أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-07-2015
734
التاريخ: 24-10-2014
1152
التاريخ: 5-08-2015
1041
التاريخ: 2-07-2015
1022
|
يجب أن يعتقد أنّه تعالى عالم، لأنّه فعل الأفعال المحكمة المتقنة [1]، وكلّ من كان كذلك كان عالما بالضّرورة.
أقول: من صفاته الثّبوتيّة: كونه تعالى عالما، والعالم، هو: المبيّن للأشياء تبيينا يصحّ معه إيقاع الفعل متقنا محكما، ومعنى الفعل المحكم، هو: الفعل الّذي يكون مطابقا للمنفعة المقصودة منه، أو الّذي يترتّب أثره عليه؛ كما يقال: هذه سكّين محكمة، بمعنى: أنّها مطابقة للمنفعة المقصودة منها، وهي: قطع ما تلاقيه، أو: قلم محكم، بمعنى: انّه مطابق للمنفعة المقصودة منه، وهي: الكتابة، وترتيب أثر كلّ واحد منهما عليه، وهو: القطع والكتابة. وكذلك إذا قلنا: هذه كتابه متقنة، بمعنى أنّها على الوجه المرتّب ، المصطلح عليه.
والدّليل [على] انّه تعالى عالم : هو أن نقول : الباري تعالى صدر عنه أفعال محكمة متقنة [2]، وكلّ من صدر عنه [أفعال محكمة متقنة] ، يجب أن يكون عالما؛ فالباري يجب أن يكون عالما، فها هنا مقدّمتان:
الأولى: انّه صدر عنه أفعال محكمة متقنة، وهي مقدّمة حسّيّة معلومة بالضّرورة لمن تأمّل مخلوقاته من: السّماوات، وما خلق فيها من الشّمس، والقمر، والكواكب، وما يترتّب على طلوع الشّمس من وجود النّهار، وما يترتّب على غروبها من وجود اللّيل، وما يترتّب على قربها من رءوسنا من حرّ الزّمان الّذي بسببه يحصل إنضاج الثّمار، واشتداد الزّرع، وتنشيف الأرض من الماء ، ليمكن زرعها، وتقليل الرّطوبات من الأبدان حتّى لا تستولى عليها الرّطوبات فتفسدها، وما يترتّب على بعدها من رءوسنا من برد الزّمان الّذي بسببه تكثر الأمطار والأنداء، ليحصل بذلك التّمكّن من الزّرع، وتنمية الثّمار والأشجار، وترطيب الأبدان حتّى لا تستولي عليها اليبوسة فتفسدها.
و من حكمته تعالى: أنّه لم يجعل الزّمان كلّه حرّا ، وإلّا أدّى إلى تحليل الأجساد، فناء رطوباتها، ولم يجعله كلّه باردا ، وإلّا أدّى إلى جمود الأجساد، واستيلاء الرّطوبات عليها، فيؤدّي إلى فسادها، وتعذّر الحركة عليها، ولم يجعل بعضه حارّا في الغاية، وبعضه باردا في الغاية، وإلّا لزم الخروج من ضدّ إلى ضدّ، فتحصل منه نكاية عظيمة في الأجساد ، بل اقتضت حكمته [تعالى] أن جعل الزّمان قسما حارّا في الغاية، وقسما يليه معتدلا في الحرارة والبرودة، فلا تحصل منه نكاية في الأجساد، وبعده قسم بارد في الغاية، وبعده قسم معتدل، وهي: الفصول الأربعة للسّنة.
ومن حكمته تعالى: أن جعل [في مقدّم فم الإنسان] حدادا لقطع الغذاء، وفي مؤخّره عراضا لطحنه، وجعل للعينين أهدابا تقيها ممّا يلاقيها من المؤذيات لها، وكذلك جعل الأظفار في رءوس الأنامل، ليكون دعامة لها، لئلّا تحفى.
وأمّا المقدّمة الثّانية - وهي أنّ كلّ من صدر منه الأفعال المحكمة المتقنة، فهو عالم-: فلأنّه معلوم بالبديهة لكلّ عاقل؛ فإنّ كلّ عاقل يجزم بأنّ الكتابة المحكمة لا تصدر إلّا من عالم بها، وكذا باقي الصّناعات.
_____________
[1] حدّ الفعل المحكم المتقن، هو: المطابق بالمنافع المقصودة. والحكم والمنافع الموافقة للغرض، والغاية ظاهرة جليّا في نظام السّماوات والأرض، وفي الإنسان وتركيبة أعضائه، كما هو مقرّر في توحيد المفضّل بن عمر، من إملاء الإمام الصّادق (عليه السلام)، فليراجع.
[2] اختلفوا: هل يفعل اللّه لغرض وحكمة، أو يفعل دون أيّ موجب للفعل؟
قال الأشاعرة: يستحيل أن تكون أفعال اللّه معلّلة بالأغراض والمقاصد. واستدلّوا:
أوّلا: بأنّ اللّه لا يجب عليه شيء، ولا يقبح منه شيء، إذن لا يجب أن يكون لفعله غرض، كما أنّه لا يقبح منه الفعل بلا غرض.
ثانيا: انّه لو فعل لغرض، من جلب مصلحة أو دفع مفسدة، لكان محتاجا إلى استكمال ذاته بتحصيل الغرض، واللّه سبحانه يستحيل عليه الاحتياج.
و قال الإماميّة والمعتزلة: إنّ كلّ فعل لا يقع لغرض، فهو عبث، واللّه منزّه عن العبث واللّغو. أمّا قول الأشاعرة بأنّ الفعل لغرض يستدعي الاحتياج والنّقصان، فجوابه: أنّ هذا يتمّ لو كان الغرض والنّفع عائدا إلى اللّه، أمّا إذا عاد إلى العبد ونظام الكائنات حسبما تقتضيه المصلحة، فلا يلزم شيء من ذلك، وقد جاء في الآية 16 من سورة الأنبياء: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} [الأنبياء: 16]. معالم الفلسفة الإسلاميّة: 103.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|