أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-03-2015
1408
التاريخ: 29-03-2015
3192
التاريخ: 4-03-2015
2021
التاريخ: 4-03-2015
1948
|
ظلت الأندلس تتابع نشاطها النحوي في القرن السابع الهجري، على الرغم من الخطوب التي تتابعت عليها، إذ ما زال الإسبانيون المغيرون من الشمال يقتطعون منها مدينة إثر مدينة، حتى لم يعد للعرب إلا رُقْعة ضيقة هي إمارة غرناطة التي ظلت صامدة لهم نحو قرنين ونصف. وظل يضطرم بها -وخاصة في الحقب الأولى- غير قليل من النشاط النحوي، ثم لم تلبث أن توقفت آلته الكبيرة بسبب هجرة النحاة إلى المغرب والمشرق, واضطراب شئون هذه الإمارة الصغيرة.
ويلقانا في القرن السابع الهجري كثيرون من تلامذة الشلوبين، ونكتفي بالحديث عن أهمهم، وهم: ابن الحاج وابن الضائع وابن أبي الربيع، أما ابن الحاج (1)- فهو أبو العباس أحمد بن محمد الأزدي المتوفى سنة 651 وقد اشتهر بشروحه على كتاب سيبويه وإيضاح الفارسي وكتاب سر الصناعة لابن جني، وإيراداته على كتاب المقرَّب لابن عصفور, ومنها نقده عليه ما ذكره من مجيء "لو" للتعليق
ص317
في المستقبل، قال: ولهذا لا تقول: "لو يقوم زيد فعمرو منطلق" كما تقول ذلك مع إن الشرطية (2). وكان يحتج لرأي المبرد في أن "كان" حرف وليست فعلا قائلا: إنها لا تدل على حَدَث بل دخلت على اسمها وخبرها لتفيد معنى المضي في الخبر(3). وكان يذهب إلى أن اسم الإشارة لا ينوب عن الرابط لجملته الخبرية إلا إذا كان المبتدأ اسما موصولا أو موصوفا والإشارة للبعيد، مثل {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ}(4) وكان لا يشترط تقدم الفاعل على المفعول في حالة اللبس مثل: "ضرب موسى عيسى" ذاهبا إلى أن الذي التزم فاعلية الأول إنما هو بعض المتأخرين غير ملتفتين إلى أن الإلباس واقع في العربية بدليل أسماء الأجناس والمشتركات (5)
وابن(6) الضائع هو أبو الحسن علي بن محمد الكتامي الأبدي المتوفى سنة 680 ، وفيه يقول السيوطي: "له في مشكلات كتاب سيبويه عجائب.. أملى على إيضاح الفارسي، ورد اعتراضات ابن الطراوة عليه واعتراضاته على سيبويه ... ورد على ابن عصفور معظم اختياراته. وله شرح الجمل وشرح كتاب سيبويه جمع فيه بين شرحي السيرافي وابن خروف باختصار". ونراه يرد على ابن عصفور ما ذهب إليه من أن لام المستغاث لأجله في مثل: "يا لزيد لعمرو" متعلقة بفعل محذوف تقديره: أدعوك لعمرو حتى لا تتعلق بالفعل النائبة عنه يا؛ لأنه مسلط على المستغاث باللام، والعامل الواحد في رأيه لا يصل بحرف واحد مرتين. وأجاب ابن الضائع بأنهما مختلفتان معنى، ولذلك يصح اتصاله بهما، كما في نحو: "وهبت لك دينارا لترضى" (7) ورد على ابن عصفور أيضا في ذهابه إلى أن تثنية الضمير "بهما" في قوله عز شأنه: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} شاذة، قائلا: إن {أَوْ} في الآية للتنويع, وحكمها حكم الواو في وجوب المطابقة (8)
ص318
ومما وافقه فيه أن لام المستغاث في مثل: "يا لزيد" متعلقة بفعل النداء المحذوف, مثلها مثل لام المستغاث لأجله في رأيه (9). وكان يوافق السهيلي في وجوب التعاند في معطوفي لا مثل: جاءني رجل لا امرأة (10). ووافق ابن هشام الخضراوي في أن لو التي للتمني في مثل: "لو تأتيني فتحدثني" لا تحتاج إلى جواب كجواب لو الشرطية (11) واختار رأي أستاذه الشلوبين في أن إلا في قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} بمعنى غير, التي يُرَاد بها البدل والعِوَض (12) وابن(13) أبي الربيع هو عبيد الله بن أحمد الأموي الإشبيلي المتوفى سنة 688، هاجر من إشبيلية حين استولى عليها الإسبان إلى سبتة، وأقرأ بها النحو دهره، وله شرح على سيبويه وشرح على إيضاح الفارسي وشرح على الجمل للزجاجي في عشر مجلدات. وكان يذهب إلى أن "ليت" إذا اقترنت بما جاز دخولها على الأفعال، فيقال: "ليتما قام زيد"(14)، ورتب على ذلك أن مثل: "ليتما زيدا أكلمه" "زيدا" فيه منصوب على الاشتغال، والجمهور يجعل زيدا اسما لليت؛ لأن ما لا تلغي عملها (15) وذهب إلى أن {عُيُونًا} في: {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} بدل من الأرض(16)، كما ذهب إلى أن "لكن" مقترنة بالواو تعطف الجمل بعضها على بعض مثل: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}(17).
وممن يلقانا من تلاميذ ابن عصفور الصفار(18) وهو قاسم بن علي، وله شرح على سيبويه يرد فيه كثيرا على الشلوبين، وكان يذهب إلى جواز عطف الخبر على الإنشاء والعكس مستدلا بمثل قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} عطفا على قوله عز شأنه: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ
ص319
الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}(19). ونلتقي في نهاية القرن السابع الهجري بأبي جعفر(20) أحمد بن إبراهيم بن الزبير المتوفى سنة 710 ، يقول السيوطي: "وبه أبقى الله ما بأيدي الطلبة في الأندلس من العربية" وله تصنيف على كتاب سيبويه. وبه تخرج أكبر نحوي ظهر في الأندلس بعد ابن مالك، وهو أبو حيان, وبه نختم حديثنا عن نشاط النحو في هذا الفردوس العربي المفقود.
ص320
_____________________
(1) انظر في ترجمته: بغية الوعاة ص156.
(2) المغني ص290 .
(3) همع 1/ 10 .
(4) المغني ص553.
(5) المغني ص662 وما بعدها.
(6) راجع في ترجمته: بغية الوعاة ص354, وقارن بصفحة 426.
(7) المغني ص242.
(8) المغني ص435.
(9) المغني ص241.
(10) الهمع 2/ 137.
(11) المغني ص295، والهمع 2/ 66.
(12) المغني ص74, وانظر بعض ضوابطه وتعليلاته في الأشباه والنظائر للسيوطي 2/ 80 ، 242.
(13) انظره في البغية ص319.
(14) المغني ص316.
(15) المغني ص646.
(16) الهمع 1/ 251.
(17) المغني ص324, وانظر له بعض اختيارات وآراء فرعية في الهمع 1/ 224، 225، 228، 234، وكذلك في الأشباه والنظائر 1/ 206، 247، 262.
(18) راجع ترجمته في: بغية الوعاة ص378.
(19) المغني ص535، وانظر له بعض توجيهات وآراء في ص59، 538، 600 وفي الهمع 1/ 40 ، 2/ 133.
(20) انظر ترجمته في: بغية الوعاة ص126، وراجع تعليلا له في الأشباه والنظائر 1/ 268.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
معهد الكفيل للنطق والتأهيل: أطلقنا برامج متنوعة لدعم الأطفال وتعزيز مهاراتهم التعليمية والاجتماعية
|
|
|