المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



علي (عليه السلام) وغزوة خيبر  
  
2810   09:40 صباحاً   التاريخ: 24-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 385-389.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

كانت خيبر مدينة كبيرة على ارض الحجاز، ذات حصون ومزارع وقلاع ونخل كثير، وسكانها من اليهود. تبعد عن المدينة أربع ليالٍ تقريباً. وتأريخ غزوة خيبر هو جمادى الاولى من السنة السابعة للهجرة.

فبعد فشل الاحزاب ورحيلهم عن المدينة على ما يشبه صورة الانهزام، قويت شوكة المسلمين في الجزيرة العربية. وبات المشركون يحسبون لقوة النبي (صلى الله عليه واله) المتنامية ألف حساب. وبدأ القلق والخوف يدبّان في نفوس يهود خيبر، فشرعوا يؤلّفون جبهة عسكرية من بعض القبائل والاعراب ضد المسلمين.

فعلم رسول الله (صلى الله عليه واله) بذلك، فحشّد لهم جيشاً في الف وأربعمائة مقاتل وسار اليهم. وكان علي (عليه السلام) ضمن ذلك الجيش. فتحصّن يهود خيبر في قلاعهم، وراحوا يقاتلون من وراء الجدران بالنبل. وحاصرهم رسول الله (صلى الله عليه واله) أكثر من عشرة أيام، ثم عزم على فتح الحصون.

قال ابن هشام راوياً باسناده عن ابي معتب بن عمرو: ان رسول الله (صلى الله عليه واله) لما أشرف على خيبر قال لاصحابه، وأنا فيهم: قفوا. ثم قال (صلى الله عليه واله): اللهم ربّ السماوات وما أظللن، وربّ الارضين وما أقللن، وربّ الشياطين وما أضللن، وربّ الرياح وما أذرين، فانا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرّها وشرّ أهلها وشرّ ما فيها، أقدِموا بسم الله. قال: وكان يقولها (عليه السلام) لكل قريةٍ دخلها.

ينقل احد المحاربين صورة الوضع العسكري، فيقول: «حاصرنا خيبر فأخذ اللواء ابو بكر، فانصرف ولم يفتح له، ثم اخذ من الغد عمر فخرج فرجع ولم يفتح له، واصاب الناس يومئذٍ شدّة وجهد. فقال رسول الله (صلى الله عليه واله): اني دافع اللواء غداً الى رجل يحبّه الله ورسوله، ويحبّ الله ورسوله، لا يرجع حتى يفتح له. فبتنا طيبةً أنفسنا ان الفتح غداً. فلمّا ان اصبح رسول الله (صلى الله عليه واله) الغداة، قام قائماً فدعا باللواء والناس على مصافهم فدعا علياً، وهو أرمد [فنفث]في عينيه، ورفع اللواء...».

وصمّم علي (عليه السلام) خطته في استدراج ابطال خيبر للخروج الى السهل حتى يستطيع ان يواجههم رجلاً برجل، وإلاّ فأي حرب تكون من وراء الجدران؟! فتخفف (عليه السلام) من الدروع الثقيلة لتسهل عليه الحركة، وأمام مخيلته وصية رسول الله (صلى الله عليه واله) له: انفذ على رسلك حتى تنـزل بساحتهم، ثم ادعهم الى الاسلام، فان لم يطيعوا فقاتلهم. فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم. فدعاهم الى الاسلام ولكنّهم رفضوا وسخروا منه. فطالبهم ان يبعثوا اليه شجعانهم. فخرج اليه الحارث احد شجعانهم فصرعه علي (عليه السلام) ، وخرج اليه آخر فصرعه ايضاً. فتحدّاهم علي (عليه السلام) بأن يبعثوا اليه شجاعاً يثبت في المعركة.

فخرج «مرحب» _ وهو من ابطالهم _ يخطر بسيفه، والحديد يغطي رأسه وساقيه وليس في بدنه ثغرة ينفذ منها سيف العدو، فقال مرتجزاً:

قد علمت خيبر أنّي مرحب             شاكي السلاح بطل مجرّب

إذ الحروب اقبلت تلهب

فأجاب علي بن ابي طالب (عليه السلام):

أنا الذي سمّتني امي حيدرة               كليث غابات كريه المنظرة

أوفيهم بالصاع كيل السندرة

ففلق (عليه السلام) رأس «مرحب» بالسيف وكان الفتح على يديه. فذعر اليهود من بطولة علي (عليه السلام). واندفع (عليه السلام) الى باب الحصن فاقتلعه، فاتحاً الطريق للمقاتلين المسلمين باقتحام مخابئ اليهود ودكّ حصونهم ومقاتلتهم، حيث كانوا يفرّون فزعين من حصن لآخر. ولكن مقاومتهم العسكرية سرعان ما انهارت، وبدأوا يعلنون استعدادهم للاستسلام وقبول الهزيمة.

وكان رسول الله (صلى الله عليه واله) قد توجّه الى السماء ودعا لعلي (عليه السلام) قبل ان يبرز لـ «مرحب» بالقول: «اللهم انّك اخذت منّي عبيدة بن الحارث يوم بدر، وحمزة بن عبد المطلب يوم اُحد، وهذا علي فلا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين».

روى الحمويني باسناده عن ابي رافع مولى النبي (صلى الله عليه واله) قال: «خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله (صلى الله عليه واله) برايته فلما دنا من الحصن، خرج اليه اهله فقاتلهم . فضربه رجل من يهود، فطرح ترسه من يده. فتناول علي باب الحصن فتترس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه. ثم ألقاه من يده، فلقد رأيتني في نفر معي سبعة أنا ثامنهم نجهد على ان نقلب ذلك الباب فما استطعنا ان نقلبه».

وروى باسناده عن جابر بن عبد الله، قال: «حمل علي باب خيبر يومئذٍ حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها، فجرّب بعده فلم يحمله الا اربعون رجلاً»،  وروى ابن حجر العسقلاني باسناده عن جابر: «ان النبي (صلى الله عليه واله) لما دفع الراية لعلي يوم خيبر اسرع فجعلوا يقولون له ارفق، حتى انتهى الى الحصن فاجتذب بابه فألقاه على الارض ثم اجتمع عليه سبعون رجلاً حتى أعادوه»، وروى البدخشي باسناده عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) قال: «حمل علي الباب على ظهره يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها، وانهم جروه بعد ذلك فلم يحمله الا اربعون رجلاً».

قال الشاعر يصف بعض ما وقع يوم خيبر:

ويوم خيبر اذ عادوا برايته                    كما علمت لخوف الموت هرابا

فقال اني سأعطيها غداً رجلاً                 ما كان في الحرب فراراً وهيابا

يحبّه الله فانظر هل دعا احداً                غير الوصي فقل ان كنت مرتابا




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.