أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-03-2015
6393
التاريخ: 12-08-2015
3391
التاريخ: 4-03-2015
7138
التاريخ: 4-03-2015
3593
|
وهي ايضا سبع :
الجملة الأولى : الواقعة خبراً ، وموضعها رفع في بابي المبتدأ وإن ، ونصب في بابي كان وكاد ، واختلف في نحو " زيد اضربه ، وعمرو هل جاءك " فقيل : محل الجملة التي بعد المبتدأ رفع على الخبرية ، وهو صحيح ، وقيل : نصب بقول مضمر هو الخبر ، بناء على أن الجملة الإنشائية لا تكون خبراً ، وقد مر إبطاله .
الجملة الثانية : الواقعة حالا ، وموضعها نصب ، نحو (ولا تمنن تستكثر)(1) ونحو (ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى )(2) (قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون)(3) ومنه (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون)(4) فجملة استمعوه حال من مفعول يأتيهم ، أو من فاعله ، وقرئ (محدثاً) لأن الذكر مختص بصفته مع أنه قد سبق بالنفي ؛ فالحالان على الأول ـ وهو أن يكون استمعوه حالاً من مفعول يأتيهم ـ مثلهما في قولك
ص301
" ما لقى الزيدين عمرو مصعداً إلا منحدرين " وعلى الثاني ـ وهو أن يكون جملة (استمعوه) حالا من فاعل يأتيهم ـ مثلهما في قولك " ما لقى الزيدين عمرو راكباً إلا ضاحكاً " وأما (وهم يلعبون) فحالٌ من فاعل (استعموه) فالحالان متداخلتان ، ولاهية حال من فاعل (يلعبون) وهذا من التداخل أيضاً ، أو من فاعل (استمعوه) فيكون من التعدد لا من التداخل.
ومن مثل الحالية ايضاً قوله عليه الصلاة والسلام " اقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجدٌ " وهو من أقوى الأدلة على أن انتصاب " قائماً " في " ضربي زيدا قائماً " على الحال ، لا على انه خبر لكان محذوفة ؛ إذ لا يقترن الخبر بالواو ، وقولك " ما تكلم فلان إلا قال خيراً " ، كما تقول " ما تكلم إلا قائلاً خيراً " وهو استثناء مفرغ من أحوال عامة محذوفة .
الجملة الثالثة : الواقعة مفعولا ، ومحلها النصب إن لم تنب عن فاعل ، وهذه النيابة مختصة بباب القول نحو (ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون)(5) لما قدمناه من أن الجملة التي يراد بها لفظها تنزل منزلة الأسماء المفردة .
قيل : وتقع أيضاً في الجملة المقرونة بمعلق ، نحو " علم أقام زيدٌ "(6) وأجاز هؤلاء وقوع هذه فاعلاً ، وحملوا عليه (وتبين
ص302
لكم كيف فعلنا بهم )(7) (أولم يهد لهم كم أهلكنا )(8) (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه)(9) والصواب خلاف ذلك ، وعلى قول هؤلاء فيزاد في الجمل التي لها محل الجملة الواقعة فاعلاً .
فإن قلت : وينبغي زيادتها على ما قدمت اختياره من جواز ذلك مع الفعل القلبي المعلق بالاستفهام فقط نحو " ظهر لي أقام زيدٌ " .
قلت : إنما أجزت ذلك على أن المسند إليه مضاف محذوف ، لا الجملة .
وتقع الجملة مفعولاً في ثلاثة أبواب .
أحدهما : باب الحكاية بالقول أو مرادفه ؛ فالأول نحو (قال إني عبد الله )(10) وهل هي مفعول به أو مفعول مطلق نوعي كالقرفصاء في " قعد القرفصاء " (11) إذ هي دالة على نوع خاص من القول ؟ فيه مذهبان ، ثانيهما اختيار ابن الحاجب ، قال: والذي غر الأكثرين أنهم ظنوا أن تعلق الجملة بالقول كتعلقها بعلم ي " علمت لزيدٌ منطلق ٌ " وليس كذلك ؛ لأن الجملة نفس القول والعلم غير المعلوم فافترقا ، اهـ . والصواب قول الجمهور ؛ إذ يصح أن يخبر
ص303
عن الجملة بأنها مقولة كما يخبر عن زيد من " ضربت زيداً " بأنه مضروب ، بخلاف القرفصاء في المثال فلا يصح أن يخبر عنها بأنها مقعودة لأنها نفس القعود ، وأما تسمية النحويين الكلام قولا فكتسميتهم إياه لفظاً وإنما الحقيقة أنه مقول وملفوظ .
والثاني : نوعان : ما معه حرف التفسير كقوله :
وترميننى بالطرف أي أنت مذنب وتقليننى ، لكن إياك لا أقلي
وقولك " كتبت إليه أن افعل " إذا لم تقدر باء الجر ، والجملة في هذا النوع مفسرة للفعل فلا موضع لها . وما ليس معه حرف التفسير ، نحو (ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين )(12) ونحو (ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بنى اركب معنا)(13) وقراءة بعضهم (فدعا ربه إني مغلوب)(14) بكسر الهمزة ، وقوله :(15)
ص304
رجلان من مكة اخبرانا إنا رأينا رجلا عريانا
روي بكسر " إن " فهذه الجمل في محل نصب تفاقاً ، ثم قال البصريون : النصب بقول مقدر ، وقال الكوفيون : بالفعل المذكور ، ويشهد للبصريين التصريح بالقول في نحو (ونادى نوح ربه فقال ربِّ إن ابني من أهلي) (16) ونحو (إذ نادى ربه نداء خفيا قال رب إني وهن العظم مني)(17) وقول أبي البقاء في قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)(18) إن الجملة الثانية في موضع نصب بيوصي ، قال: لأن المعنى يفرض لكم أو يشرع لكم في أمر أولادكم ، وإنما يصح هذا على قول الكوفيين ، وقال الزمخشري : إن الجملة الأولى إجمال ، والثانية تفصيل لها ، وهذا يقتضي أنها عنده مفسرة ولا محل لها ، وهو الظاهر .
الباب الثاني من الأبواب التي تقع فيها الجملة مفعولا : باب ظن وأعلم ؛ فإنها تقع مفعولا ثانياً لظن وثالثاً لأعلم ، وذلك لأن أصلهما الخبر ، ووقوعه جملة سائغ كما مر، قد اجتمع وقوع خبري كان وإن والثاني من مفعولي باب ظن جملة في قول أبي ذؤيب:(19)
ص305
فإن تزعميني كنت أجهل فيكم فإنى شربت الحلم بعدك بالجهل
الباب الثالث : باب التعليق ، وذلك غير مختص بباب ظن ، بل هو جائز في كل فعل قلبي ، ولهذا انقسمت هذه الجملة الى ثلاثة أقسام :
أحدها : ان تكون في موضع مفعول مقيد بالجار ، نحو (أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة )(20) (فلينظر أيها أزكى طعاماً)(21) (يسألون أيان يوم الدين )(22) لأنه يقال : فكرت فيه ، وسألت عنه ، ونظرت فيه ، ولكن علقت هنا بالاستفهام عن الوصول في اللفظ الى المفعول ، وهي من حيث المعنى طالبة له على معنى ذلك الحرف .
وزعم ابن عصفور أنه لا يعلق فعلٌ غير علم وظن حتى ـ يضمن معناهما ، وعلى هذا فتكون هذه الجملة سادة مسد المفعولين.
الجملة الرابعة : المضاف إليها ، ومحلها الجر ، ولا يضاف الى الجملة إلا ثمانية :
أحدها : أسماء الزمان ، ظروفا كانت أو أسماء ، نحو (والسلام
ص306
عليّ يوم ولدت ) (23) ونحو (وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ) (24) ونحو (لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون) (25) ونحو (هذا يوم لا ينطقون) (26) ألا ترى أن اليوم ظرف في الأولى ، ومفعول ثان في الثانية ، وبدل منه في الثالثة ، وخبر في الرابعة ، ويمكن في الثالثة أن يكون ظرفاً ليخفى من قوله تعالى (لا يخفى على الله منهم شيء ) .
ومن أسماء الزمان ثلاثة إضافتها الى الجملة واجبة ، (إذ) باتفاق ، و (إذا) عند الجمهور و (لما) عند من قال باسميتها ، وزعم سيبويه ان اسم الزمان المبهم إن كان مستقبلا فهو كإذا في إختصاصه بالجمل الفعلية وإن كان ماضيا فهو كإذ في الإضافة الى الجملتين فتقول " آتيك زمن يقدم الحاج " ولا يجوز " زمن الحاج قادم " رتقول " أتيتك زمن قدم الحاج ، زمن الحاج قادم " ورد عليه دعوى اختصاص المستقبل بالفعلية بقوله تعالى (يوم هم بارزون) وبقول الشاعر : (27)
ص307
وكن لي شفيعاً يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد بن قارب
وأجاب ابن عصفور عن الآية بأنه إنما يشترط حمل الزمان المستقبل على (إذا) إذا كان ظرفاً ، وهي في الآية بدل من المفعول به لا ظرف ، ولا يأتي هذا الجواب في البيت ، والجواب الشامل لهما أن يوم القيامة لما كان محقق الوقوع جعل الماضي ؛ فحمل على (إذ) ، لا على (إذا) ، على حد (ونفخ في الصور) .
الثاني : " حيث " ، وتختص بذلك عن سائر أسماء المكان ، وإضافتها الى الجملة لازمة ، ولا يشترط لذلك كونها ظرفا ، وزعم المهدوى شارح الدريدية ـ وليس بالمهدوي المفسر المقرئ ـ أن " حيث " في قولة :
ثمت راح في الملبين الى حيث تحجى المأزمان ومنى
لما خرجت عن الظرفية بدخول الى عليها خرجت عن الإضافة الى الجمل وصارت الجملة بعدها صفة لها ، وتكلف تقدير رابطٍ لها ، وهو فيه ، وليس بشيء ، لما قدمنا في أسماء الزمان .
الثالث : " آية " بمعنى علامة ، فإنها تضاف جوازاً الى الجملة الفعلية المتصرف فعلها مثبتاً أو منفياً " بما " ، كقوله : (28)
بآية يقدمون الخيل شعثاً كأن على سنابكها مداماً
وقوله : (29)
ص308
ألكني الى قومي السلام رسالة بآية ما كانوا ضعافاً ولا عزلا
وهذا قول سيبويه ، زعم أبو الفتح أنها إنما تضاف الى المفرد نحو (إن آية ملكة أن يأتيكم التابوت) (30) وقال الأصل بآية ما يقدمون ، أي بآية إقدامكم كما قال : (31)
ألا من مبلغ عني تميماً بآية ما تحبون الطعاما
وفيه حذف موصول حرفي غير أن وبقاء صلته ، ثم هو غير متأت في قوله :
بآية ما كانوا ضعافاً ولا عزلاً
الرابع " ذو " في قولهم " اذهب بذي تسلم " والباء في ذلك ظرفية ، و " ذي " صفة لزمن محذوف ، ثم قال الأكثرون : هي بمعنى صاحب ؛ فالموصوف نكرة ، اي ذاهب في وقت صاحب سلامة ، اي في وقت هو مظنة السلامة ، وقيل : بمعنى الذي فالموصوف معرفة ، والجملة صلة فلا محل لها ، والأصل : اذهب في الوقت الذي تسلم فيه ، ويضعفه ان استعمال " ذي " موصولة مختص بطيئ ، ولم ينقل اختصاص هذا الاستعمال بهم ، وان الغالب عليها في لغتهم البناء ، ولم يسمع هنا
ص309
إلا الاعراب وأن حذف العائد المجرور هو والموصول بحرف متحد المعنى مشروط باتحاد المتعلق نحو (ويشرب مما تشربون )(32) والمتعلق هنا مختلف ، وان هذا العائد لم يذكر في وقت ، وبهذا الاخير يضعف قول الأخفش في (يا أيها الناس) إن أيا موصولة والناس خبر لمحذوف ، والجملة صلة وعائد ، أي يا من هم الناس ، على أنه قد حذف العائد حذفا لازما في نحو * ولا سيما يوم * فيمن رفع ، أي لا مثل الذي هو يوم ، ولم يسمع في نظائره ذكر العائد ، ولكنه نادر ؛ فلا يحسن الحمل عليه .
والخامس ، والسادس : لدُن وريث ، فإنهما يضافان جوازاً الى الجملة الفعلية التي فعلها متصرف ، ويشترط كونه مثبتاً ، بخلافه مع آية .
فأما لدن فهي اسم لمبتدأ الغاية ، زمانية كانت او مكانية ، ومن شواهدها قولة : (33)
لزمنا لدن سألتمونا وفاقكم فلا يك منكم للخلاف جنوح
وأما ريث فهي مصدر راث إذا ابطأ ، وعوملت معاملة أسماء الزمان في الإضافة الى الجملة ، كما عوملت المصادر معاملة اسماء الزمان في التوقيت كقولك " جئتك صلاة العصر " قال : (34)
ص310
خليلي رفقاً ريث اقضي لبانة من العرصات المذكرات عهوداً
وزعم ابن مالك في كافيته وشرحها ان الفعل بعدهما على اضمار ان ، والأول قوله في التسهيل وشرحه ، وقد يعذر في ريث ؟ لأنها ليست زماناً ، بخلاف لدن ، وقد يجاب بأنها لما كانت لمبدأ الغايات مطلقاً لم تخلص للوقت ، وفي الغرة لابن الدهان أن سيبويه لا يرى جواز إضافتها الى الجملة ، ولهذا قال في قوله :
من لد شولاً فإلى إتلائها .
إن تقديره من لد أن كانت شولا ، ولم يقدر من لد كانت .
والسابع والثامن : قول وقائل كقوله : (35)
قول يا للرجال ينهضن منا مسرعين الكهول والشبانا
وقوله : (36)
وأجبت قائل كيف انت بصالح حتى مللت وملني عوادي
والجملة الخامسة : الواقعة بعد الفاء أو اذا جوابا لشرط جازم ؛ لأنها لم تصدر بمفرد يقبل الجزم لفظاً كما في قولك " إن تقم أقم "
ص311
ومحلاً كما في قولك " إن جئتني أكرمتك " مثال المقرونة بالفاء (من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم) (37) ولهذا قرئ بجزم يذر عطفاً على المحل ، ومثال المقرونة بإذا (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ) (38) والفاء المقدرة كالموجودة كقوله : (39)
من يفعل الحسنات الله يشكرها .
ومنه عند المبرد نحو " إن قمت أقوم " وقول زهير : (40)
وإن أتاه خليل يوم مسغبة يقول لا غائب مالي ولا حرم
الجملة السادسة : التابعة لمفرد ، وهي ثلاثة أنواع :
ص312
احدهما : المنعوت بها ، فهي في موضع رفع في نحو (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه)(41) ونصب في نحو (واتقوا يوماً ترجعون فيه )(42) وجر في نحو (ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه )(43) ومن مثل المنصوبة المحل (ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيداً)(44) (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم )(45) الآية : فجملة (تكون لنا عيداً) صفة لمائدة ، وجملة (تطهرهم وتزكيهم) صفة لصدقة ، ويحتمل ان الأولى حال من ضمير مائدة المستتر في (من السماء) على تقديره صفة لها لا متعلقاً بأنزل ، او من (مائدة) على هذا التقدير ؛ لأنها قد وصفت ، وأن الثانية حال من ضمير (خذ) ونحو (فهب لي من لدنك ولياً يرثني )(46) أي ولياً وارثاً ، وذلك فيمن رفع (يرث) وأما من جزمه فهو جواب للدعاء ، ومثل ذلك أرسله معي ردءاً يصدقني )(47) قرئ برفع يصدق وجزمه .
والثاني : المعطوفة بالحرف نحو " زيد منطلق وأبوه ذاهب " إن قدرت الواو عاطفة على الخبر ؛ فلو قدرت العطف على الجملة فلا موضع لها ، أو قدرت الواو واو الحال فلا تبعية والمحل نصب .
ص313
الثالث : المبدلة كقوله تعالى : (ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم )(48) " فإن " وما عملت فيه بدل من " ما " وصلتها ، وجاز إسناد (يقال) الى الجملة كما جاز في (وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها )(49) هذا كله إن كان المعنى ما يقول الله لك إلا ما قد قيل ، فأما إن كان المعنى ما يقول لك كفار قومك من الكلمات المؤذية إلا مثل ما قد قال الكفار الماضون لأنبيائهم ، هو الوجه الذي بدأ به الزمخشري ، فالجملة استئناف .
ومن ذلك (وأسروا النجوى) ثم قال الله تعالى : (هل هذا إلا بشر مثلكم افتأتون السحر) قال الزمخشري : هذا في موضع نصب بدل من النجوى ، ويحتمل التفسير : وقال ابن جني في قوله :
الى الله أشكو بالمدينة حاجة وبالشأم اخرى كيف يلتقيان
جملة الاستفهام بدل من حاجة واخرى ، أي الى الله أشكو حاجتين تعذر التقائهما .
الجملة السابعة : التابعة لجملة لها محل ، ويقع ذلك في بابي النسق والبدل خاصة .
ص314
فالاول نحو " زيد قام أبوه وقعد أخوه " إذا لم تقدر الواو للحال ، ولا قدرت العطف على الجملة الكبرى . (50)
والثاني شرطه كون الثانية أوفى من الأولى بتأدية المعنى المراد ، نحو (واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون ) (51) فإن دلالته الثانية على نعم الله مفصلة ، بخلاف الأولى ، وقوله : (52)
أقول له ارحل لا تقيمن عندنا وإلا فكن في السر والجهر مسلماً
فإن دلالة الثانية على ما أراده من إظهار الكراهية لإقامته بالمطابقة ، بخلاف الأولى .
قيل : ومن ذلك قوله :
ذكرتك والخطي يحظر بيننا وقد نهلت منا المثقفة السمر
فإنه أبدل " وقد نهلت " من قوله " والخطي بيننا " بدل اشتمال ، اهـ . وليس متعيناً : لجواز كونه من باب النسق ، على أن
ص315
تقدر الواو للعطف ، ويجوز ان تقدر واو الحال ، وتكون الجملة حالاً ، إما من فاعل ذكرتك على المذهب الصحيح في جواز ترادف الأحوال ، وإما من فاعل يخطر فتكون الحالان متداخلتين ، والرابط على هذا الواو ، وإعادة صاحب الحال بمعناه ، فإن المثقفة السمر هي الرماح .
تنبيه ـ هذا الذي ذكرته ـ من انحصار الجمل التي لها محل في سبع جار على ما قرروا، الحق أنها تسعٌ ، والذي أهملوه : الجملة المستثناة ن والجملة المسند إليها .
أما الأولى فنحو (لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله ) (53) قال ابن خروف : (من) مبتدأ ، و (يعذبه الله ) الخبر ، والجملة في موضع نصب على الاستثناء المنقطع ، وقال الفراء في قراءة بعضهم (فشربوا منه إلا قليل منهم ) (54) إن (قليل) مبتدأ حذف خبره أي لم يشربوا ، وقال جماعة في (إلا امرأتك ) (55) بالرفع : إنه مبتدأ والجملة بعده خبر ، وليس من ذلك
ص316
نحو " ما مررت بأحد إلا زيد خير منه " لأن الجملة هنا حال من (أحد) باتفاق ، أو صفة له عند الأخفش ، وكل منهما قد مضى ذكره ، وكذلك الجملة في (إلا إنهم ليأكلون الطعام) (56) فإنها حال ، وفي نحو " ما علمت زيداً إلا بفعل الخير " فإنها مفعول ، وكل ذلك قد ذكر .
وأما الثانية فنحو (سواء عليهم أأنذرتهم)(57) الآية إذا أعرب سواء خبراً ، وأنذرتهم مبتدأ ، ونحو " تسمع بالمعيدي خسرٌ من أن نراه " إذا لم تقدر الأصل أن تسمع ، بل يقدر تسمع قائماً مقام السماع كما أن الجملة بعد الظرف في نحو (ويوم نسير الجبال) وفي نحو (أأنذرتهم) في تأويل المصدر ، وإن لم يكن معها حرف سابك واختلف في الفاعل ونائبه هل يكونان جملة أم لا ؛ فالمشهور المنع مطلقاً ، وأجازه هشام وثعلب مطلقاً نحو " يعجبني قام زيد " (فصل الفراء وجماعة ونسبوه لسيبويه فقالوا : إن كان الفعل قلبياً ووجد معلق عن العمل نحو " ظهر لي أقام زيد " صح ، وإلا فلا . وحملوا
ص317
عليه (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ) (58) ومنعوا " يعجبني يقوم زيد " وأجازهما هشام وثعلب ، واحتجا بقوله : (59)
وما راعني إلا يسير بشرطة وعهدي به قينا يسير بكير
ومنع الأكثرون ذلك كله ، وأولوا ما ورد مما يوهمه ، فقالوا :
وأما قوله تعالى (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ) (60) وقوله عليه الصلاة والسلام " لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة " وقول العرب " زعموا مطية الكذب " فليس من باب الإسناد الى الجملة ؛ لما بينا في غير هذا الموضع .
_____________
(1) المدثر : 6.
(2) النساء 43.
(3) الشعراء 111.
(4) الأنبياء 2 ، 3 والآيتان هما : (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ، لاهية قلوبهم ، وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ) .
(5) المطففين 17 . جملة (هذا الذي كنتم به تكذبون) في محل رفع نائب فاعل الفعل (يقال).
(6) المعلقات . كما تعلم هي الكلمات التي تعلق أفعال القلوب عن العمل لفظاً لا محل ، وهي الألفاظ التي لها الصدارة كلام الابتداء وكلمات الاستفهام .
(7) ابراهيم 45.
(8) السجدة 26.
(9) يوسف 35 وفي الآيات الثلاثة أفعال هي (تبين ـ لم يهد ـ بدا) وفاعل كل منها جملة، وإن كان ابن هشام ينكر وقوع الجملة فاعلا .
(10) مريم 30.
(11) القرفصاء نوع من أنواع القعود ، وهي تعرب مفعولاً مطلقاً مبيناً للنوع .
(12) البقرة 132 والشاهد في الآية وقوع جملة (يابني إن الله اصطفى لكم الدين) مفعولا به لفعل فيه معنى القول هو الفعل (وصى).
(13) هود 42 ، وقعت جملة (يابني اركب معنا) مفعولا به لفعل فيه معنى القول هو (نادى).
(14) القمر 10 هذه القراءة بكسر هزة إن ، الشاهد فيها وقوع جملة (إني مغلوب) مفعولا به لفعل فيه معنى القول ه (دعا) . أما القراءة الفاشية بفتح همزة أن (فدعا ربه أني مغلوب) فإن المفعول هو المصدر المؤول من أن ومعموليها ، وأنت تعلم أن " أن " المفتوحة لا تكون جملة وإنما تكون مصدراً مؤولاً أي كلمة مفردة .
(15) الشاهد في البيت وقوع جملة " إنا رأينا رجلا عرياناً " مفعولا به لفعل فيه معنى القول هو (أخبرانا) .
(16) هود 45.
(17) مريم 3-4.
(18) النساء 11.
(19) أنت تعلم أن أفعال القلوب نتصب مفعولين كان أصلهما المبتدأ والخبر ، وأن الفعل (أعلم وأرى) ينصبان ثلاثة مفاعيل ؛ الثاني والثالث أصلهما مبتدأ وخبر ، ولما كان الخبر يصح ان يأتي جملة فإن يصح أن تقع مفعولا ثانياً لأفعال القلوب ومفعولا ثالثاً للفعل أعلم . فإذا قلت " ظننت زيداً يلهو " كانت جملة " يلهو " في محل نصب مفعولا ثانياً ، وإذا قلت " أعلمتك زيداً يلهو " كانت جملة " يلهو " مفعولا ثالثاً لأعلم .
والشاهد في البيت وقوع الجملة المكونة من كان واسمها وخبرها مفعولا ثانياً للفعل " تزعميني " .
(20) الأعراف 184.
(21) الكهف 19.
(22) الذاريات 12.
(23) مريم 33 (يوم) ظرف زمان منصوب بالفتحة مضاف وجملة (ولدت) في محل جر مضاف إليه .
(24) إبراهيم 44 (يوم) مفعول به ثان للفعل أنذر وهو مضاف وجملة (يأتيهم) في محل جر مضاف إليه .
(25) غافر 15-16 الآيتان هما : (رفيع الدرجات ذو العرش يلقى الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق ، يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء، لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) .
(26) المرسلات 35.
(27) يرى سيبويه أن اسم الزمان المبهم أي غير المحدد بوقت بذاته إذا دل على زمن مستقبل فإنه لا يدخل إلا على الجملة الفعلية . والبيت ينقض هذا الرأي ، إذ أن كلمة (يوم) تنصرف هنا الى المستقبل ؛ لأن طلب الشفاعة لا يكون إلا مستقبلا ، ومع ذلك فإن الجملة التي بعده جملة اسمية " لا ذو شفاعة بمغن " وهي في محل جر مضاف إليه .
(28) الشاهد في البيت ووع جملة " يقدمون الخيل " في محل جر بإضافة (آية) إليها .
(29) الشاهد وقوع جملة " ما كانوا ضعافاً ولا عزلا " في محل جر بإضافة " آية " إليها .
(30) البقرة 248 ، ويرى ان جني ان كلمة " آية " لا يشترط أن تضاف الى الجمل لأنها أضيفت هنا الى المصدر المؤول (أن يأتيكم التابوت) ، والتقدير عنده : " إن آية ملكة إتيان التابوت إليكم".
(31) الشاهد في البيت ان " ما تحبون الطعام " ليست جملة منفية ، وإنما مضافة الى جملة ، وعليه فإن كلمة " آية " ليست مضافة الى جملة ، بل مضافة الى مفرد وهو المصدر المؤول من أن والفعل ، والتقدير : " بآية حبكم الطعام " .
(32) المؤمنون 33.
(33) لدن : ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب ، وهو مضاف ،وجملة " سألتمونا " في محل جر مضاف إليه .
(34) ريث : ظرف زمان منصوب بالفتحة ، وجملة " أقضي " في محل جر مضاف إليه .
(35) قول : مبتدأ مرفوع بالضمة ، وهو مضاف ، وجملة الاستغاثة " يا للرجال " في محل جر مضاف إليه ، وجملة " ينهض " في محل رفع خبر .
(36) قائل : مفعول به منصوب بالفتحة ، وهو مضاف ، وجملة " كيف انت بصالح ". في محل جر مضاف إليه .
(37) الأعراف 186 ، وقعت جملة (فلا هادي له ) في محل جزم جواباً للشرط ، وذلك لاقترانها بالغاء ولأن كلمة الشرط هي (من) وهي جازمة . وهناك قراءة بجزم الفعل (يذرهم) باعتباره معطوفاً على محل جملة جواب الشرط .
(38) الروم 36 ، وقعت جملة (إذا هم يقنطون) في محل جزم جواباً للشرط ، لأنها مقترنة (بإذا) ولأن كلمة الشرط هي (إن) وهي حرف جازم .
(39) والشاهد في البيت وقوع جملة " الله يشكرها " في محل جزم جواباً للشرط ، لأن كلمة الشرط (من) جازمة ، أما شرط اقترانها بالفاء فهو متوافر لأن الفاء مقدرة ، والتقدير : من يفعل الحسنات فالله يشكرها . لأن الفاء واجبة كما تعلم إذا كان جواب الشرط جملة اسمية .
(40) الفعل " يقول " مرفوع وكان حقة أن يجزم اذا كان جواباً للشرط ، وهم يفسرون رفعه بأنه جواباً للشرط وإنما هو يكون جملة فعلية في محل رفع الخبر محذوف تقديره " فهو يقول " ، وعليه تكون الجملة من المبتدأ المحذوف وخبره في محل جزم جواب الشرط .
(41) البقرة 254.
(42) البقرة 281.
(43) آل عمران 9.
(44) المائدة 114.
(45) التوبة 103.
(46) مريم 5-6.
(47) القصص 34.
(48) فصلت 43.
(49) الجاثية 31.
(50) لأنك اذا عطفت جملة " قعد أخوه " على الجملة الكبرى " زيد قام أبوه " لم يكن لها محل من الإعراب لأن الأولى جملة ابتدائية . أما اذا عطفتها على الجملة الصغرى " قام أبوه " كانت في محل رفع لأن الجملة المعطوف عليها واقعة خبراً.
(51) الشعراء 132 ـ 134.
(52) الشاهد فيه وقوع جملة " لا تقيمن " في محل نصب بدلا من جملة " أرحل " الواقعة مقولا للقول .
(53) الفاشية 22 ـ 24.
(54) البقرة 249 والقراءة الفاشية ينصب (قليلا) ، (فلما طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم ... ) وقد وردت قراءة أخرى برفع (قليل) وهي التي يستشهد بها هنا على أنها مبتدأ خبره محذوف وتقدير الجملة " فشربوا منه إلا قليل منهم لم يشربوا " فتكون الجملة في محل نصب مستثنى .
(55) هود 81 والقراءة الفاشية ينصب (امرأتك) على الاستثناء ، (قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم احد امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب) أما على قراءة الرفع فتكون امرأتك) مبتدأ والجملة من أن ومعموليا خبر ، والمبتدأ وخبره في محل نصب مستثنى .
(56) الفرقان 20 والآية الكريمة هي (وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكون الطعام ويمشون في الأسواق ...) والجملة التي بعد (إلا) ليست في محل نصب مستثنى بل هي في محل نصب حال ، والتقدير : وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا آكلين الطعام ماشين في الأسواق ، أي أنهم بشر مثلكم .
(57) البقرة 6 (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) أأنذرتهم ، الهمزة للتسوية وهي التي يصح سبك مصدر منها ومن الفعل والتقدير سواء عليهم الإنذار وعدمه ، فيكون المصدر مبتدأ مؤخراً ، وسواء : خبر مقدم .
أما إذا اعتبرنا " أأنذرتهم " جملة وليست مصدراً فهي شاهد على صحة كونها مبتدأ ، على أنك تعلم ان النحاة يرفضون كون الجملة مبتدأ .
(58) يوسف 35 ، وقد مر شرحها .
(59) الشاهد في البيت صحة وقوع الجملة فاعلا ، وهي جملة "يسير بشرطة " في محل رفع فاعلا للفعل " راعني " .
(60) البقرة 11.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|