ـ آدم سميث والدولـة 

يتكون المجتمع من مجموعة أفراد يكون مبدأ تقسيم العمل فيه سلس للانطلاق نحو النشاط الاقتصادي والتعادل السلعي والى ارتباط الافراد بعضهم بالبعض الآخر وهذا الأمر يكون سبب ظهور الدولة ، اما الدولة فقد ظهرت في النصف الثاني من تاريخ المجتمعات البشرية اي حينما ظهرت الملكية الخاصة لوسائل الانتاج⁽¹⁾ فالعلاقة بين ملكية وسائل الانتاج وبين تطور الدولة متينة ، وفي المجتمعات البدائية لم تكن حاجة لوجود الدولة ، فوجود الملكية اذاً هو الاساس في تكوين الدولة (ان هذه الآراء متطابقة مع آراء المفكر الاقتصادي العربي ابن خلدون كذلك) وفي هذا يقول آدم سميث (ان الحكم المدني بقدر ما أُنشئ لحماية الملكية أُقيم في الحقيقة للدفاع عن الاغنياء لأنه هم المالكون لتلك الملكية وضد الفقراء او حماية املاك الميسورين من الفقراء الذين لا يملكون شيء على الاطلاق) ويرى سميث انطلاقاً من ايمانه بما ورد بأن اختلاف القوانين التي تتحكم في النشاطات الاقتصادية التي يقوم بها الافراد من جهة والحكومة من جهة أخرى ليست صعبة وبالإمكان التحكم بها او حتى تجاهلها في الحياة العملية ولذا يجب على الدولة مراعاة التدابير الاقتصادية التي يتبعها كل رب عائلة وكل رأسمالي والاقتداء بها في تدبير امور الميزانية العامة .

ان هذا يصلنا لمفهوم مفاده على الدولة ان لا تسرف في النفقات وان تقتصد وتدفع الرواتب والأجور للعاملين في القطاع الحكومي استناداً الى الانجاز الذي يقدمه العامل وبقدره ومثل ما حاصل في القطاع الخاص ويبرر ذلك بالقول بأن مكافئة العمل بهذا الأسلوب هو ليس فقط الأسلوب الاقتصادي المناسب بل هو الذي يؤدي الى المنافسة بين العمال في تقديم المزيد من العطاء .      

آراء آدم سميث في الضرائب   

ان الضريبة التي تتقاضاها الدولة من القطاع الخاص كأحد انواع الضريبة وتختلف انواع الضرائب التي تدفع هي الاساس في ايرادات الدولة في المجتمع الرأسمالي وبعبارة أخرى ممكن القول بأن الضرائب التي تدفع هي اسعار تدفع من قبل الأفراد للدولة مقابل ما تقوم به الحكومات من حفظ وحماية للملكية الخاصة ، وكما هو معلوم بأن نفقات الدولة غير انتاجية فعلى الدولة ان تكون متحفظة جداً في اخذ القروض كما يتحفظ كل فرد في المجتمع في الاقتراض لأجل امور استهلاكية لأنها في ذلك تولد اضرار للمجتمع ، وفي اطار التقييم العام للدولة صاغ سميث الواجبات التي يمكن للدولة ان تقوم بها والذي ينسجم مع مضمون المذهب الفردي الذي آمن به وهي : 

• الدفاع ضد العدوان والغزو الخارجي⁽²⁾ .

• إقامة العدل بين افراد المجتمع ومنع اعتداء بعضهم على الآخر .

• القيام بالأعمال التي لا يرغب الرأسمالي القيام بها على الرغم من ضرورتها في المجتمع وذلك لأنها لا تدر ربح مناسب .

فسلامة البلد من العدوان الخارجي والعدل بين أفراد المجتمع والتعليم والحد الأدنى من المشاريع العامة مثل الطرق والجسور والقنوات ، هذه هي الخدمات التي يمكن للدولة ان تقدمها للمجتمع ، وفيما عدا هذه الواجبات فإن اليد الخفية تعمل كبديل في الموازنة بدل تدخل الدولة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ محمد دويدار ، مبادئ الاقتصاد السياسي ، مصدر سابق . 

2ـ عدنان عباس علي ، تاريخ الفكر الاقتصادي ، مصدر سابق ، ص167 .