أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-03-2015
4710
التاريخ: 2-12-2019
1609
التاريخ: 23-03-2015
4393
التاريخ: 22-03-2015
9653
|
يتفاوت الرواة ثقة.. فمنهم الثقة المحقق، ومنهم من يتعجل في التصديق، وبعضهم يتقلب في رواياته مع الاهواء، فينظم الابيات على لسان بعض الجاهليين وينسبها إليهم لمطمع مالي او غرض آخر. وأشهر من فعل ذلك حماد وخلف المتقدم ذكرهما، وهما مرجع رواة الاشعار كما رأيت. فكان حماد كثيرا ما يصنع الابيات او القصيدة ينسبها الى شاعر من قوم، يريد ان يتزلف الى رجل منهم صاحب نفوذ او سيادة في عصره .. كما فعل في ولاية خالد بن عبد الله القسري، وكان خالد شديد
العصبية لقومه من اليمنية على القيسية. فنظم حمادا ابياتا نسبها الى ابن الحدادية، يمدح بها اسد بن كرز من بجيلة قبيلة خالد القسري المذكور واسد بن كرز ابو جده. فأورد حماد حكاية جرت لابن الحدادية مع ناس من قومه اصابوا دما في قوم من خزاعة فهربوا حتى نزلوا في بجيلة على اسد بن كرز، فآواهم وأحسن إليهم، وذكر ان ابن الحدادية نظم فيه قصيدة يمدحه بها، الى اخر الحديث (1)، ولكن الرواة المحققين يقولون انها من نظم حماد للغرض الذي تقدم. وكذلك كانوا يفعلون في وضع الانساب طمعا في المال. قال ابن الكلبي: (اول كذبة كذبتها في النسب ان خالد بن عبدالله سألني عن جدته ام كريز، وكانت امة بغياً لبني اسد يقال لها زينب .. فقلت له هي زينب بن عرعرة بن خذيمة بن نصر بن قعين، فسر بذلك ووصلني(2)).
وقد شهد المفضل الضبي وهو معاصر لحماد ايضا قال: (قد سلط الشعر من حماد الراوية ما أفسده فلا يصلح ابدا) فقيل له: (وكيف ذلك أيخطئ في روايته ام يلحن؟) قال: (ليته كان كذلك، فان أهل العلم يردون من أخطأ الى الصوان ولكنه رجل عالم بلغات العرب واشعارهم ومذاهب الشعراء ومعانيهم، فلا يزال يقول الشعر يشبه به مذهب رجل، ويدخله في شعره، ويحمل ذلك عنه في الآفاق، فتختلط اشعار القدماء ولا يتميز الصحيح منها الا عند عالم ناقد واين ذلك).
وقد بلغ قول الضبي الخليفة المهدي فأكده له بالامتحان بين يديه، فاعترف حماد بأبيات زادها في اشعار زهير بن ابي سلمى. فأمر المهدي بإبطال روايته لأنه يدخل بأشعار الناس ما ليس منها ووصل المفضل لصدقه وصحة روايته(3).
وخلف الاحمر كان يفعل فعل حماد، وقد قال عن نفسه انه كان ينظم الاشعار ونحلها غير اصحابها. وانه كان يأخذ من حماد الصحيح من اشعار العرب ويعطيه المنحول فيقبله. وكان خلف شاعرا مجيدا فينظم القصائد الجيدة ويدخلها في دواوين الشعراء، ويقال انه صاحب القصيدة المنسوبة للشنفرى التي أولها:
أقيمة بني امي صدور مطيكم فإني الى اهل سواكم لأميل
وقال ابو حاتم كان خلف الاحمر شاعراً، وقد وضع على عبد القيس شعراً مصنوعا عبثاً منه. وأدخل ايضا على غيرهم من القبائل ابياتا وقصائد، وكان اهل البصرة والكوفة يأخذون ذلك عنه لأنه كان لتمكنه من الشعر والشعراء إذا نظم على ألسنة الناس اشبه كل شعر يقوله بشعر الذي يضعه له. وتنسك في اواخر ايامه وندم على ذلك وكيف عن النظم. ثم خرج يوما الى اهل الكوفة واعترف لهم بما كان يعمله وعرفهم الاشعار التي قد ادخلها في اشعار الناس فقالوا: (انت كنت عندنا في ذلك الوقت أوثق منك الساعة) ولم يستطيعوا اخراج ذلك من دواوينهم (4).
وممن كان يفعل فعل حماد ابن دأب والشرقي بن القطامي، سئل ابن القطامي: (ماذا كانت العرب تقول في صلاتها على موتاها؟) فقال: (لا أدري) فقيل له: (اكذب؟) فقال: (كانوا يقولون رويدك حتى تبغت الخلق باغتة) فشاع ذلك وتحدثوا به، حتى الرواة الثقاة كالأصمعي وابي عبيدة وابي زيد، قد كانوا يتطاعنون ويضعف كل منهم رواية الاخرين ... ولكن المحققين ينزهون هؤلاء عن الكذب. وقد قال محمد بن سلام الجمحي : (في الشعر موضوع مفتعل مصنوع لا خير فيه ولا حجة بإعرابه (5)).
على ان المحققين في العصر العباسي الثاني كأبي الفرج والاصبهاني وابن قتيبة وابن عبد ربه وغيرهم ممن عانى الأدب وانتقد الشعر، بينوا اماكن الضعف في كثير من المواضع وجعلوا للرواية شروطا (6) في الاسناد والاخذ والتحقيق لا محل لها هنا. وانتقد محمد بن سلام شيئا من ذلك في مقدمة طبقاته.
ولأبي القاسم عمر بن حمزة البصري المتوفى سنة (375هـ) كتاب في انتقاد الرواة سماه (التنبيهات على أغاليط الرواة) ضمنه التنبيه على الاغاليط التي وقعت في نوادر ابي زياد الكلابي، ونوادر ابي عمرو الشيباني، وكتاب النبات لابي حنيفة الدينوري، والكامل للمبرد، والفصيح لثعلب، والغريب للقاسم بن سلام، واصلاح المنطق لابن السكيت وغيرهم. وفي المكتبة الخديوية نسخة خطية من هذا الكتاب.
واذ فرغنا من الكلام على الرواية بأنواعها وهي اصل علم الأدب، فلننتقل الى ما يتفرع اليه الأدب من العلوم وأهمها النحو اللغة .. فان اصحابها كانوا في الاصل من جملة الرواة، ثم اختص بعضهم بهذا العلم والبعض الاخر بذاك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاغاني ج13 (2) الاغاني ج19 (3) الاغاني ج5
(4)المزهر ج2 (5) المزهر ج2 (6) المزهر ج1
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|