أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-07-2015
13240
التاريخ: 3-03-2015
18495
التاريخ: 3-03-2015
1192
التاريخ: 3-03-2015
5144
|
قال صاحب الكتاب (المذكر ما خلا من العلامات الثلاث ، التاء والألف في نحو غرفة وأرض وحبلى وحمراء وهذي ، والمؤنث ما وجدت فيه إحداهن ).
قال الشارح : التذكير والتأنيث معنيان من المعاني(1) فلم يكن بُدٌ من دليل عليهما ، ولما كان المذكر أصلاً والمؤنث فرعاً عليه(2) لم يحتج
ص162
المذكر الى علامة لأنه يفهم عند الاطلاق اذ كان الاصل ، ولما كان التأنيث ثانياً لم يكن بدٌ من علامة تدل عليه . والدليل على أن المذكر أصل أمران :
أحدهما : مجيئهم باسم مذكر يعم المذكر والمؤنث وهو شيء .
الثاني : ان المؤنث يفتقر الى علامة ولو كان أصلا لم يفتقر الى علامة كالنكرة لما كانت أصلاً لم تفتقر الى علامة والمعرفة لما كانت فرعاً افتقرت الى العلامة ، ولذلك إذا أنضم الى التأنيث العلمية لم ينصرف نحو زينب وطلحة ، وإذا انضم الى النكرة انصرف نحو جفنة وقصعة(3) .
فإذن قد صار المذكر عبارة عن ما خلا من علامات التأنيث ، والمؤنث ما كانت فيه علامة من العلامات المذكورة ، وعلامات التأنيث ثلاثة ؛ التاء والألف والياء .
والكلام أسماء وأفعال وحروف ، والذي يؤنث منها الأسماء دون الأفعال والحروف ؛ وذلك من قبل أن الأسماء تدل على مسميات تكون مذكرة ومؤنثة فتدخل عليها علامة التأنيث أمارة على ذلك ، ولا
ص163
يكون ذلك في الافعال ولا الحروف . أما الأفعال فلأنها موضوعة للدلالة على نسبة الحدث الى فاعلها أو مفعولها من نحو ضرب زيد ، وضرب عمرو ، فدلالتها على الحدث ليست من جهة اللفظ وإنما هي التزام ، فلما لم تكن في الحقيقة بإزاء مسميات لم يدخلها التأنيث . وأمر آخر أن مدلولها الحدث وهي مشتقة منه(4) والحدث جنس والجنس مذكر ، ولذلك قال سيبويه : لو سميت امرأة بنعم وبئس لانصرفا ، لأن الأفعال مذكرة .
فأما لحاق العلامة بها من نحو : قامت هند ، وقعدت سعاد ، فلتأنيث الفاعل لا لتأنيثها في نفسها ، وهذا أحد ما يدل على أن الفاعل كجزء من الفعل(5) ، وذلك أن الأصل اذا اريد تأنيث كلمة ان يلحق علم التأنيث تلك الكلمة فأما لحاق العلامة بكلمة والمراد غيرها فلا ، فدل ذلك على أن الفعل والفاعل كجزء واحد .
وأما الحروف فلأنها لا تدل على معنى تحتها . وإنما تجيء لمعنى في الاسم والفعل فهي لذلك في تقدير الجزء من الاسم والفعل ، وجزء الشيء لا يؤنث ، وقد جاء منه ثلاثة أحرف وهي : لا ، وثم ، ورب ، على التشبيه بالفعل إذ كانت تكون عاملة (6)
ص164
وعلامات التأنيث(7) ثلاثة على ما ذكر؛ التاء والألف والياء ، وقد أضاف غيره الكسرة في نحو : فعلت يا امرأة ، فصارت العلامات أربعة .
فأما التاء فتكون علامة للتأنيث تلحق الفعل والمراد تأنيث الفاعل على ما ذكرنا في نحو قامت هند ، وقعدت جُمل، وهذه التاء إذا لحقت الأفعال كانت ثابتة لا تنقلب في الوقف نحو قامت هند وهند قامت .
وإذا لحقت الاسم نحو قائمة وقاعدة أبدل منها الهاء في الوقف فتقول : هذه قائمة ، وقاعدة ، وفي هذه التاء ممذهبان:(8)
أحدهما : وهو مذهب البصريين أن التاء الأصل والهاء بدل منها .
والثاني : وهو مذهب الكوفيين أن الهاء هي الأصل .
والحق الأول، والدليل على ذلك أن الوصل مما تجري فيه الأشياء على أصولها ، والوقف من مواضع التغيير ، الا ترى أن من قال في الوقف : هذا بكر ومررت ببكر فنقل الضمة والكسرة الى الكاف فإنه إذا وصل عاد الى الأصل من إسكان الكاف ، وكذلك من قال في
ص165
الوقف : هذا خالد فضاعف فإنه إذا وصل لا يفعل ذلك بل يخفف الدال ، على أن من العرب يجري الوقف مجرى الوصل فيقول : هذا طلحت ، وعليك السلام والرحمت ، وقال : (9)
بل جوز تيهاء كظهر الجحفت
وأنشد قطرب : (10)
الله نجاك بكفي مسلمت من بعدما وبعدما وبعدمت
صارت نفوس القوم عند الغلصمت وكادت الحرة أن تدعى أمت
وقد أجروها في الوصل على حد مجراها في الوقف ، من ذلك ما
ص166
حكاه سيبويه من قولهم في العدد : ثلاثة أربعة (11) ، وعلى هذا قالوا في الوصل سبسبا وكلكلا (12) ، وهو قليل من قبيل الضرورة ، فلما كان الوصل مما تجري فيه الأشياء على أصولها وكان الوقف مما تتغير فيه الأشياء عن أصولها في غالب الأمر ، ورأينا علم التأنيث في الوصل تاء وفي الوقف هاء نحو : ضاربة ، وقائمة ، علمنا أن الهاء في الوقف بدل من التاء في الوصل وان التاء هي الأصل (13).
وأما (الألف) فقد تكون للتأنيث وذلك نحو الألف في حبلى وسكرى وغضبى وجمادى وحبارى ، فهذه كلها وما يجري مجراها للتأنيث ، يدل على ذلك أنك لا تنونها في النكرة ، قال الفرزدق (14) :
وأشلاء لحم من حبارى يصيدها لنا قانص من بعض ما يتخطف
والفرقُ بين تأنيث التاء في قائمة وقاعدة والتأنيث بالألف فيما ذكرنا
ص167
ان التاء تدخل في غالب الأمر كالمنفصلة مما دخلت عليه ، لأنها تدخل على اسم تام الفائدة لاحداث معنى آخر وهو التأنيث فكانت كاسم ضُم الى اسم آخر نحو حضرموت وبعلبك (15) ، ويدل على ذلك امور : منها أنك تفتح ما قبل التاء كما تفتح ما قبل الاسم الثاني من الاسمين فتقول قائمة وطلحة كما تقول حضرموت فتفتح ما قبل الآخر، ومنها أنك إذا صغرت ما في آخره تاء التأنيث فإنك تصغر الصدر ثم تأتي بالتاء نحو طلحة وطليحة وتمرة وتُميرة (16) كما تصغر الصدر من الاسمين المركبين ثم تأتي بالآخر نحو حُضيرموت ، ومما يدل على انفصالها وأن الكلمة لم تبن عليها أنك تحذفها في التكسير فتقول في تكسير جفنة جفان وفي قصعة قصاع .
وليست الألف كذلك ، بل تثبت في التكسير فتقول في جمل حبالى ، وفي سكرى سكارى، لأن الكلمة بنيت عليها بناء سائر حروفها ، كما تقول في جعفر جعافر وفي زبرج زبارج .
فإن قيل : فما بالكم تقولون في تكسير قرقرى وجحجبى : (17)
قراقر وجحاجب بحذف الألف ؟ قيل : لم يحذفوا الألف هنا على حد
ص168
حذف التاء في جفان وقصاع ، وإنما حذفوها لوقوعها خامسة ، كما يحذفون الخامس الأصلي في سفرجل وسفارج وفرزدق وفرازد .
فإن قيل : الهمزة أيضاً في حمراء ، وخضراء وعذراء تفيد التأنيث ليست علماً للتأنيث وإنما هي بدل من الألف في مثل حبلى وسكرى ، وإنما وقعت بعد ألف قبلها زائدة للمد، فالتقى ألفان زائدتان ، الأولى المزيدة للمد ، والثانية للتأنيث ، فلم يكن بُد من حذف إحداهما أو تحريكها ، فلم يجز الحذف في واحدة منها : أما الأولى فلو حذفت لذهب المد وقد أفحش من الأول ، فلما امتنع حذف إحداهما ولم يجز اجتماعهما لسكونهما تعين تحريك إحداهما ، فلم يمكن تحريك الأولى لأنها لو حُركت لفارقت المد والكلمة مبنية على المد ، فوجب تحريك الثانية ، ولما حركت انقلبت همزة فقيل صحراء وحمراء ، فثبت بما ذكرنا أن الهمزة بدل من ألف التأنيث .
فإن قيل : ولم قلت : إن الهمزة بدل من الف التأنيث ؛ وهل قلت إنها أصل في التأنيث كالتاء والألف ؟ قيل عنه جوابان :
أحدهما : أنا لم نرهم أنثوا الهمزة في غير هذا الموضع وإنما يؤنثون بالتاء والألف في نحو حمزة وحبلى ، فكان حمل الهمزة في صحراء وبابه على أنها بدل من ألف التأنيث أولى وقد تقدم نحو من ذلك .
الثاني : أنا قد رأيناهم لما جمعوا شيئاً مما في آخره همزة التأنيث أبدلوها في الجمع ياء ولم يحققوها ، وذلك قولهم في جمع صحراء وخبراء
ص179
صحاري وخباري(18) ، ولو كانت أصلاً غير منقلبة لجاءت ظاهرة نحو قولهم في قراء قرارئ وفي كوكب دريء درارئ(19) ، فظهرت الهمزة هنا حيث كانت أصلاً لأنه من قرأت ودرأت ، فأما قول بعض النحويين (ألفي التأنيث) فتقريب وتجوز، والحق ما ذكرناه؛ وذلك أنهما لما اصطحبتا وبنيت الكلمة عليها أطلقوا على ألف المد ألف التأنيث فقالوا : ألفا التأنيث.
وأما الياء فقد تكون علامة للتأنيث في نحو : اضربي وتضربين ونحوهما فإن الياء فيهما عند سيبويه ضمير الفاعل وتفيد التأنيث ، كما أن الواو في اضربوا ويضربون ضمير الفاعل وتفيد التذكير ، وهي عند الأخفش وكثير من النحويين حرف دال على التأنيث بمنزلة التاء في قامت والفاعل ضمير مستكن كما كان كذلك مع المذكر في اضرب .
فأما الياء في (هذي) فليست علامة للتأنيث كما ظن وإنما هي عين الكلمة والتأنيث مستفاد من نفس الصيغة ، وعلى قياس مذهب الكوفيين تكون الياء للتأنيث لأن الاسم عندهم الذال وحدها والألف من ذا مزيدة وكذلك الياء مزيدة للتأنيث .
فالمؤنث ما وُجد فيه إحدى هذه العلامات .
قال صاحب الكتاب (والتأنيث على ضربين ؛ حقيقي كتأنيث المرأة
ص170
أو الناقة ونحوهما مما بإزائه ذكر في الحيوان ، وغير حقيقي كتأنيث الظلم والنعل ونحوهما مما يتعلق بالوضع والاصطلاح، والحقيقي أقوى ولذلك امتنع في حال السعة: جاء هند ، وجاز : طلع الشمس وإن كان المختار طلعت ، فإن وقع فصل استجيز نحو قولهم : حضر القاضي امرأة ، وقول جرير : لقد ولد الأخيطل أم سوء . وليس بالواسع وقد رده المبرد واستحسن نحو قوله " فمن جاءه موعظة " ، " ولو كان بهم خصاصة".
قال الشارح : اعلم ان المؤنث على ضرين كما ذكر : حقيقي وغير حقيقي ، فالمؤنث الحقيقي التأنيث والمذكر الحقيقي التذكير معلومان لأنهما محسوسان ، وذلك ما كان للمذكر منه فرج خلاف فرج الأنثى كالرجل والمرأة ، وإن شئت ان تقول ما كان بإزائه ذكر في الحيوان ، نحو امرأة ورجل وناقة وجمل وأتان وعير ورخل وحمل (20) ، وذلك يكون خلقة الله تعالى . وغير الحقيقي أمر راجع الى اللفظ بأن تقرن به علامة التأنيث من غير أن يكون تحته معنى نحو البشرى والذكرى وصحراء وعذراء وغرفة وظلمة وذلك يكون بالاصطلاح ووضع الواضع ، فالبشرى والذكرى مؤنثان بأن دخل عليهما ألف التأنيث المقصورة ، وصحراء وعذراء ونحوهما مؤنثان بالألف الممدودة ، وغرفة وظلمة مؤنثان بالتاء ، ونعل وقدر ونحوهما من مثل شمس وفرس وهند وجُمل علامة التأنيث فيها مقدرة ، يدل على ذلك ظهورها في التصغير نحو نُعيلة وقُديرة .
ص171
واعلم ان التأنيث الحقيقي أقوى من التأنيث اللفظي ، لأن المؤنث الحقيقي يكون تأنيثه من جهة اللفظ والمعنى من حيث كان مدلوله مؤنثا ً ، وغير الحقيقي شيء يختص باللفظ من غير ان يدل على معنى مؤنث تحته ، فكان التأنيث المعنوي أقوى لما ذكرناه، ويلزم فعله علامة التأنيث في نحو قامت المرأة وذهبت الجارية فتلحق التاء الفعل للإيذان بأن فاعله مؤنث ، كما تلحقه علامة التثنية والجمع في نحو قاما أخواك وقاموا إخوتك للإيذان بعدد الفاعلين .
فإن قيل : الاختيار : قام أخواك ، وقام إخوتك ، فما بالك توجب إلحاق العلامة في المؤنث نحو قامت هند ، فالجواب أن الفرق بينهما أن التأنيث معن لازم لا يصح انتقاله عنه الى غيره وليس كذلك التثنية والجمع فإنهما غير لازمين إذ الاثنان قد يفارق أحدهما الآخر فيصير واحداً ويزيدان فيصيران جمعاً ، وكذلك الجمع قد ينقص فيصير تثنية وليس التأنيث كذلك ، فللزوم معنى التأنيث لزمت علامته ، ولعدم لزوم معنى التثنية والجمع لم تلزم علامتهما ، فإن فصل بينهما فاصل من مفعول أو ظرف أو جار ومجرور جاز سقوط علم التأنيث نحو قولهم : حضر القاضي امرأة ، لما فصل بالظرف حسن ترك العلامة لأن الفاصل سد مسد علم التأنيث مع الاعتماد على دلالة الفاعل على التأنيث فأما قول جرير : (21)
ص172
لقد ولد الأخيطل أم سوء على باب استها صلب وشامُ
الشاهد فيه اسقاط علم التأنيث من الفعل مع كون تأنيث الفاعل حقيقياً لوجود الفصل بالمفعول ؛ بهجوه بذلك ، والصلب جمع صليب وأصله صُلب مثل كثيب وكثب وإنما الإسكان لضرب من التخفيف ، والشام جمع شامة يعلمه أنه عارف بذلك المكان منها ، ومثله قول الآخر : (22)
إن امرأ غره منكن واحدة بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور
لم يقل غرته لمكان الفصل ، ولو قاله لكان أحسن ، وفي الكتاب العزيز (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء ) (23)
وقد رد أبو العباس إسقاط العلامة مع المؤنث الحقيقي ومنع منه وإن كان بينهما فصل ؛ واحتج بأنه قد يشترك الرجال والنساء في الأسماء ، قال الشاعر : (24)
تجاوزت هنداً رغبة عن قتاله الى مالك أعشو الى ضوء ناره
ص173
فهند هنا اسم رجل ، وقال الآخر:(25)
يا جعفر يا جعفر يا جعفر إن أكُ دحداحاً فأنتِ أقصرُ
وجعفر هنا اسم امرأة ، والسماع بخلاف ما ذهب إليه فهو تعليل في مقابلة النص ، فأما إذا سمي بمذكر كامرأة تسمى بزيد أو قسام لزم إلحاق العلامة سواء في ذلك الفصل وعدمه نحو : قالت زيد ، وأقبلت اليوم قاسمُ ، ولا يجوز حذف التاء منه لئلا يلبس بالمذكر لأن الفاعل لا دلالة فيه على التأنيث إذ لا علامة فيه للتأنيث ولا هو غالب في المؤنث نحو زينب وسعاد .
فإن كان المؤنث غير حقيقي بأن يكون من غير حيوان نحو النعل والقدر والدار والسوق ونحو ذلك فإنك إذا أسندت الفعل الى شيء من ذلك كنت مخيراً في إلحاق العلامة وتركها وإن لاصق ، نحو انقطع النعل وانقطعت النعل وانكسر القدر وانكسرت القدر وعمرت الدار وعمر الدار ، لأن التأنيث لما لم يكن حقيقياً ضعفَ ولم يعين بالدلالة عليه مع ان المذكر هو الأصل فجاز الرجوع إليه ، وإثبات العلامة فيه أحسن من سقوطها مع الحقيقي ، قال الله تعالى (قد جاءتكم موعظة من ربكم )(26).
قال صاحب الكتاب (هذا إذ كان الفعل مسنداً الى ظاهر الاسم
ص174
فإذا أسند الى ضميره فإلحاق العلامة ، وقوله : ولا أرض أبقل إبقالها متأول .)
قال الشارح : هذا حكم الفعل إذا أسند الى ظاهر مؤنث ، فإن أسند الى مضمر مؤنث نحو : الدار انهدمت ، وموعظة جاءت (27) ، لم يكن بد من إلحاق التاء ، وذلك لأن الراجع ينبغي ان يكون على حسب ما يرجع إليه لئلا يتوهم أن الفعل مسند الى شيء من سببه فينتظر (28) ذلك الفاعل فلذلك لزم إلحاق العلامة لقطع هذا التوهم كما اضطروا الى علامة الفاعل إذا اسند الى ضمير تثنية أو جمع نحو الزيدان قاما ، والزيدون قاموا للإيذان بأن الفعل للاسم المتقدم لا لغيره فينتظر ، وسواء في ذلك الحقيقي وغير الحقيقي ، فأما قوله (29) :
فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها
فإن البيت لعامر بن جوين الطائي والشاهد فيه حذف علامة التأنيث مع إسناد الفعل الى ضمير المؤنث وذلك قليل قبيح ومجازه على تأويل
ص175
ان الارض مكان فكأنه قال : ولا مكان أبقل إبقالها ، والمكان مذكر ، والمزنة القطعة من السحاب ، والودق المطر ، والإبقال إنبات البقل ، يقال : أبقل المكان فهو باقل والقياس مبقل ، وكل نبات اخضرت به الأرض فهو بقل ، ونحو ذلك قول الأعشى(30):
فإما تريني ولي لمة فإن الحوادث أودى بها
ولم يقل أودت ، لأن الحوادث بمعنى الحدثان والحدثان مذكر ، والذي سوغ ذلك أمران؛ كون تأنيثه غير حقيقي والآخر أن فيه رداً الى الأصل وهو التذكير ، ولو قال إن زينب قام لم يجز لأن تأنيث هذا حقيقي ، وأقبح من ذلك قول رويشد (31) :
يا أيها الراكب المزجي مطيته سائل بني أسدٍ ما هذه الصوت
فإنه أنث الصوت وهو مذكر لأنه مصدر كالضرب والقتل كأنه أراد الصيحة والاستغاثة وهذا من أقبح الضرورة أعني تأنيث المذكر لأن المذكر هو الأصل ، ونظيره (32) :
ص176
اذا بعض السنين تعرقتنا كفى الأيتام فقد أبي اليتيم
لأنه انث البعض وهو مذكر وهو أسهل مما قبله لأن بعض السنين سنة ، وليس كذلك الصوت فاعرفه .
قال صاحب الكتاب (والتاء تثبت في اللفظ وتقدر ، ولا تخلو من ان تقدر في اسم ثلاثي كعين وأذن أو في رباعي كعناق وعقرب ، ففي الثلاثي يظهر امرها بشيئين ؛ بالإسناد والتصغير ، وفي الرباعي بالإسناد .)
قال الشارح : اعلم أن المؤنث على ضربين ؛ مؤنث بعلامة ، ومؤنث بغير علامة ، والأصل في كل مؤنث أن تلحقه علامة التأنيث للفرق بين المذكر والمؤنث نحو قائم وقائمة وامرئ وامرأة وذلك لإزالة الاشتراك بين المؤنث والمذكر ، وأما ما لا علامة فيه فنحو هند، وعناق(33)، وقدر ، وشمس ، ونحو ذلك ، فإن التاء فيه مقدرة مرادة، وإنما حذفت من اللفظ للاستغناء عن العلامة باختصاص الاسم بالمؤنث .
والمؤنث على ضربين؛ ثلاثي ورباعي ، فالثلاثي ، يعلم تقدير التاء فيه بشيئين ؛ بالتصغير والإسناد. وأما التصغير فنحو قولك في قدر قديرة ، وفي شمس شميسة ، وفي هند هنيدة ، فيرد الى الاصل في التصغير فتلحقه العلامة لتبني تصريفه على اصله كما تقول في باب
ص177
بويب ، وفي ناب نييب . وأما الإسناد فكقولك طلعت الشمس وانكسرت القدر ، وحاصل هذا السماع .
فأما إذا كان الاسم رباعياً نحو عقرب ، وعناق ، وسعاد ، وزينب فإن التاء لا تظهر في مصغرة نحو قولك عقيرب وعنيق وسُعيد زيينب . وإنما فعلوا ذلك ولم يلحقوها الهاء كما ألحقوها الثلاثي ، وذلك أنهم شبهوا باء عقرب وقاف عناق ودال سعاد وإن كن لامات أصولا بهاء التأنيث في طلحة وحمزة إذ كانت هذه الأسماء مؤنثة وكانت الباء والقاف والدال متجاوزة للثلاثة التي هي الأصول كتجاوز الهاء في طلحة وحمزة الثلاثة فكما ان هاء التأنيث لا تدخل عليها هاء أخرى كذلك منعوا الباء من عقرب ونحوها ان يقولوا عقيربة كما امتنعوا ان يقولوا في حمزة حميزته فيدخلوا تأنيثاً على تأنيث ، وإذا لم تظهر التاء في مصغره لما ذكرناه علم تأنيثه بالإسناد نحو لسعت العقرب ، ورضعت العناق ، وأقبلت سعاد . وقد يعلم التأنيث بالصفة من نحو هذه عقرب مؤذية واقبلت سعاد . وقد يعلم التأنيث بالصفة من نحو هذه عقرب مؤذية وعناق رضيعة ، وسعاد الحسنة ، وقد يعلم ايضاً بتأنيث الخبر من نحو العقرب مؤذية ، والعناق رضيعة، وسعاد حسنة فاعرفه .
قال صاحب الكتاب : ( ودخولها على وجوهٍ للفرق بين المذكر في الصفة كضاربة ومضروبة وجميلة ، وهو الكثير الشائع ، وللفرق بينهما في الاسم كامرأة وشيخة وإنسانة وغلامة ورجلة وحمارة وأسده وبرذونة وهو قليل ، وللفرق بين اسم الجنس والواحد منه كتمرة وشعيرة وضربة وقتلة ، وللمبالغة في الوصف كعلامة ونسابة وراوية فروقة وملولة ، ولتأكيد التأنيث كناقة ونعجة ولتأكيد معنى الجمع كحجارة وذكارة وصقورة وخؤولة وصياقلة وقشاعمة . وللدلالة على النسب كالمهالبة والأشاعثة . وللدلالة على التعريب كموازجة وجواربة ، وللتعويض
ص178
كفرازنة وجحاجحة ، ويجمع هذه الأوجه أنها تدخل للتأنيث وشبه التأنيث .)
قال الشارح : هذا الفصل يشتمل على اقسام تاء التأنيث وذكر مظانها ، وهي تأتي في الكلام على عشرة أنواع :
الأول : وهو أعمها أن تكون فرقاً بين المذكر والمؤنث في الصفات نحو ضارب وضاربة ، ومضروب ومضروبة ، ومفطر ومفطرة ، فجميع ما ذكرناه صفة وهو مأخوذ من الفعل وما لم نذكره من الصفات فهذا حكمه .
الثاني : للفرق بين المذكر والمؤنث في الجنس نحو امرئ وامرأة ، ومرء ومرأة ، قال الله تعالى (إن امرؤ هلك)(34) وقال (امرأةُ العزيز تراود فتاها) (35) ، وقالوا : شيخ وشيخة ، قال الشاعر (36) :
وتضحك مني شيخة وعبشميةٌ كأن لم ترى قبلي أسيراً يمانيا
وقالوا : غلام وغلامة ، قال أوس الهجيمي يصف فرساً (37) .
بلهبة صريحي أبوها تهان بها الغلامةُ والغلامُ
ص179
وقالوا : رجل ورجلة ، قال الشاعر : (38)
مزقوا جيب فتاتههم لم يبالوا حرمة الرجله
" كانت عائشة رضي الله عنها رجلة الرأي " حكاه أبو زيد ، وقالوا حمار والأتان (حمارة) ، واشتقاقه من الحمرة لأن الغالب على حمر الوحش الحمرة ، وقالوا أسد واللبؤة (أسدة) حكاه أبو زيد وقالوا برذون للدابة ، قال الكسائي : الأنثى برذونة ، وأنشد(39) :
أريت إذا جالت بك الخيل جولة وأنت على برذونة غير طائل
وذلك قليل لأن الانثى لها اسم تنفرد به . ومن ذلك دخولها في العدد من نحو ثلاثة وأربعة للفرق بين المذكر والمؤنث في الجنس إلا انه على نقيض تلك الطريقة لما ذكرناه في باب العدد .
الثالث: أن تأتي للفرق بين الجنس والواحد نحو تمرة وتمر ، وشعيرة وشعير ، وقد تقدم القول أن بابه يكون في المخلوقات دون المصنوعات ، ومن ذلك ضربه وضرب ، وقتله وقتل ، لأن الضرب جنس يعم القليل والكثير ، وضربة للمرة الواحدة ، ومن
ص180
ذلك بطة وبط ، وحمامة وحمام ، وذكر أبو بكر السراج هذا القسم مفرداً لأنه يقع في الحيوان للفرق بين الواحد والجمع وهو داخل في هذا القسم مفرداً لأنه يقع في الحيوان للفرق بين الواحد والجمع وهو داخل في هذا الباب من هذه الجهة وينفصل منه لأنه في الحيوان لا يراد به الفرق بين المذكر والمؤنث في الجنس كمرء ومرأة .
الرابع : أن تدخل للمبالغة في الصفة مثل : علامة نسابة (40) للكثير العلم والعالم بالأنساب ، وقالوا : راوية لكثير الرواية ، يقال رجل راوية للشعر ، ومن ذلك بعير راوية ، وبغل راوية ، أي يكثر الاستقاء عليه ، ومنه فروقة يقال رجل فروقه لكثير الفرق وهو الخوف ، وفي المثل " رب عجلة تهب ريثا ورب فروقة يدعى ليثاً (41)"، وقالوا ملولة في معنى الملول وهو الكثير الملل .
الخامس : لتأكيد التأنيث وهو قليل نحو ناقة ونعجة ، وذلك أن الناقة مؤنثة من جهة المعنى لأنها في مقابلة جمل وكذلك نعجة في مقابلة كبش فهو بمنزلة عناق وأتان فلم يكن محتاجاً الى علم التأنيث ، وصار دخول العلم على سبيل التأكيد لأنه كان حاصلاً قبل دخوله .
السادس : أن تكون لتأكيد تأنيث الجمع لأن التكسير يُحدث في
ص181
الاسم تأنيثاً ، ولذلك يؤنث فعله نحو (قالت الأعراب)(42) فدخلت لتأكيده نحو حجارة وذكارة(43) وصقورة وخؤولة وعمومة وصياقلة (44) وقشاعمة .
السابع : أن تدخل في معنى النسب مثل المهالبة والأشاعثة والمسامعة الأصل مهلبي وأشعثي ومسمعي ، فلما لم يأتوا بياء النسب أتوا بالتاء عوضاً منها فأفادت النسب كما كانت تفيده الياء في مهلبي ونحو .
الثامن : أن تدخل الأعجمية للدلالة على التعريب نحو جواربة وموازجة لأن الجورب أعجمي . والموازجة جمع موزج وهو كالجورب وهو معرب وأصله بالفارسية موزه .
التاسع : إلحاقها للعوض في الجمع الذي على زنة مفاعيل نحو فرازنة وجحاجحة في جمع فرزان(45) وجحجاح وقياسه فرازين وجحاجيح ، فلما حذفوا الياء وليست مما يحذف عوضوا التاء منها .
العاشر : إلحاقها في مثل طلحة وحمزة وهو في الحقيقة من باب تمرة وتمر ، والطلح شجر ، وحمزة بقلة ثم سمي بها ، قال أنس : كناني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ببقلة كنت أجتنيها وكان يكنى أبا حمزة ،فإذا أتى من هذا شيء نظر الى أصله قبل النقل والتسمية ليعلم من أي الأقسام هو ، قال : ويجمع هذه الأنواع أنها تدخل للتأنيث وشبه
ص182
التأنيث ، يريد أن الأصل في إلحاق التاء للفرق بين المذكر والمؤنث الحقيقي ، وإلحاقها فيما عدا ذلك من جهة الشبه والتفريع على هذا الاصل ، فمن ذلك إلحاقها للفرق بين الواحد والجمع ، فلأن الجمع لما كان اسماً للجنس كان أصلاً على ذلك من هذا الوجه ثم احتيج الى إفراد الواحد من الجنس فكان فرعاً على ذلك الأصل فلحقته العلامة بهذه العلة ، فجميع ما لحقته التاء فهو تفريع على أصل تأنيث كتفريع المؤنث على المذكر فاعرفه .
فصل : قال صاحب الكتاب (والكثير فيها أن تجيء منفصلة وقل أن يبنى عليها الكلمة ومن ذلك عباية وعظاية وعلاوة وشقاوة).
قال الشارح : قد تقدم القول أن تاء التأنيث في حكم المنفصلة لأنها تدخل على اسم تام فتحدث فيه التأنيث نحو قائم وقائمة وامرئ ومرأة ، فهي لذلك بمنزلة اسم ضم الى اسم. هذا هو الكثير فيها والغالب عليها ، وقد دللنا على ذلك فيما تقدم .
وقد تأتي لازمة كالألف ، لأن الكلمة بنيت على التأنيث ولم يكن لها حظ في التذكير فهي كحرف من حروف الاسم صيغ عليه، فأما عباية وعظاية وصلاية(46) فإنه قد ورد فيها الأمران ؛ تصحيح الياء وقبلها همزة ، فأما التصحيح فيها فإنه لما بنيت الكلمة على التأنيث وتنزلت التاء فيها منزلة ما هو من نفس الكلمة قويت الياء لبعدها عن الطرف ووقوعها حشواً فصحت ولم تهمز ، ومثل ذلك قمحدوة
ص183
وترقوة وعرقوة(47) ، فلولا بناء الكلمة على التأنيث لوجب قلب الواو فيها ياء لوقوعها طرفاً في الحكم وانضمام ما قبلها . وأما من أعل الياء وهمز فإنه بنى الواحد على الجمع ، فلما كانوا يقولون عظاء وعباء وصلاء فيلزمهم إعلال الياء لوقوعها طرفاً فإذا أرادوا إفراد الواحد من الجنس أدخلوا عليه تاء التأنيث كما فعلوا في تمر وتمرة ، وقدروها منفصلة فثبتت الهمزة لذلك بعد دخول التاء كما كانت ثابتة قبل دخولها . وأما نهاية وغباوة وشقاوة وسقاية فاقتصروا فيها على التصحيح لأنها كلمٌ بُنيت على التأنيث ولم يقدروها منفصلة ، ألا ترى أنهم لم يقولوا في الجمع نهاء ولا غباء ولا شقاء فيلزم الإعلالُ كما لزم في عباء وعظاء وصار نظير قولهم : عقلته بثنايين(48) في أن الكلمة مبنية على التثنية ولذلك لم يهمزوا كما همزوا في كساء ورداء.
ص184
___________________
(1) دراسة " التذكير والتأنيث " تقع في صلب الدراسة النحوية ، وهي تندرج الآن تحت ما يسمى " بالفصائل أو الأقسام النحوية Grammatical Categories " . وهذه الدراسة مهمة في النحو إذ يتوقف عليها أشياء كثيرة في تركيب الجملة . ذلك أن " الجنس " اللغوي يجري على " منطق " خاص ، بمعنى انه لا يطابق الجنس في الواقع الطبيعي . فالاصطلاح وحده هو الذي (أنث) الشمس ، و (ذكّر) الباب في العربية ، وهو الذي ذكّر الشمس le Soleil وانث الباب في الفرنسية la porte ودارس اللغة الألمانية لا يستطيع ان يضبط جملة إلا إذا عرف جنس الأسماء المستعملة فيها .
وليس الجنس في كل اللغات مقصوراً على المذكر والمؤنث وحدهما ، بل هناك لغات فيها جنس ثالث هو المحايد كاللغة الألمانية ، وقد تستغرب أن اسماً مؤنثا حقيقياً مثل كلمة (فتاة) تعتبر (محايداً) في الألمانية : Das Madchen
وفي هذا الفصل يقدم لنا ان يعيش في شرحه على مفصل الزمخشري دراسة مستفيضة للمذكر والمؤنث في العربية .
(2) هأنت ترى مرة أخرى حديثاً عن الأصلية والفرعية ، فالمذكر هو الأصل والمؤنث فرع ، وعلى هذا النظر سوف تترتب مسائل أخرى . واللغوين الوصفيون في العصر الحديث يرون في مسألة الأصلية والفرعية بحثاً ميتافيزيقياً ، غير أصحاب النحو التحويلي يرونها مسألة أساسية في فهم اللغة ، ولهم قواعدهم في معرفة الأصل والفرع، منها أن الكلمات ذات العلامة marked تكون فرعاً للكلمات غير المعلمة unmarked وهذا ينطبق على المذكر والمؤنث ، لأن المؤنث هو الاسم المذكر + علامة خاصة بالتأنيث مثل : طالب ، طالبة .
(3) من الأسباب المانعة للصرف أن يكون الاسم علماً مؤنثاً ، أما إذا كان مؤنثاً فقط فإنه يصرف .
(4) هذا دليل على أخذ ابن يعيش هنا بمذهب البصرة في أن المصدر هو أصل الاشتقاق .
(5) حين درس النحاة تركيب الجملة العربية وجدوا أن الفعل والفاعل (عمدتان) لا يمكن الاستغناء عن أحدهما في الجملة ، ورأوا بينهما أسباباً قوية جداً حتى اعتبروهما كالكلمة الواحدة ، ولذلك يقول ابن يعيش إن الفاعل كجزء من الفعل . وقد مر بك ما قدمه الكوفيون دليلا على ذلك دعماً لرأيهم في أن الفعل والفاعل ينصبان المفعول وليس الفعل وحده .
(6) وردت هذه الحروف الثلاثة وفيها تاء في آخرها قالوا إنها تاء التأنيث ، وهي : (لات) التي تعمل عمل ليس ، وثمت ، وربت .
(7) هذه العلامة يسميها لمحدثون مورفيما Morpheme
(8) هذا الخلاف مبني على رأي مهم عند النحاة ؛ وهو أن الاصل في الكلام نطقه موصولا ، اما الوقف فلا يبين أصل الكلمة . وهنا مثلا : إذا قلت : حضرت فاطمة اليوم ، فأنت تنطق فاطمة بالتاء لأنك تصلها بالكلمة التي بعدها ، اما إذا قلت : حضرت اليوم فاطمة . فإنك تنطق فاطمة بالهاء لأنك وقفت عليها . وعلى هذا يرى البصريون أن تقف على المؤنث بالتاء كما هو مسموع في بعض المناطق اللبنانية . يقولون " هكذا الحياة " . فيقفون عليها بالتاء لا بالهاء .
(9) هذا شاهد على أن بعض العرب لا يقلب تاء التأنيث الواقعة في آخر الاسم هاء في الوقف ، وذلك في (الحجفت).
و(جوز) مصدر جاز الأرض و (التيهاء) الأرض التي يتيه سالكها :
و(الحجفة) ـ بفتحات ـ هي الترس إذا كان من جلود ليس فيه خشب ولا عقب ، والجمع: حجف .
والرواية بجر (جوز) ، يريد : رب جوز تيهاء . وأنت تعلم أن رب قد تحذف بعد بل .
(10) في البيتين شواهد على عدم قلب تاء التأنيث هاء في الوقف في بعض اللهجات ، في قوله : (مسلمة ، الغلصمة ، أمة) أما كلمة (مت) في آخر البيت الأول فأصلها (ما)، قلبت الألف هاء ، ثم قلبت الهاء تاء ، لتتسق مع قوافي الأبيات .
و(الغلصمة) هي : طرف الحلقوم .
(11) هذه لهجة تخالف اللهجة السابقة ، ينطقون علامة المؤنث في الوصل هاء لا تاء، فيقولون : حضرت فاطمة اليوم بالهاء. وهذا يذكرنا بطريقة (التسكين) التي يتبعها بعض الخطباء والمذيعين في الأيام الأخيرة .
(12) المفروض ان تنطق الكلمتين في الوصل بالتنوين ، فنقول : سبسباً وكلكلاً .
(13) حرف التأنيث إذن هو التاء ، ومع ذلك درج بعض النحاة على تسميتها (هاء) التأنيث باعتبار الوقف .
(14) موضع الشاهد (من حبارى) حيث كلمة حبارى غير منونة ، وتعرب : اسم مجرور بمن وعلامة جره فتحة مقدرة منع من ظهورها التعذر ، والمعروف أن ألف التأنيث المقصورة تكفي وحدها لمنع الاسم من الصرف .
والحبارى : طائر . ويتخطف : يصيد بالخاطوف وهو شبه بالمنجل .
(15) هذه ملاحظة مهمة في فهم علامة (مورفيم) التأنيث ، التي هي التاء ؛ فهي ليست جزءاً من الاسم كأي حرف من حروفه ، وإنما هي جزء خاص منفصل ، ذلك ان كلمة (طالب) لها معنى ، وأنت تلحقها (التاء) فتضيف الى معناها معنى جديداً هو التأنيث .
(16) المعروف أن تصغير الاسم يكون على وزن (فُعَلْ) في الثلاثي ، وفي غيره على وزن (فُعيل) و (فعيعيل) . فلو كنا اعتبرنا (طلحة ، تمرة) مكونتين من أربعة أحرف لكان الوزن : طليحة بكسر الحاء ، لكنهم نظروا الى تاء التأنيث باعتبارها منفصلة عن الاسم فبقي ثلاثة أحرف ، ومن ثم كان الوزن فعلية . وأنت تذكر أن التصغير ـ عندهم ـ يرد الأشياء الى أصولها.
(17) قرقري : اسم مرفوع . وجحجبي : حي من الأنصار .
(18) الخبراء : منقع الماء ، أو القاع ينبت السدر ، والجمع : خبارى وخباري مثل صحاري وصحاري .
(19) درأت النار : أضاءت ، وكوكب دري على وزن فعيل أي كوكب مندفع في مضية من المشرق الى المغرب . وحكي الأخفش عن بعضهم : دريء ـ من درأته ـ وجعلها على فعيل ، قال وذلك من تلالئه .
(20) ولذلك يعرف بعض النحويين المؤنث الحقيقي بأنه كل ما يلد ويتناسل ولو كان تناسله بالبيض والتفريخ . والرخل والرخل الأنثى من أولاد الضأن ، والذكر حمل ، والجمع أرخل ورخال ورخال ورخلان .
(21) موضع الشاهد : ولد الأخيطل أم سوء . وإعرابه :
ولد : فعل ماض . الأخيطل : مفعول به . أم : فاعل ، سوء مضاف إليه .
الفاعل هنا مؤنث حقيقي ، وقد جاز إسقاط تاء التأنيث عن فعله لوجود المفعول به فاصلا بين الفعل وفاعله .
(22) موضع الشاهد : غره منكن واحدة . والشاهد فيه كالذي قبله حيث لم تتصل تاء التأنيث بالفعل مع إسناده الى مؤنث حقيقي وذلك لوجود الجار والمجرور فاصلا بينهما.
(23) القصص : 35 . والشاهد في الآية الكريمة الفعل ـ على الوجه الراجح ـ لأنه مسند الى فاعل مؤنث حقيقي مع وجود فاصل بينهما وهو الضمير الواقع مفعولا به .
(24) الشاهد في البيت استعمال (هند) اسماً لرجل بدلالة ضمير المفرد المذكر العائد عليه في قوله : عن قتاله .
(25) الشاهد في البيت استعمال (جعفر) اسماً لمؤنث ، الدحداح : القصير . وعلى هذا البيت والذي سبقه يرى المبرد منع حذف تاء التأنيث من الفعل عند إسناده الى مؤنث حقيقي وإن فصل بينهما إذ قد تستعمل أسماء المؤنث لمذكر والعكس .
(26) يونس 57 والشاهد في الآية الكريمة اتصال تاء التأنيث بالفعل المسند الى المؤنث غير حقيقي ، وذلك هو الراجح .
(27) انت تعلم أن النحويين ـ وبخاصة البصريين ـ يذهبون الى أن الفاعل لا يتقدم على الفعل ، لأنه اذا تقدم عليه صارت الجملة اسمية مكونة من مبتدأ وخبر . وفي هذه الجمل الفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره (هي) عائد على المبتدأ .
(28) أي أنه لا ينبغي أن نقول : هند جاء ، حتى لا يظن السامع أن الفاعل اسم آخر يتصل بالمبتدأ بسبب ، كأن يكون مثلا : هند جاء أخوها .
(29) الشاهد في البيت قوله : ولا أرض أبقل : فالفعل (أبقل) فاعلة ضمير مستتر جوازاً تقديره (هي ) عائد على الارض ، وعلى ذلك فإن الفعل واجب التأنيث أي كان يجب أن يكون أبقلت. لكنه ورد هنا بدون تأنيث ، وذلك على تأويل (الأرض) بمعنى (المكان) .
(30) موضع الشاهد : فإن الحوادث أودى بها . الفعل (أودى) كان يجب أن يكون مؤنثاً (اودت) لأن فاعله ضمير مستتر جوازاً تقديره (هي) عائد على الحوادث لكنه ورد بدون تاء التأنيث فتأوله النحاة على أن الحوادث بمعنى الحدثان ، وهو مذكر . وحدثان الدهر وحوادثه : نوبه .
(31) موضع الشاهد : ما هذه الصوت . إذ كان يجب ان يقول : ما هذا الصوت . وقد أولوه بأنه يعني بالصوت : الصيحة أو الصرخة أو الاستغاثة ، فكأنه قال : ما هذه الصرخة . وهذا النوع يعرف عند النحاة بالمؤنث التأويلي ، وهو اسم مذكر في أصله ، فيستعمل مؤنثاً لفرض ما عن طريق التأويل ، كقول العرب : جاءته كتابي فاحتقرها . يقصدون بالكتاب الرسالة (جاءته رسالتي ) ....
(32) موضع الشاهد : بعض السنين تعرقتنا ـ إذ أنث الفعل (تعرقتا) مع أنه مسند الى ضمير عائد على كلمة (بعض) غير أن هذا سائغ لما سبق لك معرفته من ان المضاف يكتسب التأنيث من المضاف إليه إن كان بعضه أو مثل بعضه . وهذا النوع يعرف بالمؤنث الحكمي ، وهو اسم مذكر الصيغة ، لكنه يكتسب التأنيث إذا إضيف الى مؤنث.
(33) العناق : الأنثى من المعز .
(34) النساء 176 . (35) يوسف .
(36) موضع الشاهد قوله (شيخة) للدلالة على استعمال التاء للتفريق بين المذكر والمؤنث : شيخ ـ شيخة .
(37) موضع الشاهد قوله (الغلامة والغلام) حيث استعمال للتفريق بين المذكر والمؤنث .
والسلهبة : ما عظم من الخيل . والصريحي : الكريم النسب .
(38) موضع الشاهد (الرَّجُلة) حيث استعمل التاء للتفريق بين المذكر والمؤنث : رجل سرجلة .
(39) موضع الشاهد (برذونة) وهو كسابقه في استعمال التاء للتفريق بين المذكر والمؤنث . والبرذون هو غير من الخيل والبغال ، من الفصيلة الخيلية ، عظيم الخلقة ، غليظ الأعضاء ، قوي الأرجل . عظيم الحوافر . وجمعه (براذين)
(40) التاء هنا ليست للمبالغة فقط وإنما لتأكيد المبالغة ، لأن صيغتي (علام ونشاب) صيغتا مبالغة كما تعلم ، فدخلت التاء لتقوية المبالغة فيها .
(41) مثل يضرب للرجل يشتد حرصه على حاجة ، فتدفعه العجلة الى الخطأ حتى تفوته الحاجة التي يريدها . وفي مجمع الأمثال للميداني 1/306 (رب عجلة تهب ريثا ورب فروقة يدعى ليثا ورب غيث لم يكن غيثا).
(42) الحجرات 14 .
(43) ذكارة جمع ذكر وهي تجمع على ذكور ، وذكورة ، وذكار ، وذكران ، وذكرة .
(44) صياقلة جمع صيقل وهو الذي يشحذ السيوف ويجلوها .
(45) الفرزان : من لعب الشطرنج ، أعجمي معرب .
(46) الصلاية : مدق الطيب . والعظاية أو العظاءة دويبة من الزواحف الأربع تعرف في مصر بالسحلية وفي سواحل الشام بالسقاية .
(47) القمحدوة : عظمة بارزة في مؤخر الرأس فوق القفا ، والجمع قماحد ؛ والعرقوة: أرض مرتفعة مستطيلة والعرقوتان خشبتان تعترضان فوهة فوهة الدلو كالصليب ، والترقوة عظمة مشرفة بين ثغرة النحر والعاتق . وهما ترقوتان . والجمع تراق . وبلغت الروح التراقي كناية عن مشارفة الموت .
(48) الثنايان : عقال البعير . قالوا : إنما لم يفرد لأنه حبل مثنى تشد بأحد طرفيه اليد وبالطرف الآخر الأخرى ، وعقلت البعير بثنايين غير مهموز لأنه لا واحد له.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
جامعة كربلاء: مشاريع العتبة العباسية الزراعية أصبحت مشاريع يحتذى بها
|
|
|