المعايير الدولية لتصنيف الدولة الصغيرة - المعايير السياسية والاجتماعيّة |
1441
07:03 مساءً
التاريخ: 22-7-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-24
1027
التاريخ: 1-1-2022
1519
التاريخ: 24-1-2016
2488
التاريخ: 15-1-2021
1995
|
مما يلاحظ أن معظم (إن لم يكن كل) الدول الصغيرة قد تشاركت في كونها دولاً نامية، عانت من الاستعمار الذي لم تتخلص منه إلا بعد جهد كبير، وبعد أن تم استنزاف جزء كبير من مواردها. إضافة إلى أن هذا الاستعمار قد أورثها هياكل سياسية واجتماعية ضعيفة ومهزوزة وغير منتجة وعاجزة عن إدارة الدولة. كما أورثها اقتصاداً متخلفاً يعتمد في كثير من مكوناته على الاستيراد الذي ولّد تبعيّة غير محدودة. أما ثقافياً فقد تميّزت هذه الدول بضعف شديد تمثّل في أميّة مستشرية. وعلى مستوى العلاقات بينها فقد شهدت هذه الدول نزاعات حدودية خطيرة، وعانت من عدم الاستقرار السياسي.
أما اجتماعياً فقد عانت هذه الدول من صراعات أثنية مهلكة، رافقها حالات واسعة من الهجرة واللجوء بسبب الصراعات والخلافات الاجتماعية والعرقية والإبادة الجماعيّة والافتقار إلى الأمن الداخلي، كان وراءها فقدان المؤسسات السياسية المستقرة، والتي اتسمت بالتقلبات الكثيرة وبغياب الشرعية الشعبية للأنظمة السياسية. لذلك شهدنا العديد من الانقلابات العسكرية التي أتت بحكم يفتقد إلى الخبرة ويقوم في أساسه على العلاقات الشخصية والقبلية.
كما تفتقر هذه الدول، في أغلبها إلى وجود مجتمع مدني مستقل وفاعل، وذلك بعد تغول "الدولة" بمعنى السّلطة وهيمنتها عليه. ولتحقيق ذلك راحت مؤسسة الدولة، بسبب التربية السياسية التي خلقها الاستعمار، في بناء مؤسسات مجتمع محلي رسمي إلزامي وغير تنافسي (Alouche, 1989؛ ميتكس، 1999)، بما في ذلك إنشاء أحزاب هامشية تخرج في مهمتها الأساسية عن التعبير عن مصالح المواطنين، لتصبح أدوات للدولة، كونها امتدادات، بصيغة أو بأخرى، للقوى والمؤسسات التقليدية العائلية أو العرقية أو القبلية أو الطائفية أو حتى الشخصيّة، الأمر الذي جعل من هذه الأحزاب ظاهرة شكليّة فقط عاجزة عن استقطاب المواطنين لصفوفها، أو تنظيم علاقتهم بالدولة، وبالتالي فقدانهم لقدرة المشاركة في القرارات، إذ يبدأ النظام السياسي في اختار حزب واحد يتحكم في الحياة السياسية بعد خلق حالة من التداخل الكبير بين الحزب ونظام الحكم، تصبح معها وظيفة الحزب حشد المواطنين خلف هذا النظام أو خلف الزعامة السياسية التي تغدو مالكة لإدارة الحزب والدولة في آن واحد، وذلك عندما تختزل مهام الحزب في نشر ثقافة سياسية جوهرها الولاء المطلق للنظام (أو الحاكم) أو القيادة السياسية التي تكون، أحياناً كثيرة، متمثلة في الحزب الواحد. حتى إذا ما تظاهر النظام في أنه يبني تعددية حزبية، فإنه يسعى إلى وضع قيود قانونية وسياسية تجعل الأحزاب (غير الحزب الحاكم) عاجزة عن إثبات وجودها. أما المعارضة فتصبح ظاهرة لا تتعدى كونها واجهة شكلية (توفيق، 1999). وبذلك تختفي الحدود بين "الحاكم الشخص" وبين "سياسات الدولة" التي تفرض نفسها على الشعب ليكون موالياً "للزعيم"، ومنفذاً لرغباته. وفي هذه الدول غالباً ما يلعب الجيش دوراً مركزياً ويتحالف مع الحاكم. ولتثبيت سلطتهما فإنهما يعملان على التحكم بالمصادر والموارد على أساس أنهما ملك "للقائد" (Rothstin, 1977). وحتى تتحقق الولاية المطلقة له فإن عليه مصادرة الحريات واستخدام أساليب القوة والقمع ضد الرأي المخالف، الأمر الذي يؤدي إلى استشراء الفساد بكل أشكاله الإدارية والسياسية والمالية، ويغدو المال العام من ممتلكات السلطة، خاصة عندما تغيب الرقابة والمحاسبة والمساءلة (عبد الله، 1986).
ومما يلاحظ أن جميع هذه المعايير تتشابك مع بعضها البعض لتشكل مرتكزات تقوم عليها الدول الصغيرة، حيث ينتشر الفقر والبطالة والمرض وعدم الاستقرار السياسي وغياب الرأي العام خاصة إذا كان معارضاً، أو إذا حاول رفض أوامر الحاكم، الذي يحرص على فرض قيود على العمليات السياسية. وحتى يتم ذلك، غالباً، ما يلجأ هذا الحاكم إلى الاستنجاد بالقوى الخارجيّة التي تفرض مصالحها، وتعمل على تحقيق أجنداتها، وعندها يستقر سمو المصلحة الشخصية على المصلحة القوميّة، فيضعف الأداء السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي ترتهن، في مجموعها، إلى الإرادات المستوردة.
ومع كل ذلك، فربما نجد حالات مختلفة حيال هذه التصنيفات حيث شهد المجتمع الدولي أمثلة لدول صغيرة استطاعت بحسن إدارة الدولة أن تلعب أدواراً متقدمة.
وهنا لا بد من التذكير بأن عدداً لا بأس به من الدول الصغيرة قد استفادت من حقائق الثنائية القطبية العالمية، واستطاعت بالفعل أن تحقق قدراً من التأثير الدولي، ولنا في كوبا مثل على ذلك. إلا أن هذه الثنائية، من جانب آخر، كانت ترهق الدولة الصغيرة على أساس أن القطب الدولي كان يسعى إلى استخدام الدولة الصغيرة الدائرة في فلكه لتحقيق مصالح قدرته ولتحقيق المزيد من القوّة له.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|