إنّ المسلمين استعاروا فكرة وأحكام الاقامة والجمعة والخطبة والعيدين من اليهود او النصارى |
1936
10:35 صباحاً
التاريخ: 13-1-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-1-2019
1794
التاريخ: 15-1-2019
1987
التاريخ: 13-1-2019
2303
التاريخ: 14-1-2019
1829
|
[نص الشبهة] : يقول( جوينبل Th. W. Juynboll ) تحت مادّة ( إقامة ) : ( إنّ المسلمين استعاروا عبارات الإقامة من البركات التي تُتلى في صلاة اليهود ، في حين يقول ( بيكر Zur: C. H. Becker, Geschichtedes ص3، ص389 Islamischen Kultuse Der Islam ) : إنّها نشأت مِن الأذان الذي نُسِج على منوال القدّاس عند النصارى )(1) .
وفي مادّة ( الجمعة ) يقول ( جوينبل ) : ( ويصحّ أنْ نذهب إلى أنّ النبيّ نفسه جرى على إقامةِ صلاةٍ عامّة ، وإلقاء خطبة على طريقة اليهود في فناء داره بالمدينة في أيّام الجمعة ، ولعلّه قد جرى على إقامة الصلاة تتبعها الخطبة كما كانت عليه الحال لدى الجماعات المُماثلة في الأزمنة السابقة له ، إذ كانت الصلاة العامّة تسبق أداء الأعمال الأُخرى )(2) .
وتحت مادّة ( الخطبة )يقول ( فنسنك A. J. Wensinck ) : ( ومهما يكن من أمر الشكّ في هذه الأحاديث ، فلسنا نبتعد عن القصد إذا ذهبنا إلى أنّ النظام المحدّد للصلاة يوم الجمعة والعيدين ، إنّما نشأ بعد وفاة النبيّ . وهذا النظام يعتمد على ثلاثة عناصر : الخطبة الجاهليّة والسنّة ، والمُثل المستقاة من اليهود والنصارى .
وقال ( بيكر G. H. Becker ) في دراسته لتاريخ العبادات الإسلاميّة بوجود صلةً وثيقةً بين صلاة الجمعة والعيدَين من ناحية ، والقدّاس من ناحية أُخرى والخصائص الأساسيّة لرأيه هي : أنّ الخطبة الأُولى تُطابق الجزء الأوّل من القدّاس ( Vormesse ) والأذان والخطبة صدى للعبادات التي تدور بين الشماس والقسيس الذي يتلو القداس . والتلاوة الواجبة لآيات القرآن تُطابق القراءة من الكتاب المقدّس ، وهو يقول عن الخطبتين : إنّ هذه الثنائيّة محل لاختلاف الفقهاء ، انتقلت إلى صلاة العيدين عن طريق صلاة الجمعة .
أمّا الخطبة الثانية فتُطابق العِظة والصلاة الجامعة عند النصارى . وقد عارض هذا الرأي ( متفوخ Mittwoch ) الذي وجد في القدّاس اليهودي سِمات تُماثل الأذان والإقامة ، وتُماثل ( الحمدلة ) و( التلاوة ) من التوراة ( الخطبة الأولى ) و( التلاوة ) من سِفر الأنبياء ( الخطبة الثانية ) . وربّما كان من المستحيل أنْ نأتي بالقول الفصل في هذا الموضوع ، ولعلّ المثل المستقى من الشعائر اليهوديّة والمسيحيّة كان ذا تأثير في الهيكل الذي استقرّت عليه الصلاة عند المسلمين )(3) .
[جواب الشبهة] : قول ( جوينبل ) تحت مادّة ( إقامة ) : ( إنّ المسلمين استعاروا عبارات الإقامة من البركات التي تُتلى في صلاة اليهود ) وكذلك وجه الشبهة بين الأذان والقدّاس عند النصارى ، لتترتب عليهما دعوى الاستعارة والنسج الواحد ، فيه أنّ الثابت فيما ورد عن أهل البيت ( عليهم السلام ) أنّ الإقامة والأذان وحيٌ إلهي لرسوله الكريم (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فقد روى محمّد بن يعقوب ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عُمير ، عن عُمر بن أُذينة ، عن زرارة أو الفضيل، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( لمّا أُسريَ برسولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى السماء فبلغ البيت المعمور ، وحضرت الصلاة فأذّن جبرئيل وأقام ، فتقدّم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وصَفَّ الملائكة والنبيّون خلف محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم))(4) .
وعنه عن أبيه ، عن ابن أبي عُمير ، عن حمّاد ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال :
( لمّا هبط جبرئيل (عليه السلام ) بالأذان على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، كان رأسه في حِجْر عليّ ( عليه السلام ) فأذّن جبرئيل وأقام ، فلمّا انتبه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قال : يا عليّ ، سمعت ؟ قال : نعم ، قال : حفظت ؟ قال : نعم ، قال : ادعُ لي بِلالاً فعلّمه ، فدعا عليّ ( عليه السلام ) بلالاً فعلّمه ) .
ورواه الصدوق بإسناده عن منصور بن حازم ، ورواه الشيخ بإسناده عن عليّ بن إبراهيم مثله (5) .
وفي معرض استنكار الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، ولعنه لمن يدّعي أنّه أخذ الأذان عن غير طريق الوحي الإلهي ، نقل محمّد بن مكّي الشهيد في ( الذكرى ) عن ابن أبي عقيل عن الصادق (عليه السلام ) : أنّه لعن قوماً زعموا أنّ النبيّ ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أخذ الأذان من عبد الله بن زيد ، فقال ( ينزل الوحي على نبيّكم فتزعمون أنّه أخذ الأذان من عبد الله بن زيد ؟!) (6) . على أنّ لازم كلامهما السالف هو إنكار الوحي الإلهي لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) [والرد الذي ذكره المصنف عليه في الصفحة (313-346) من هذا الكتاب في موضوع ادّعاء النبيّ محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وابتكاره واصطناعه وتأثره بمَن حوله] .
أمّا قوله تحت مادّة ( الجمعة ) : ( ويصحّ أنْ نذهب إلى أنّ النبيّ نفسه جرى على إقامة صلاة عامّة ، وإلقاء خطبة على طريقة اليهود..) إلى آخره ، فإضافةً إلى ما فيه من إيحاء بإنكار الوحي لرسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، فيه أيضاً أنّ افتراض وجود تشابهٍ ما ، في كلّيّات عبادة معيّنة في مفرداتها الكثير من الاختلافات التفصيليّة ، شكلاً ومضموناً لا تنهض دليلاً ، بل ولا حتّى قرينةً على وحدة الطريقة في تلك العبادة ، فكيف يُفرّع عليها تبعيّة إحداهما للأخرى ؟
ثُمّ إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كان يُقيم صلاة الجمعة في المسجد لا في فناء داره ، لعدم وجود مثل هذا الفناء أساساً ، كما هو ثابت تاريخيّاً ، ولعلّ ( جوينبل ) هذا توهّم أنّ المسجد هو فناء دار رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ؛ لأنّ بيوت الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأهل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) كانت متّصلة ومُلحقة بالمسجد ، ولها أبواب خاصّة توصلها به .
أمّا قوله : (... ولعلّه [الرسول] قد جرى على إقامة الصلاة تتبعها الخطبة...) إلى آخره ، فهو قول لا صحّة له ؛ لأنّ الروايات بلغت شهرةً عظيمة عن الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأهل بيته الطاهرين ( عليهم السلام ) ، وما عليه سيرة المتشرّعة من عهد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إلى يومنا هذا ، في أنّ صلاة الجمعة تبدأ بخطبتين يجلس بينهما الخطيب جلسةً خفيفةً ثُمّ يصلّي ركعتَي صلاة الجمعة ، ولم يُروَ قط أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بدأ بصلاة الجمعة قبل الخطبة ، وعلى هذا انعقد إجماع فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم .
وممّا روي في ذلك ما عن محمّد بن الحسين بإسناده عن عليّ بن مهزيار ، عن عثمان بن عيسى عن أبي مريَم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : سألته عن خطبة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أَقَبْلَ الصلاة أو بعدها ؟
قال : ( قَبْل الصلاة ثمّ يُصلّي ) .
وروى الكليني عن الحسين بن محمّد ، عن عبد الله بن عامر ، عن عليّ بن مهزيار مثله ، إلاّ أنّه قال :
( يَخطب ثُمّ يصلّي )(7) .
وقال صاحب جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام في وقت الخطبة من صلاة الجمعة ما نصّه:
والمشهور نقلاً وتحصيلاً أنّه يجب أنْ تكون الخطبة مقدّمة على الصلاة شهرةً عظيمةً لا بأس بدعوى الإجماع معها ، بل في كشف اللثام استظهار دعواه ، كما في المحكي عن المنتهى نفي العلم بالمخالف فيه ، بل عن مجمع البرهان نفي الخلاف للسيرة القطعيّة ، والتأسّي بفعل الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) المعلوم بالنصوص ، والسيرة القطعيّة على وجهٍ يقتضي الوجوب... إلى آخر قوله(8) .
أمّا قول ( فنسنك ) تحت مادّة ( خطبة ) : ( إنّ النظام المحدّد للصلاة يوم الجمعة والعيدين إنّما نشأ بعد وفاة النبيّ )، ( وهذا النظام يعتمد على ثلاثة عناصر : الخطبة الجاهليّة ، والسنّة ، والمُثُل المستقاة من اليهود والنصارى ) ، وما نقله عن ( بيكر ) و( متفوخ ) تحت نفس المادّة ، يرد عليه ما أوردناه أعلاه على قول ( جوينبل ) تحت مادّتَي ( إقامة ) و( الجمعة ) .
ويضاف إليه أنّ ادّعاء ( فنسنك ) الصلة الوثيقة بين صلاة الجمعة والعيدين من ناحية ، والقدّاس من ناحية أُخرى غريب ، إذ لا وجه للتشابه بينهما لا شكلاً ولا مضموناً ، فكيف تدّعى الصلة الوثيقة ؟ فالقدّاس عند النصارى هو ذبيحة جسد ودم السيّد المسيح ، يُقدَّمان على الهيكل تحت شكلَي الخبز والخمر للمصلّين بواسطة القسّيس ، ويُعاونه الشماس ضِمن طقوس وتلاوات تدور بين القسّيس والشماس من الكتاب المقدّس(9) ، فأين هذا من خطبَتَي صلاة الجمعة والعيدين اللتين يجلس بينهما الخطيب جلسةً خفيفة ، ثمّ يُصلّي ركعتَي صلاة الجمعة أو العيدين بالمأمومين ؟
ــــــــــــــــــــــ
(1) دائرة المعارف الإسلاميّة 2 : 455 .
(2) المصدر 7: 105 .
(3) المصدر 8 : 375 ـ 376 .
(4) وسائل الشيعة 4 : ( أبواب الأذان والإقامة ) ح6814 .
(5) وسائل الشيعة 4 : ( أبواب الأذان والإقامة ) ح 6815.
(6) وسائل الشيعة 4 : ( أبواب الأذان والإقامة ) ح6816 .
(7) وسائل الشيعة 5 : باب وجوب تقديم الخطبتين على صلاة الجمعة ، ح9510 .
(8) جواهر الكلام 11 : كتاب الصلاة : 228 .
(9) المنجد في اللغة ، مادّة ( قدس ) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|