أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-4-2016
3903
التاريخ: 2024-01-23
1532
التاريخ: 9-4-2016
3228
التاريخ: 30-4-2022
1804
|
يُفهم من مقولة «حاكمية الشريعة» _ عند العقلاء _ ان الحاكم العادل قادر على تشخيص الواجبات والحقوق تشخيصاً صالحاً، من الناحية الشرعية، وهذا يعني ان تلك الحاكمية حاكمية شرعية صحيحة، ولذلك فانها تستدرُّ قدراً عظيماً من الطاعة لدى التابعين والمريدين بالاخص، وعامة الناس بالوجه الاعم، فهنا عدّة نقاط نفهمها من «الشرعية» في دولة القانون، وهي:
أولاً: طاعة الاتباع: وحاكمية الشريعة او القانون في عهد الامام (عليه السلام) كشفت قدراً عظيماً من طاعة الناس لامامهم (عليه السلام)، فهذا عمرو بن الحَمِق الخزاعي يخاطب امير المؤمنين (عليه السلام): «والله ما جئتك لمالٍ من الدنيا تعطينيه، ولا لالتماس سلطان ترفع به ذكري، إلاّ لانك ابن عم رسول الله (صلى الله عليه واله)، وأولى الناس بالناس، وزوج فاطمة سيدة نساء العالمين (عليه السلام)، وأبو الذرية التي بقيت لرسول الله (صلى الله عليه واله)، وأعظم سهماً للاسلام من المهاجرين والانصار، والله لو كلّفتني نقل الجبال الرواسي، ونزح البحور الطوامي (المملؤة بالماء) ابداً حتّى يأتي عليَّ يومي وفي يدي سيفي أهزُ به عدوّك، وأٌقوّي به وليك، ويعلو به الله كعبك (شرفك)، ويفلج (تظفر) به حجتك، ما ظننت اني أدّيت من حقك كل الحق الذي يجب لك عليَّ، فأجابه امير المؤمنين (عليه السلام): اللهم نوّر قلبه باليقين وأهده الى الصراط المستقيم، ليت في شيعتي مائة مثلك».
وقال (عليه السلام) وهو يصف بعض المؤمنين من صحابته المطيعين له: «أين اخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين (خزيمة بن ثابت الانصاري)؟ وأين نظراؤُهم من اخوانهم الذين تعاقدوا على المنية، وأُبرِد َبرؤوسهم الى الفجرة!..، اوِّه على اخواني الذين تلوا القرآن فاحكموه، وتدبروا الفرضَ فاقاموه، احيوا السُّنة واماتوا البدعة، دُعُوا للجهاد فاجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعُوه».
وهؤلاء وغيرهم كانوا من اطوع ما يكون المؤمن لسيده وقائده، وقد أثبتوا حسن طاعتهم عبر الاستشهاد في ساحات المعارك.
وما يُذكر في الكتب التأريخية من تجرأ الاشعث والخوارج على الامام (عليه السلام) وتباطؤ اهل الكوفة، هو صورة لدائرة ضيقة، أي ان تلك الصورة قد ضُخّمت بعد مقتل مالك الاشتر ومحمد بن ابي بكر (رضوان الله عليه)، وطغت على الصورة العامة للوضع، ولكن الصورة الكلية للامة في الحجاز واليمن والعراق ومصر وفارس كانت مع الامام (عليه السلام).
ثانياً: الاحساس بالشرعية: وما خروج الامام (عليه السلام) لمواجهة اهل الجمل، واهل الشام، والخوارج، الى اسلوب شرعي لتثبيت حكم القانون والشريعة في المجتمع الاسلامي، ومحاولة تأسيس نظام قانوني قوي يعتمد على الشريعة أساساً ومنهاجاً واسلوب عمل، ولم يكن ذلك الخروج لمحاربتهم امراً ثانوياً، بل كان امراً حتمياً من اجل تثبيت الدولة والامن الاجتماعي.
ومن ادراك الافكار التي ذُكرت آنفاً، نستطيع ان نتصور الفرق بين ضعف حكم نظام كنظام معاوية وبين قوة النظام القانوني الشرعي لحكومة الامام امير المؤمنين (عليه السلام)، لان الاول كان يفتقد للشرعية ويستخدم شتى اساليب الاغراء والترغيب والترهيب من اجل تحقيق طموحاته، فكان حكماً اكراهياً مقيتاً، بينما كان حكم الامام (عليه السلام) حكماً شرعياً، مبنيّاً على الكتاب والسنّة، وعلى العلم وحريّة التعبير والمنطق والعقل، ولذلك ماتت دولة معاوية بموته، لانها كانت دولة غصب واكراه، وبقيت دولة الامام امير المؤمنين (عليه السلام)، لانها دولة حق وشرعية دينية وقانون.
لقد كان التلازم بين الشريعة والشرعية في عهد الامام (عليه السلام) تلازماً ثابتاً محكماً، فالشريعة _ بما فيها الاحكام والقواعد التي تنظم شؤون الانسان في الحياة _ كانت بحاجة الى من ينفذها ويضعها على ارض الواقع، والحاكم الذي ينفذها يحتاج الى تخويل شرعي ، نسمّيه بـ «الشرعية».
اذن كان حكم الامام (عليه السلام) حكماً مشروعاً ذا صلاحية دينية، تطبق فيه الشريعة على النظام الاجتماعي، فكان سلطة شريعة، ولها شرعية، ومتطابقة مع احكام العقل واسلوب العقلاء في التعامل مع المشاكل الاجتماعية.
ثالثاً: الاحساس بالعقلائية: وبذلك كان تطبيق القانون في زمن الامام (عليه السلام) يعني ان هناك: سلطة، واتفاقاً، وعقلائية في النظام القانوني، فالنظام القانوني يرفع الاكراه، ويقبل المنطق (الدليل العقلي)، ويساهم في الاتفاق الاجتماعي العام بخصوص الواجبات المدنية، فيكون هدف القانون هو اخضاع السلوك الانساني لاحكام الشريعة في المجتمع.
والعدالة والانصاف ومحاربة الظلم من الامور التي يقرّها العقل، اذن ، نستطيع الان ان نقول بان حكومة الامام امير المؤمنين (عليه السلام) كانت حكومة الشرع والعقل في المجتمع الانساني، واذا اقتربنا من ادراك كيفية تحويل الامام (عليه السلام) تلك الدولة الواسعة الى دولة قانون وشريعة ومنطق، لاقتربنا من ادراك حجم المكسب الاخلاقي الذي كسبته الامة في تلك الفترة الحاسمة من عمرها المديد.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|