المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05

العباس بن الأحنف
22-06-2015
إنتاج الغاز الطبيعي السائل
20-4-2021
طيف امتصاص جزيئة HCI
15-1-2021
البيع
22-9-2016
STANDARD TEMPERATURE AND PRESSURE (STP)
25-9-2020
أمثلة بسيطة عن الطاقة الكامنة في ضوء الشمس
23-11-2014


ثورة أبي السرايا  
  
2663   01:40 صباحاً   التاريخ: 7-5-2019
المؤلف : آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين .
الكتاب أو المصدر : ثورة الحسين (عليه السلام) ظروفها الاجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة
الجزء والصفحة : ص222-225.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / الأحداث ما بعد عاشوراء /

هذه نماذج للرّوح الثورية التي بثّتها ثورة الحسين (عليه السّلام) في الشعب المسلم فقضت بذلك على روح التواكل والخنوع والتسليم للحاكمين وجعلت من الشعب المسلم قوّة معبّأة وعلى أهبة الانفجار دائماً .

ولقد استمرت طيلة الحكم الاُموي ضدّ هذا الحكم حتّى قضت عليه بثورة العباسيّين هذه الثورة التي لم تكن لتنجح لو لم تعتمد على إيحاءات ثورة كربلاء وعلى منزلة الثائرين في كربلاء في نفوس المسلمين . ولم تُبدّل هذه الثورة كثيراً من واقع الشعب المسلم بل لعلّنا لا نعدوا الحقّ إذا قلنا أنّها لم تُبدل شيئاً سوى وجوه الحاكمين . ولكن هذا لم يخمد الرّغبة في الثورة بقدر ما كان حافزاً عليها فاستمرت الثورات على حالتها ومضى العباسيّون وجاءت دول بعدهم .

ولم تخمد الثورات بل بقيت ناشبة أبداً يقوم بها الإنسان المسلم دائماً فيُعبّر بها عن إنسانيته التي خنقها الحاكمون وزيّفوها . ولقد كانت هذه الثورات كما رأينا صادرة عن وعي للواقع وإحساس بانحطاطه وقسوته واحتجاج عليه ومحاولة لتطويره .

حدث هذا في ظلّ الحكم الاُموي وقد رأيت بعض نماذجه وحدث في ظلّ الحكم العباسي أيضاً .

ونضرب مثلاً بثورة أبي السرايا مع محمد بن إبراهيم بن طباطبا العلوي الحسني على المأمون.

كان محمد بن إبراهيم هذا يمشي في بعض طريق الكوفة إذ نظر إلى عجوز تتبع أحمال الرطب فتلقط ما يسقط منها فتجمعه في كساء عليها رثّ فسألها عمّا تصنع بذلك فقالت : إنّي امرأة لا رجل لي يقوم بمُؤنتي ولي بنات لا يعدنَ على أنفسهنَّ بشيء فأنا أتتبع هذا من الطريق وأتقوّته أنا وولدي . فبكى بكاءً شديداً وقال : أنتِ وأشباهك تُخرجوني غداً حتّى يُسفك دمي . ونفذت بصيرته في الخروج  .

فلمّا أعلن أمره خطب الناس ودعاهم إلى البيعة وإلى الرضا من آل محمد والدعاء إلى كتاب الله وسنّة نبيّه (صلّى الله عليه وآله) والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسيرة بحكم الكتاب فبايعه جميع الناس حتّى تكابسوا وازدحموا عليه .

ومات إبراهيم بن محمد بعد نشوب الثورة بقليل فلم تخمد وإنّما قام عليها من بعده علي بن عبيد الله العلوي وشملت الثورة العراق والشام والجزيرة واليمن .

ونقرأ عن هذه الثورة فنعجب بأخلاق الثائرين الجياع وبضبطهم لأنفسهم ؛ لقد أمسك هؤلاء الثائرون عن النهب والسلب بعد أن هزموا عدوّهم واستولوا على حصنه بمجرد أن أمرهم قائدهم بأن يُمسكوا .

وأقبل أهل بغداد ـ جنود السلطة ـ يصيحون : يا أهل الكوفة زينوا نساءكم وأخواتكم وبناتكم للفجور والله لنفعلنّ [بهن] كذا وكذا . ولا يُكنون . والثائرون يذكرون الله ويقرؤون القرآن وقائدهم يقول لهم : اذكروا الله وتوبوا إليه واستغفروه واستعينوه . صحّحوا نيّاتكم وأخلصوا الله ضمائركم واستنصروه على عدوّكم وابرؤوا إليه من حولكم وقوّتكم  .

ماذا أفادت الاُمّة من انبعاث الروح النضاليّة ؟

وقد يقول قائل إنّ الرّوح النضالية التي بعثتها ثورة الحسين (عليه السّلام) في الشعب المسلم لم تطوّر واقع هذا الشعب بواسطة الثورات التي أشعلتها . لقد كانت الثورات تنشب دائماً ولكنّها تخفق دائماً ولا تسوق إلى الشعب إلاّ مزيداً من الضحايا ومزيداً من الفقر والإرهاب .

وتقول : نعم إنّها لم تطوّر واقع هذا الشعب تطويراً آنيّاً ولم تقدّم في الغالب أيّة نتائج ملموسة ولكنّها حفظت للشعب إيمانه بنفسه وبشخصيته وبحقّه في الحياة والسيادة وهذا نصر عظيم .

إنّ أخطر ما يُبتلى به شعب هو أن يُقضى على روح النضال فيه إنّه حينئذ يفقد شخصيته ويذوب في خضمّ الفاتحين كما قدّر لشعوب كثيرة أن تضمحلّ وتذوب وتفقد كيانها ؛ لأنّها فقدت روح النضال ولأنّها استسلمت وفقدت شخصيتها ومقوّمات وجودها المعنوي فأذابها الفاتحون .

إنّ هذه الشعوب التي لم يحفظ لنا التأريخ إلاّ أسماءها لم تأت من ضعفها العسكري أو الاقتصادي وإنّما أُتيت من فلسفة الهزيمة والتواكل والخنوع التي وجدت سبيلها إلى النفوس بعد أن خبت روح النضال في هذه النفوس .

ولو أنّها بقيت مؤمنة بشخصيتها وثقافاتها ومقوّماتها ولو احتفظت بروح النضال حيّة في أعماقها لما استطاع الغزاة إبادتها ولشقّت لنفسها طريقاً جديداً في التأريخ . وهذا ما حقّقته ثورة الحسين (عليه السّلام) . لقد أجّجت ثورة الحسين (عليه السّلام) تلك الرّوح التي حاول الاُمويّون إخمادها وبقيت مستترة تعبّر عن نفسها دائماً في انفجارات ثورية عاصفة ضدّ الحاكمين مرّة هنا ومرّة هناك .

وكانت الثورات تفشل دائماً ولكنّها لم تخمد أبداً ؛ لأنّ الرّوح النضالية كانت باقية تدفع الشعب المسلم إلى الثورة دائماً إلى التمرّد وإلى التعبير عن نفسه قائلاً للطغاة : إنّي هنا .

حتى جاء العصر الحديث وتعدّدت وسائل إخضاع الشعوب وحُكم الشعب المسلم بطغمة لا تستوحي مصالحه وإنّما تخدم مصالح آخرين ومع ذلك لم يهدأ الشعب ولم يستكن ولم تفلح في إخضاعه وسائل القمع الحديثة وإنّما بقي ثائراً معبّراً عن إنسانيته دائماً بالثورة بالدم المسفوح . وهكذا أثبتت الاُمّة الإسلاميّة وجودها ولم يجرفها التاريخ وإنّما بقيت لتصنع التاريخ . هذا صنيع ثورة الحسين (عليه السّلام) . لقد كانت هذه الثورة رأس الحرية في التطوّر .

إنّ الأفكار والمشاعر والرّوح التي خلقتها هذه الثورة والتي نمّتها وأثرتها الثورات التي جاءت بعدها والتي هي امتداد لها هي التي صنعت تاريخ الكفاح الدامي من أجل التحرر لهذه البقعة من العالم . ولا ندري تماماً ماذا كان سيحدث لو لم يقم الحسين (عليه السّلام) بثورته هذه .

غير إنّنا نستطيع أن نحدس ذلك الآن ؛ لقد كان يحدث أن يستمر الحكم الاُموي دائماً نفسه بالدجل الديني وبفلسفة التواكل والخنوع والتسليم وكان يحدث أن تستحكم هذه الفلسفة وهذا الجدل الديني في الشعب فيطأطئ دائماً لحاكميه ويستكين الحاكمون لموقف الشعب منه فيلهون ويضعفون عن القيام بأعباء الحكم وصيانة الدولة ويغرقون في اللهو والترف .

وعاقبة ذلك هي الانحلال انحلال الحاكمين والمحكومين وكان يحدث أن يكتسح البلاد الفاتحون فلا يجدون مقاومة ولا نضالاً بل يجدون انحلالاً من الحاكمين والمحكومين ثم يجرف التاريخ اُولئك وهؤلاء .

ولكن ما حدث غير ذلك ؛ لقد انحلّ الحاكمون حقّاً ولقد اكتسحت الدولة حقّاً ولكنّ المحكومين لم ينحلّوا بل ظلّوا صامدين . وكان ذلك بفضل الرّوح التي بثّتها ثورة الثائرين في كربلاء .

 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.