المال والنظام الحقوقي في خلافة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) |
2732
04:54 مساءً
التاريخ: 30-3-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-02-2015
3719
التاريخ: 9-4-2016
3327
التاريخ: 25-2-2018
2871
التاريخ: 10-4-2016
3384
|
هناك مجموعة من الحقوق ينبغي ان يتمتع بها الانسان في ظروف طبيعية، وهي: حق العمل، وحق التملك، وحق العيش بكرامة في كل الاحوال، وتلك الحقوق تستدعي حقاً أعم، وهو حق الكسب المالي وحيازة النقد. وبدون حيازة النقد يهبط الانسان الى ادنى المستويات من المعيشة. فكيف يعيش الانسان حياته الاجتماعية وهو لا يملك وسائل مبادلة الخبز بالنقد؟ وهنا يتحقق الفقر والإملاق.
والفقر القهري يحطُّ من كرامة الانسان، ويُنـزله منـزلة الذلّ والهوان. وقد خُلق الانسان كريماً في ذاته، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الإسراء: 70].
ولذلك، فان الحكومة في الاسلام مسؤولة عن حفظ كرامة الانسان، عبر ازالة الفقر والإملاق عند الناس، عن طريق انشاء القوانين والتشريعات الخاصة بذلك. ومن اجل ادراك تلك القوانين، كان لابد لنا من دراسة النقد، والدخل الشخصي، وميزانية الدولة، ومعنى الفقر والغنى وعلاقاتهما بالعدالة الحقوقية في المجتمع.
ترتبط فكرة المال بالدرجة الاولى بالنقد. والنقد هو رصيد متحرك ذو سيولة ، يحتاج الى توثيق الدولة من اجل ان يكون وحدة رسمية من وحدات التعامل المالي بين الناس. وكان النقد في عهد الامام امير المؤمنين (عليه السلام): الدينار والدرهم. وكان الدينار مسكوكة ذهبية تساوي عشرة دراهم، بينما كان الدرهم مسكوكة فضية.
ولا شك ان المسكوكات الذهبية والفضية كان قد استمر التداول بها قروناً عديدة، الى ان ظهرت العملة الورقية في القرن التاسع عشر الميلادي (الثالث عشر الهجري)، وكان للدينار وللدرهم قوة شرائية معتبرة، بحيث ان الامام (عليه السلام) اشترى ثوبين بخمسة دراهم، ثوباً بثلاثة وكان اجود، وثوباً بدرهمين، وان بيت المال وزّع مرّة من المرات التي تذكرها الروايات: ثلاثة دنانير لكل رجل. وان شُريح بن الحارث «القاضي» قد اشترى بيتاً بثمانين ديناراً، فوبّخه امير المؤمنين (عليه السلام) على ذلك. لان ثمن البيت كان باهضاً ولم يتناسب مع وظيفته الحكومية.
وحيازة النقد عند الناس يعني قدرتهم على يبع المادة وشرائها في موارد حياتية مهمة، وهي:
1 _ الطعام واللباس وما يتعلق بهما من آلات ومواد.
2 _ بيع الخدمات وشراؤها، كالاجرة المأخوذة على نقل الاشياء في السوق، والاجرة المأخوذة على الخدمة في البيوت، والاجرة المأخوذة على العمل في البساتين والمزارع.
3 _ بيع العقار وشراؤه من بساتين ودور وحوانيت ومصانع ونحوها.
للنقد اهمية خاصة في المجتمع، لكنه متى ما وُجد، قامت مشكلتان خطيرتان، هما:
الاولى: مشكلة التوازن النقدي بين الطبقات الاجتماعية المختلفة. فقد يُفتقد النقد عند الطبقة الفقيرة. فتتفشى ظاهرتا الحرمان «وهي انعدام الثروة اصلاً»، والاستدانة «وهي الثروة السلبية».
فالحرمان يعني عدم قدرة الفرد على كسب النقد مقابل الجهد الذي يبذله والعمل الذي يقوم به، كما هو الحال في العاجز والشيخ الكبير. وقد يكون سببه عدم وجود المعيل كما هو الحال في الايتام والارامل.
اما الاستدانة فهي تمثّل عدم قدرة الفرد على كسب المال او النقد مقابل الجهد المبذول، فتنحصر قدرته على حيازة مقدار من المال شرط ارجاعه، وهذه هي الثروة بالسالب.
الثانية: تكدّس الثروة النقدية من قبل الطبقة الغنية. فمن اهم اهداف التجارة والتملك والاشراف على الزراعة والصناعة ونحوها، هو حيازة اكبر قدر ممكن من النقدين: الذهب والفضة. وتلك حيازة مشروعة لو سلكت الطريق الشرعي الصحيح، من حيث عدم ممارسة الباطل او الحرام في العمل والتجارة، ومن حيث اخراج الحق الشرعي الفائض عن الحاجة.
الا ان تكدّس الثروة النقدية يأتي غالباً عن طريق عدم مراعاة الحق، وعدم الالتزام بأحكام الشرع. وتكدّس الثروة عند فرد معيّن او طبقة معينة هو امر مؤسف.
ذلك، لان للنقد خاصية مهمة وهي خاصية السيولة . بمعنى ان السيولة النقدية تعكس قدرة الدرهم والدينار على الوصول الى كل فرد من افراد المجتمع. بينما لا تستطيع المبادلة الاقتصادية التي كانت سائدة في العصور الغابرة للبشرية من تحقيق ما حققته السيولة النقدية، وبتعبير آخر، ان النقد يمثّل الملكية المنقولة بيسر، التي تستطيع الوصول الى ايادي كثيرة في وقت قصير، عن طريق البيع والشراء.
ولذلك يعدّ النقد من الوسائل المهمة في معالجة مشكلة الفقر في المجتمع . لان توزيع النقد يُسرع في عملية شراء الحاجات الاساسية كالطعام واللباس والمأوى. وقد حذّر القرآن الكريم الذين يكنـزون النقد (الذهب والفضة) ولا ينفقونه في سبيل الله، قفال عزّ من قائل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34، 35].
ومع ان اصل صناعة النقد كانت من اجل تسهيل مهمة البيع والشراء والتملك، الا ان مشكلة تلك القطعة المعدنية الجميلة هو ان لها القابلية على الجمع والتكديس اذا اراد صاحبها ذلك. فبريق الدينار الذهبي وجذابيته يشجّعان المالك على الاحتفاظ به وكنـزه، وكلما كنـز كمية، ازداد الشره نحو كنـز كمية اخرى اكبر، وهكذا.
ولو اُخرج خمس ذلك الكنـز وسلّم للفقراء، لعدّ الكنـز كنـزاً شخصياً ضرَّ بصاحبه او مالكه. ولكن لو كنـزه دون اخراج الحق الشرعي لانطبقت عليه الآية القرآنية الكريمة: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34]، وعُدّ المالك من الذين يمنعون حق الله في الانسياب نحو المنافع الاجتماعية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|