أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2016
671
التاريخ: 14-11-2016
395
التاريخ: 17-1-2019الإ
437
التاريخ: 17-1-2019الإ
475
|
[نص الشبهة] تتركّز هذه الصياغة على مجموعة من الصفات الإلهيّة والأسماء والمصطلحات الخاصّة ، الواردة في القرآن الكريم ، منها :
ما قاله ( ماكدونالد D. B. Macdonald ) تحت مادّة ( الله ) ( ج ـ الله في ذاته ولذاته ): (وصَفة القدّوس وحدها من أسماء الله الحسنى ، ولكنّها لا ترد إلاّ مع كلمة ملك ، ولسنا نعرف على وجه التحقيق المعنى الذي يريده محمّد من كلمة قدّوس...) (1) .
ويقول أيضاً في المادّة نفسها : ( ومن أسمائه أيضاً السلام ( سورة الحشر، الآية 23 ) . وهذه الصفة لم ترد إلاّ في الآية 23 من سورة الحشر ، ومعناها شديد الغموض ، ونكاد نقطع بأنّها لا تعني ( السلم ) .
ويرى المفسّرون أنّ معناها ( السلامة ) أي البراءة من النقائص والعُيوب ، وهو تفسيرٌ محتمل ، وقد تكون هذه الصفة كلمةٌ بقيت في ذاكرة محمّد من العبارات التي تُتلى في صلوات النصارى ) (2) .
ويقول أيضاً : (... أمّا صفاته المعنويّة فقد وردت في قلّة يشوبها الغموض ، فإنّه يصعب علينا معرفة ما يَقصده محمّد من صفات ( القدّوس ) و( السلام ) و( النور ) . وهناك مجال للشكّ فيما إذا كان محمّد قد رأى من المناسب أنْ يطلق على الله صفة ( العدل ) (3) .
أمّا تحت مادّة ( الله ) ( د ـ صلة الخالق بخلقه ) فيقول : ( ومن الواضح أنّ صفة البارئ قد أخذها محمّد من العبريّة واستُعملت دون أنْ يُقصد منها معنىً خاص )(4) .
وتحت مادّة ( بسم الله ) يقول ( كارادي فو B. Carrde Vaux ) : ( وتساءل بعض المستشرقين عمّا إذا كانت صيغتا الرحمن والرحيم من أسماء آلهة الجاهليّة ، التي بقيَت إلى جانب اسم الله ، ثمّ أصبحتا مجرّد صفات )(5) .
وتحت مادّة ( الأنصار ) يقول ( ركندوف Reckendorf ) : ( ويظهر أنّ محمّداً استغلّ التشابه الموجود بين لفظ أنصار ونصارى فجعل عيسى يطلق على الحواريّين ( أنصار الله ) ( سورة آل عمران ، آية 52 ، سورة الصف ، آية 14)(6) .
وتحت مادّة ( بَعْل ) يقول ( ماكدونالد D. B. Macdonald ) : ( ولا يزال بين كلمة ( بَعْل ) التي تدلّ على إله وبين ( بَعِلَ ) معناها دهِش أو فَرِق ومشتقّاتها صلةٌ ضئيلة ، وليس لهذين الاشتقاقين الآن وجود... ودخلت [بَعل] إلى العربيّة تفسيراً لآيةٍ في القرآن ، وقد أشار القرآن ( سورة الصافّات ، الآيات 123 ـ 132 ) إلى قصّة إلياس ، وقال على لسانه : {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات: 125] ، ومن المرجّح أنّ محمّداً قصَدَ بـ ( بَعْل ) ( بَعَل ) كما سمعها في قصّة من قصص التوراة ( سِفر الملوك الأوّل ، الإصحاح 18)(7).
أمّا ( بول F. Buhl ) فيقول تحت مادّة ( سورة ) : ( أمّا مِن أين أتى النبيّ بهذه الكلمة ؟ ، فأمرٌ لا يزال غيرُ ثابت على الرغم من المحاولات التي بُذلت لتتبّع أصلها . ويذهب ( نولدكه ) إلى أنّ ( سورة ) هي الكلمة العبريّة الحديثة ( شورا ) ومعناها الترتيب أو السلسلة ، ولو قد أمكن تفسيرها بأنّها ( السطر ) لِما قادنا ذلك إلى المعنى الأصلي للكلمة...)(8) .
[جواب الشبهة] : تهدف هذه الشبهة إلى تكوين دليل على نفي الوحي بالقرآن ، وأنّه إمّا من مخترعات النبيّ محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أو أنّه اقتبسه من الغير ...
وإنَّ جميع مفردات هذه الشُبهة تعود في الحقيقة إلى جَهل المستشرقين ، أو تجاهلهم لمعاني ألفاظٍ عربيّة وردَت في القرآن الكريم ، فافترضوا ، بعد تشكيل مقدّمةٍ باطلة من معانٍ وهميّة ادّعوها لتلك الألفاظ ، أنّها استُعيرت من صلوات النصارى مرّة، أو أُخِذَت من العبريّة مرةً أُخرى ، أو أنّها من الأسماء الجاهليّة ثالثة ، أو استقيت من قصص التوراة رابعة ، أو أنّها ألفاظ شديدة الغموض ، أو لا معنى لها خامسة ، وهكذا... ويبقى الهدف الحقيقي وراء هذه التمحّلات هو إنكار الوحي الإلهي للرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، [وجوابه في الصفحة (313-346) من هذا الكتاب في موضوع ادّعاء النبيّ محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وابتكاره واصطناعه وتأثره بمَن حوله].
أمّا أهمّ الألفاظ التي أنكروا الأصالة العربيّة لبعضها ، وجهلوا أو تجاهلوا استعمالها في معانيها العربيّة الأصيلة في آيات القرآن الكريم ، فهي كالآتي حسب تسلسل ورودها في الشبهة السالفة الذكر :
1 ـ قُدّوس : على وزن فُعُّول من القُدْس . وفي التهذيب : القُدْسُ تنزيه الله تعالى ، والقدّوس : من أسماء الله تعالى ، قال الأزهري : القدّوس هو الطاهر المُنزّه عن العيوب والنقائص ، وقال ابن الكلبي : القدّوس ، وحكى ابن الأعرابي : والمقدّس المبارك .
ويُقال أرضٌ مقدّسة أي مباركة ، وهو قول العجاج :
قد عَلِمَ القَدُّوس مولى القُدْس أَنَّ أبا العبّاس أولى نفسِ
بِمَعْدن المُلْك القديم الكرْسي
يعني بالقدّوس هنا الله سبحانه وتعالى وبالقُدْس الأرض المباركة(9) .
وقد طابق قول المفسّرين المعنى اللغوي في تفسير كلمة ( قُدّوس ) ، فذكر الطباطبائي في تفسير الميزان أنّ القدوس مبالغة في القُدس وهو النزاهة والطهارة(10) .
وقال الطوسي في تفسير التبيان : ( القُدّوس ) معناه المُطهَّر فتطهر صفاته عن أنْ يدخل فيها صفةُ نقص(11) .
فكيف يدّعي ( ماكدونالد ) عدم معرفة المعنى المراد من هذه الكلمة في القرآن الكريم ؟!.
2 ـ السَّلام : ورد في معنى السَّلام والسلامة : البراءة . وتسلّمَ منه : تبَرّأ. وقال ابن الأعرابي : السلامة العافية . والتسليم : مشتقٌّ من السلام اسم الله تعالى ، لسلامته من العيب والنقص . والسَّلامُ : البراءة من العيوب في قول أُميّة :
سَلامك رَبَّنا في كلّ فجرٍ***بريئاً ما تعنّتكَ الذُّمُومُ
والذُّموم : العيوب ، أي ما تَلزقُ بك ولا تُنسب اليك(12) .
وهنا أيضاً جاء قول المفسّرين مطابقاً للمعنى اللغوي ، مِن أنّ السلام هو الذي يسْلَم عباده من ظلمه(13) ، وأنّ السلام من يلاقيك بالسلامة والعافية من غير شرٍّ وضرّ(14) .
فأين شدّة الغموض الذي يدّعيه ( ماكدونالد ) في المعنى الواضح لهذه الكلمة القرآنيّة ؟!
3 ـ النُّور : جاء في قواميس اللغة أنّ مِن أسماء الله تعالى النور ؛ قال ابن الأثير : هو الذي يُبصِر بنوره ذو العَماية ، ويَرْشدُ بهُداه ذو الغَوايَةِ ، وقيل : هو الظاهر الذي به كلّ ظُهور ، والظاهر في نفسه المُظْهِر لغيره يُسمّى نوراً .
قال أبو منصور : والنور من صِفات الله عزّ وجل ، قال عزّ وجلّ : ( اللّهُ نُورُ السّماوَاتِ وَالأَرْضِ )(15) .
وقد ورد في تفسير هذه الآية الكريمة : إنّ النور معروف وهو ظاهرٌ مكشوف لنا بنفس ذاته ، فهو الظاهر بذاته المُظهِر لغيره من المحسوسات للبصر ، هذا أوّل ما وضع عليه لفظ النور ، ثمّ عُمّم لكلّ ما ينكشف به شيء من المحسوسات على نحو الاستعارة أو الحقيقة الثانية ، فعُدَّ كل من الحواسّ نوراً أو ذا نور يُظهِر به محسوساته كالسمع والشم والذوق واللمس ، ثمّ عُمِّم لغير المحسوس فعدّ العقل نوراً يظهر به المعقولات .
كلّ ذلك بتحليل معنى النور المُبصِر إلى الظاهر بذاته المُظهِر لغيره... فقد تحصّل أنّ المراد بالنور في الآية الكريمة ، الذي يستنير به كلُّ شيء وهو مساوٍ لوجود كلّ شيء وظهوره في نفسه ولغيره وهي الرحمة العامّة(16) .
بعد هذا البيان كيف يدّعي ( ماكدونالد ) صعوبة معرفة المقصود من وصف الله تعالى بالنور ؟!
4 ـ العدل : ما قام في النفوس أنّه مستقيم ، وهو ضدّ الجور . وفي أسماء الله سبحانه : العَدْل ، هو الذي لا يَميلُ به الهوى فيجور في الحكم ، وهو في الأصل صدر سُمِّي به فوُضِعَ موضع العادل ، وهو أبلغ منه لأنّه جُعِلَ المُسَمّى نفسه عَدلاً(17) .
وكلمة العدل وإنْ لم ترد كصفة أو اسم من أسماء الله سبحانه في القرآن الكريم ، إلاّ أنّها جاءت كذلك في حديث الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )(18) .
5 ـ البارئ : من برأ ، وهي من أسماء الله عز وجلّ ، والله البارئ : الذي خَلَقَ لا عن مثال(19) . وبهذا المعنى جاءت في الآية الكريمة : {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24] أي المُحدِث المُنشئ للأشياء ممتازاً بعضها عن بعض (20) .
فكلمة البارئ لفظٌ عربيٌّ أصيل استعمل في المعنى الخاص الذي أشرنا إليه ، خلافاً لما ادّعاه ( ماكدونالد ) من أنّها استقيت من العبريّة ولم يقصد من استعمالها معنىً خاصّاً .
6 ـ بَعْل : يُقال للرجل ، هو بَعْلُ المرأة ، ويُقال للمرأة ، هي بَعْلُه وبَعْلتُه . وباعَلت المرأةُ : اتّخذت بعلاً ، وباعل القوم قوماً آخرين مُباعَلة وبِعالاً : تزوّج بعضهم إلى بعض ، والأنثى بَعْل وبَعْلة مثل زوج وزوجة ؛ قال الراجز :
شَرُّ قرينٍ للكبير بَعلتُه تُولغ كلباً سُؤرَه أو تكْفِتُه
وبَعَل يَبْعَل بُعولة وهو بَعْل: صار بَعْلاً وقال: يا رُبَّ بَعْل ساء ما كان بَعَل.
وبَعْلُ الشيء : رَبُّه ومالكهُ . وفي حديث الإيمان : وإنْ تَلِدَ الأمة بَعْلَها ؛ المراد بالبعل ههنا المالك يعني كثرة السبي والتسرّي ، فإذا استولد المسلم جاريةً كان ولدها بمنزلة ربّها .
وبَعْلٌ والبَعْل جميعاً : صَنَم ، سُمّي بذلك لعبادتهم إيّاه كأنّه ربّهم . وقوله عز وجلّ : {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات: 125] يُقال : أنا بَعْلُ هذا الشيء أي رَبُّه ومالكه ، كأنّه يقول : أتدعون ربّاً سِوى الله ؟
ورُوي عن ابن عبّاس : إنّ ضالَّةً أُنشدَت فجاء صاحبها فقال : أنا بعلُها ، يُريدُ ربّها ، فقال ابن عبّاس : هو من قوله أتدعون بعلاً أي رَبّاً . وورد أنّ ابن عبّاس مرَّ برجُلين يختصمان في ناقة وأحدهما يقول : أنا والله بعلُها ، أي مالِكُها وربّها . وقولهم : مَنْ بَعلُ هذه الناقة ؟ أي مَنْ رَبُّها وصاحبها(21) .
وجاء في كتب التفسير ما يُطابق المعاني اللغويّة التي ذكرناها ، منها في تفسير الآية ( أَتَدْعُونَ بَعْلاً...) ، قال الحسن والضحّاك وابن زيد : المراد بالبعل ـ ههنا ـ صنم كانوا يعبدونه ، والبعل في لغةِ أهل اليمن هو الربّ ، يقولون : مَنْ بَعْل هذا الثوب أي مَنْ ربّه ـ وهو قول عِكرمة ومجاهد وقتادة والسدّي ـ ويقولون : هو بَعل هذه الدابّة أي ربّها(22) .
وعليه فكيف يدّعي ( ما كدونالد ) أنّ هذه الكلمة دخلت إلى العربيّة تفسيراً لآيةٍ في القرآن الكريم ؟
7 ـ سورة . السورة : المَنْزِلَة ، والجمع سُوَرٌ ، والسُّوَرةُ من البناء : ما حَسُنَ وطال . قال الجوهري : والسُّوْرُ جمع سُورَة مثل بُسْرَة وبُسْرٍ ، وهي كل منزلة من البناء ؛ ومنه سُورَة القرآن لأنّها منزلةٌ بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى ، والجمع سُوَرٌ بفتح الواو ؛ قال الراعي :
هُنَّ الحرائرُ لا رَبّاتُ أَخْمِرَةٍ سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
وقال ابن سيّده : سُمّيت السُّورَةُ من القرآن سُورَةً لأنّها درجة إلى غيرها ، وروى الأزهري بسنده عن أبي الهيثم قال : أمّا سورة القرآن فإنّ الله جلَّ ثناؤه جعلها سُوَراً مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ ورُتْبَةٍ ورُتَبٍ وزُلْفَةٍ وزُلَفٍ(23) .
بعد هذا البيان للمعنى اللغوي الأصل لكلمة ( سورة ) في اللغة العربيّة واستعمالها بهذا المعنى في القرآن الكريم ، كيف يوجّه ( بول ) استفهامه عن مصدر هذه الكلمة وأصالتها ؟ وكيف يدّعي ( نولدكه ) أنّها عبارة عن الكلمة العبريّة الحديثة ( شورا ) ؟
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) دائرة المعارف الإسلاميّة 2 : 562 .
(2) المصدر السابق 2 : 563 .
(3) المصدر السابق .
(4) المصدر السابق : 564 .
(5) المصدر السابق 3 : 64 .
(6) المصدر السابق 3 : 53 .
(7) المصدر السابق 3 : 694 .
(8) المصدر السابق 12 : 358 .
(9) لسان العرب : مادّة ( قدس ) . والقاموس المحيط مادّة ( قدس ) .
(10) السيّد الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن 19 : 256.
(11) الطوسي ، التبيان 9 : 573 .
(12) لسان العرب : مادّة ( سلم ) . والقاموس المحيط : مادّة ( سلم ).
(13) الطوسي ، التبيان 9 : 573 .
(14) السيّد الطباطبائي في تفسير القرآن 19 : 256 .
(15) لسان العرب : مادّة ( نور ) .
(16) السيّد الطباطبائي ، الميزان 15 : 122 .
(17) لسان العرب : مادّة ( عدل ) . والقاموس المحيط : مادّة ( عدل ) .
(18) راجع : بحار الأنوار 2 : 238 ـ 239 .
(19) لسان العرب : مادّة ( برأ ) . والقاموس المحيط : مادّة ( برأ ) .
(20) السيّد الطباطبائي ، الميزان 19 : 257 . والطوسي ، التبيان 9 : 574 .
(21) لسان العرب مادّة ( بعل ) . والقاموس المحيط : مادّة ( بعل ) .
(22) الطوسي ، التبيان 8 : 524 ـ 525 .
(23) لسان العرب : مادّة ( سور ) . والقاموس المحيط : مادّة ( سور ) .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|