أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-02-2015
1621
التاريخ: 27-02-2015
4763
التاريخ: 27-03-2015
25615
التاريخ: 27-02-2015
9989
|
كل من يقرأ كتاب سيبويه يرى رأى العين أن الخليل هو الذي ثبت أصول نظرية العوامل ومد فروعها وأحكامها إحكاماً بحيث أخذت صورتها التي ثبتت على مر العصور ، فقد أرسى قواعدها العامة ذاهباً الى أنه لا يد مع كل رفع لكلمة أو نصب أو خفض أو جزم من عامل يعمل في الاسماء والأفعال المعربة ومثلهما الاسماء المبنية . والعامل عادة لفظي مثل المبتدأ وعمله في الخبر الرفع ، وللفعل وعمله في الفاعل الرفع وفي المفعولات النصب ، وقد يكون العامل معنوياً على نحو ما نص تلميذه سيبويه في باب المبتدأ إذ جعله معمولا للابتداء . ومن العوامل أدوات وحروف ، منها ما يجزم الفعل وهو لم وإن وأخواتهما ومنها ما ينصبه أو ينصب بعده وهو أن ولن وبابهما . ومنها ما ينصب ما بعده ويرفعه كالفعل وهو إن وأن ولكن وكأن وليت ولعل، يقول سيبويه : " زعم الخليل أن هذه الحروف عملت عملين : الرفع النصب كما عملت كان الرفع والنصب حين قلت كان أخاك زيد ، إلا أنه ليس لك أن تقول " كأن أخوك عبد الله " تريد كأن عبد الله أخوك لأنها لا تتصرف تصرف الأفعال ولا يُضمر فيها المرفوع كما يضمر في كان ، ومن ثم فرقوا بينهما كما فرقوا بين ليس وما فلم يجروها مجراها ، ولكن قيل هي بمنزلة الأفعال فما بعدها وليست بأفعال "(1) . وقال إذا دخلت ما على إن هي وأخواتها كُفت عن العمل أو ألغى عملها ما عدا ليت فإنه يجوز معها الإلغاء والعمل إذا وليتها ما(2) . وفي ذلك ما يؤكد أنه صاحب فكرة الإلغاء والإعمال في العوامل لا في باب إن وحده ، بل أيضاً في باب ظن وأخواتها وغيره من الأبواب .
وهو الذي فتح مباحث حروف الجر الزائدة التي تعمل عملا لفظياً فيما بعدها ،
ص38
بينما ينبغي ملاحظة موقعه من الإعراب بالنسبة للعوامل التي تطلبه يقول في قوله تعالى : (قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم) إنما هو كفى الله بالرفع ولكنك لما أدخلت الباء عملت(3) . وكان يذهب الى أن " إن " الجازمة تجزم جواب الشرط كما تجزم فعله وكان يقول إنها هي أم الباب الخاص بأدوات الجزاء الجازمة لأنها لا تخرج عن بابها بينما غيرها يفارق الباب مثل " من " فهي تأتي شرطية وتأتي استفهامية مثلا . ومعروف أن جواب الشرط إما أن يكون فعلا ، وإذن لا يحتاج الى رابط يربطه بما قبله ، وإما أن يكون جملة اسمية وحينئذ لابد له من الفاء ، ولاحظ سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون )(4) . وعرض سيبويه لما اتجزم بالأمر في مثل : " أئتى آتِك " وبالنهي في مثل : " لا تفعل يكن خيراً لك " وبالاستفهام في مثل : " ألا تأتيني أحدثك " وبالتمني في مثل : " ألا ماء كل هذه الصيغ فيها معنى إن الشرطية لأن القائل إذا قال " ائتني آتك " فإن معنى كلامه إن يكن منك إتيان آتك ، وهكذا الصيغ التالية . وجعل من ذلك قوله عز وجل : (هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم) فلما انقضت الآية قال : (يغفر لكم) بجزم المضارع (5) . وهو صاحب فكرة تأويل المضارع المنصوب بأن مضمرة أو ظاهرة وإعرابه حسب مواقعه من العوامل ، فمثل : (وأمرنا لنسلم لرب العالمين) تقديره : وأمرنا للإسلام (6) .
والعوامل عنده تعمل ظاهرة ومحذوفة ، وكثيراً ما يُحذف المبتدأ العامل في الخبر ، طلباً للإيجاز . ويُكثر سيبويه من توجيه الخليل لبعض المرفوعات على أن مبتدأها محذوف ، مثل مررت به المسكين أي هو المسكين ، ومثل إنه - المسكين ـ أحمق ، أي هو المسكين أيضاً (7) . ومواضع حذف الفعل الناصب
ص39
للمفعول كثيرة ، منها ما يجوز فيه الحذف والإضمار لقيام القرينة ، ومنه عنده قول الشاعر :
ألا رجلاً جزاء الله خيراً يدل على محصلة تبيت(8)
إذ جعل تقديره : ألا ترونني رجلاً هذه صفته ، فحذف الفعل مدلولا عليه بالمعنى(9) . وقد يحذف وجوباً على نحو ما هو معروف في التحذير والاختصاص ويجعل من مواضعه المدح كما في الاختصاص ، وكذلك الذم ، إذ نراه يعرض للآية الكريمة : (لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) فقد جاءت كلمة (والمقيمين الصلاة) بالنصب ، ولو كانت معطوفة على ما قبلها لكان حقها الرفع ، ويقول الخليل إنها منصوبة بفعل محذوف قصداً للثناء والتعظيم كأنه قيل : اذكر أهل ذاك واذكر المقيمين ، ويقول : وهذا شبيه بقولهم (أي في الاختصاص) إنا بنى فلان نفعل كذا ، لأنهم لا يريدون أن يخبروا من لا يدري بأنهم من بني فلان وإنما يذكرون ذلك افتخاراً، ويعلق على قول أمية بن أبي عائذ :
ويأوي الى نسوةٍ عُطلٍ وشُعثاً مراضيع مثل السعالى
فيقول إنه نصب شعثاً بإضمار فعل لا يصح إظهاره لأن ما قبله دل عليه ، فوجب حذفه على ما يجري عليه تعبيرهم في الذم والمدح (10) . ويقف بإزاء الآية الكريمة : (انتهوا خيراً لكم) ويقول إن خيراً مفعول به لفعل محذوف وجوباً لجريان التعبير مجرى المثل ، كأنه قيل : ائتوا خيراً لكم ، ويستطرد لقول القائل :
" انته يا فلان أمراً قاصداً " ويقول إن أمراً مفعول به لفعل محذوف على تقدير : وائت أمراً قاصداً(11). وعلى نحو ما يحذف الفعل مع المفعول يحذف مع المصادر كثيراً مثل مرحباً وأهلا كأنه بدل من رحبت بلادك وأهلت . وحين مثل بذلك قال إنه بمنزلة رجل رأيته سدد سهما فقلت القرطاس أي أصبت القرطاس (12) .
ص40
يريد أن حذف الفعل مع المصادر أو المفاعيل المطلقة كحذفه مع المفعول به .
وكان يذهب الى أن مثل حنانيك ولبيك وسعديك مفعولات مطلقة لفعل محذوف ، وقد صيغت على التثنية قصداً للتكثير ، فمعنى حنانيك مثلا تحننا بعد تحنن (13) . وعلى نحو ما يحذف الفعل تحذف أن المصدرية بعد اللام الداخلة على المضارع المنصوب هي وأخواتها : حتى وأو والواو والفاء . وكان يطرد ذلك في إذن خلافاً لجمهور النحاة بعده وفي مقدمتهم تلميذه سيبويه ، إذ قالوا إنها تنصب المضارع أحياناً بنفسها مثل أن ولن ، وليست بمنزلة اللام وحتى(14) . وتحذف حروف الجر أحياناً وهي تحذف قياساً مع أن وأن وصلتها في مثل قوله تعالى : (شهد الله انه لا إله إلا هو ) وقولك . " أرغب أن أراك " فالتقدير شهد الله بأنه ، وأرغب في أن أراك أو عن أن أراك . وكان الخليل يذهب الى انهما وصلتهما منصوبان على تقدير نزع الحافض(15) . وسأله سيبويه عن قوله جل ذكره : (وأن هذه امتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) فقال : إنما هو على حذف اللام كأنه قال : ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ، وأن وصلتها منصوبان على نزع الحافض (16) .
وعلى نحو ما تُحذف العوامل تُحذف المعمولات ، فالخبر قد يحذف ، ويكثر حذف المفعول به إذا قامت قرينة كآيات سورة الضحى : (ألم يجدك يتيماً فآوى ووجدك ضالاً فهدى ووجدك عائلا فأغنى) . ومما يطرد فيه الحذف ضمير الشان إذا كان اسماً لإن وكأن ولكن وأن ، قال سيبويه : " روى الخليل ا، ناسا يقولون إن بك زيد مأخوذ ، وقال، هذا على قوله إنه بك زيد مأخوذ وشبهه بما يجوز في الشعر نحو قول ابن صريم اليشكري :
ويوماً توافينا بوجه مقسم كأن ظبية تعطو الى وارق السلم (17)
وقول الآخر :
ووجه مشرق النحر كأن ثدياه حقان
ص41
لأنه لا يحسن ههنا إلا الإضمار ، قال الخليل : وهذا يشبه قول من قال ، وهو الفرزدق:
فلو كنت ضبيا عرفت قرابتي ولكن زنجي عظيم المشافر
وجوز الخليل في البيت أن يقال ولكن زنجياً عظيم المشافر بالنصب ، على أن يكون خبر لكن محذوفاً وتقديره لا يعرف قرابتي ، وشبه ذلك بحذف الخبر في قوله عزوجل: (طاعة وقول معروف ) أي طاعة وقول معروف أمثل ... وأما قول الأعشى :
في فتية كسيوف الهند قد علموا أن هالك كل من يحفى وينتعل
فإن هذا على إضمار الهاء (18) " . وكان يذهب الى أن الحذف في بيت الأخطل :
ولقد أبيت من الفتاة بمنزلٍ فأبيتُ لا حرجٌ ولا محرومُ
ليس على إضمار انا مع المرفوعين في الشطر الثاني أي أنا لا حرج ولا محروم وإنما هو على سبيل الحكاية أي : فأبيت بمنزلة الذي يقال له لا حرج ولا محروف (19) .
ومما خرجه على الحكاية ايضاً قولهم : " اضرب أيهم أفضل المفعول به محذوفاً . وكان يذهب الى أن المضاف قد يحذف ويقوم المضاف إليه مقامه ، وجعل من ذلك قولهم : " له صوت صوت الحمار " فقد قال إن كلمة صوت الحمار صفة لصوت بتقدير " مثل " أي أنها حذفت وأقيم المضاف إليه مقامها ، وأصل التعبير " له صوت مثل صوت الحمار(20) " .
ومما يتصل بالعوامل والمعمولات كثرة تحليله للعبارات وكثرة تخريجه لها إذا اصطدمت بالقواعد وكثرة إدلائه بوجوه مختلفه من الإعراب في لفظة واحدة ،
ص42
فمن تحليله للعبارات تحليله لصيغة التعجب في مثل " ما أحسن عبد الله " فقد ذكر أنه بمنزلة قولك شيء أحسن عبد الله ودخل ما معنى التعجب ، ويقول إنه تمثيل ولم يتلكم العرب به(21) ، ومن ثم قال النحاة إن ما نكرة تامة بمعنى شيء وأعربوها مبتدأ ، والجملة بعدها خبر ، ومن ذلك قولهم : " هذا القول لا قولك " بنصب " قولك " فقد جعلها مفعولاً مطلقاً على الرغم من أنها مضافة وقابل بينها وبين قولهم في الاستفهام " أجدك لا تفعل كذا وكذا " يقول : كأنه قال " أحقاً لا تفعل كذا وكذا " وأصله من الجد ، كأنه قال : " أجدا " ويقول إن عبارة جدك لا تتصرف ولا تفارق الإضافة ، إذ هي في حكم الأمثال ، ومثلها " لاقولك " فإنهم لو قالوا : " هذا القول لا قولا " لم يكن في هذا بيان لأنه ليس كل قول باطلاً ، ومن أجل ذلك كان لابد أن يحققوا القول عن طريق الإضافة الى المخاطب(22) . ومن ذلك تحليله للفظة " اللهم " في النداء ، فقد كان يقول إن الميم في آخرها بدل من يا(23) ولذلك لا يجمع بينهما . وكان لا يباري في تحليله للأدوات المبهمة وبيان اختلاف معانيها باختلاف مواقعها من الكلام ، من ذلك ما قاله سيبويه من أنه سأله عن قول العرب : " أما إنه ذاهب وأما أنه منطلق " بكسر إن وفتحها في العبارتين ، فقال : إذا قال القائل " أما أنه منطلق " بالفتح فقد جعله كقولهم " حقا أنه منطلق " ومعروف أن حقاً مفعول مطلق وأنه منطلق فاعل مؤول . وقال الخليل أما إذا قال القائل : " أما إنه منطلق " بالكسر فإنه بمنزلة قولهم " ألا إنه منطلق"(24). وكان يسعفه في مثل هذا التحليل معرفته الواسعة بلغات العرب وحسه الدقيق في معرفة مواقع الكلام ، من ذلك أن سيبويه سأله عن قوله عز وجل : (وما يشعركم إنها إذا جاءت لا يؤمنون) في قراءة من قرأ إنها بالكسر ، فقال : ما منعها أن تكون كقولك " ما يُدريك أنه لا يفعل " فقال الخليل : لا يحسن ذلك في هذا الموضع ، إنما قال عز وجل : (وما يشعركم) ثم ابتدأ ، فأوجب ، فقال (إنها إذا جاءت لا يؤمنون) ولو قال: (وما يشعركم أنها ) بالفتح كان ذلك عذراً لهم . ولكن بعض القراء قرأها بالفتح ، وذكر له
ص43
ذلك تلميذه ، فقال إنها حينئذ تكون بمعنى لعلها ، إذ يستعمل بعض العرب ، أن المفتوحة بمعنى لعل ، فيقولون : " ائت السوق انك تشتري لنا شيئاً " أي لعلك (25) .
وكان كلما اصطدم مثال أو تعبير بقاعدة نحوية استظهرها حاول أن يجد له تأويلاً ، ولعل خير ما يصور ذلك " لحال " فقد وضع له قاعدة التنكير المعروفة ، فلا بد أن يكون نكرة ، ولا يصبح أن يكون معرفا بالألف واللام ولا مضافاً ، فلا يقال كلمته المستبشر . ولكن جاءت عبارات على لسان العرب معرفة ومضافة وموضعها حال ، من ذلك " أرسلها العراك " أي معتركة ، و " مررت بهم الجماء الغفير " أي جما غفيراً . وخرج ذلك الخليل على أن العرب تكلمت بهذين الحرفين وما يماثلهما على نية طرح الألف واللام ، وكأنهم قالوا في المثل الأخير : " مررت بهم قاطبة ومررت بهم طرا " أي جميعاً . ومن ذلك : " مررت به وحده ومررت بهم وحدهم " وما جاء في لغة أهل الحجاز من قولهم : " مررت بهم ثلاثتهم وأربعتهم وكذلك الى العشرة " و " مررت بهم قضهم بقضيضهم " .
وخرج الخليل المثلين الأولين على معنى التفرد ، فكأن القائل قال : " مررت به أو بهم منفرداً ومنفردين " أما المثال الثالث فكأنه قال : " مررت بهم انقضاضاً " . وشبه مجيء الحال على هذا النحو بمجيء المصدر أو المفعول المطلق مضافاً في مثل سبحان الله ولبيك (26) . وكان يستظهر القاعدة المعروفة في النعت وهو أنه يتبع المنعوت في التعريف والتنكير حتماً ، ولكن جاء عن العرب " ما يحسن بالرجل خير منك أن يفعل ذلك " و " ما يحسن برجل مثلك أن يفعل ذلك " و " مررت برجل غيرك خير منك " وخرج الخليل المثال الأول على أن كلمة الرجل وإن كانت معرفة في الظاهر فإنها نكرة في الحقيقة، إذ أريد بالرجل الى الجنس ، وكأن الألف واللام فيه ملغاتان ، ولذلك نعت بالنكرة ، أما المثالان الثاني والثالث فقد خرجهما على أن لفظتي مثلك وغيرك ، وإن كانتا مضافتين ، نكرتان في واقع الأمر ، إذ لا تفيدهما الإضافة تعريفاً (27).
ص44
ولعله أول من فتح في الإعراب ما يمكن ان نسميه بالاحتمالات ، إذ نراه يعرض في كثير من الأمثلة وجوها مختلفة لإعرابها، وتتضح آثار ذلك في مواضع أو ذم ، فقد كان يُجيز فيه الإتباع لسابقه ، والقطع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أو مفعولاً به لفعل محذوف (28) ، ونقل عنه سيبويه في قولهم : " هذا رجل صدقٍ معروف صلاحه " انه يجوز في كلمة " معروف " أن تكون نعتاً لرجل ، وأن تكون حالا منصوبة كأن كلمة رجل نالها شيء من التعريف بإضافتها الى صدق ، وجوز أن تكون خبرا مقدماً لكلمة " صلاحه "(29) . ومن يقرأ توابع المنادى في سيبويه يلاحظ توا أنه هو الذي ردد الرفع والنصب في بعض أمثلة هذه التوابع كالنعت مثلا فقد جوز فيه أن يقال " يا زيد الطويل والطويل " بالضم والنصب ، أي حملا على ظاهر المنادى أو على محله . وكذلك الشأن في التوكيد مثل " يا تميم أجمعون أو أجمعين " ونكتفي بهذه القطعة من كلام سيبويه : قال الخليل " إذا قلت يا هذا وأنت تريد أن تقف عليه ثم تؤكده باسم يكون عطفاً عليه فأتت فيه بالخيار إن شئت نصبت وإن شئت رفعت وذلك قولك يا هذا زيدٌ ، وإن شئت قلت زيداً ، يصير كقولك ، يا تميم أجمعون وأجمعين ، وكذلك يا هذان : زيد وعمرو ، وإن شئت قلت : زيداً وعمراً ، فتجرى ما يكون عطفاً (أي تابعاً ) على الاسم مجرى ما يكون وصفاً ، نحو قولك : يا زيد الطويل ويا زيد الطويل "(30).
وعلى هذا النحو كان الخليل يُكثر من الاحتمالات في وجوه الإعراب للصيغ والألفاظ والعبارات كما كان يكثر من التأويل والتخريج حين يصطدم ببعض القواعد التي يستظهرها ، وهو في تضاعيف ذلك يحلل الألفاظ والكلام تحليلاً يعينه على ما يريد من توجيه الإعراب ومن التأويل والتفسير ، ومن طريف تفسيراته ما ذكره سيبويه من أنه سأله عن قوله جل وعز : (قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون) فإن ظاهر العبارة أن غير الله منصوبة بتأمروني ، وفي ذلك فساد
ص45
واضح في المعنى ، فأجابه بأن " غير " منصوبة بأعبد ، وتأمروني غير عامل فيها ، كقولك هو يقول ذاك بلغني ، فبلغني لغو ، وكذلك تأمروني ، وكأنه قال فيما تأمروني(31) . وسأله سيبويه عن قول الأعشى :
إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا أو تنزلون فإنا معشر نزل
لماذا وقع " أو تنزلون " وهي معطوفة على فعل مجزوم ، فقال كأنه توهم أنه قال في أول البيت أتركيون فرفع ، بالضبط كما جاء عند زهير من قوله :
بدا لي اني لستُ مدرك ما مضى ولا سابقٍ شيئاً إذا كان جائيا
فقد عطف سابق بالجر على مدرك المنصوبة ، كأنه توهم أن مدرك مجرورة ، لأنه يكثر أن يأتي خبر ليس مجروراً بباء زائدة (32) . وحمل على هذا الباب وقوع الفعل المجزوم في الآية الكريمة : (لولا أخرتني الى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين) فإن معنى لولا أخرتني فأصدق ، وإن أخرتني أصدق ، واحد (33) ، ولذلك عطف الفعل بالجزم وكأنما سبقته أداة جازمة .
ص46
_____________________
(1) الكتاب 1 /280 .
(2) الكتاب 1 /282 وما بعدها .
(3) الكتاب 1 /48 .
(4) الكتاب 1 /435 .
(5) الكتاب 1 /449 .
(6) المغني لابن هشام ص 238 .
(7) الكتاب 1 /255 .
(8) محصلة هنا : تحصل الخير لصاحبها .
(9) الكتاب 1 /359 .
(10) الكتاب 1 /249 وما بعدها .
(11) الكتاب 1 /143 .
(12) الكتاب 1 /148 .
(13) الكتاب 1 /174 .
(14) الكتاب 1/ 412 .
(15) المغني ص 580 .
(16) الكتاب 1 /464 .
(17) مقسم : جميل القسمات ، تمطو الى : تتناول ، السلم : شجر .
(18) الكتاب 1 /281 وما بعدها .
(19) الكتاب 1 /259 وواضح أنه جعل الجار والمجرور محذوفين هما وما يتبعهما .
(20) الكتاب 1 /399 .
(21) الكتاب 1 /181 .
(22) الكتاب 1 /37 .
(23) الكتاب 1 /189 .
(24) الكتاب 1 /310 .
(25) الكتاب 1 /462 .
(26) الكتاب 1 /462 .
(27) الكتاب 1 /224 .
(28) الكتاب 1 /187 وما بعدها .
(29) انظر الكتاب 1 /248 وما بعدها .
(30) الكتاب 1 /263.
(31) الكتاب 1 /307 .
(32) الكتاب 1 /453.
(33) الكتاب 1 /429.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|