جواري وقهرمانات الخليفة ابو العباس المعتمد على الله ( 256-279هـ/869-892م) (1) :

هو الخليفة الخامس عشر من قائمة السيوطي في خلفاء بني العباس ، يتصف قصر الحسني للخليفة المعتمد على الكثير من الجواري ، ولاسيما عندما غير المعتمد نهج عمه الخليفة المهتدي وقرر رجوع الجواري والقيان والمغنيات والشاعرات إلى العاصمة العباسية التي انتقلت من سر من رأى إلى بغداد سنة 256هـ/ 868م (2) .

          الصفة المهمة في هذه الخلافة هو مشاركة ولي العهد الموفق طلحة أخاه المعتمد شـؤون الحكـم والخلافـة (3) ، تاركـاً المعتمد  بالانهماك فــي اللهـو والملذات وملأ قصـوره بالجـواري الجميلات (4) ، أمثال الجارية نبت والجاريـة فلانـة ممـن كـن تحت خدمـة أمه الرومية الأصل فتيان إحـدى محظيات والـده كما ذكــرنا (5) ونبدأ بــوصف أبرزهن دوراً وتأثيراً في قصور الخلافة :

1-الجارية نبت

هي تركية النسب (6) ومغنية، وشاعرة، سريعة الهاجس، التحقت بقصر الحسني لخلافه أثناء عرضها على الخليفة المعتمد من قبل تاجر الرقيق في بغداد أمتحنها بالشعر والغناء ونجحت فيها وحتى في الكتابة فوافق المعتمد عليها (7) واشتراها بمبلغ ثلاثين آلف درهم، وعاشت داخل القصر الحسني للخلافة (8) الا انها كانت بعيدة عن التدخل في أمور الدولة، ولم تكن لها مواهب سوى صنعتها وإلماماتها الشعرية ، توفيت سنة 270 هـ/ 883م (9) .

2-الجارية فلانة  :

جارية تركية النسب والهيئة (10) كانت قد استحوذت على خيال المعتمد وتقدمت عنده على حساب الجارية نبت (11) اشتراها بمبلغ أربعين ألف درهم  دخلت قصر الخلافة الحسني (12)  واحتفظت بمواهب متعددة أهمها إجادة صناعة الغناء وإلقاء الأشعار والعزف (13) وبمرور الوقت أصبحت حظية لدى الخليفة المعتمد وجليلة القدر لديه (14) ، لدرجة أنها ساوت الجارية خلافة من عدد الجواري اللاتي كن تحت أمرتها (15) ، وكانت خلافة تكتب للمعتمد أشعارها وأغنياتها وحتى مراسلاتها (16) ، وقد عاشت بعد موت المعتمد بأشهر  وماتت سنة 280هـ/ 893م ، ودفنت بتربة الرصافة (17) ، لم تذكر المصادر العباسية شأن في هذه المدة عن وظيفة القهرمانة داخل قصر الخليفة المعتمد في بغداد .

_____________

(1)  المعتمد : هو أحمد بن المتوكل بن المعتصم ، ولد سنة 229هـ/ 843م لما قتل المهتدي كان المعتمد محبوساً بالجوسق في شمال بغداد ، أخرجوه وبايعوه ، وحدثت حوادث كثيرة في أيامه أمثال ثورة الزنج والروم ، مات محجوراً سنة 279هـ. ينظر : السيوطي : تاريخ الخلفاء ، ص ص 363-364 .

(2) الصولي : الأوراق ، ص63 ؛ مسكويه : تجارب الأمم ، ج1 ، ص89 ؛ فيليب حتي : تاريخ العرب المطول ، ص366 .

(3) الأبشيهي : المستطرف ، ص43 ؛ الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد ، ج6 ، ص41 ؛ النويري : نهاية الأرب ، ج5 ، ص219 .

(4) الشابشتي : الديارات ، ص139 ؛ التنوخي : الفرج بعد الشدة ، ص312 ؛ المقريزي : السلوك ، ج2 ، ص181 .

(5) ابن عبد ربه : العقد الفريد ، ج5 ، ص228 ؛ الأصفهاني : الأغاني ، ج15 ، ص89 .

(6) ابن الأثير : الكامل في التاريخ ، ج6 ، ص97 ؛ ابن خلدون : العبر ، م4 ، ج2  ص720 ؛ ابن الساعي : نساء الخلفاء ، ص93 .

(7) الطبري : تاريخ الرسل والملوك ، م4 ، ج3 ، ص210 ؛ ابن العماد : شذرات الذهب  ج2 ، ص314 .

(8) ابن كثير: البداية والنهاية، ج10، ص240؛ ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة، ج5 ص32.

(9) ابن عبد ربه : العقد الفريد ، ج5 ، ص228 ؛ الأصفهاني : الأغاني ، ج17 ، ص89  السيوطي : تاريخ الخلفاء ، ص365 .

(10) الأبشيهي : المستطرف ، ص139 ؛ الوشاء : الموشي ، ص31 ؛ السلمي : الظرف والظرفاء ، ص28 .

(11) ابن الأثير : الكامل في التاريخ ، ج6 ، ص98 ؛ مسكويه : تجارب الأمم ، ج2 ، ص88 ؛ فيليب حتي : تاريخ العرب ، ص350 .

(12) المقريزي : السلوك ، ج2 ، ص73 ؛ الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد ، ج5 ، ص51 .

(13) ابن كثير : البداية والنهاية ، ج10 ، ص177 ؛ ابن العماد : شذرات الذهب ، ج2 ، ص115 .

(14) ابن عبد ربه : العقد الفريد ، ج5 ، ص116 ؛ المسعودي : مروج الذهب ، ج4   ص105

(15) الطبري : تاريخ الرسل والملوك ، م4 ، ج4 ، ص120 ؛ مسكويه : تجارب الأمم ، ج2  ص099

(16) ابن دحية : النبراس ، ص266 ؛ ابن العماد : شذرات الذهب ، ج2 ، ص184 ؛ مصطفى جواد : سيدات البلاط العباسي ، ص75 .

(17) ابن خلكان : وفيات الأعيان ، ج6 ، ص187 ؛ ابـن شاكر الكتبي : فوات الوفيات ، ج2  ص182