المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2749 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في اليابان
2024-11-06
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06



باب النداء  
  
18016   07:15 مساءاً   التاريخ: 27-02-2015
المؤلف : عبدة الراجحي
الكتاب أو المصدر : دروس في المذاهب النحوية
الجزء والصفحة : ص35- 55
القسم : علوم اللغة العربية / المدارس النحوية / المدرسة البصرية / جهود علماء المدرسة البصرية / كتاب سيبويه /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-02-2015 6808
التاريخ: 27-02-2015 7373
التاريخ: 27-03-2015 6114
التاريخ: 27-02-2015 4374

اعلم ان النداء ، كل اسم مضاف فه فهو نصبٌ(1) على إضمار الفعل المتروك (2) إظهاره . والمفرد رفع (3) وهو في موضع اسم منصوب .

وزعم الخليل رحمه الله أنهم نصبوا المضاف نحو : يا عبد الله ويا أخانا ، والنكرة حين قالوا : يا رجلاً صالحاً ، حين طال(4) الكلام ، كما نصبوا : هو قبلك وهو بعدك ، ورفعوا(5) المفرد كما رفعوا قبلُ وبعدُ وموضعهما واحد ، وذلك قولك : يا زيد ويا عمروُ . وتركوا التنوين في المفرد كما تركوه في قبلُ .

قلتُ : أرأيتَ قولهم : يا زيدُ الطويل علام نصبوا الطويل ؟ قال(6) : نُصِبَ لأنه صفةٌ لمنصوب . وقال : وإن شئت كان نصباً على أعني(7).

ص35

فقلت : أرأيت الرفع على أي شيء هو إذا قال يا زيدُ الطويل ؟ قال : هو صفةٌ لمرفوع (8) .

قلت : ألست قد زعمت أن هذا المرفوع في موضع نصبٍ ، فَلِمَ لا يكون كقوله : لقيته أمس(9) الأحدث ؟

قال : من قِبَلِ أن كل اسم مفردٍ في النداء مرفوع أبدا ، وليس كل اسم في موضع أمسِ يكون مجروراً (10) ، فلما  اطرد الرفع في كل مفرد في النداء صار عندهم بمنزلة ما يرتفع بالابتداء أو بالفعل ، فجعلوا وصفه إذا كان مفرداً بمنزلته .

قلتُ : أفرأيت قول العرب كلهم (11) :

ص36

 

أزيدُ أخا ورقاءَ إن كنت ثائراً           فقد عرضت أحناءُ حقٌ فخاصم

لأي شيء لم يجز فيه الرفع كما جاز في (الطويلُ) ؟

قال : لأن المنادى إذا وصف بالمضاف فهو بمنزلته إذا كان في موضعه ، ولو جاز هذا لقلتَ يا أخونا ، تريد ان تجعله في موضع المفرد ، وهذا لحن . فالمضاف إذا وصف به المنادى فهو بمنزلته إذا ناديته ، لأنه هنا وصفٌ لمنادى في موضع نصبٍ ، كما انتصب حيث كان منادى لأنه في موضع نصب ، ولم يكن فيه ما كان في (الطويل) لطوله .

وقال الخليل رحمه الله : كأنهم لما أضافوا ردوه الى الأصل .

كقولك : إن أمسك قد مضى (12).

وقال الخليل رحمه الله وسألته عن (يا زيدُ نفسه ، ويا تميمُ كلّكم ؛ ويا قيسُ كلهم) (13) فقال : هذا كله نصب ، كقولك .

ص37

(يا زيد ذا الجمة) وأما (يا تميم أجمعون) فأنت فيه الخيار ، إن شئت قلت أجمعون ، وإن شئت قلت أجمعين ، ولا ينتصب على أعني (14) ، من قبل أنه محالٌ أن تقول أعني أجمعين . ويدلك على أن أجمعين ينتصب لأنه وصفٌ لمنصوب قول يونس : المعنى في الرفع والنصب واحد . وأما المضاف في الصفة فهو ينبغي له ألا يكون إلا نصباً إذا كان المفردُ ينتصب في الصفة .

قلتُ : أرأيت قول العرب . يا أخانا زيداً أقبل ؟ قال : عطفوه (15) على هذا المنصوب فصار نصباً مثله ، وهو الأصل ، لأنه منصوبٌ

ص39

في موضع نصب . وقال قوم : يا أخانا زيدُ .

وقد زعم يونس أن أبا عمرو كان يقوله ، وهو قول أهل المدينة ، قال : هذا بمنزلة قولنا يا زيدُ ، كما كان قوله يا زيدُ أخانا بمنزلة يا أخانا ، فيحمل وصف المضاف إذا كان مفرداً بمنزلته إذا كان منادى . ويا أخانا زيداً أكثر في كلام العرب ؛ لأنهم يردونه الى الأصل حيث أزالوه عن الموضع الذي يكون فيه منادى ، كما ردوا (ما زيدٌ إلا منطلق)(16) الى أصله ، وكما ردوا (أتقولُ) (17) حين جعلوه خبراً الى أصله . فأما المفرد إذا كان منادى فكل العرب ترفعه بغير تنوين ، وذلك لأنه كثر في كلامهم ، فحذفوه وجعلوه بمنزلة الأصوات نحو (حوبِ) (18) وما أشبهه .

وتقول : يا زيدُ زيدُ الطويل (19) ، وهو قول أبي عمرو .

وزعم يونس أن رؤبة كان يقول : يا زيدُ زيداً الطويل . فأما قول

ص39

أبي عمر فعلى قولك : يا زيدُ الطويلُ ، وتفسيره كتفسيره . وقال رؤبة (20) :

إني وأسطارٍ سُطرن سطرا              لقائل يا نصرُ نصراً نصرا

ص40

وأما قول رؤبة فعلى أنه جعلَ (نصراً) عطف البيان ونصبه ، كأنه على قوله يا زيدُ زيداً . وأما قول أبي عمرو فكأنه استأنف النداء(21) . وتفسير يا زيدُ زيدُ الطويل كتفسير يا زيدُ الطويلُ ، فصار وصف المفرد إذا كان مفرداً بمنزلته لو كان منادى . وخالف وصف (أمسِ) لأن الرفع قد اطرد في كل مفرد في النداء .

وبعضهم ينشد :

" يا نصرُ نصرُ نصراً "

وتقول : يا زيدُ وعمرو ، ليس إلا ، لأنهما قد اشتركا في النداء في قوله يا . وكذلك وعبد الله ، ويا زيدُ لا عمرو ، ويا زيدُ أو عمرو ، لأن هذه الحروف تُدخل الرفع في الآخر (22) كما تُدخل في الأول ، وليس ما بعدها بصفة ، ولكنه على (يا) .

وقال الخليل رحمه الله : من قال : يا زيدُ والنضر فنصب (23) ،

ص41

فإنما نصب لأن هذا كان من المواضع التي يُرد فيها الشيء الى أصله . فأما العرب فأكثر ما رأيناهم يقولون : يا زيدُ والنضر. وقرأ الأعرج : (يا جبال أوبي معه والطير) (24) . فرفع .

ويقولون : يا عمرو والحارث ، وقال الخليل رحمه الله ك هو القياس كأنه قال : ويا حارث ، ولو حمل (الحارث) على (يا) كان غير جائز ألبتة ؛ نصب أو رفع ، من قبل أنك لا تنادي اسماً فيه الألف واللام بيا ، ولكنك أشركت بين النضر والأول في (يا) ، ولم تجعلها خاصة للنضر ، كقولك ما مررت بزيد ولا مررت بعمروٍ .

وقال الخليل رحمه الله : ينبغي لمن قال (النضر) فنصب ، لأنه لا يجوز (يا النضرُ) ، أن يقول : كل نعجة وسخلتها بدرهم فينصب ؛ إذا أراد لغة من يجر ، لأنه محال أن يقول كل سخلتها ، وإنما جر لأنه أراد وكل سخلة لها . ورفع ذلك لأن قوله و (النضرُ) بمنزلة قوله ونضرُ ؛ وينبغي أن يقول :

أي فتى هيجاءَ أنتَ وجارها

لأنه محال أن يقول : وأي جارِها .

ص42

وينبغي أن يقول : رُبّ رجلٍ وأخاه . فليس ذا من قبل ذا ، ولكنها حروف تُشرك الآخر فيما دخل فيه الأول . ولو جاءت تلي ما وليه الاسم الأول كان غير جائز ، لو قلت (هذا فصيلها) لم يكن نكرة كما كان (هذه ناقةٌ وفصيلها.) وإذا كان مؤخراً دخل فيما دخل فيه الأول .

وتقول : يا أيها الرجلُ وزيدُ ، ويا أيها الرجلُ وعبدَ الله ، لأن هذا محمول على يا ، كما قال رؤبة (25) :

يا دارَ عفراءَ ودارَ البخدنِ

وتقول يا هذا ذا الجمة ، كقولك : يا زيدُ ذا الجمة ، ليس بين أحد فيه اختلاف .

هذا باب إضافة المنادى الى نفسك

اعلم أن ياء الإضافة لا تثبت مع النداء كما لم يثبت التنوين في المفرد لأن ياء الإضافة في الاسم بمنزلة التنوين ، لأنها بدل من التنوين ، ولأنه لا يكون كلاماً حتى يكون في الاسم ، كما أن التنوين إذا لم يكن فيه لا يكون كلاماً ، فحذف وتُرك آخر الاسم جراً ليفصل بين الإضافة وغيرها ، وصار حذفها هنا لكثرة النداء في كلامهم ، حيث استغنوا بالكسرة عن الياء . ولم يكونوا ليثبتوا حذفها إلا في النداء ولم يكن لبَسٌ في كلامهم لحذفها وكانت الياء حقيقة بذلك لما ذكرت لك ، إذ حذفوا ما هو أقل اعتلالاً في النداء ،

ص43

وذلك قولك : يا قوم لا بأس عليكم (26) ، وقال الله جل ثناؤه : (يا عبادِ فاتقون) (27).

وبعض العرب يقول : يا ربُ اغفر لي ، ويا قومُ لا تفعلوا (28) .

ص44

وثبات الياء فيما زعم يونس في الأسماء .

واعلم أن بُقيان الياء لغةٌ في النداء في الوقف والوصل ، تقول : يا غلامي أقبل . وكذلك إذا وقفوا .

وكان أبو عمرو يقول : (يا عبادي فاتقون) . وقال الراجز ، وهو عبد الله بن عبد الأعلى القرشي (29) :

وكنتَ إذ كنتَ إلهي وحدكا             لم يَكُ شيءٌ يا إلهي قبلكا

وقد يُبدلون مكان الياء الألف لأنها أخف ، وسنين ذلك إن شاء الله ، وذلك قولك : يا ربا تجاوز عنا ، ويا غلاما لا تفعل ، فإذا وقفت قلت : يا غُلاماه . وإنما ألحقت الهاء ليكون أوضح للألف ؛ لأنها خفية . وعلى هذا النحو يجوز : يا أباه ، ويا أماه .

وسألت الخليل رحمه الله عن قولهم : يا أبه ، ويا أبتِ لا تفعل ، ويا أبتاه ويا أمتاه ، فزعم الخليل رحمه الله أن هذه الهاء (30) مثل الهاء في عمةٍ وخالة .

ص45

وزعم الخليل رحمه الله أنه سمع من العرب من يقول : يا أمةُ لا تفعلي ، وبذلك على أن الهاء بمنزلة الهاء في عمة وخالة أنك تقول في الوقف : يا أمه ويا أبه ، كما تقول يا خَالَه . وتقول : يا أمتاه كما تقول يا خالتاه ، وإنما يُلزمون هذه الهاء في النداء إذا

ص46

أضفت الى نفسك خاصة ، كأنهم عوضاً عن حذف الياء ، وأنهم لا يكادون يقولون يا أباه ويا أماه ، وهي قليلة في كلامهم وصار هذا محتملاً عندهم لما دخل النداء من التغيير والحذف ، فأرادوا أن يعوضوا هذين الحرفين كما قالوا (أينقٌ) (31) لما حذفوا العين رأساً جعلوا الياء عوضاً ، فلما ألحقوا الهاء في أبه وأمه ، صيروها بمنزلة الهاء التي تلزم الاسم في كل موضع ، نحو خالة وعمة ، واختص النداء بذلك لكثرته في كلامهم كما اختص النداء بيا أيها الرجلُ .

ولا يكون هذا في غير النداء ، لأنهم جعلوها تنبيهاً فيها بمنزلة " يا " .

وأكدوا التنبيه بـ " ها " حين جعلوا " يا " مع " ها " ، فمن ثم لم يجز لهم أن يسكتوا على أي ، ولزمه التفسير (32) .

ص47

قلتُ : فلمَ دخلت الهاءُ في الأب وهو مذكّر ؟

قال : قد يكون الشيء المذكر يوصف بالمؤنث ويكون الشيء المذكرُ له الاسم المؤنث نحو (نفس) ، وأنت تعني الرجل به .

ويكون الشيء المؤنث يوصف بالمذكر ، وقد يكون الشيء المؤنث له الاسم المذكر . فمن ذلك : هذا رجلٌ ربعة وغلام يفعةٌ فهذه الصفاتُ .

والأسماء قولهم : نفسٌ ، وثلاثة أنفسٍ ، وقولهم ما رأيت عيناً (33) ، يعني عين القوم . فكأن أبه اسم مؤنث يقع للمذكر ، لأنهما والدان كما تقع العين للمذكر والمؤنث لانهما شخصان . فأكنهم إنما قالوا أبوان لأنهم جمعوا بين أب وأبةٍ ، وإلا أنه لا يكون مستعملاً إلا في النداء إذا عنيت المذكر .

واستغنوا بالأم في المؤنث عن أبة ٍ ، وكان ذلك عندهم في الأصل على هذا ، فمن ثم جاءوا عليه بالأبوين ؛ وجعلوه في غير النداء أباً بمنزلة الوالد ، وكأن مؤنثه أبةٌ كما أن مؤنث الولد والدة .

ومن ذلك أيضاً قولك للمؤنث : هذه أمرأةٌ عدلٌ . ومن الأسماء فرس ، هو للمذكر ، فجعلوه لهما ، وكذلك (عدل) وما أشبه ذلك (34) .

ص48

وحثنا يونس أن بعض العرب يقول : يا أم لا تفعلي (35) ، جعلوا هذه الهاء بمنزلة هاء طلحة إذ قالوا : يا طلحَ (36) أقبل ؛ لأنهم رأوها متحركة بمنزلة هاء طلحة فحذفوها ، ولا يجوز ذلك في غير الأم من المضاف .

وإنما جازت هذه الأشياء في الأب والأم لكثرتهما في النداء ، كما قالوا : يا صاح (37) في هذا الاسم . وليس كل شيء يكثر في كلامهم يغير عن الأصل ، لأنه ليس بالقياس عندهم ، فكرهوا ترك الأصل .

ص49

هذا باب ما تضيف إليه ويكون مضافاً إليك قبل المضاف إليه

وتثبت فيه الياء ، لأنه غير منادى ، وإنما هو بمنزلة المجرور في غير النداء (38) .

فذلك قولك : يا ابن أخي ، ويا ابن أبي ، يصير بمنزلته في الخبر (39) . وكذلك يا غلام غلامي . وقال الشاعر أبو زبيد الطائي(40) :

يا ابن أمي ويا شُقيقَ نفسي              أنت خليتني لدهرٍ شديدٍ

وقالوا : يا ابن أم ويا ابن عم ، فجعلوا ذلك بمنزلة اسم واحد ؛ لأن هذا أكثر في كلامهم من يا ابن أبي ويا غلام غلامي .

وقد قالوا أيضاً : يا ابن أمِّ ويا ابن عمِّ ، كأنهم جعلوا الأول والآخر اسماً ، ثم أضافوا الى الياء كقولك : يا أحد عشر أقبلوا .

ص50

وإن شئت قلتَ : حذفوا الياء لكثرة هذا في كلامهم (41).

وعلى هذا قال أبو النجم (42) :

يا ابنةَ عماّ لا تلومي واهجعي

ص51

واعلم أن كل شيء ابتدأته في هذين البابين أولاً فهو في القياس .

وجميع ما وصفناه من هذه اللغات سمعناه من الخليل رحمه الله ويونس عن العرب .

هذا باب ما يكون النداء فيه مضافاً الى النداء بحرف الإضافة

وذلك في الاستغاثة والتعجب (43) ، وذلك الحرف اللامُ المفتوحة ، وذلك قول الشاعر، وهو مهلهلٌ (44) :

ص52

يا لبكرٍ انشِروا لي كُليباً               يا لَبَكرٍ أينَ أينَ الفِرارُ

فاستغاث بهم لينشروا له كُليباً . وهذا منه وعيد وتهدد . وأما قوله " يا لبكر أين أَين الفرارُ " فإنما استغاث بهم لهم ، أي لِمَ تفرون ؟ استطالة عليهم ووعيداَ .

وقال امية بن أبي عائذ الهذلي (45) :

ألا يا لقوم لطيف الخيال                أرق ، من نازحٍ ذي دلالِ

وقال قيس بن ذريح (46) :

تكنفني الوشاةُ فأزعجوني       فيا للناس للواشي المُطاعِ

وقالوا : يا لله ، ويا للناس ، إذا كانت الاستغاثةُ . فالواحد

ص53

والجميع فيه سواء . وقال الآخر (47) :

يا لقوم من للعلى والمساعي         يا لقوم من للندى والسماحِ

يا لعطافنا ويا لرياح                 وأبي الحشرجِ الفتى النفاجِ

ألا تراهم كيف سووا بين الواحد والجميع .

وأما في التعجب فقولهُ : وهو فرار الأسدي (48) :

لخطابُ ليلى ويا لبُرثنَ منكم                  أدَلُّ وأمضى من سُلَيْكِ المقانِبِ

وقالوا : يا للعجبِ ، ويا للفيلقة (49) ؛ لأنهم رأوا أمرا عجبا فقالوا : يا لبرثن ، اي مثلكم دعي للعظائم .

وقالوا : يا للعجب ويا للسماء ، لما رأوا عجبا أو رأوا ماءً كثيرا ، كأنه يقول : تعال يا عجبُ أو تعال يا ماءُ فإنه من أيامك وزمانك .

ومثل ذلك قولهم : يا للدواهي ، أي تعالين فإنه لا يستنكر لكن ، لأنه من إبانكن وأحيانكن .

ص54

وكل هذا في معنى التعجب والاستغاثة ، وإلا لم يجز . ألا ترى أنك لو قلت يا لَزيدٍ وأنت تحدثه لم يجز .

ولم يلزم في هذا الباب إلا " يا " للتنبيه ؛ لئلا تلتبس هذه اللامُ بلام التوكيد كقولك : لعَمروٌ (50) خيرٌ منك . ولا يكونُ مكانَ " يا " سواها من حروف التنبيه نحو أي وهيا وأيا ؛ لأنهم ارادوا أن يميزوا هذا من ذلك الباب الذي ليس فيه معنى استغاثة ولا تعجب.

وزعم الخليل رحمه الله أن هذه اللام بدلٌ من  الزيادة التي تكون في آخر الاسم إذا أضفت (51) ، نحو قولك : يا عجباه ويا بكراه ، إذا استغثت أو تعجبت ، فصار كل واحد منهما يعاقب صاحبه ، كما كانت هاء الجحاجحة معاقبة ياء الجحاجيح (52)، وكما عاقبت الألف في يمانٍ الياء في يمنيّ (53) .

ونحو هذا في كلامهم كثير ، وستراه إن شاء الله عز وجل .

ص55

هذا باب ما تكون اللام فيه مكسورةً

لأنه مدعوٌ له (54) ها هنا وهو غيرُ مدعوٌ

وذلك قول بعض العرب : يا للعجب ويا للسماء ، وكأنه نبه بقوله " يا " غيرَ الماء للماء . وعلى ذلك قال أبو عمرو : يا ويلٌ لك ويا ويحٌ لك كأنه نبه إنساناً ثم جعل الويل له . وعلى ذلك قول قيس بن ذريح :

* فيا للناس للواشي المطاع *

و : * يا لقومي لفرقةِ الأحباب (55) *

كسروها لأن الاسم الذي بعدها غيرُ منادى ، فصار بمنزلته إذا قلت : هذا لِزيد . فاللام المفتوحةُ أضافت النداء الى المنادى المخاطب ، واللام المكسورة أضافت المدعوَّ الى ما بعده لأنه سبب المدعو . وذلك أن المدعو إنما دُعي من أجل ما بعده ، لأنه مدعوّ له.

ومما يدلك على أن اللام المكسورة ما بعدها غيرُ مدعوّ فولُه (56) :

يا لعنةُ الله والأقوام كلهمُ                  والصالحين على سمعانَ من جارِ

فيا لغير اللعنة .

وتقول : يا لزيد ولعمر وإذا لم يجيء بيا الى جنب اللام كسرتَ وردت الى الأصل .

________________

(1) المعروف ان المنادى ينصب إن كان مضافاً ، أو شبيهاً بالمضاف ، أو نكرة غير مقصودة . وقد اكتفى في هذا النص بذكر المضاف . ولعلك تلاحظ هنا أنه يقول : كل اسم مضاف فهو (نصب) ، والمفرد (رفع) ، فهو يستعمل المصدر بدل استعمال اسم المفعول (منصوب ، ومرفوع) .

(2) يرى سيبويه والبصريون من بعده ، ومعظم النحاة من بعدهم ، أن جملة النداء جملة فعلية ، وأن العامل في المنادي النصب فعل محذوف تقديره : أنادي أو أدعو . فكأن جملة " يا عبد الله " أصلها : أنادي أو أدعو عبد الله . ولذلك يدرج بعض النحاة المنادي تحت المفعول به كما فعل ابن هشام في شذور الذهب . والحق ان هذا كله تخيل غير واقعي للغة . فهذا الفعل المزعوم لا يظهر مطلقاً . وإذا ظهر انتفى كون الجملة ندائية . لأن الجملة الندائية جملة إنشائية طلبية وهذا الفعل يجعلها جملة خبرية محتملة للصدق والكذب معاً . ومهما يكن من أمر فإن حرف النداء هو الذي يعمل في المنادي . ويرى بعض المحدثين أن حروف النداء ليست إلا أدوات تنبيه للفت المنادي وإسماعه الصوت فهي لا تعمل (انظر الدكتور مهدي المخزومي ـ في النحو العربي نقد ـ وتوجيه ص 202 ، ويرى باحث آخر أن النداء أسلوب من أساليب التعبير ، وهو ليس جملة اسمية ولا جملة فعلية ، وإنما هو جملة غير إسنادية ؛ لأنه يخالف الجملتين الاسمية والفعلية من حيث التركيب ، وهو في الوقت نفسه مستقل بتمام الفائدة (انظر الدكتور عبد الرحمن أيوب دراسات نقدية في النحو العربي ص 129).

(3) المقصود بالمفرد هنا ما ليس مضافاً ولا شبيهاً بالمضاف . والمعروف أن المنادي المبني هو العلم المفرد والنكرة المقصودة ، وهو يبني على ما يرفع به . وعبارة سيبويه هنا لا تفرق بين الإعراب والبناء ، لأنه قال " والمفرد رفع " فكلمة " الرفع " هذه قد تؤدي الى شيء من اللبس ، غير أن الذي يزيله هو قوله بعد ذلك " وهو في موضع اسم منصوب " . وذلك نفسه هو تعبيرنا حين نقول إن المنادي مبني في محل نصب . على أن الذي ينبغي أن نلتفت إليه أن المصطلحات التي استعملها سيبويه قد تغير بعضها عند الأجيال التالية . والذي لا شك فيه أن تتبع " المصطلح النحوي " منذ سيبويه موضوع جدير بالدراسة .

(4) تعبيره " حين طال الكلام" تعليل لإعراب النكرة الموصوفة في مثل (يا رجلا صالحاً) . وذلك لأن الصفة جزء متمم للموصوف ، وهذه الصفة تخرج النكرة من قسم النكرة المقصودة الى قسم الشبيه بالمضاف الواجب النصب كما تعرف . وتعبير طال الكلام " يفسر أيضاً سبب بناء " المفرد "باعتبار كلمة لم يتصل بها شيء آخر ، أما المضاف والشبيه بالمضاف فهو كلمة انظم إليها ما يتمم معناها حتى إن المنادي قد " طال " بهذه الإضافة ، وكذلك طال الكلام بانضمام الصفة الى موصوفها ، فأعربوا هذا المنادى المفرد ، أي أن طول المنادى هو السبب في إعرابه بالحركة الخفيفة .

(5) تعبير (رفعوا) لا يميز أيضاً الإعراب من البناء ، لكنا نفهم البناء هنا من تشبيه " المفرد " المنادي بكلمتي " قبل وبعد " وكأنه يريد أن يقول إن هاتين الكلمتين تبنيان على الضم لانقطاعهما عن الإضافة ، فكذلك المفرد ـ غير المضاف ـ يبنى في النداء على الضم أو ما ينوب عنه .

(6) المعروف أن سيبويه اعتمد في تصنيف كتابه على ما أخذه عن أستاذه الخليل ابن أحمد . والرواة يقولون إنه حيث توجد كلمة " قال " في كتاب سيبويه فإنها مصروفة الى الخليل .

(7) جملة : يا زيد الطويل . فيها كلمة " الطويل " صفة لمنادى مبني . وهذه الصفة يجوز فيها وجهان : الرفع ، والنصب ؛ أما النصب فلأنها صفة لاسم مبني في محل نصب ، أي أنها تابعة لموصوفها على المحل . ويمكن تعليل النصب أيضاً بإعراب الكلمة " مفعولاً به " لفعل محذوف ، ويكون تقدير الجملة . يا زيد ـ أعني الطويل .

(8) واضح هنا أيضاً أنه لا يعني بكلمة " مرفوع " أن المنادي معرب ، وإنما يقصد انه " مبني " على ما " يرفع " به .

(9) المعروف ان كلمة " أمس " إذا دلت على اليوم السابق مباشرة ، ولم تلحقها أل ، ولم تكن مضافة ، فإنها تبنى على الكسر . والجملة هنا " لقيته أمسِ الأحدث " تجد فيها كلمة " الأحدث " وقعت صفة لكلمة " أمس " المبنية ، والصفة تتبع الموصوف ، وقد تبعته هنا على المحل ، لأن " أمس " ظرف محله النصب . والسؤال الذي يثيره سيبويه هنا هو : لماذا لم نقل " لقيته أمس الأحدث " بإتباع الصفة موصوفها على اللفظ كما قلنا " يا زيدُ الطويل " ! .

(10) مجرور هنا أي مبني على الكسر . وهذه هي الإجابة عن السؤال السابق .

فكلمة " أمس " وحدها بشروطها المذكورة تبنى على الكسر ، وكلمة " أمس " ظرف كما قلنا ، وليس كل ظرف مبنياً على الكسر . أما المنادي المفرد فهو مبني على ما يرفع به أبداً . فالبناء مطرد في النداء وغير مطرد في الظروف ، ولذلك جاز اتباع صفة المنادى المبني على اللفظ وعلى المحل ، ولم يجز إتباع صفة " أمس " إلا على المحل .

(11) هذا البيت شاهد على توابع المنادى . والمنادى هنا مبني لأنه علم مفرد ، والنعت هنا مضاف  " أخا ورقاء " . وهذا النعت لا يجوز فيه الرفع كما جاز في " يا زيدُ الطويلُ " بل يجب فيه النصب لأخه مضاف ، فهو تابع للمنادى على المحل. وإذا أدخلنا عليه حرف النداء نصبنا وقلنا : يا أخا ورقاء .

ونعرب موضع الشاهد على النحو التالي :

أزيدُ أخا ورقاءَ ...

الهمزة : حرف نداء مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .

زيد : منادى مبني على الضم في محل نصب .

أخا : نعت منصوب بالألف لأنه من الأسماء الستة ، تابع لمنعوته على المحل .

ورقاء : مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث .

وثائر : طالب الثأر ، والأحناء جمع حنو وهي الأطراف والنواحي ، والمعنى : إن كنت طالباً للثأر فقد أمكنك ذلك فاطلبه وخاصم فيه .

(12)كلمة " أمس " إذا أضيفت ـ كما قلنا ـ عادت الى أصلها باعتبارها ظرفاً منصوباً .

(13) هذه أمثلة على تابع المنادى إن كان توكيداً . وأنت تعرف أن هناك كلمات معينة تستعمل للتوكيد المعنوي ، وأن بعضها لابد أن يضاف الى ضمير عائد على المؤكد ، وهذه الكلمات هي : نفس ـ عين ـ كلا ـ كلتا ـ كل ـ جميع ـ عامة . فإذا وقعت كلمة من هذه الكلمات توكيداً لمنادى مبني فإنها يجب فيها وجه واحد فقط هو النصب لأنها مضافة كما قلنا . وهكذا نقول : يا زيدُ نفسه . بالنصب ليس غير ؛ فهو تابع للمؤكد على المحل . وأنت ترى أن سيبويه يشبه نصب التوكيد هنا بنصب النعت المضاف كما في المثال : يا زيد ذا الجمة . فزيد منادى مبني على الضم في محل نصب ، وذا نعت منصوب بالألف تابع لمنعوته على المحل ، والجمة مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة .

(14) " أجمعون " كلمة من كلمات التوكيد المعنوي ، وأنت تعلم أنها تستعمل في الأغلب ـ بعد كلمة " كلّ " فتقول : جاء الطلاب كلهم أجمعون . وهذه الكلمة لا تضاف إلى ضمير ، ولذلك فإنها تحتمل الرفع والنصب عند توكيدها لمنادى مبني ، فنقول : يا تميم أجمعون ، فتكون تابعة للمؤكد على اللفظ ، ونقول : يا تميم أجمعين ، فتكون تابعة له على المحل . ولا يجوز أن نعرب " أجمعين " هنا مفعولا به على تقدير فعل أعني كما مر في النعت .

(15) عطفوه : أي اعتبروه عطف بيان ، وأنت تعرف أن عطف البيان هو اسم جامد يتبع متبوعه على اللفظ ولذلك نصب . ولكن ما هي الغرابة في هذا ! ـ أنت تعلم أن النحاة القدماء يقررون أن عطف البيان ـ في الأغلب ـ يمكن إعرابه بدل كل من كل ـ ولكنهم يقررون في الوقت نفسه أن البدل على نية تكرار العامل ـ وعلى ذلك فأنت إذا قلت : يا أخانا زيداً . فإنك تعرب " زيداً " عطف بيان فقط ولا يجوز إعرابه بدلا ، لأن البدل ينبغي أن تنوي فيه تكرار العامل وهو هنا حرف النداء ولا يجوز أن نقول : " يا زيداً " بالنصب ، فإذا أردت جواز إعرابه بدلا قلت : يا أخانا زيدُ ، لأنك إن كررت العامل قلت : يا زيدُ ، وأنت ترى أن سيبويه يقرر بعد ذلك أن النصب أكثر في لغة العرب لأن النصب هو الأصل في المنادى في رأيه .

(16) يقصد أن كلمة (منطلق) عادت الى أصلها وهو الرفع لأنها تقع خبراً ، والخبر مرفوع . والجملة في أصلها وهو الرفع لأنها تقع خبراً ، والخبر مرفوع . والجملة في أصلها : زيد منطلق ـ فلما دخلت عليها (ما) الحجازية نصبت الخبر : ما زيد منطلقاً . فلما دخلت (إلا) على الخبر بطل عمل (ما) وعاد الخبر الى أصله .

(17) أنت تعلم أن فعل القول المضارع المسند الى المخاطب المسبوق باستفهام يمكن استعماله استعمال (ظن) فينصب مفعولين ، فتقول : أتقول زيداً كريماً . فيكون زيداً مفعولاً أول وكريماً مفعولاً ثانياً ، وتكون الجملة إنشائية لوجود الاستفهام . فإذا أزلت الاستفهام صارت الجملة : تقول زيدٌ كريمٌ . على المبتدأ والخبر في محل نصب مقول القول ، وأصبحت الجملة خبرية وعاد فعل القول الى أصل استعماله وهو أن يكون الجزءان بعده مرفوعين .

(18) حوب : اسم من أسماء الاصوات لزجر الإبل وقد ورد عن العرب مبنياً على الكسر والفتح والضم ، وأنت تعلم أن أسماء الأصوات عبارة عن ألفاظ توجه الى الحيوانات لزجرها وتخويفها أو لحثها على أداء أمر معين وهي مبنية .

(19) يجوز إعراب زيد الثانية عطف بيان أو بدلا ، والطويل نعت على اللفظ .

أما في المثال التالي : يا زيد زيداً الطويل ، فلا يجوز إعراب (زيداً) بدلا لما سبق ويعرب عطف بيان .

(20) هذا البيت من شواهد توابع المنادى ، وقد ورد بروايات مختلفة :

الرواية الأولى : يا نصرُ نصراً نصراً .

وقد اختلف في إعراب هذه الرواية على النحو التالي :

أ) أن (نصرا) هنا اسم شخص واحد وهو نصر بن سيار وعلى ذلك يكون الإعراب :

يا : حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

نصر : منادى مبني على الضم في محل نصب .

نصرا : عطف بيان منصوب بالفتحة الظاهرة .

نصرا : عطف بيان منصوب بالفتحة الظاهرة .

(ويجوز هنا نصب عطفي بيان تابعين للمنادى المبني كما تنصب له نعتين مثل : يا زيدُ العاقل اللبيب) .

ب) أن (نصرا) الأول هو نصر بن سيار ، أما اسم (نصر) الذي تكرر بعد ذلك فهو شخص آخر كان يعمل حاجباً لدى نصر بن سيار وكان قد حجب رؤبة ومنعه من الدخول ، وعلى هذا يكون الإعراب :

يا : حرف نداء . نصر : منادى مبني على الضم في محل نصب .

نصرا نصرا : مفعول به على الإغراء منصوب بالفتحة الظاهرة . (أي اضربه أو عاتبه) .

ج) أن (نصرا) المكررة المنصوبة إنما هي مصدر الفعل نصر نصرا ، وعلى ذلك يكون إعرابها : نصرا : مفعول مطلق منصوب بالفتحة ، ونصرا توكيد لفظي له .

الرواية الثانية : وهي التي رواها بعد ذلك .

يا نصرُ نصرُ نصراً .

ويكون إعرابها :

يا : حرف النداء . نصر منادى مبني على الضم في محل نصب .

نصر : بدل مبني على الضم في محل نصب .

نصرا : مفعول مطلق . (أي انصره نصرا).

(أعرب (نصر) الثاني بدلا لأنه مبني على الضم ، وقد قلنا إن البدل على نية تكرار العامل فكأنه قال : يا نصرُ .)

(21) اي في : يا زيدُ زيدُ الطويل . وقوله : فكأنما استأنف النداء إشارة الى إعراب زيد بدلا ، والبدل على نية تكرار العامل ، فكأنه قال : يا زيدُ يا زيدُ الطويل .

(22) هذه أمثلة على تابع المنادى إذا كان عطف نسق ، وأنت تعلم أن حرف العطف يعطي حكم المعطوف للمعطوف عليه ، وهو معنى قول سيبويه هنا : لأن هذه الحروف تدخل الرفع في الأخير كما تدخل في الأول . على أن النحاة يقررون ان المعطوف على المنادي عطف نسق لا يؤثر فيه حرف النداء الأول ، وإنما ينظر إليه على اعتباره منادى مستقلا . فأنت تقول : يا زيد وعمرو . فلا يجوز النصب في المعطوف لأنك إن ناديته قلت : يا عمرو بالبناء . ونقول : يا زيد وعبد الله ، بنصب المعطوف لأنه مضاف . هذا حكم عام عندهم في عطف النسق إلا إذا كان المعطوف مقروناً بأل كما سيأتي .

(23) وهذا مثال على المعطوف إن كان مقرونا بأل . وفيه يجوز الوجهان : النصب والرفع ، فنقول : يا زيدُ والنضر . فتجعله معطوفاً على المنادي على المحل وتقول : يا زيدُ والنضرُ فتجعله معطوفاً على المنادي على اللفظ . والمعطوف هنا لا يجوز النظر إليه كأنه منادى مستقل كما في الأمثلة السابقة ، وذلك لأن حرف النداء لا يدخل على المعرف بأل ، فلا يجوز أن تقول : يا النضرُ . ولكن إذا كان يجوز في " النضر " الوجهان ، النصب والرفع فلماذا قرر سيبويه أن أكثر العرب على الرفع ؟ ـ يرى السيرافي شارح كتاب سيبويه أن النضر علم ، ونضر ـ بدون أل ـ علم أيضا ، فالألف واللام لم تفد هنا ما تفيده حين تلحق النكرة مثل رجل والرجل ، ولما كان النضر علما فإن أكثر العرب على بنائه على الضم .

(24) سورة سبأ آية 10 وهذه القراءة شاهد على جواز رفع المعطوف المقرون بأل إن كان المعطوف عليه منادى مبنياً . والقراءة الفاشية على النصب ، فتكون الأولى عطفاً على اللفظ والثانية على المحل .

(25) هذا شاهد على تابع المنادى إذا كان عطف نسق . فالمعطوف هنا مضاف وحقه النصب في حالة النداء ، ولذلك نصب في العطف لأنهم يعتبرونه كأنه نداء مستقل . والبخدن : اسم امرأة .

(26) يعرض سيبويه هنا لحكم المنادي إذا كان مضافاً الى ياء المتكلم ، والمعروف ان هذا المنادى اذا كان صحيح الآخر فإن لك في ياء المضاف إليه وجوهاً نوجزها فيما يلي :

1) حذف الياء مع بقاء الكسرة دليلا عليها ، فنقول : يا قومِ .

2) بقاء الياء مع بنائها على السكون : يا قومي .

2) بقاء الياء مع بنائها على الفتح : يا قوميَ .

4) بناء الياء على الفتح ، ثم قلبها ألفاً بعد فتح ما قبلها : يا قوما . ويجوز إلحاق هاء السكت بعدها عند الوقف : يا قوماه .

هذه أشهر اللهجات التي وردت عن العرب في المنادى المضاف الى ياء المتكلم .

وقد أشار سيبويه في هذا النص الى الوجه الأول وهو أنصحها جميعاً ، وفسر حذف ياء المتكلم بأنها تشبه التنوين ، فكما أن التنوين يحذف في النداء ـ في الأغلب ـ فكذلك الياء ، ثم علل الحذف بكثرة النداء في الكلام ، والعرب يخففون فيما يكثر في الكلام .

(27) سورة الزمر آية 16 ، وهي شاهد على المنادى المضاف الى ياء المتكلم مع حذفها ، ونقول في إعرابها : عبادِ ، منادى منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة ، والياء المحذوفة ضمير مبني على السكون في محل جر مضاف إليه .

(28) هذه لهجة مستعملة في المنادى المضاف الى ياء المتكلم لكن النحاة مختلفون في إعرابها اختلافاً شديداً . وذلك في الكلمات التي شاع استعمالها في النداء مضافة الى ياء المتكلم مثل : رب ـ قوم ـ أم ـ أب . فنحذف ياء المتكلم ، ولا نبقي آخر الاسم مكسوراً للدلالة على حذفها ، وإنما نبنيه على الضم ، ومع بنائه على الضم فهو في النية والتقدير مضاف ، فنقول : يا ربُ ـ يا قومُ ـ يا أمُ ـ يا أبُ .

والخلاف بين النحاة في إعرابه هو : انعربه باعتباره مضافاً فنقول إنه منادى منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها الضمة التي جاءت لمشابهته النكرة المقصودة ، أم نقول إنه منادى مبني على الضم في محل نصب ؟ وهذا الخلاف ليس شكلياً لأن له أثره على توابع المنادى ، فإذا اعتبرناه منصوباً وجب نصب توابعه ، وإذا اعتبرناه مبنياً انطبقت على توابعه أحكام مختلفة .

(29) هذا شاهد على لهجة إبقاء ياء المتكلم في المنادى مع بنائها على السكون ، وتقدير البيت : وكنت يا إلهي إذ كنت وحدك ، ويعرب موضع الشاهد هكذا : ـ

إلهي : منادى لحرف نداء محذوف ، منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة . والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه . وكذلك في (يا إلهي) الثانية .

(30) يعرض سيبويه هنا لكلمتي (أب) و (أم) عند ندائهما مضافتين الى ياء المتكلم . وفي هاتين الكلمتين لهجات أخرى غير التي ذكرناها ، وهي :

أ) حذف ياء المتكلم ، والتعويض عنها بتاء التأنيث مبنية على الكسر ـ في الأغلب ـ أو الفتح ـ وهو كثير ـ أو الضم وهو قليل ، فنقول :

يا أبتِ ـ يا أمّتِ

يا أبتَ ـ يا أمّتَ

يا أبتُ ـ يا أمّتُ

وكون هذه التاء للتأنيث هو ما يذكره سيبويه من " أن هذه الهاء مثل الهاء في عمة وخالة " .

والأكثر في هذه التاء أن تظل تاء ، وتكتب غير مربوطة ، وقفاً ووصلاً ، ولكن يجوز ـ بقلة ـ كتابتها مربوطة ، ويجوز ـ بقلة أيضاً ـ الوقف عليها بالهاء ، وهو ما ذكره سيبويه بعد ذلك من قوله : يا امه ويا أبه .

أما إعراب هذه اللهجة (يا أبتِ) فهو : أبتِ منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، والتاء للتأنيث حرف جاء عوضاً عن الياء المحذوفة مبني على الكسر لا محل له من الإعراب ، والياء المحذوفة ضمير مبني على السكون في محل جر مضاف إليه .

ب- هذه التاء إذن تعويض عن ياء المتكلم المحذوفة ، والصورة النظرية عندهم كانت : يا أبي ويا أمي . حذفت الياء فصارت يا أب ويا أم ، ثم دخلت التاء تعويضاً ، وتاء التأنيث تقتضي فتح ما قبلها فصارت : يا أبتِ ، يا أمتِ . وأنت تعلم أن العرب لا يجمعون بين العوض والمعوض عنه . غير أن لهم في هاتين الكلمتين لهجة يجيزون فيها الجمع بين العوض والمعوض عنه . فيأتون بالتاء ، ويبقون ياء المتكلم دون حذف لكنهم يقلبونها ألفاً ، فيقولون :

يا أبتا ـ يا أمتا

ثم يجيزون إلحاق هاء السكت عند الوقف :

يا أبتاه ـ يا أمتاه

ويكون الإعراب في هذه الحالة كما يلي :

يا : حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

أبَ : منادى منصوب بالفتحة الظاهرة .

التاء : حرف تأنيث جاء للعوض ، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب والياء المنقلبة ألفا ضمير مبني على السكون في محل جر مضاف إليه .

والهاء : حرف سكت مبني على السكون لا محل له من الإعراب : وهناك من يقترح بألا نعتبر هذه الألف ضميراً للمتكلم كان ياء في الأصل ، بل نعتبره حرفاً زئداً للمد .

(31) أينق : مفردها ناقة والجمع : أنوق وأنؤق (بالهمز) : ويقرر سيبويه هنا أن العين (التي هو الواو) حين حذفت عوض عنها بحرف آخر هو الياء فصارت الكلمة : أينق على وزن ايفل . وهناك رأي آخر بأن هذه الياء ليست عوضاً عن الواو المحذوفة وإنما هي الواو نفسها نقلت من مكان للعين الى ما قبل الفاء ثم أبدلت ياء فصارت : أينق على وزن أعفل .

(32) جاء هذا النص استطراداً ؛ إذ يبدو أن سيبويه لم يكن يقصد الحديث عن نداء (أي) وإنما جاء في معرض حديثه عن التاء التي تلحق كلمتي (أب وأم) عند ندائهما مضافتين الى ياء المتكلم ، فذكر أن هذه التاء خاصة بهاتين الكلمتين في النداء لكثرة الاستعمال ، ثم شبه هذا الاختصاص بكلمة (أي) عند استعمالها منادى ، فالمعروف أن كلمة (أي) لها استعمالات مختلفة ، وأنت تعلم أنها تستعمل اسم استفهام واسم شرط واسعاً موصولاً مثلا ، لكنها حين تستعمل في النداء فإنها تسعتمل استعمالاً خاصاً ، إذ تعتبر كالنكرة المقصودة فتبنى على الضم ، ولا بد من اتصال (ها) التنبيه بها ، ثم لابد من وصفها باسم معرف بأل أو باسم موصول فيه " ال " او باسم إشارة خال من كاف الخطاب . فأنت تقول : يا أيها الطالب ، ويا أيتها الطالبة .

وأنت لا تستطيع أن تقول : يا أي الطالب ، ولا : يا أيةُ الطالبة وذلك لان (ها) التنبيه ضرورية لاستعمال (أي) في النداء .

ومن هنا حاول سيبويه ان يمثل بها لتوضيح اتصال (تاء) التأنيث بكلمتي (أب وأم ) .

(33) العين من ألفاظ (المشترك) كما تعلم . والمشترك لفظ واحد يدل على معان مختلفة . فالعين هي الباصرة ، وهي مؤنثة ، وهي عين الماء (مؤنثة) ، وهي الجاسوس (مذكر) ، ..... وهي الرجل العظيم في قومه .

(34) سوف نعرض لموضوع المذكر والمؤنث عرضاً مفصلاً عند دراستنا لشرح ابن يعيش على كتاب المفصل للزمخشري .

(35) كيف يفسر النحاة قول بعض العرب في النداء : يا أمَّ (بفتح الميم ) .

النحاة يقولون : كلمة (أم) هنا مضافة الى ياء المتكلم ؛ فأصلها : يا أمي ، حركت الياء بالفتحة ، وحرك الحرف الذي قبلها بالفتحة كي يتيسر قلب الياء ألفاً ، فصارت : يا أمّا، ثم حذفت الالف فاقتصرت الكلمة على : يا أمَّ ، ونقول في إعرابها : أم : منادى منصوب بالفتحة الظاهرة ، والألف المحذوفة المنقلبة عن ياء ضمير مبني على السكون في محل جر مضاف إليه . لكن سيبويه هنا يقدم تفسيراً آخر ؛ فيقول إن كلمة (ام) مضافة الى ياء المتكلم ، وهي حين تنادى تتصل بها تاء التأنيث عوضاً عن الياء المحذوفة فتصير الكلمة : يا أمة ، ثم حذفت التاء ترخيماً فصارت : يا أمّ ، ولذلك شبهها بيا طلح وهو مرخم ياطلحةُ .

(36) الترخيم . كما تعلم هو حذف حرف او أكثر من آخر المنادى بشرط أن يكون علماً مفرداً أو نكرة مقصودة وبالتفصيلات المذكورة في كتب النحو . وأنت تعلم أن هناك وجهين لضبط الاسم المرخم :

أ) أن نعتبر الحرف المحذوف كأنه موجود فنترك الاسم على أصله ، فنقول في ترخيم : يا فاطمةُ ويا عامرُ ، يا فاطمَ (بفتح الميم) ويا عامِ بكسر الميم . ويكون الاسم منادى مبنياً على الضم على الحرف المحذوف .

ب) أن نعتبر الحرف المحذوف كأنه زال وانتهى ، ونبني الحرف الأخير على الضم ، فنقول يا فاطمُ ويا عامُ . والوجه الذي ذكره سيبويه هنا هو الوجه الأول .

(37) يا صاحِ : أصلها : يا صاحبُ رخمت بحذف الباء وبقي الحرف الذي قبلها مكسوراً ، وتعرب صاحِ : منادى مبني على الضم على الباء المحذوفة في محل نصب.

(38) عرض سيبويه فيما سبق للمنادى المضاف الى ياء المتكلم . ويعرض هنا للمنادى المضاف الى اسم مضاف الى ياء المتكلم . والمعروف أن الياء في هذه الحالة واجبة الثبوت ، ويجوز بناؤها على السكون أو على الفتح ، فأنت مثلاً إذا أردت أن تنادي ابن صديقك فإنك تقول : يا بن صديقي (بسكون الياء) ، او يابن صديقيَ بفتح الياء ، ولا يجوز حذفها ؛ لأن هذه الياء لم تتصل بالمنادى وإنما اتصلت بما أضيف إليه المنادى ، فهي بمنزلتها في غير النداء . ويستثنى من ذلك فداء ابن أم أو ابن عم كما سيأتي .

(39) الخبر أي الجملة الخبرية ، يعني أن الياء لا تحذف في النداء في هذه الحالة (والنداء جملة إنشائية) كما لا تحذف في الجملة الخبرية ، فأنت تقول : جاء ابن صديقي، فلا تحذف الياء ، وكذلك تقول : يابن صديقي .

(40) هذا البيت شاهد على المنادى المضاف الى مضاف الى ياء المتكلم ، حيث تثبت هذه الياء ، وذلك في :ابن امي بثبوت الياء ، وكذلك يا شقيق نفسي . وتعرب موضع الشاهد فتقول : يا حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، ابن : منادى منصوب بالفتحة الظاهرة . أم مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة منع من ظهروها اشتغال المحل بحركة المناسبة ، والياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف إليه .

(41) يستثنى من الحكم السابق أن يكون المنادى المضاف الى مضاف الى ياء المتكلم هو : ابن ام ، ابن عم ، ابنة مّ ، ابنة عم ، بنت أمّ ، بنت عمّ ، فلك في هذه الياء أربعة أوجه :

أ ـ إبقاؤها وبناؤها على السكون أو الفتح كالحكم السابق وعلى ما أيده الشاهد السالف .

ب ـ حذف الياء بعد قلبها ألفاً ، وقلب الكسرة قبلها فتحة ، فتتطور العبارة على النحو التالي :

يا ابن أمِّي . نحرك الميم بالفتحة كي يتيسر قلب الياء ألفاً فتصير : يابن أمَّا ، ثم تحذف الألف فتصير ، يابن أمًّ . ولكن كيف نعلل هذا الضبط !

إما أن نعتبر كلمتي (ابن) و (أم) تركبتا تركيباً مزجياً كما يتركب العدد المبني على فتح الجزئين ، ونقول في الإعراب : ابن أمَّ : منادى منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها حركة البناء التي هي فتح الجزئين ، والياء المحذوفة ضمير مضاف اليه . وهذا هو الوجه الذي ذكره سيبويه هنا .

وإما أن نعتبر الفتحة على ميم (أم) فتحة عارضة جاءت لتيسير قلب الياء ألفاً ، ومن ثم يكون الإعراب : ابن : منادى منصوب بالفتحة الظاهرة .

أمَّ : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة منع من ظهورها الفتحة التي جاءت للتوصل بها الى قلب ياء المتكلم ألفاً .

والياء المحذوفة المنقلبة ألفاً في محل جر مضاف إليه .

جـ ـ قلب الياء ألفاً مع إبقائها ، فنقول : يابن أما ، ويابن عماّ .

د ـ حذف الياء وإبقاء الكسرة دليلا عليها ، وهو أفصح هذه الأوجه ، فتقول : يا بن أمِّ ، ويابن عمِّ .

(42) هذا البيت شاهد على نداء (ابنة) إذا أضيفت الى (عمّ) مضافة الى ياء المتكلم وموضع الشاهد هنا يوضح أحد الأوجه السالفة ، وهو قلب ياء المتكلم ألفاً وابقاؤها . وإعرابه هو : يابنة عمَّا :

يا : حرف نداء . ابنة : منادى منصوب بالفتحة الظاهرة .

عمَّ : مضاف اليه مجرور بكسرة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بالفتحة التي جاءت للتوصل بها الى قلب الياء ألفاً .

والألف المنقلبة عن ياء ضمير متصل مبني على السكون في محل جر مضاف اليه .

(43) الاستغاثة نوع من أنواع النداء وهو أسلوب يتكون من أركان ثلاثة : حرف النداء الذي ينبغي أن يكون الحرف " يا " ، والمستغاث الذي يجب أن يسبقه حرف جر مبني على الفتح ـ على الأغلب ـ هواللام ، ثم المستغاث له الذي يسبقه حرف جر مبني على الكسر .

وهناك نوع آخر من النداء يأخذ شكل الاستغاثة : أي وجود الحرف " يا " ثم اسم مجرور بلام مفتوحة ، وهو أسلوب لا يدل على نداء حقيقي ولا على الاستغاثة في الغالب ، وإنما يراد به التعجب من شيء لذاته أو لكثرته أو شدته . وهذان النوعان هما اللذان يعرض لهما سيبويه في هذا القسم .

(44) هذا البيت شاهد على الاستغاثة حيث دخلت لام الجر المفتوحة على المستغاث (بكر) ، ويقال في إعرابه :

يا : حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .

اللام : حرف جر مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .

بكر : منادى منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها الكسرة التي جلبها حرف الجر ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .

(المستغاث معرب دائماً سواء كان علماً مفرداً أم نكرة مقصودة أم مضافاً أم شبيهاً بالمضاف) .

والشاعر يستغيث ببني بكر بن وائل ، والمستغاث به في الحقيقة هنا مستغاث له يقول أدعوكم لأنفسكم أن تنشروا كليباً وتحيوه ؛ يتوعدهم بذلك ، وكانوا قتلوا أخاه كليباً في أمر البسوس كما تعرف في القصة المشهورة .

(45) وهذا شاهد أيضاً على الاستغاثة ؛ فعندنا حرف النداء هو (يا) ، ثم عندنا المستغاث (لقوم) مسبوق باللام المفتوحة ، ثم المستغاث له (لطيف الخيال) مسبوق باللام المكسورة ، وإعراب موضع الشاهد :

ياء : حرف نداء . اللام : حرف جر مبني على الفتح . قوم : منادى منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها الكسرة التي جلبها حرف الجر . وشبه الجملة متعلق بيا .

لطيف الخيال : اللام حرف جر ، وطيف اسم مجرور ، وشبه الجملة متعلق بحرف النداء (يا) . والخيال مضاف إليه .

(46) والشاهد هنا كسابقه ؛ حرف النداء هو (يا) ، والمستغاث " للناس " مسبوق باللام المفتوحة ، والمستغاث له (للواشي) مسبوق باللام المكسورة .

(47) والبيتان أيضا شاهد على دخول اللام المفتوحة على المستغاث في (يا لَقوم) (لَعطافنا) و (يا لَرياح) . والأسماء في البيت الثاني أسماء رجال من قوم الشاعر .

(48) والبيت شاهد على دخول اللام المفتوحة على المستغاث وهو (يا لَبرثن) .

وليلى هي امرأة الشاعر . وكانت برثن قد داخلوا امرأته وأفسدوها عليه ، فقال هذا متعجباً من فعلهم ، وجعلهم في الاهتداء الى إفسادها لانتزاعها منه أهدى من سليك بن السلكة وهو احد عدائي العرب وصعاليكهم ، وكان يسمى ايضا سليك المقانب ، والمقنب الجماعة من الخيل .

(49) الفليقة هي الدابة والأمر العجب .

(50) اللام هنا هي لام الابتداء التي تفيد التوكيد كما تعلم ، وهي لام مبنية على الفتح ، ولام الاستغاثة كذلك ، غير أن لام الاستغاثة لابد أن يسبقها حرف النداء (يا) ، أي أن حرف النداء لا يجوز حذفه في الاستغاثة كما يحذف في النداء الحقيقي .

(51) المستغاث معرب دائماً كما ذكرنا ، والنحاة يقولون إنه معرب لأنه صار بواسطة اللام المفتوحة ـ ملحقاً بقسم المنادى المضاف الواجب النصب . أي أن هذه اللام هي التي اعطته هذا الوضع ـ ومن هنا تفسير الخليل بأن لام الاستغاثة تكون في أول المستغاث بدلا من هاء السكت التي تأتي في آخر الاسم المضاف . ولما كان المستغاث نوعاً من أنواع المضاف ، ولما لم تلحق به زيادة في آخره فقد عوضوا عنها هذه اللام في أوله وهذه كلها ـ في الحقيقة ـ تعليلات غير واقعية .

(52) الجحجاح : السيد الكريم ، والجمع : جحاجيح ، فإن حذفت الياء  عوض عنها بتاء في الآخر ، جحاجحة .

(53) يمني نسبة الى يمن ، وقد وردت النسبة فيه بحذف ياء النسب المشددة والتعويض عنها بألفٍ : يمانٍ .

(54) المدعو له هو ما عرف بعد ذلك بالمستغاث له ، وهو الاسم . الذي تسبقه لام مكسورة كما ذكرنا .

(55) هذا شاهد على كسر لام الجر قبل الاسم المستغاث له (لغرفة) .

(56) الشاهد فيه حذف المنادى لدلالة حرف النداء عليه ، والمعنى يا قوم أو يا هؤلاء لعنة الله على سمعان ، ولذا رفع اللعنة على الابتداء ولو كانت منادى لنصبت .




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.