المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الصحافة الأدبية في دول المغرب العربي
2024-11-24
الصحافة الأدبية العربية
2024-11-24
الصحافة الأدبية في أوروبا وأمريكا
2024-11-24
صحف النقابات المهنية
2024-11-24
السبانخ Spinach (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
الصحافة العمالية
2024-11-24

Diazo Ketone Reactions
17-9-2018
علامات نضج ثمار وحاصل البيكان
26-8-2020
الميونات Meons
15-1-2022
Racemase
29-10-2019
ثواب ختم القرآن
19-10-2021
المثنى بن حارث ومعركة الجسر
9-8-2020


الفخر  
  
4474   03:49 مساءاً   التاريخ: 23-03-2015
المؤلف : د. علي الجندي
الكتاب أو المصدر : في تأريخ الادب الجاهلي
الجزء والصفحة : ص363-372
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-03-2015 1504
التاريخ: 22-03-2015 3108
التاريخ: 26-09-2015 23376
التاريخ: 23-03-2015 19541

الفخر هو التغني بالأمجاد، ويكون عادة بادعاء أشياء للنفس أو للقبيلة ليست في متناول الجميع بيسر وسهولة، وهو في الشعر الجاهلي نوعان: شخصي وقبلي، ومن خير الأمثلة له: معلقة عمرو بن كلثوم ومعلقة الحارث بن حلزة وهما في الفخر القبلي، ومعلقة طرفة ومعلقة عنترة، وهما في الفخر الشخصي، والنوعان في معلقة لبيد، وقد ورد الفخر في كثير من القصائد للشعراء المذكورين من أصحاب المعلقات وغيرهم. مثل عامر بن الطفيل، وعبيد بن الأبرص، وسلامة بن جندل، والحصين بن الحمام، وفي أشعار كثير غير هؤلاء، بل إن كل شاعر جاهلي تقريبًا لا يخلو شعره من الفخر.

وكان الفخر عند الجاهليين يقوم عادة على التغني بالبطولة والشهامة، وكثرة الحروب، وشن الغارات، والنصر والغلبة، والقوة، والبأس، والعدد، والخيل، والإبل، والسلاح، وإثارة الفزع في نفوس الأعداء، ومنازلة الملوك والرؤساء، وكثرة الغنائم، والأسرى والسبايا، كما كانوا يتباهون بالأصل والنسب والحسب والآباء والأجداد، وما كان لهم من مفاخر وأمجاد، وبأصالة الرأي، وسداد القول، وبعد النظر، وكمال العقل، والوقار والرزانة والحلم والأناة، والمروءة، والوفاء، وبالمحبة والصفاء بين العشيرة، وسد حاجة المحتاج منهم، وتحمل الغني أعباء القبيلة، ورعاية للفقراء منها، والصفح فيما بينهم عن هفوات بعضهم، وعدم التفاخر فيما بينهم، وتضامنهم، وعظم المجالس، واحترامهم، وبعدهم عن الفحش، والصغار، وبشرب الخمر، والتفاني في شرابها وإسقائها للآخرين، والتضحية في سبيلها بأكرم الأموال، وأغلى الممتلكات، وبالطيب، وطول الثياب، ولعب الميسر، والقمار، وعقر النوق، والتباري في عقرها، وإكرام الضيفان، واتساع النادي، وكثرة الجفان وبرعاية الجار، والمحافظة على شرفه، وأمواله، وكذلك اللاجئ وإغاثة الملهوف، وتلبية النداء في غير ما توانٍ أو تلكؤ، كما تفاخروا بالفصاحة والبيان، وجيد القول، وروائع الشعر، والغلبة في المناقشة والجدال.

ومن أمثلة الفخر ما جاء في قصيدة لسويد بن أبي كاهل اليشكري، يتغنى بأمجاد قومه، إذ يقول(1):

من أناس ليس من أخلاقهم عاجل الفحش، ولا سوء الجزع(2)

عرف للحق، ما نعيا به عند مر الأمر، ما فينا خرع(3)

وإذا هبت شمالًا أطعموا في قدور مشبعات لم تجع(4)

وجفان كالجوابي ملئت من سمينات الذرا فيها ترع (5)

لا يخاف الغدر من جاورهم أبدا منهم ولا يخشى الطبع(6)

ومساميح بها ضن به حاسروا الأنفس عن سوء الطمع(7)

حسنو الأوجه بيض سادة ومراجيح إذا جد الفزع(8)

وزن الأحلام إن هم وازنوا صادقو البأس إذا البأس نصع(9)

وليوث تتقي عرتها ساكنو الريح إذا طار القزع(10)

فيهم ينكى عدو وبهم يرأب الشعب إذا الشعب انصدع(11)

عادة كانت لهم معلومة في قديم الدهر ليست بالبدع(12)

ومن أحسن ما ورد في الفخر القبلي ما قاله طرفة، وقد ذكر فيه يوم التحالق، وكان لبكر على تغلب، وكان الحارث بن عباد أشار عليهم قبل بدء القتال أن يحلقوا رءوسهم ليكون ذلك علامة لهم يعرف بها بعضهم بعضا(13):

سائلوا عنا الذي يعرفنا بقوانا يوم تحلاق اللمم(14)

يوم تبدي البيض عن أسؤقها وتلف الخيل أعراج النعم(15)

ونكر الخيل في أدبارها يوم لا يعطف إلا ذو كرم(16)

أجدر الناس برأس صلدم حازم الأمر شجاع في الوغم(17)

كامل يجمع آلاء الفتي نبه سيد سادات خضم(18)

خير حي من معد علموا لكفيّ ولجار وابن عم(19)

يجبر المحروب فينا ماله ببناء وسوام وخدم(20)

نقل للشحم في مشتاتنا نحر للنيب طراد القرم(21)

نزع الجاهل في مجلسنا فترى المجلس فينا كالحرم(22)

وتفرعنا من ابني وائل هامة المجد وخرطوم الكرم(23)

من بني بكر إذا ما نسبوا وبني تغلب ضرابي البهم(24)

حين يحمي الناس نحمي سربنا واضحي الأوجه معروفي الكرم(25)

بحسامات تراها رسبا في الضريبات مترات العصم(26)

وقنا جرد وخيل ضمر شزب من طول تعلاك اللجم(27)

هيكلات وفحول وقح أعوجيات على الشأو أزم(28)

أدت الصنعة في أمتنها فهي من تحت مشيحات الحزم(29)

تهص الأرض برح وقح ورق يقعرن أنباك الأكم(30)

وتفرى اللحم من تعدائها والتغالي فهي قب كالعجم(31)

خلج الشد ملحات إذا شالت الأيدي عليها بالجذم(32)

 

قدما تنضو إلى الداعي إذا خلل الداعي بدعوى ثم عم(33)

بشباب وكهول نهد كليوث بين عريس الأجم(34)

نمسك الخيل على مكروهها حين لا يمسك إلا ذو كرم(35)

تذر الأبطال صرعى بينها تعكف العقبان فيها والرخم(36)

فطرفة هنا يفتخر بانتصار قومه في معركة يوم التحالق، وكان القتال فيها عنيفًا ثم يعدد أمجاد قومه: رئيسهم عظيم معطاء، حازم شجاع واسع العقل سيد الرؤساء، وهم خير القبائل العدنانية، وأكرم الناس وأكرمهم جودًا، وأعظمهم مجدًا، وأرفعهم منزلة، مشهورون بالبطولة والشهامة وكرم المحتد، عددهم خير الأسلحة وأمضاها، وخيلهم كريمة مدربة في الحروب قوية صلبة الأجسام، تحمل أبطالًا يحسنون قيادتها في وقت الشدة حين لا يستطيع ذلك إلا كل بطل كريم.

وقد سبق في معلقته فخر شخصي تباهى فيه بصفات الفتى القوي الشجاع والإنسان الكريم الطموح.

وكان الشاعر إذا تقدمت سنه وعلاه الشيب، تغنى بذكريات شبابه، وافتخر بما كان له

ولقومه من أمجاد، من ذلك ما يقوله سلامة بن جندل السعدي(37)

أودى الشباب حميدًا ذو التعاجيب أودى وذلك شأو غير مطلوب(38)

ولى حثيثا وهذا الشيب يطلبه لو كان يدركه ركض اليعاقيب(39)

أودى الشباب الذي مجد عواقبه فيه نلذ، ولا لذات للشيب(40)

يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداد تأويب(41)

وكرنا خيلنا أدراجها رجعًا كس السنابك من بدء وتعقيب(42)

والعاديات أسابيّ الدماء بها كأن أعناقها أنصاب ترجيب(43)

من كل حت إذا ما ابتل ملبده صافي الأديم أسيل الخد يعبوب(44)

في كل قائمة منه إذا اندفعت منه أساو كفرع الدلو أثعوب (45)

كأنه يرفئيّ نام عن غنم مستنفر في سواد الليل مذؤوب(46)

يحاضر الجون مخضرًّا جحافلها ويسبق الألف عفوًا غير مضروب(47)

كم من فقير بإذن الله قد جبرت وذي غنى بوأته دار محروب(48)

مما تقدم في الهيجا إذا كرهت عند الطعان وتنجي كل مكروب(49)

همت معد بنا هما فنهنهها عنا طعان وضرب غير تذبيب(50)

بالمشرفي ومصقول أسنتها صم العوامل صدقات الأنابيب(51)

يجلو أسنتها فتيان عادية لا مقرفين ولا سود جعابيب(52)

سوى الثقاف قناها فهي محكمة قليلة الزيغ من سن وتركيب(53)

زرقًا أسنتها حمرًا مثقفة أطرافهن مقيل لليعاسيب(54)

كأنها بأكف القوم إذ لحقوا موانح البئر أو أشطان مطلوب(55)

كلا الفريقين أعلاهم وأسفلهم يشقى بأرماحنا غير التكاذيب(56)

إني وجدت بني سعد يفضلهم كل شهاب على الأعداء مشبوب(57)

إلى تميم حماة العز نسبتهم وكل ذي حسب في الناس منسوب(58)

قوم إذا صرحت كحل بيوتهم عز الذليل ومأوى كل قرضوب(59)

ينجيهم من دواهي الشر إن أزمت صبر عليها وقبص غير محسوب(60)

كنا نحل إذا هبت شآمية بكل واد حطيب الجو مجدوب(61)

شيب المبارك مدروس مدافعه هابي المراغ قليل الودق موظوب(62)

كنا إذا ما أتانا صارخ فزع كان الصراخ له قرع الظنابيب(63)

وشد كور على وجناء ناجية وشد سرج على جرداء سرحوب(64)

ويظهر واضحا من شعر الفخر أن العربي في الجاهلية كان يحب أن يظهر نفسه بمظهر التفوق التام على الآخرين، وأن يشاع عنه أنه أعلى شأنًا من غيره في كل شيء، ويتضح من فخرهم أن الميل إلى الإعجاب الشديد بالنفس كان متسلطًا على العرب في الجاهلية لدرجة عظيمة، حتى إن الشاعر في بعض الأحيان كان يفخر بتفوق فرعه على بقية فروع قبيلته الآخرين، فيدعي أنه نال من الأمجاد والبطولة والفوز ما لم يستطع الآخرون أن يصلوا إليه، وأظهر مثل لذلك، قول عمرو بن كلثوم.

وكنا الأيمنين إذا التقينا وكان الأيسرين بنو أبينا

فصالوا صولة فيمن يليهم وصلنا صولة فيمن يلينا

فآبوا بالنهاب وبالسبايا وأبنا بالملوك مصفدينا

فقومه هم الأيمنون، في حين أن بقية عشيرته في غير فرعه كانوا أهل الشمال وبينما رجع هؤلاء من الحرب بالنهاب والسبايا، عاد قومه وقد أسروا ملوك الأعداء ورؤساءهم، وقد صفدوهم بالقيود والأغلال.

وفي الفخر نرى أن ما قيل في الناحية القبلية يكاد يكون ثلاثة أضعاف ما قيل في الناحية الشخصية. وهذا معناه أن العصبية القومية كانت سائدة في ذلك الحين، حتى استولت على نفوس الشعراء، وسيطرت إلى حد كبير على مشاعرهم، فكان فيها معظم إنتاجهم.

ولكن هذا يدلنا من ناحية أخرى على أن الشاعر -في وسط هذا الشعور الجماعي المتسلط-ما كان لينسى نفسه: كفرد قائم بذاته، وكشاعر له إحساسه الخاص، فكان يتحدث عن نفسه، ويفتخر بشخصيته، وبطولته، وقوته، في حرية تامة، وكيفما شاء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المفضليات، ص 194، ب: 32-44.

(2) لا يقصد الشاعر أن يقول إنهم لا يعجلون بالفحش كما يعجل غيرهم، وإنما يقصد أنهم لا فحش عندهم البتة، ولا يجزعون للمصيبة.

(3) الخزع: اللين والضعف، أى لا يستثقلون الحق عند الشدائد؛ لأنهم شجعان، وليس فيهم ضعف ولا جبن.

(4) شمالا: أى ريح الشمال، يقصد أوقات القحط والمجاعة، مشبعات: مملوءات. لم تجع: لا تخلو من الطعام أبدًا.

(5) الجفان: جمع جفنة وهي إناء الطعام، الجوابي: جمع جابية، وهي الحياض الكبار التي يجمع فيها الماء. الذرا، جمع ذروة. والذروة من كل شيء أعلاه، ويريد بها أسنمة الإبل. ترع: امتلاء وشبع. يقصد تشبع الآكلين وترضيهن.

(6) الطبع: تلطخ العرض، ويقصد بها هنا كل عيب، أي أن جارهم آمن مطمئن، في حفظ ورعاية واحترام.

(7) مساميح: أجواد، حاسروا الأنفس: كاشفوها، أي يبعدون أنفسهم عن الطمع، أي هم كرام أجواد، يعطون ولا يأخذون.

(8) حسنو الأوجه: أي كلهم طهارة وشرف، أو بشاشة وحسن لقاء. مراجيح: راجحو القلوب: أي ثابتون، لا يستخفهم الفزع، لأنهم ليسوا بجبناء.

(9) الأحلام: العقول. أي هم ذوو رأي سديد، يقلبون الأمور على وجوهها، ثم يبدون آراءهم فتجيء محكمة سديدة لحسن عقولهم واتزان تفكيرهم. نصع: ظهر واتضح. أي هم الأقوياء أبطال صادقون في وقت الشدائد.

(10) العرة: الأذى. ساكنو الريح: ثابتو الروع، رزينون. القزع: جمع قزعة، وهي القطع المتفرقة من السحاب، يشبه به خفاف القوم الذين ليست فيهم ركانة ولا رزانة.

(11) نكيت العدو، ونكيت فيه: أي أصبت فيهم، فأكثرت الجراح والقتل ووهنوا لذلك. الشعب: الصدع والتفرق، وهو من الأضداد فيكون بمعنى الالتئام أيضا. يرأب: يصلح.

(12) البدع: الأمور المستحدثة.

(13) ديوان طرفة، نشر الدكتور علي الجندي، قصيدة رقم 14.

(14) قوانا: جمع قوة، وهي ضد الضعف. اللمم: جمع لمة، وهي الشعر الذي يلم بالمنكب ويلي شحمة الأذن، يوم تحلاق اللمم: وهو يوم قضة، وهي أول يوم انتصفت فيه بكر من تغلب في حرب البسوس، وكانت بنو بكر حلقت يوم تحلاق اللمم: وهو يوم قضة، وهي أول يوم انتصفت فيه بكر من تغلب في حرب البسوس، وكانت بنو بكر حلقت رؤوسها ليعرف بعضهم بعضا، وخرجت معهم نساؤهم يحملن الماء، فكن إذا مررن بجريح من تغلب قتلنه، وإذا مررن بجريح من بني بكر عرفنه بحلق رأسه، فسقينه. وهنا ينتقل الشاعر إلى الفخر بقومه، فيتحدث عن بطولتهم في الحرب، فيقول للساميين: اسألوا من بلغته أنباؤنا، عن قوانا وبطولتنا المجيدة في موقعة قضة.

(15) تبدي: تظهر وتكشف. البيض: النساء، يعنى أنهن يرفعن ذيولهن للهرب، يكشفن عن أسؤقهن. تلفت: تجمع. وأعراج: جمع عرج وهو القطيع من الإبل نحو الثمانين. أو منها إلى تسعين، أو مائة وخمسون وفويقها أو من خمسمائة إلى ألف، النعم: الإبل، والشاء، أو خاص بالإبل. يقول: لقد عم الفزع والرعب في هذا اليوم، حتى خرج النساء هاربات، وقد رفعن ذيولهن فكشفن عن سيقانهن، وولى العدو منهزمًا، فأخذت خيلنا أمواله كلها غنائم.

(16) هذا البيت معناه: وكنا نعطف خيلنا على القتال، ونردها عن الكر والهجوم في ذلك اليوم العصيب، الذي ما كان ليجرؤ على الكر والهجوم فيه إلا بطل ذو أصل كريم.

(17) أجدر الناس: أحقهم وأخلقهم. الرأس: الرئيس. صلدم: شديد. الوغم: القتال في الحرب. يقول: نحن أخلق الناس برئيس عظيم حازم شجاع أي هم الحي يقوم بنفسه، ولا يحتاج في معونة إلى غيره، فرئيسنا أعظم الرؤساء.

(18) كامل: تام في الخلق، والخلق، والأداة. الآلاء: النعم، والصفات، والحالات، نبه: مرتفع الذكر. معروف. سيد سادات. رئيس الرؤساء. خضم: سيد، واسع العقل، حمول، معطاء. والمعنى: أن رئيسنا كامل في كل شيء، يجمع كل صفات الأبطال، ذائع الصيت، واسع العقل والتفكير، جواد، فهو سيد الرؤساء.

(19) معد: فرع عدنان المشهور. علموا: عرفوا. الكفي: الكفء المماثل في النسب. يقول: نحن خير القبائل العدنانية، لا نحسد شريفًا؛ لأنا مثله أو أعلى منه، ونفضل على الجار وابن العم، وقد شهد لنا كل هؤلاء بذلك.

(20) يجبر: يصلح، ويعوض. المحروب: الذي سلب ماله. السوام: المال الراعي. يقول: ونحن أكرم الناس وأعظمهم مواساة، من أخذ ماله يلجأ إلينا، فنبنيه بيتًا، ونعطيه سوامًا، وخدمًا.

(21) المشتاة: موضع الإقامة وقت الشتاء. النيب: جمع ناب، وهي المسنة من الإبل: وتكون أكثر شحمًا من غيرها. القرم: شهوة اللحم، يقول: إذا جاء الشتاء، واشتد الزمان وقل الطعام، ننحر خير الإبل وأسمنها وننقل الشحم إلى الضيف والجار وجميع الناس، فيذهب القرم عن الناس جميعًا.

(22) نزع الجاهل: نكفه وننهاه. الحرم: المكان الطاهر المقدس. يقول: مجلسنا شريف، نبيل، لا يوجد للجهل به، فلا يتكلم فيه بأذى، ولا يؤتى فيه بخنى.

(23) تفرغنا: صعدنا وعلونا، يقال: فرعت الجبل إذا علوته، وأفرعت منه إذا انحدرت. ابني وائل: بكر وتغلب. هامة المجد: رأسه. والخرطوم: مقدم الشيء وأعلاه. يقول: نحن أشرف بني وائل، أعظمهم مجدًا. وأرفعهم منزلة.

(24) ضرابي: جمع ضارب، البهم: جمع بهمة، وهو الشجاع الذي لا يدرى من أين يؤتى، لما يعلم من شجاعته، وللشجاعة مراتب، يقال: رجل شجاع، فإذا كان فوق الشجاع فهو نجد، فإذا كان فوق ذلك فهو بهمة، وما زاد على البهمة فهو أليس. يقول: فنحن ننسب إلى بكر وتغلب المشهورين بالبطولة والشجاعة وكرم المحتد.

(25) السرب: المال الراعي. واضحي الأوجه: حسان الوجوه، لا تبدو عليها كآبة الجزع في الحروب، والواضح: هو الأبيض المنير. معروفي الكرم: مشهورين به. والمعنى: حين ينتشر الفزع، ويهب الناس للدفاع عن أموالهم، نحمى أموالنا بكل يسر وسهولة، ولا يبدو علينا أي أثر للهم أو الكآبة، لأننا مشهورون بالشجاعة والقوة والكرم.

(26) بحسامات: جمع حسام: وهو السيف الذي يقطع اللحم والعظم. رسبًا: جمع راسب، وهو الذي يدخل في الضريبة ويغوص فيها. الضريبات: جمع ضريبة، وهي المضروبة. مترات: قاطعات مسقطات يقال: تر الشيء من يدي وأتررته. إذا أسقطته. العصم: المعاصم، جمع معصم، وهو موضع الأسورة. أي نحمي أموالنا بسيوف حادة، تقطع اللحم والعظم وتغوص في الضريبة وتبتر الأيدي بمجرد لمسها.

(27) القنا: جمع قناة، وهي الرمح جرداء، وهي الطويلة الملساء. شزب: جمع شازب، وهو الضامر. من طول تعلاك اللجم: يريد أن هذه الخيل تستعمل في الحروب كثيرًا، فلجمها لا تكاد تفارقها، فهي تعلكها أي تمضغها، فأضمرها ذلك، يقول: ومن أدوات قتالنا: الرماح الطويلة الملساء، والخيل الضامرة، المدربة في الحروب.

(28) هيكلات: إناث طوال. وفحول: جمع فحل، وهو الحصان الكريم. وقح: جمع وقاح، وهو الصلب الحافر. أعوجيات: منسوبة إلى أعواج، وهو فحل من الخيل، معروف بالنجابة. وتنسب إليه الخيل العتاق. الشأو: السبق والغاية. أزم: جمع أزوم، وهو الذي يعض على فأس اللجام ويقبض عليه، وذلك إذا اعتمد الفرس في عدوه، عض على فأس لجامه. وقيل: الأزم: هي المكبة على الجري المعتمدة عليه، يقول: عندنا من الخيل جيادها: إناث ضخمة طويلة، وذكور قوية، صلبة الحوافر، كريمة الأصل، سريعة الجري، سباقة إلى الغايات.

(29) الصنعة: القيام على الخيل بغير الطعام وحسن الرعاية، في أمتنها: أي ظهر أثر العناية بها إلى ظهورها: فاكتنز لحمها. من تحت: يعني من تحت أمتنها، فلما حذف المضاف إليه بني على الضم. مشيحات: جمع مشيحة، والمشيح هو الذي لحق بطنه بظهره ضمر وارتفع حزامه، وأصل الإشاحة: الجد والإنكماش. يقول: لقد كان لعناية القوم أثر كبير في أجسامها، فاكتنز لحمها. وضمرت حتى لحقت بطونها بظهورها.

(30) تهص الأرض: تكسرها وتطؤها بشدة. برح: أي بحوافر رح أي واسعة منتفخة على هيئة القعب. وقح: صلبة الحوافر. ورق: جمع أورق. وهو ما يميل لونه إلى السواد. يقعون: يدخلن في الأرض لتقبب حوافرهن. أنباك: جمع نبك، وهي جمع نبكة. وهي أرض فيها صعود وهبوط، أو التل الصغير. الأكم: جمع أكمة، وهي الموضع الغليظ المرتفع. يقول: إن حوافر الخيل مقعبة قوية، تكسر الأرض، وتؤثر في الأماكن المرتفعة الغليظة.

(31) تفرى: تذهب. التعداء: العدو. التغالي: التباري في العدو. قب: جمع أقب وقباء أي ضامرة. العجم: النوى. شبه الخيل به في صلابتها وضمرها. أي أن هذه الخيل من كثرة جريها، وتباريها في السباق أصبحت ضامرة، ليس فيها ترهل فهي صلبة الأجسام قوية.

(32) خلج الشد: أي تجذب في الجري. والخليج: جذب الفرس رجليه في عدوه من السرعة والنشاط، وقيل معناه شديدات الشد. ملحات: مجتهدات. شالت: رفعت. بالجذم: الباء زائدة. والجذم: جمع جذمة وهي السوط. أي: وهذه الخيل نشيطة في الجري سريعة، وإذا رفعت عليها السياط أكثرت من الجري وداومت عليه.

(33) قدمًا: تتقدم الخيل. تنضو: تسرع وتتسلخ من الخيل. الداعي: المستصرخ المستغيث. خلل: خص بالدعوة. عم: جعل الدعوة عامة، للناس أجمعين. يقول: إن خيلنا إذا سمعت دعاء المستغيث أسرعت إليه على الفور، وتقدمت غيرها، سواء كانت دعوته للإغاثة خاصة أم عامة.

(34) نهد جمع نهد، أو ناهد، وهو الذي ينهض لعدوه ويصمد له. الليوث: جمع ليث، وهو الأسد. والعريس والعريسة: موضع الأسد. والأجم: جمع أجمة. وهي الشجر الكثيف الملتف. شبههم بالليوث في جرأتهم، وخص ليوث الأجم. لأنها أشد إقدامًا وهجومًا لحمايتها. يقول: وخيلنا تسرع لنجدة المستغيث، وعليها شيب وشبان، كلهم أبطال شجعان، ذوو بأس وبطش.

(35) على مكروهها: أي نمسك الخيل وتحس قيادتها على ما تكره من الطعن وقت القتال، أو نربطها ونحسن إليها على ما يكره من ارتباطها لشدة الزمان وصعوبته. ومعنى البيت: إننا نحسن العناية بالخيل، وقيادتها في وقت الشدة، حينما لا يستطيع ذلك إلا كل بطل كريم.

(36) تذر: تترك. الأبطال: جمع بطل، وهو الشجاع، سمى بذلك لأن شجاعة غيره تبطل عنده. صرعى: جمع صريع، وهو القتيل. تعكف: تقيم. العقبان: جمع عقاب، وهو من سباع الطير. الرخم: جمع رخمة، وهي طائر معروف. يقول: إن فرساننا يقتلون الأبطال من الأعداء ولا يجرؤ على الاقتراب من الميدان لأخذ جثثهم ودفنها، بل تظل لحومهم هناك غذاء للوحوش.

(37) المفضلية22.

(38) أودى: هلك، وأراد ذهب. ثم كررها على التفجيع والتوكيد. ذو التعاجيب: كثير العجب، يعجب الناظرين إليه ويروقهم، والتعاجيب جمع لا واحد له. الشأو: السبق، يقال شأوته إذا سبقته. يقول: وذلك الإبداء والذهاب شأو سابق، لا يدرك ولا يطلب.

(39) حثيثًا: سريعًا. اليعاقيب: جمع يعقوب، وهو ذكر الحجل، وخصه لسرعته. يقول: لو كان ركض اليعاقيب يدركه لطلبته، ولكنه لا يدرك.

(40) يقول: إذا تعقبت أمور الشباب وجد في عواقبه العز وإدراك الثأر والرحلة في المكارم، وليس في الشيب ما ينتفع به، إنما فيه الهرم والعلل.

(41) يومان: أي لبنى سعد. المقامات: جمع مقامة، بفتح الميم، وهي المجلس، أو بضمها، وهي الإقامة. الأندية: الأفنية، والندي والنادي سواء، وهو ما حول الدار وإن لم يكن مجلسًا. يريد بيوم المقامات والأندية مواقف الخطابة ونحوها. التأويب: سير يوم إلى الليل.

(42) الكر: الرجوع. أدراجها رجعًا: يقال رجع أدراجه وعلى أدراجه، أي في الطريق بدأ فيه. السنابك: مقادير الحوافر. والكسس: أصله تحات الأسنان، فاستعاره للسنابك، وأراد أنها تثلمت من كثرة السير لثلم الحجارة إياها وأكل الأرض لها. من بدء وتعقيب: من غزو ابتدأناه وغزو عقبناه به.

(43) العاديات: الخيل. الأسابي: الطرائق، الواحدة إسباءة. ترجيب: تعظيم. أو الذبح على الأنصاب في رجب. شبه أعناقها لما عليها من الدم بالحجارة التي يذبح عليها.

(44) الحت: السريع. ملبد الفرس: موضع اللبد منه. صافي الأديم: صفا جلده لحسن القيام عليه وقصر شعره. يعبوب: كثير الجري، وهو مشتق من عباب البحر، وهو ارتفاع أمواجه.

(45) الأساوي: الدفعات من الجري. فرغ الدلو: مخرج الماء منها. أثعوب: سائل متشعب. شبه دفعات جريها بانصباب الماء من الدلو في السهولة.

(46) اليرفئيّ: راعي الغنم. مذؤوب: جاءه الذئب. قال الأنباري: "مذئوب يكون في هذا الموضع خفضًا ورفعًا، فمن رواه رفعا كان إقواء، فقد أقوت فحول الشعراء، ومن رواه خفضا جعله نعتا للغنم، ووحده والغنم جمع لأن الغنم على لفظ الواحد". وكذلك "مستنفر". شبه فرسه لحدته وطموح بصره بالراعي نام عن غنمه حتى وقعت فيها الذئاب، فقام من نومه مذعورًا.

(47) الجون، بضم الجيم: جمع جون بفتحها، يقال للأبيض وللأسود. وأراد بها هنا الحمر الوحشية. يحاضرها: يطاولها الحضر، وهو شدة الجري. الجحافل للحمير بمنزلة الشفاه من الناس. واخضرارها من أكل الخضرة، وذلك أشد لها وأسرع. الألف: ألف فرس. عفوًا: على هينة.

(48) جبرت: أغنت ولمت شعثه. بوأته: أنزلته. المحروب: الذي حرب ماله وسلب. يريد: كم أغنت من فقير وأفقرت من غني. دار محروب: أي جعلت دار هذا الغني دار فقير.

(49) يقول: هذا الفرس من الخيل التي تقدم في الحرب، إن طلب أدرك، وإن طلب فات.

(50) نهنهها: كفها. التذبيب: مبالغة في الذب وهو الدفع والمنع والطرد. أراد غير ضعيف كما تذب السباع، ولكن ضرب صادق.

(51) العوامل: أعالي الرماح. صم: غير مجوفة. صدقات، بسكون الدال: صلبات. الأنابيب: ما بين الرمح

(52) يجلو أسنتها: يصلحونها ويتعاهدونها. العادية: الحرب. المقرف: الذي دانى الهجنة، والهجين الذي ولدته الإماء الجعابيب: القصار الضعاف، الواحد جعبوب بضم الجيم.

(53) الثقاف: خشبة في وسطها ثقب يقوم بها الرماح إذا اعوجت. الزيغ: الاعوجاج. السن: التحديد. التركيب: تركيب النصال.

(54) جعل أسنتها زرقًا لشدة صفائه، وحمرًا لأنه إذا اشتد الصفاء خالطته شكلة، أي حمرة. اليعاسيب: الرؤساء. يريد أنهم يقتلون الرؤساء فيرفعون رءوسهم على أسنتها.

(55) مواتح البئر: حبال يمتح بها، أي ينزع بها الماء. الأشطان: الحبال الطوال، واحدها شطن، بفتحتين. مطلوب: بئر بعيدة القعر بين المدينة والشام.

(56) يعني فريقي معد. من كان منهم معاليًا بأرض نجد فهم عليا معد، ومن كان منهم متسافلًا فهم سفلى معد.

(57) الشهاب: أصله الشعلة الساطعة من النار، وأراد به هنا الرجل الماضي في أمره. مشبوب: مقوى، من قولهم شببت النار إذا قويتها.

(58) نسبتهم: نسبهم وأصلهم.

(59) صرحت: خصلت فليس فيها شيء من الخصب. كحل: اسم للسنة الشديدة المجدبة. القرضوب والقرضاب: الفقير.

(60) أزمت: عضت. القبص، بكسر القاف: العدد الكثير. غير محسوب: لا يعد من كثرته.

(61) شآمية: من ناحية الشام، وهي ريح الشمال. حطيب الجوف: كثير الحطب. يقول: تنزل في ذلك الوقت، وهو الجدب، بالأودية الكثيرة الحطب، لنعقر ونطبخ، ولا نبالي أن يكون المنزل مجدوبًا، والمجدوب ههنا: المعيب المذموم.

(62) المبارك: أراد بها الوادي كله، لا مبارك الإبل وحدها. وجعلها شيبًا لبياضها من الجدب والصقيع. المدافع: مجاري الماء. مدروس: درست آثارها وغطاها التراب لبعد عهدها بالماء. هابي المراغ: منتفخ لم يتمرغ عليه بعير مذ مدة. الودق: المطر. موظوب: واظبت عليه السنون والجدب، أي لازمته.

(63) الصارخ: المستغيث. الصراخ: الإغاثة. الظنبوب: حرف عظم الساق. يقال قد قرع ظنبوبه لهذا الأمر، أي عزم عليه.

(64) الكور: رحل الناقة بأداته. الوجناء: الناقة الغليظة. الناجية: السريعة. الجرداء: الفرس القصير الشعر. السرحوب: الفرس الطويلة.

 

 

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.