أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-6-2022
4260
التاريخ: 30-6-2022
2653
التاريخ: 19-2-2020
1561
التاريخ: 4-7-2022
1784
|
٢- السياستان النقدية والمالية وتحـقيق الاستقرار الاقتصادى :
تهدف اي مجتمع من المجتمعات الى تحقيق مجموعة من الاهداف الاقتصادية التي من شأنها تحقيق الاستقرار الاقتصادي في ذلك المجتمع، ومن اهم هذه الاهداف: (تحقيق العمالة الكاملة و تحقيق الاستقرار Stabilization في المستوى العام للاسعار، وتحقيق معدلات معقولة ومستقرة في النمو الاقتصادي)، اضافة الى العديد من الاهداف الاقتصادية الاخرى.
وفي هذا الصدد يشدد كل من الكينزيين والنقوديين على أهمية سياسة دون اخرى على التأثير في المتغيرات المذكورة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وعلى الرغم من التقارب بينها وضيق شقة الخلاف بمرور الزمن الا ان الفجوة بينها بقيت موجودة، وهذا ما سنراه خلال هذه الفقرة من البحث.
ولما كان الكينزيون يعتقدون بعدم استقرار الاقتصاد الراسمالي المعتمد على السوق، فان التقلبات الضئيلة في الاستثمار الخاص والتي تعد مصدراً من مصادر عدم الاستقرار الاقتصادي من شأنها ان تؤدي الى حدوث تقلبات اقتصادية بين الرواج والكساد. واستناداً الى ذلك يرون بان المصدر الرئيس لعدم الاستقرار الاقتصادي لا يقتصر على العوامل النقدية وحدها فحسب، وانها ايضا على العوامل الحقيقية كالتغيرات في حجم الاستثمار، ولأجل دعم الاقتصاد الحر وتحقيق الاستقرار فيه، فانهم يعتقدون في اتباع السياسة المرنة يعد بالأمر المهم والمطلوب، وعند استخدام سياسة الموازنة سواء بالعجز ام الفائض لابد من كبح التضخم عن طريق كبح جماح الطلب اثناء الرواج التضخمي، وبالعكس انعاشه عند الكساد، اي بالامكان استخدام سياسة مالية توسعية بصورة مباشرة عن طريق زيادة الانفاق العام (Public Expenditure increase) او بصورة غير مباشرة عن طريق تخفيض الغرائب Tax) decrease)، لمواجهة الكساد، وبالعكس استخدام سياسة انكماشية عندما يكون مستوى الطلب الكلي اعلى من مستوى الدخل عند مستوى التشغيل الكامل.
ان هذا التأكيد الذي جاء به الكينزيون بخصوص اهمية التدخل الحكومي في ادارة الطلب الكلي، انما يفضي وبرأيهم الى ان اتباع السياسة المالية التدخلية كاداة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى يعد بالأمر المهم والمناسب.
الا انه في اواخر الستينات اصبحت وجهة النظر الكينزية تواجه تحديا وعلى نحو متزايد من قبل النقوديين، وكان التركيز في اغلب الاحيان ينصب على فعالية آليات السياستين النقدية والمالية في تحقيق الاستقرار، وضمن هذا الجدل يشكك النقوديون بفاعلية السياسة المالية بحجة ان السياسة المالية البحتة او التغيرات المستقلة في الانفاق الحكومي لن يكون لها سوى تأثيرات ضئيلة على الاسعار والناتج وبالتالي عدم فاعليتها، وان الطريقة الافضل لتحقيق الاستقرار هو استخدام القاعدة النقدية واجراء تغييرات في عرض النقد مصاحبة للسياسة المالية، وان عجز الموازنة العامة لن يكون له تأثير مهم على مستوى الطلب الكل بدون اجراء هذه التغيرات.
وفي هذا الصدد يعتقد النقوديون بان اثر التزاحم (Crowding-out effect) الذي ينشأ نتيجة السياسة المالية التوسعية يؤثر سلبا في فاعليتها، اذ ان اي توسع في السياسة المالية من دون ان ترافقه زيادة في عرض النقد لا يمارس تأثيرا شديداً في الاقتصاد القومي، لان مسألة الزيادة في الانفاق الحكومي الممول من خلال الاقتراض من الجمهور غير المصرفي يؤدي الى زيادة الطلب على النقود المعدة للاقزاض من السوق المالية المحلية، الامر الذي يؤدي الى زيادة اسعار الفائدة في هذه السوق (ان أثر التزاحم الاستثماري يزداد كلما كان الارتفاع في اسعار الفائدة اكبر، فضلاً عن زيادته في الاقتصادات المغلقة عما هو في الاقتصادات المفتوحة)، ولما كانت المدرسة النقودية تعتقد بحساسية الإنفاق الخاص الشديدة للتغيرات في أسعار الفائدة، فان ارتفاع الاخيرة سيعمل على انكماش القطاع الخاص لان المعدلات المرتفعة لاسعار الفائدة الناتجة من السياسة المالية التوسعية تعمل على تثبيط الشركات والافراد من الاستثمار في شراء القروض من خلال تثبيط الانفاق الاستثماري الخاص، فضلاً عما يتركه تدخل الدولة في النشاط الاقتصادى من آثار سلبية في هذا القطاع من خلال مزاحمته في استخدام الموارد الاقتصادية المتاحة، وبالتالي الضغط على الاستثمارات المرغوبة. اي ان الاثر الناتج عن مزاحمة القطاع الخاص سيؤدي الى اضعاف الأثر المالي التوسعي.
وفي نفس التوجه فان النقوديين يرون في مسألة احداث فائض في الموازنة العامة يمكن ان يؤدي الى تخفيض طلب الحكومة على الارصدة المتاحة للاقراض وبالتالي توليد الضغط لخفض اسعار الفائدة التي تزيد من الانفاق الخاص وهذا يشكل قيدا للفائض على الاقتصاد وتخفيض التراكمات الرأسمالية في المستقبل ومن ثم انخفاض قدرة الاقتصاد على زيادة الانتاجية، وفي ذلك يرى النقوديون في السياسة النقدية امكانية القيام بدور مناسب للتقليل من انحسار الاستثمار او التعويض السلبي من خلال كبح اسعار الفائدة من الارتفاع او ما يسمى بالتكييف النقدي -Mon) (etary Accommodation للتعاون مع القطاع الخاص او مساعدته في تمويل المشاريع الاستثمارية بتكاليف ذات اسعار فائدة اقل.
وعلى الرغم من ذلك، فان النقوديين لا ينكرون فاعلية السياسة المالية بشكل عام، اذ يؤكدون بأن العمل المالي البحت سوف يزيد من اسعار الفائدة وهنا سيجد رجال الاعمال زيادة في تكلفة الاحتفاظ بالأرصدة النقدية، الامر الذي يؤدي الى استخدام هذه الارصدة بكثافة اكثر فترتفع سرعة التداول النقدي وبافتراض ثبات كمية النقود يتكون الاثر التوسعي او يبقى معتدلاً على الطلب الكلي.
وفي ضوء الظروف الاقتصادية المتعلقة بمسألة التوقيت المناسب للسياسة الكلية يشكك النقوديون بتحقيق هذه السياسة للاستقرار الاقتصادي، الامر الذي يعزز من انتقادهم للسياسة النقدية المرنة، ويرون ازاء ذلك ان كل ما هو ضروري بالنسبة للحكومة والسلطات النقدية لكبح التضخم هو العمل بالسيطرة على عرض النقد وزيادته بمعدل ثابت وفي هذا الصدد يعتقد (Friedman) بان الاستقرار في نمو المعروض النقدي أمر جوهري لتحقيق الاستقرار في الاقصاد من خلال تحديد ذلك المعدل بنسبة نمو تتراوح ما بين (٣-5 %) بافتراض ثبات مستوى الاسعار العام في المدة الطويلة او الابقاء عليه مستقراً وبمعدل مقبول ( ١ -2%) سنوياً، ما دام الانتاج يتزايد بمرور الزمن، فعلا عن دور معدل نمو عرض النقد في ايقاف تأثير العوامل المسببة للتقلبات في الاقتصاد والتي لا يمكن ان تجد في تغييرها سهولة في مساعدة تصميم السياسات المرنة بالنظر لوجود الفجوات المرتبطة بالسياسة والتي غالباً ما تحمل السلطة النقدية المبالغة في ردود الافعال عند اتخاذ قرارات مناسبة.
وفي هذا الصدد يثير فرانكو مودلياني (Modigliani Franco) الى ان (Friedman) ذهب الى ابعد مما يتصوره الكينزيون حول حاجة الاقتصاد الى الاستقرار من خلال اتباع السياسات المرنة (Discretionary Policies)، على ان هذه السياسات سوف تجعل الامور اكثر سوءاً وتعبث بالاستقرار.
وعلى الرغم من الجدل ما بين الكينزيين والنقوديين الذي استمر عقوداً من الزمن حول العلاقات ما بين السياستين النقدية والمالية من جهة، وعلاقتهما بالمتغيرات الاقتصادية الكلية، فإنهم على اتفاق في تأثر السياسة النقدية في الطلب الكلي، فبعد ان كان الكينزيون الأوائل يشددون على اهمية السياسة المالية وفاعليتها بشكل يقرب من الاعتماد الكلي عليها في التأثر على المتغيرات الكلية، اصبحوا غير منازعين حول ادعاء النقديين بشأن السياسة المالية بل يذهبون الى أبعد مما جاء به فريدمان حول تأثر عجز الموازنة ويرون بأن الاحتواء في العجز شرطاً ضرورياً للسيطرة على التضخم في الامد الطويل.
ويوعزون السبب في ذلك الى عدم امكانية التحكم بمعدل نمو عرض النقد دون احتواء عجز الموازنة، ولما كانت وجهة نظرهم تتمحور حول طبيعة عدم استقرار السوق فان الكينزيين الجدد (New Keynesians) يعترفون بالأثر الهام للسياسة النقدية ويوصون باستخدامها كونها تؤثر في الطلب الاجمالي، اذ ان زيادة عرض النقد تؤدي الى انخفاض سعر الفائدة وهذا يقلل من تكلفة الاقتراض وبالتالي زيادة الاستثمار الخاص والاستهلاك وزيادة الطلب الكلي في الاقتصاد، ولكن آثار السياسة المالية يمكن التنبؤ بها بشكل أفضل وانها تحدث بشكل اسرع، علاوة على تفضيلهم للسياسات المرنة وعلى اساس قواعد وحسابات مسبقة.
في الوقت الذي يرى فيه النقوديون ان السياسة المالية لا تقود الا الى المزاحمة ومصدر لعدم الاستقرار وان لم تكن مصحوبة بتغيرات في عرض النقد فانها لن تعدو ان تكون فعالة ولذلك يجري تأكيدهم على الانخفاض المنتظم لعرض النقد بهدف تخفيض التضخم ومن ثم الوصول الى معدل طبيعي للبطالة.
واذا كان هذا الجدل بين الكينزيين والنقوديين قد لعب دوراً مهما في تشكيل السياستين النقدية والمالية فانه لن يتوقف عند ذلك فحسب، بل وانما امتد ليشمل وجهات نظر اخرى قد يكون بعضها مخالف لما سبق ذكره. ومن الجدير بالذكر في هذا المجال يذهب اصحاب نظرية التوقعات الرشيدة (The Rationa! Expectation Theory ) الى ارآء مناقضة لوجهات نظر الكينزيين والنقوديين لاهمالهم أثر التوقعات الرشيدة للافراد والمؤسسات على فاعلية السياستين النقدية والمالية، واستناداً الى ارآء اصحابها، ان هذه السياسات المرنة لا يمكن استخدامها لتحقيق الاستقرار الاقتصادى فعند افتراض زيادة الانفاق الحكومي وتوقع القطاع العائلي والمنشات لآثار هذه الزيادة فان الأجور النقدية والاسعار سوف تزداد، ولكن الناتج والعمالة سوف لا يتغيران،
اما اذا كانت تلك السياسات غير متوقعة فان الناتج والعمالة سوف يتغيرا، واستنادا الى ذلك فان السياستين النقدية والمالية يجب ان تصمم للتقليل بما امكن من عدم التاكد، فضلًا عن تاييدهم لزيادة عرض النقد بمعدل ثابت، وعلى الرغم مما جاءت به هذه النظرية من فوائد الا ان الفروض القائمة عليها وبعض الخلاصات المستنتجة (عدم فعالية السياسة النقدية) تعرضت لانتقادات منها عدم تمكن الوحدات الاقتصادية من تشكيل توقعاتها اذا كانت المعلومات غير متاحة، فضلاً عن اهمالها لكيفية حصول الوحدات الاقتصادية على المعلومات وتجاهلها لتكاليف الحصول عليها، الا انها اعيدت صياغتها والافتراض على اساس معلومات (Available and Limited information) محددة ومتاحة امام هذه الوحدات، ومما لا شك فيه ان فرضية التوقعات الرشيدة قد أحدثت اثراً مهماً في مجال التحليل الاقتصادى الكلي واسهمت في تعميق فهم السياسة الاقتصادية ، اما وجهة نظر (اقتصاديات جانب العرض) التي ركزت جل اهتمامها على جانب العرض فان منظريها يرون في مسألة اتباع سياسات مصممة لزيادة العرض الكلي من السلع والخدمات افضل الطرق لتحسين الاقتصاد، ولما كانوا يؤيدون اتباع السياسات النقدية والمالية التي من شأنها تقديم الحوافز للعمل والادخار والاستثمار، فانه لابد من اعتماد سياسات نقدية أقل توسعية وتخفيض المعدلات الحدية للضرائب، وفي ذلك انهم الاكثر تفاؤلا بأثار السياسة المالية للتأثير على المستوى العام للاسعار والبطالة نحو الانخفاض في الاجل القصير، الا ان فريدمان وانصاره تختلفون مع انصار اقتصاديو جانب العرض في مسالة تخفيض المعدلات الضريبية لوحدها بأنه لن يكون كافيا لنمو الناتج المحلي الاجمالي، وانها المعروض النقدي هو المتغير الحاسم والمؤثر في هذا الجانب.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
في مستشفى الكفيل.. نجاح عملية رفع الانزلاقات الغضروفية لمريض أربعيني
|
|
|