المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

احتجاج الصادق(عليه السلام) على الصوفية
16-10-2015
Edmond Halley
28-1-2016
أنواع الطائرات المدنية المستخدمة في النقل - الهوفركرافت Hoover Craff
11-8-2022
الإجبار على المعاصي والتكليف بما لا يطاق
17-8-2019
Vaccination of special groups
29-2-2016
extraposition (n.)
2023-08-29


نهضة الشعر في الجاهلية  
  
3105   04:20 مساءاً   التاريخ: 22-03-2015
المؤلف : جرجي زيدان
الكتاب أو المصدر : تاريخ آداب اللغة العربية
الجزء والصفحة : ج1، ص63-66
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الجاهلي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2019 6179
التاريخ: 23-03-2015 2810
التاريخ: 23-03-2015 6723
التاريخ: 22-03-2015 1789

أسباب النهضة

قضى العرب اجيالا لا يعرف مقدارها الا الله وهم يقولون الشعر عند الحاجة مما لم يصل الينا خبره، وانما وصل الينا بعض ما نظموه في النهضة الأخيرة قبيل الإسلام. والنهضة في الشعر او الادب او العلم تحدث على إثر انقلاب سياسي من فتح او حرب او نصر، أو تغيير اجتماعي على إثر نكبة او نازلة او كل ما يثير العواطف. وهي قاعدة تشمل طبائع البشر في كل زمان ومكان. فالهنود القدماء لم ينظموا اناشيدهم السنسكريتية الا بعد ما لاقوه من الحروب والتنازع في أثناء نزولهم الهند قبل الميلاد بأجيال. واليونان ما زالوا على الشعر القصصي وشعراؤهم قليلون، حتى قامت الفتن بينهم وتحاربوا، ثم حاربوا الفرس وغيرهم فنبغ فيهم الشعراء الغنائيون. وظل الرومان بعد تأسيس دولتهم نحو 240 سنة في جمود ادبي لم يظهر فيهم شاعر، وقضت امم اوروبا اجيالا في القرون الوسطى وقرائحهم خامدة، فلما خرجوا للحرب الصليبية وقاسموا ما قاسوه فيها ظهرت مواهبهم في الشعر ونبغ فيهم شكسبير ودانتي وغيرهما. وترى اشعار الامة في نهضتها صورة من صور أحوالها على إثر ذلك الانقلاب.. فان كانت هي الظافرة فيه، كثر شعرها الحماسي والفخري، وإذا كانت المغلوبة كان شعرها اكثرها في الرثاء كما فعل اليهود بعد اسرهم في بابل بمرائي ارمياء وغيره. والشعر يوجبه الحب والحرب والموت.

استقلال عرب الحجاز عن اليمن

والعرب شانهم في نهضتهم الشعرية قبل الإسلام مثل شؤون سائر الامم .. ونريد بالعرب هنا بدو الحجاز ونجد وما جاورهما، فكانوا قبل هذه النهضة ينظمون على قلة ولا نظنهم كانوا يجيدون النظم، وهم تحت سيطرة الحميريين ملوك اليمن يخدمونهم في

نقل تجارتهم. وكانت دولة اليمن تستأجرهم في حروبها كما يفعل أهل المدن اليوم بأهل البادية. وكانوا يؤدون لها الاتاوة (الخراج) وقد رسخ اعتقادهم عظمة تلك الدولة لما فيها من أسباب الحضارة، فأصبحوا بتوالي الاجيال يعدون الاذعان لها فرضا. فلما رأوا ما اصابها في حروبها مع الحبشة في اواسط القرن الرابع للميلاد، اذ فتحها الاحباش بمساعدة قيصر الروم سنة 345م (1) تبين لهم عجزها عن حفظ سيادتها وذهبت هيبتها من قلوبهم .. فاخذوا يفكرون في الخروج من سيطرتها والامساك عن دفع الاتاوة وأحسوا بالحاجة الى الاتحاد.

وأول من كسر هذا القيد من قبائل العرب قبيلة ربيعة، على يد فارسها كليب الشجاع المشهور، وكان معاصرا لزهير بن جناب الذي ولاه صاحب اليمن على بكر وتغلب أكبر قبائل ربيعة. وكان زهير يتقاضى الاتاوة او الخراج منهم في مقابل النجعة والكلأ والمرعى، وكان يخرج في حاشيته لجمع الأتاوة فأصابهم في أثناء امارته ضيق وأمحلت ارضهم فتأخروا عن الدفع، فجاءهم زهير وألح في مطالبتهم فشكوا عجزهم وأبانوا عذرهم فلم يصع لشكواهم، ومنعهم النجعة والمرعى او يؤدوا ما عليهم، فصبروا حتى كادت مواشيهم تهلك. وكانت هيبة الدولة قد ذهبت من نفوسهم، فلما اصابهم ذلك الظلم سقوا عصا الطاعة ونقموا على زهير ورجاله فدسوا رجلا منهم اسمه زبابة من بني تيم الله وكان فاتكا، واوعزوا إليه ان يقتل زهيراً غدراً ولم يقدموا على مناوأته جهاراً لئلا يستنجد بجنده .. فأتاه زبابة وهو نائم وطعنه ورجع الى قومه وأخبرهم اه قتله، والحقيقة ان السيف مر بجانب البطن ولم يصب من زهير مقتلا. وعلم هذا انه سالم، فلم يتحرك لئلا يجهز عليه. فلما انصرف زبابة اوعز زهير لمن معه ان يظهروا موته ويستأذنوا بكراً وتغلب في دفنه، فلما اذنوا دفنوا ثيابا ملفوفة وفروا به مجدين الى قومهم .. وجمع زهير الجموع، وفي ذلك يقول ابن زبابة:

طعنة ما طعنت في غلس اللـ    ـل زهيرا وقد توالى الخصوم

حين تمحى له المواسم بكر      ابن بكر واين منها الحلوم

خانني السيف اذ طعنت زهيرا    وهو سيف مضلل مشؤوم

وجمع زهير من قدر عليه من أهل اليمن وغزا بكرا وتغلب وقاتلهم قتالا شديدا انهزمت فيه بكر، وقاتلت تغلب بعدها، ثم انهزمت واسر كليب ومهلهل ابنا ربيعة واخذت الأموال وكثرت القتلى في بني تغلب، واسر جماعة من وجوههم وفرسانهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)     العرب قبل الإسلام وهذا هو الفتح الأول ثم كان الفتح الثاني سنة 524م.

فعظم ذلك على قبائل ربيعة وتجمهروا وولوا عليهم ربيعة والد كليب ومهلهل وخرجوا على زهير وأنقذوا الاسيرين منه ودارت الايام وعاد زهير الى سطوته فوضع الاتاوة والخراج على بني معد جميعاً.

وفي أواخر القرن الخامس توفى ربيعة أمير تغلب، فخلفه ابنه كليب وفي نفسه على اليمن ضغائن لما قاساه في اسرهم .. فجمع معداً تحت لوائه أي ربيعة وقضاعة ومضر واياد ونزار وحاربوا اليمن في معركة عرفت بيوم خزاز، فهزموهم واستقلوا عن سيطرتهم. ولم يدفعوا إليهم اتاوة او خراجا من ذلك الحين. ونظرت معد الى كليب نظرها الى منقذ عظيم، فولوه الملك عليهم وجعلوه له قسم الملك وتاجه وطاعته. وكان ذلك آخر عهدهم بسلطان اليمن.

حروبهم فيما بينهم

واستقلال عرب الحجاز ونجد من سيطرة اليمن انقلاب سياسي، هاج شاعريتهم وأيقظ ما فطروا عليه من عزة النفس واباء الضيم .. فاخذوا يختلفون فيما بينهم لان سيطرة اليمن كانت قد جمعتهم قيودها.. فلما أطلق سراحهم تنازعوا، فجرت بينهم حروب تعرف بأيام العرب قد فصلناها في كتابنا (العرب قبل الإسلام) وأكثرها حدة وأطولها مدة الوقائع بين بكر وتغلب، وكلاهما من ربيعة وهي حرب البسوس بين مهلهل وجساس، دام النزاع فيها أربعين سنة مات في اثنائها الشيوخ وشاخ الشبان وشب الولدان، وفي اثنائها نبغ مهلهل أخو كليب وشهد تلك الحروب. وكان شاعرا مطبوعا فتوسط في المصالحة بين القبيلتين وله شأن في تاريخ الشعر .. ناهيك بالحروب التي جرت بين قبائل مضر، أشهرها أيام داحس والغبراء وغيرها.

نهضة قريش

وقد انهض قريشا على الخصوص واثار شاعريتهم وشحذ قرائحهم حروبهم مع الاحباش في عام الفيل في اواسط القرن الأول قبل الهجرة. فان الاحباش لما فتحوا اليمن حملوا على مكة للاستيلاء على الكعبة. وكانت سدانتها يومئذ الى عبد المطلب جد الرسول، فجاء الاحباش بأفيالهم ورجالهم وعدتهم، واهل مكة لم يتعودوا سيئا من ذلك لما للكعبة من المنزلة الرفيعة في أنفس القبائل وغيرهم. فلما رأوا الاحباش قادمين شعروا بما يهددهم من الخطر وأحسوا بافتقارهم الى الاتحاد لدفع الاجانب،

فدفعوا الاحباش وقد تنبهت اذهانهم واخذت مواهبهم في الظهور. ومما يدل على شدة تأثير ذلك الهجوم في نفوسهم انهم جعلوا يؤرخون به وهو عام الفيل.

وبعد عام الفيل حدثت حرب الفجار بين قريش وكنانة وقيس، وكان لها تأثير كبير في نفوس القرشيين فساعدتهم على تلك النهضة.

فهذه الحروب والفتن أظهرت مواهب الرجال، فتولدت طبقة من الحكماء واخرى من الاسخياء، واخرى من الفرسان والشجعان، وايقظت الشاعرية الحماسية والفخرية.. فنبغ منهم الشعراء على اختلاف القبائل والبطون لمدح الظافرين او وصف بسالتهم او التفاخر بالقبائل. ورافق ذلك نحاك القبائل وتقاربها أو تباعدها، وتنبهت عطافة الحب فظهر العشاق من الشعراء. ولذلك كانت منظومات هذه النهضة اكثرها في الفخر والحماسة على أثر واقعة من تلك الوقائع، او في وصف سوق او حكمة او موعظة او مدح ظافر او كريم كما ستراه في مكانه.

 

 

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.