحاف تغيير يلحق ثاني السبب. هذا هو الذي ارتضاه بعض الحذاق في تعريفه، وعليه مشى الناظم. وقد علمت أنه يلزم عليه أن يكون القبض في عروض الطويل زحافا، وكذا خبن عروض البسيط الأولى وضربها الأول، وهو باطل. وقد يجاب عنه بالتزام كونه زحافا من حيث هو تغيير لثاني السبب ولكنه جرى مجرى العلة من حيث هو لازم كما مر.
وقد عرف الزحاف بتعريفات أخر غير هذا وكلها مدخول.
فقيل هو تغيير لا يلزم ولا يكسر الوزن. ونقضه ابن واصل بالتشعيث فإنه لا يلزم ولا يكسر الوزن، مع أنه ليس زحافا ضرورة أنه تغيير في الوتد، والزحاف لا يكون في وتد. قلت: ليس اختصاص الزحاف بالأسباب متفقاً عليه حتى يرد النقض بالتشعيث، فكثير ذهب إلى أن الخرم زحاف مع أنه تغيير في الوتد.
فإن قلت: لكنه يكسر الوزن فلا يرد عليه، قلت: لا نسلم أنه يكسر الوزن، إذ لو كسره لخرج ما دخل فيه عن أن يكون شعراً ضرورة أن كل شعر لابد أن يكون موزوناً بوزن صحيح، واللازم باطل.
وقيل: الزحاف تغيير عدمه أحسن من وجوده، ونقض بقبض (فعولن) التي قبل الضرب الثالث من الطويل، فإنه أحسن من عدم القبض اتفاقا مع أنه زحاف.
وقيل: هو الذي وجوده في الشعر أكثري. ونقض بالتشعيث فإنه أكثر من عدمه في الخفيف. قلت: قد يمنع كونه أكثرياً فيه.
وقيل: هو حذف ساكن السبب الخفيف. ونقض بالإضمار والعصب والعقل، فإن كلاً منها زحاف، وليس تغييراً لثاني سبب خفيف.
وسمي هذا التغيير زحافا، وزحفاً، لما يحدث به في الكلمة من الإسراع بالنطق بحروفها لما نقص منها. مأخوذ من قولهم زحف إلى الحرب وغيرها إذا أسرع النهوض إليها. قال امرؤ القيس:
فأقبلتُ زَحفاً على الركبتينِ
فثوباً نسيتُ وثوباً أجُرّْ
قال بعضهم: إنما كان الزحاف خاصا بالأسباب دون الأوتاد لأن الزحاف أكثر وروداً في الشعر من العلل، والوتد أثبت من السبب كثير الاضطراب، فإذا زوحف السبب اعتمد على الوتد، فلو زوحف الوتد لضعف اعتماده لضعف الوتد.
وقد تقدم أن بيت الشعر كبيت الشعر، فكلما أن السبب في بيت الشعر يضطرب، و إنما يعتمد على الوتد لأنه يمسكه، كذلك هو في بيت الشعر، ولأن الأسباب أكثر وروداً في الأجزاء من الأوتاد. ألا ترى أن الواقع من الأسباب في الأجزاء العشرة ثمانية عشر، في كل واحد من الخماسيين سبب، وفي كل واحد من السباعية سببان، وليس فيهما من الأوتاد غير عشرة فقط، في كل جزء وتد، والزحاف أكثر وروداً في الشعر فجعلوا الأكثر وروداً للأكثر وجوداً قصداً للتخفيف.
وإنما اختصت ثواني الأسباب بالزحاف دون أوائلها لأن الأوائل لو زوحفت لأدى إلى الابتداء بالساكن في السبب الخفيف مطلاً، وفي الثقيل إذا أضمر، ووقع أول البيت.
وإذا علمت أن الزحاف إنما يلحق ثاني السبب لزم من ذلك أن أول الجزء وسادسه وثالثه لا يدخلها زحاف ضرورة أن الأول ليس ثاني سبب قطعا، والسادس إما أول سبب أو ثاني وتد، والثالث إما أول سبب أو ثالث وتد، أو أوله.
وإلى ذلك أشار بالألف والواو والجيم من قوله (فأوج)، فأشار بالألف إلى الحرف الأول من الجزء، وبالواو إلى سادسه، وبالجيم إلى ثالثه، وأتى بالفاء السببية إشعاراً بأن احتماء هذه المحال المرموز لها من الزحاف مسبب عن كونه عبارةً عن تغيير ثاني السبب، فتأمل.
ووقع في شرح العصري الذي كنا أسلفنا ذكره عند الكلام على قوله (أولات عد جزء لجزء ثنا ثنا) ما نصه: (يقول إن الزحاف المنفرد مختص في الحشو بالسبب، ولا يكون إلا في ثانية، وإلى ذلك أشار بقوله (فأوج الجزء من ذلك احتمى)، يعني أعلاه الذي أوله، فلم يشعر بأن أحرف (أوج) رمز لأول الجزء وسادسه وثالثه كما سبق. والظاهر أن هذه الأحرف كتبت في نسخته التي وقف عليها بالسواد ولم تكتب
بالحمرة التي يكتب بها الرمز عادةً فوهم ولم يتنبه.
قال:
وذلك بالإسكانِ والحذفِ فيهما
يَعُمُّ علي الترتيب فاقضِ على الوَلاَ
أقول: يعني أن تغيير ثاني السبب يكون تارةً بالإسكان، وتارةً بحذف الساكن، وتارةً بحذف المتحرك. فالضمير من قوله (فيهما) عائدٌ على الساكن والمتحرك المفهومين من السياق، وذلك لأن ثاني السبب يكون ساكناً ويكون متحركاً.
وقوله (يعم على الترتيب) يعني أن هذا التغيير يعم ثواني الأسباب على الترتيب الذي يقتضيه الانتقال من الخفيف إلى ما بعده، فتبدأ بإسكان المتحرك، ثم تنتقل منه إلى حذف الساكن، ثم إلى حذف المتحرك، وذلك لأن الإسكان حذف حركة، وهو أخف من حذف الحرف فتبدأ به، وحذف الساكن أخف من حذف المتحرك فيكون بعد الإسكان، وتنتقل منه إلى حذف المتحرك، فإذا جاءتك ألقاب فاحكم بأن الأول منها للأخف، والثاني لما بعده، والثالث لما بعدهما، وهو معنى قوله (فاقض على الولا).
قال:
فتلك بثاني الجُزء الأضمارُ متبعا
بخبنٍ ووقصٍ فادعُ كلاً بما اقَتَضى
أقول: الإشارة بقوله (تلك) عائدة ٌ إلى التغيرات الثلاثة المتقدمة التي هي إسكان المتحرك، وحذف الساكن، وحذف المتحرك.
وقد أسلف الناظم أن التغيير الذي تكلم عليه هو تغيير ثاني السبب، وأن التغييرات ثلاثة أنواع مرتبة على ما مر.
وذكر هنا أن تلك التغييرات تحل ثاني الجزء فتسمى بالإضمار والخبن والوقص، فيلزم من ذلك أن يكون الإضمار عبارةً عن إسكان الثاني المتحرك من الجزء وأن يكون الخبن عبارةً عن حذف الثاني الساكن منه، وأن يكون الوقص عبارة عن حذف الثاني المتحرك مه، وأن هذا الثاني الذي اعتورته التغييرات الثلاثة لابد أن يكون ثاني سبب عملاً بما سبق.
وقوله (فادع كلا بما اقتضى) يعني أني قد أخبرتك أن ثاني الجزء محل لهذه الأمور الثلاثة المذكورة على الولاء: الإضمار والخبن والوقص، فادع كلا منها بما اقتضاه الترتيب السابق من البدء بالخفيف ثم الانتقال إلى ما بعده ثم الانتقال إلى ما بعدهما كما أسلفناه.
والإضمار لغةً مأخوذ من الإضمار الذي هو الإحفاء. تقول: أضمرت في نفسي كذا، أي أخفيته، ولما كانت حركة الحرف تميزه وتظهره وأسقطت كان إسقاطها إخفاء لبعض الحروف، فسمي لذلك إضماراً. ومنه سميت الأسماء العائدة إلى الظاهر ضمائر لأنها تخفى معانيها بالنسبة إليها.
وقيل: هو مأخوذ من قولك أضمرت البعير، إذا جعلته ضامراً مهزولا، وذلك لأن حركة الجزء لما ذهبت وأعبقها السكون ضعف بسبب ذلك فشبه بالضامر المهزول.
والخبن لغةً أن يجمع الرجل ذيل ثوبه من أمامه فيرفعه إلى صدره فيشده هناك على شيء يجعله فيه. ويقال خبن الخياط الثوب، إذا ضم ذيله إليه، فكأن الجزء لما حذف ثانية وانضم بذلك أوله من ثالثه شبه بالثوب إذا خبن.
والوقص لغةً قصر العنق، وهو أيضاً كسرها، ومنه قولهم وقص الرجل، إذا سقط عن دابته فاندقت عنقه. فكأن الجزء لما سقط ثانية المتحرك شبه بما اندقت عنقه. لأن الثاني من الجزء بمنزلة العنق.
واعلم أن من العروضيين من نقل عن
الأكثرين أن الوقص دخول الخبن على الإضمار، وأن الأقلين هم القائلون بما قاله الناظم من أنه حذف الثاني المتحرك. ورجح أبو الحكم الأول بأنه لو كان المتحرك هو المحذوف منه ابتداء لجاز في متفاعلن الخبل، إذ لا مانع حينئذ منه، ولا كذلك على مذهب الجمهور لقيام المانع، وهو اجتماع ثلاث علل: الخبن والإضمار والطي. ورده الصفاقسي بأنا لا نسلم فقدان المانع حينئذ منه، بل هو قائم لفقدان جزء الخبل، وهو الخبن، لأن الخبل عبارة عن اجتماع الخبن والطي إجماعاً، لا عن اجتماع الوقص والطي، ولا خبن حينئذ في الجزء فلا يدخله الخبل.
على أن اجتماع ثلاث علل عنده ليس بمستنكر، بل الدليل حجةٌ عليه حينئذ، لوجود جزأي الخبل وهما الخبن والطي على القول الذي رجحه. سلمناه إلا أن العلة عندنا في امتناع الخبل في متفاعلن مركبةٌ، وهو ما يؤدي إليه من حذف حرفين أحدهما متحرك، وكراهية اجتماع أربعة متحركات، وحينئذ لا يرد جواز الخبل في البسيط علينا، لانتفاء بعض أجزاء العلة، وهو كون أحد الحرفين المحذوفين متحركاً لأنهما معاً ساكنان.
قال:
ورابعُه لم يبلَ إلا بطيِّه
أي الحذفِ إن يسكُن وإلا فقد نجا
أقول يعني أن الحرف الرابع من الجزء لم يغير من أنواع الزحاف إلا بالطي، فعبر عن ذلك بقوله (لم يبل) على جهة التمثيل. فإذن يكون الطي عبارة عن حذف الساكن الرابع من الجزء. سمي بذلك لأن الحرف الرابع من الجزء السباعي واقع وسطه؛ فإذا حذف التقت الحروف التي قبله بالحروف التي بعده فأشبه الثوب الذي يطوي من وسطه.
وقوله (وإلا فقد نجا) أي وإلا يسكن الحرف الرابع بأن كل متحركاً فإنه ينجو من الزحاف، كما تقرر تغيير ثاني السبب، ورابع الجزء إذا كان متحركاً لا يكون ثاني سبب، لأنه إما أن يكون حينئذ أول سبب أو ثاني وتد وكلاهما ليس محلا للزحاف.
قال:
وعصب وقبض ثم عقل بخامس
وكف سقوط السابع الساكن انقضى
أقول: يدخل في خامس الجزء مع كونه ثاني سبب تغييرات ثلاثة، وهي العصب والقبض والعقل. وقضية الجريان على الترتيب الذي أفاده الناظم أن يكون العصب إسكان الخامس المتحرك، والقبض حذف الخامس الساكن والعقل حذف الخامس المتحرك.
وإنما سمي التغيير الأول عصباً بالصاد المهملة، لأن حركة الحرف اعتصبت منه فمنع أن يتحرك. وكل شيء عصبته فمنعته الحركة فهو معصوب.
وسمي التغيير الثاني قبضاً لانقباض الصوت بالجزء الذي يدخله وذلك لأنه يدخل (فعولن ومفاعلين) ليس إلا، فإذا حذفت النون من الأول والياء من الثاني انقبض الصوت عن الغنة التي كانت موجودة مع النون، وعن اللين الذي كان موجوداً مع الياء، وفيه نظر.
وسمي التغيير الثالث عقلاً أخذاً له من العقل، ومعناه المنع، ومنه عقلت البعير، لأنه إذا عقل منع من الذهاب. ولما كان مفاعلتن تحذف منه اللام فيمتنع إذ ذاك حذف نونه حذراً من اجتماع أربعة أحرف متحركة إذ كان الجزء الواقع بعده مفتوحاً بوتد مجموع. ويحتمل أن يكون سمي بذلك لأنه لما حذفت لامه منع منها ومن حركتها فأشبه البعير الذي عُقلت يده فمنع الحركة.
وقوله (وكف سقوط السابع الساكن) معناه ظاهرٌ، وإنما اشترط في السابع أن يكون ساكناً لأنه كان متحركاً لكان ثالث وتدِ، إذ لاشيء من الأجزاء السباعية آخره حرفٌ متحرك غير (مفعولات)، وتاؤه ثالث وتدِ مفروق، فلا مدخل للزحاف فيها، لأنه يدخل ثواني الأسباب.
سمي كفا أخذاً له من كفة القميص وهو ما يكف من ذيله، فكأن الجزء لما حذف آخره شبه بالثوب إذا كف طرفه. وقوله (انقضى) أي الزحاف المنفرد، فهو محتمل لضمير يعود على ما تقدم.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|