أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-02-2015
3836
التاريخ: 12-4-2016
3195
التاريخ: 4-3-2019
2595
التاريخ: 4-3-2019
2662
|
ان الايمان المبكّر بالله سبحانه وتعالى من قبل الامام (عليه السلام) وتصديقه برسالة محمد (صلى الله عليه واله) يعني انه ظلّ (عليه السلام) صافي الفكر والروح ولم يتشرب بالفكر الوثني بالرغم من انه عاش في زمان يعُجُّ بالثقافة الوثنية وممارسات عبادة الاصنام والاعتقاد بها في مكة. وطهارة السبق في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11] تبقى ملازِمة لحياته رغم المحن والمصاعب العظيمة التي تعرّض لها لاحقاً.
الاسبقية وصفاء الفكر والروح:
فقد حددت الاسبقية في الاسلام، التي عبّر عنها رسول الله (صلى الله عليه واله) عند مخاطبته علياً (عليه السلام) بالقول: «يا علي انت أول المؤمنين ايماناً، وانت أول المسلمين اسلاماً...»، حددت حاجاته الدينية والدنيوية، وتصوراته الذهنية عن الخلق والوجود، وموقفه الثابت من الاحداث والقضايا الخارجية، وخطه في العقيدة والحكم والقرار، وخطط العمل لنصرة الاسلام ضد الشرك والنفاق والقُسُوط والإنتكاث والمُرُوق.
فالقاعدة ان ما يصبُّ في ذهن الانسان من علوم او ملاحظات يختبرها في الخارج تتحول لاحقاً الى صور وأشكال ذهنية، وأفعال لفظية أو مكتوبة، وحركات معبِّرة، ومواقف اجتماعية، وفهم ذاتي واجتماعي، وصفات شخصية متعلقة بالفضيلة أو الرذيلة. فالذي يشبُّ على الايمان بالله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه واله) وعلى الانشداد التام بكتابه المجيد منذ نعومة اظفاره، انما يمتلىء من طاقة العلم والمعرفة الدينية حداً بحيث لا تنبثق من فيه الا ينابيع الحكمة والمعرفة والعلم. وتكون صوره الذهنية غنية بأجواء الوحي وبكلام الله المجيد وبالرسالة التي يحتكّ بمصداقها وبصاحبها (صلى الله عليه واله) كل يوم. فعلي (عليه السلام) عندما يتكلم لا يُخرج من فمه الشريف الا جواهر الافكار الدينية وعندما يخطب تنـزل الكلمات الشرعية النقية كالزلال العذب بين شفتيه الشريفتين. لانه عاش (عليه السلام) جلّ حياته مع رسول الله (صلى الله عليه واله) يتلقى منه العلم والمعرفة عن النبع الصافي المتصل بالسماء. بينما كان البعض يخلط الصور الذهنية للوثنية بالصور الذهنية للاسلام.
والتحقيق، ان علياً (عليه السلام) آمن بالله عزّ وجلّ وبالعقيدة التوحيدية عندما ضمّه رسول الله (صلى الله عليه واله) اليه. والاقوى انه لم يتجاوز السادسة، وأعلن اسلامه وهو لم يتجاوز العاشرة (وقيل الثالثة عشرة من عمره). فآمن قبل الناس بسبع سنوات، وأسلم قبل الناس بفترة زمنية لا نعرف مقدارها على وجه الدقة. فكان (عليه السلام) أولهم ايماناً، وكان أولهم اسلاماً كما خاطبه رسول الله (صلى الله عليه واله) بذلك. بل كان (عليه السلام) الصّديق الاكبر، ولم يعبد الله سبحانه من هذه الامة قبله أحد غير رسول الله (صلى الله عليه واله)، وصلى مع رسول الله (صلى الله عليه واله) قبل أن تصلي الناس على الاطلاق.
المؤهلات الروحية والفكرية:
ولا شك أن دعوة علي (عليه السلام) للاسلام من قبل النبي (صلى الله عليه واله) في تلك السن كانت لفضيلة متميزة تخص ذلك الشاب اليافع الذي لم يبلغ الحلم بعد. فعلي (عليه السلام) وقت البعثة لم يكن كباقي الصبيان، بل كان انساناً على اعتاب الرجولة قد امتلىء من علم المصطفى (صلى الله عليه واله)، ورضع من بيت النبوة، واستنشق من عبير الوحي، وكان يسمع الصوت ويرى الضوء قبل الرسالة وجبرئيل في الغار يعلّم رسول الله (صلى الله عليه واله) معاني التوحيد.
وكان الامام (عليه السلام) مؤهلاً _ بفضل التربية النبوية _ لتقبل الاسلام والايمان به لانه كان مؤمناً في الاصل بالتوحيد والعقيدة الابراهيمية. بينما كان الامر يتطلب مع بقية الناس مرحلتين من التغيير. الاولى: الكفر بالوثنية وترك عبادة الاصنام. والثانية: الايمان بالله الواحد الاحد وبرسالته السماوية الجديدة. ولذلك قال ابن هشام بشأن اسلام القوم: «وما كان (صلى الله عليه واله) يدعو احداً من هؤلاء الى الاسلام الا كانت فيه عنده نظر وتردد وكبوة، أي تأخير وقلّة اجابة».
فايمان علي (عليه السلام) كان يعني انه وضع ثقته بمحمد (صلى الله عليه واله) وبرسالته السماوية الخاتمة، وبنى جسراً من الثقة والاطمئنان بينه (عليه السلام) وبين السماء. فقد كان اعتقاده (عليه السلام) بالحقائق المنـزّلة عن طريق الوحي اعتقاداً يقينيّاً شاملاً. وعندما يخاطبه النبي (صلى الله عليه واله) بالقول: أنت أول المؤمنين ايماناً وأنت أول المسلمين اسلاماً، يعني انك أول من اعتقد بالحقائق السماوية المنـزّلة عليَّ وانك أول من وضع ثقته بالرسالة السماوية التي جئتُ بها. وبتعبير آخر، ان علياً (عليه السلام) عندما آمن برسول الله (صلى الله عليه واله)، فانه (عليه السلام) آمن بكل ما كان يحمله نبي الرحمة (صلى الله عليه واله) من احكام وعقائد ومفاهيم وقيم واخلاق.
ولم يكن ايمان علي (عليه السلام) ايماناً لفظياً ظاهرياً، بل كان ايماناً يقينياً قطعياً تمثله المقولة المشهورة عنه: «لو كُشف الغطاء ما ازددتُ يقيناً». وارتقاء الايمان بالرسالة الى درجة اليقين يعني اجتيازاً لحدود المعرفة العقلية من أجل الدخول الى عالم آخر يتجرد عن كل الشكوك والاوهام والمخاوف من العقوبة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|