أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
2025
التاريخ: 5-8-2020
2674
التاريخ: 18-7-2020
2366
التاريخ: 15-11-2016
1359
|
دوافع عمر في استخدام كعب وتميم وأمثالهم
وقد اندفع عمر بن الخطاب للاستفادة من كعب الأحبار وتميم الداري وعبد الله بن سلام لأسباب عديدة منها: ادعاء هؤلاء الإسلام، وتصريحهم بامتلاكهم علوم أهل الكتاب. وقول كعب المغري ما من شيء إلا وهو مكتوب في التوراة! (1) امتلاك بعض الأحبار والرهبان لقدرة دهائية أعظم مما يمتلكه دهاة قريش، مما جعل عمر وآخرون ينظرون إليهم بكل تقدير واحترام.
الأسئلة الكثيرة الموجهة لعمر من قبل الناس جعلته في وضع صعب، اضطر معه لدفع هؤلاء للإجابة عن هذه الأسئلة الكثيرة والصعبة. وهذا ما يفسر سبب قيام تميم بإلقاء القصص في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلقائه خطبة في كل يوم جمعة (قبل خطبة الجمعة) (2). واضطرار عمر للسؤال من الإمام علي (عليه السلام) لحل بعض المعضلات والمشكلات الدينية والعلمية والقضائية يفصح عن حقيقة هذا الموضوع. ويبين الفراغ الكبير الذي تركه إبعاد الثقل الثاني بعد القرآن عن مرجعية المسلمين.: احتكاك عمر بأهل الكتاب قبل الإسلام وفي زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحصول على بعض الإجابات سهل عليه استخدام هؤلاء المدعين للإسلام لاحقا.: رغبة عمر في استخدام دهاة الناس، تحت نظرية الفاسق القوي أفضل من المؤمن الضعيف (وقد ذكرنا هذه النظرية في موضوع الولاة).
من طلب من كعب السكن في المدينة؟
أول من طلب من كعب الأحبار السكن في المدينة المنورة، هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب. فقد طلب منه البقاء في المدينة، وبدأ يقرب مجلسه، ويعرفه بعنوان العالم (3). وبعد رفض عمر لأهل البيت (عليهم السلام) كمرجع ديني وفقهي، أراد الاستفادة من كعب الأحبار وغيره ليحلوا محلهم.
وكان عصر عمر يشهد خللا كبيرا في المرجعية، لفقدان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعزل أهل بيته (عليهم السلام) وهذا ما دعاه إلى إبقاء كعب في المدينة، وأخذه معه إلى الشام، وإقامة مجالس الوعظ له للاستفادة منه. ولقد كان عمر قد أنس مرة بقراءة التوراة، وحاول أن يقرأها أمام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غضب لذلك، فلم يلتفت عمر إلى غضبه، مما اضطر أبا بكر للقول لعمر: ثكلتك الثواكل ما ترى بوجه رسول الله. فقال عمر: أعوذ بالله من غضب الله ورسوله. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا فإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني (4). وبالرغم من غضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على عمر، وطلبه من المسلمين عدم السؤال من اليهود، إلا أن عمر في زمن خلافته فتح باب السؤال من اليهود على مصراعيه، فأصبح كعب مرجعا خطيرا للمسلمين، يسألونه عن كل معضلة، بدءا من التوحيد وانتهاء بالآخرة!
وسمح له عمر بأن يقص في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالرغم من أن عبد الرحمن بن عوف حديثا نبويا يوصم أمثاله بالاحتيال (5). وانتشرت أحاديث كعب وتميم الداري فأصبح هؤلاء ثقلا ثانيا إلى جانب القرآن الكريم، مكان أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا مصداق قول عمر: حسبنا كتاب الله. وبواسطة كعب وتميم تمكن عمر من النجاة من كثير من الأسئلة الموجهة إليه من قبل المسلمين. وكان الطريق الثاني لعمر للهروب من الأسئلة الموجهة إليه هو منع هذه الأسئلة، سواء كانت عن تفسير القرآن أو عن العقائد، فقد ضرب عمر من سأل عن تفسير القرآن (6). في حين قال علي (عليه السلام) للناس: سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به، وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية... ولما كان صبيغ قد ضرب من قبل الخليفة الثاني، ضربا شديدا أياما عديدة، لأجل سؤاله عمر عن آية والذاريات ذروا، فقد سأل ابن الكواء (الذي أصبح خارجيا من بعد) من الإمام علي (عليه السلام) عن والذاريات ذروا، وكان يتصور بأنه (عليه السلام) سوف يجيب مثلما أجاب عمر، من ضربه ومنعه من السؤال. فقال علي (عليه السلام): الذاريات هي الرياح التي تحرك القمح والشعير بعد نضوجهما. فقال ابن الكواء: وما معنى الجاريات يسرا؟ فقال علي (عليه السلام): السفن. قال ابن الكواء: وما معنى المقسمات أمرا. قال علي (عليه السلام): الملائكة (7). ومن أسباب توجه الخليفة لكعب وتميم وعبد الله بن سلام واهتمامه بهم: إن العرب قبل الإسلام كانوا ينظرون إلى اليهود والنصارى على أنهم أهل ثقافة ودين، وهذه النظرة استمرت عند البعض من المسلمين. كما أن عمر كان يقرب الدهاة ويشاورهم ويستفيد من آرائهم. وكعب واحد من هؤلاء الدهاة إلى جنب ابن العاص والمغيرة ومعاوية وعبد الله بن أبي ربيعة والجميع دون ورع ولا تقوى. وهؤلاء الدهاة قد حرفوا الشريعة وأشاعوا الفتن، ونشروا الفساد، وخربوا البلاد إذ وضعوا الأسس لتحطيم الإسلام سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتراثيا.
_________________
(1) أضواء على السنة المحمدية، محمود أبو رية ص 165.
(2) تاريخ المدينة المنورة، ابن شبة 1 / (عليه السلام)، 8، 11 طبع مكة المكرمة، الإصابة، ابن حجر 1 / (صلى الله عليه وآله وسلم) 25، الإستيعاب بهامش الإصابة، ابن عبد البر 1 / 184.
(3) الطبقات الكبرى لابن سعد 2 / 358 طبعة صادر - بيروت.
(4) سنن الدارمي 1 / 115 طبعة دمشق، مسند أحمد بن حنبل 3 / 387، 470.
(5) مختصر تاريخ ابن عساكر 21 / 186.
(6) كنز العمال 2 / 510 ح 4169، المصاحف لابن الأنبار، ونصر المقدسي في الحجة.
(7) كنز العمال 2 / 357، تفسير ابن كثير 4 / 231 طبعة مصر، فتح الباري 10 / 221 طبعة مصر، تفسير الطبري 26 / 116 طبعة مصر أوفست بيروت.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|