أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-5-2022
1131
التاريخ: 16-9-2021
1702
التاريخ: 11-10-2020
1641
التاريخ: 31-12-2021
1596
|
تعتبر الدولة أهم مؤسسة تتولى تسيير المجتمع وإدارة شؤونه عن طريق تنظيم علاقات أفراد المجتمع فيما بينهم، وعلاقاتهم مع السلطة. ويظهر ذلك في إقامة عدد من المؤسسات الإدارية والقانونية والسياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية التي تتوكل في تلبية احتياجات الأفراد بما يحفظ وجودهم. ويجب أن لا يغفلنا هذا عن الإقرار باستمرار غموض "ماهية" الدولة، النابع من تعقد الأدوار التي تلعبها الدولة والتناقضات التي ترافق ذلك، لأن العقبة ستقوم حول التساؤلات القائلة: هل يقتصر دور الدولة حول عملية التنظيم فقط؟ وهل يمكن أن ينحصر الأمر في "حياة الدولة"؟ وأخيراً كيف يكون وجود الدولة مشروعاً؟ .
مما لا شك فيه أن فكرة "الدولة" ترتبط بفكرة "السلطة" بشكل عام، بالرغم من شمول الأولى على الثانية، وبالرغم من قدم فكرة الدولة التي كان آخرها ظهور الدولة الحديثة وذلك مع نشوء الدولة القومية بعد معاهدة وستغاليا عام 1948، وفي هذا السياق جرى تعريف الدولة بأنها فكرة مجردة، ولكن لها فوائدها ومخاطرها، إلا أن تعريفها قد وقع ضمن إستراتيجيتين؛ الوظيفية والتنظيميّة. أما الأولى فإنها تعتبر الدولة مجموعة من المؤسسات الحكوميّة تقوم بوضع القوانين وتتوكل في عملية الضبط والتوجيه والتنظيم. وهنا يمكن القول بأن الدولة في تعريفها التنظيمي ليست عنصراً جوهرياً ملازماً للمجتمع البشري، وعليه فقد ذكر علماء الأنثروبولوجيا أن هناك بعض المجتمعات التي لم تشهد ظاهرة "الدولة" من أمثال الأنظمة القبليّة المجزّأة، أو التجمعات الصغيرة المنعزلة؛ التي يتم فيها وضع القواعد واتخاذ القرارات بصورة جماعيّة، أو من خلال التفاوض الضمني، دون ضرورة لاقتصار الحكم على مجموعة أشخاص معينين. وغالباً ما يكون الأساس الذي تقوم عليه هذه القواعد تقليدياً أو دينيّاً.
ومهما ذهب بنا التعريف فإن الدولة الحديثة هي طراز خاص جداً للحكم يتميز بخمس خصائص:
1- أن الدولة هي مؤسسة، أو مجموعة مؤسسات منفصلة بشكل بيّن.
2- تتمتع الدولة بالسيادة، وهي صاحبة السلطة لمطلقة في كل ما يخص القانون والقواعد الملزمة المدعومة بالعقوبات التي تحفظها حقيقة الاحتكار الرسمي للقوّة.
3- تمتد سيادة الدولة لتشمل كل الأفراد.
4- تقوم الدولة بالإشراف على العاملين في مؤسساتها وهي موكلّة بتدريبهم.
5- الدولة هي صاحبة الولاية في جميع الإيرادات.
وبالرغم من كل ذلك فإن هذه الخصائص هي أفكار مجردة لذلك فهي عصيّة على التطبيق المتساوي في كل البلدان، وكل ما يمكن الأخذ به أنها ميّزت بين الدولة التقليدية (ما قبل الحداثة) وبين الدولة الحديثة (Anderson, 1974).
أما التعريف الوظيفي للدولة فيمكن أن يأخذ شكلين أولهما مبني على المقاربة القائمة على أن الدولة كائن قبل الدولة (ex ante)، وعليه تعرّف الدولة بأنها مجموعة من المؤسسات التي تنفذ أهدافاً وأغراضاً معيّنة. وهذا يعني أن أية مؤسسة تتداخل أهدافها أو غاياتها مع وظائف الدولة تصبح جزءاً منها. وثانيهما ما هو مبني على ما هو كائن بعد الدولة (ex post)، بحيث تعرّف الدولة، تماهياً مع هذه المقاربة، انطلاقاً مما ينجم عنها من تبعات كالمحافظة على النظام الاجتماعي، على سبيل المثال. وهنا تصبح الدولة رديفاً وصنواً لتلك المؤسسات أو السلوكيات التي من شأنها تحقيق الاستقرار(Anderson, 1974).
ولكي لا ننساق كثيراً داخل تفصيلات المراحل التي مرّت بها الدولة، ومن ثم الولوج إلى مفهوم "القوة"، فإن الباحث سيذهب إلى ما جرى تصوره بأن الدولة هي خلاصة لعلاقات القوّة القائمة في المجتمعين الداخلي والخارجي، مع الالتفات إلى قول بعض الأيديولوجيات التي ترى بضرورة تحطيم الدولة، ومن ذلك ما ذهبت إليه الحركات الفوضوية والماركسيّة التي ادّعت بسموها فوق الدولة وتجاوزها.
إلا أن من الضرورة بمكان تناول التعريف الأساسي للدولة والقائل بأن الدولة هي "جماعة من الناس يعيشون بصورة دائمة فوق إقليم جغرافي محدد ويخضعون لسلطة سياسية معينّة" (عبد الله، 1985، ص19). إلا أن الأدبيات الحديثة قد أضافت إلى هذين العنصرين؛ عنصر سيادة السلطة وعنصر الاعتراف الدولي. كما أضافت هذه الأدبيات قولها أن لا اشتراط لمساحة الدولة أو عدد سكانها، إلا أن اشتراط السلطة ذات السيادة والاعتراف الدولي هما الأساسان اللذان يجب توفرهما حتى تستكمل الدولة وجودها الفعلي، وحتى تتمكن من مباشرة حقوقها وإقامة علاقات مع المجتمع الدولي.وفي حدود العناصر الثلاثة الأولى تتساوى الدول إما في العنصرين الباقيين فيقع التمايز بين الدول، من حيث حجومها الفعلية، فتصنف الدول بين ناقصة السيادة أو كاملتها، وبين الاعتراف بفعلها على المستوى الدولي.
وهنا ندرك أن الدولة هي جهة سياديّة وحصرية لتمثيل أفراد المجتمع كافة. وهي الشخصيّة المعنوية التي تفرض سيادتها على الأرض (الربيعي، 2008) وتشرف على توزيع القيم السلطوية فيها، ومع ذلك فهناك من يذهب إلى عدم الاعتراف بالشخصية القانونية للدولة، وعلى رأسهم L.Duguit الذي ينكر فكرة الشخصية المعنوية من أساسها، انطلاقاً من نظريته الشهيرة في التضامن الاجتماعي (بدوي، 1970؛ ليله، 1967-1968).
كما رفض فريق آخر وفي مقدمتهم G.Scelle الذي رفض الشخصية الافتراضية للدولة، وقال إنها مجرد جهاز من المرافق يعمل في خدمة الجماعة (بدوي، 1970؛ ليله، 1967-1968). ومع ذلك فقد استقر الفقه السياسي على أن الدولة هي منطلق السلطات كافة، وهي التي تدير شؤون مؤسساتها المختلفة، مع إقراره بأنه ليس هناك مفهوم محدد وشامل للدولة صالح لجميع المراحل التاريخية التي مرّت بها، خاصة وأن الأنظمة السياسية قد جهدت لتحجيم المفهوم لخدمة توجهاتها الفكرية.
إلا أن تحديد هذا المفهوم في ثلاثة أطر طبقي فسّر الدولة بإخضاع تعريفاً إلى الفكر من الناحية الذاتيّة، أي خضوع الطبقات الاجتماعية إلى طبقة محددة وذلك لتحقيق مبدأ العدل. وقد عرّف (لينين) الدولة بأنها "هيمنة طبقة على أخرى بقوة القانون". أما الثاني فقد فسّر الدولة في إطار سياسي حقوقي قائم على الفكر والمصلحة يحدده الحقوقي ويضع شروطه السياسي. وذهب الثالث إلى التفسير الأخلاقي. فقد عرّف (دوركيم) الدولة بأنها "النظام المسؤول أساساً عن حماية الحقوق الفردية ويمتد نطاقها ليشمل الحقوق الأخلاقية وتقسيم العمل".
تطور مفهوم الدولة ومهامها مع الزمن نتيجة لتعدد المخاضات السياسية والتحولات الاجتماعية الكبيرة وتطور مستوى الوعي لدى الأفراد، فأصبحت الدولة "ضرورة وحاجة" وشخصية حقوقية ومعنوية، وبدونها لا يمكن تحقق هوية الفرد خارج حدود الوطن. وعندها تصبح الدولة هي المرجعية القانونية على المستوى العام.
وكلما كانت الدولة قوية ومكتسبة للشرعية الوطنية والدولية، كلما اكتسبت شخصية مواطنيها الاحترام والاعتراف بها على المستوى الدولي (الربيعي، 2008).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|