أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-11-2016
694
التاريخ: 17-11-2016
553
التاريخ: 17-11-2016
735
التاريخ: 17-11-2016
1100
|
حركة ابن الزبير
أدى زوال المختار من الميدان السياسي إلى انحصار المنافسة على زعامة العالم الإسلامي بين عبد الملك وعبد الله بن الزبير. ويبدو أن الأول لم يكن قادراً على التصدي للزبيريين في العراق والأقاليم الشرقية نظراً لتعرضه لبعض المشاكل الداخلية والخارجية التي تطلب حلها جهوداً خاصة.
كان الوضع الداخلي الهاجس الرئيس للخليفة الأموي، حيث كان البيت الأموي لا يزال منطويا على بعض خلافاته، وتحاك فيه المؤامرات. ويبدو أن عبد الملك عندما اتخذ قراراه بالتصدي لابن الزبير، وجد نفسه مضطراً لمعالجة بروز عمر بن سعيد بن العاص كمنافس له على الزعامة الأموية، وقد نجح في القضاء عليه وأعاد اللحمة إلى البيت الأموي. كما أنهي مشاكله بالحكمة مع حاكم قرقيسياء زفر بن الحارث، ونجح في التخلص من ناتل بن قيس الجذامي حاكم فلسطين المؤيد لابن الزبير.
أما الوضع الخارجي، فقد انتهجت الإمبراطورية البيزنطية في عام (70هـ/ 689م) سياسة أشد نشاطا وفاعلية على حدود الثغور الإسلامية منتهزة فرصة حدوث الاضطرابات داخل الصف الإسلامي، فاضطر عبد الملك أن يعقد معاهدة مع الإمبراطور جستنيان الثاني لضمان هدوء هذه الجبهة، مقابل دفع ضريبة مالية. وبذلك يكون عبد الملك، قد حسم مختلف المشاكل لصالحه وأضحى نظامه من القوة ما يكفي للمراهنة على صعوبة إسقاطه من جهة، والقضاء على حركة ابن الزبير من جهة أخرى.
وأدرك الخليفة، الأموي أن قوة ابن الزبير تكمن في العراق، وأن القضاء عليه في هذا الإقليم سيؤدي حكما إلى إسقاط النظام الزبيري بكامله لأن عوامل الصمود في الحجاز تكون قد فقدت الكثير من دعائمها، لذلك خرج على رأس جيش كبير إلى العراق، في حين تحرك مصعب من الكوفة باتجاه الشمال للتصدي له.
وانتهج عبد الملك، في غضون ذلك، خطة ذكية لإضعاف قوة خصمه، فكاتب زعماء العراق في جيشه يستميلهم للانضمام إليه، كما كاتبه هؤلاء يدعونه إليهم. وقد علم مصعب بهذه المراسلات، إلا أنه لم يتخذ بحقهم أي إجراء. ويبدو أنه لم يشأ إحداث شرخ في صفوفه، وهو على أهبة الاستعداد لدخول معركة. إلا أنه أظهر نفسه قائداً قصير النظر بفعل أن الخيانة أثرت على قوته حين تخلى هؤلاء الزعماء عنه وانضموا إلى خصمه مما كان سببا من أسباب خسارته.
ومهما يكن من أمر، فقد التحم الجيشان على نهر الدجيل عند دير الجاثليق بمسكن في (شهر جمادي الآخرة عام 72هـ/ شهر تشرين الأول عام 691م)، وأسفر اللقاء بينهما عن انتصار واضح للجيش الأموي وقتل مصعب في المعركة، ودخل عبد الملك الكوفة على إثر هذا الانتصار.
لم يضع عبد الملك فرصة قطف ثمار انتصاره، فقد أسرع بإرسال جيش إلى الحجاز بقيادة الحجاج بن يوسف الثقفي ليوجه إلى عبد الله بن الزبير الضربة القاضية حاصر الحجاج مكة، وشدد على ابن الزبير الذي أضحى في موقف حرج بفعل انقضاض أتباعه من حوله نتيجة منح الحجاج الأمان لهم.
وبالرغم من ذلك، لم تخن عبد الله شجاعته، حتى في هذه اللحظة الأخيرة من حياته، واضعا النهاية لأخطر حركة واجهت الدولة الأموية. وكان ذلك في (السابع عشر من شهر جمادي الأولى عام 73ه/ شهر أيلول عام 692م).
وبهذا انتهت خلافة عبد الله بن الزبير التي استمرت تسع سنوات تقريباً. وبوفاته، وخضوع الحجاز لعبد الملك بن مروان، توحد العالم الإسلامي من جديد تحت زعامة هذا الأخير الذي أضحى الخليفة الشرعي الوحيد للمسلمين.
عوامل فشل حركة ابن الزبير:
عندما أعلن عبد الله بن الزبير خلافته في (شهر رجب عام 64ه/ شهر شباط عام 684م) كانت عوامل النجاح متوفرة له، إذ لم يكن للمسلمين آنذاك خليفة، فكان خلافته شرعية ودعامة قوية لمصلحته، ثم بايعته الأمصار الإسلامية، باستثناء إقليم الأردن، فكان عليه أن يتحرك إلى الشام أو العراق حتى يدعم موقفه، إلا أنه آثر البقاء في مكة مما حرمه من حرية الحركة وأعطى خصومه فرصة للتحرك استغلوها بنجاح.
نجح عبد الله بن الزبير، في بداية حياته السياسية، في استغلال عواطف الفئات المعارضة للأمويين فالتفوا حوله، لكن حركته لم تتماش مع تطورات الأحداث السياسية، وبدت في كثير من الأحيان مشابهة لمواقف الأمويين الذين ثار عليهم.
تميز ابن الزبير في ثلاثة أمور هي: الشجاعة والعبادة والبلاغة. لكنه اتصف بالشيح، مما أثر سلبا على حركته في الوقت الذي كان فيه بنو أمية يوزعون الأموال لاستقطاب زعماء القبائل والقادة العسكريين. فانصرف الناس عنه.
يبدو أن ابن الزبير، رغم مواقع القوة التي استقطبها من خلال كسبه لمعظم القوى المعارضة للأمويين، لم يكن من الحنكة السياسية، وبعد النظر بحيث يستفيد من هذه المواقع أو يحتفظ بها.
لم يحسن ابن الزبير معاملة بني هاشم، ولم يقدر مكانتهم بين المسلمين فتحامل عليهم وسجنهم، مما دفع هؤلاء إلى عدم مبايعته، فأضعف مركزه. لكنه حظي في الوقت نفسه بثقة الحجازين، وكان يأمل في رد الاعتبار لإقليم الحجاز، بعد تفوق إقليم الشام بفعل نقل العاصمة إلى دمشق.
لم يحسن ابن الزبير استغلالا لموقف السياسي بالشكل المطلوب وبدا وكأنه هاو، بحيث جاءت علاقته مع المعارضة في العراق تعبر عن قصر نظره في هذا الحقل، وفق فقدان الفرص الكبرى للسيطرة على الحكم.
جعل ابن الزبير مقر حكومته في الحجاز، وكان هذا الإقليم، بعد أن انصرفت عنه العناصر السياسية إلى الشام والعراق، مأوى الطبقة الأرستقراطية التي مالت إلى حياة اللهو نظراً لتدفق الثروة عليها. بالإضافة إلى ذلك فإن الحجاز قليل الموارد، ففقد ابن الزبير بذلك الكثير من الطاقات البشرية والاقتصادية المتوفرة في الشام والعراق.
فات ابن الزبير التحول الذي أصاب المسلمين والخلافة الأموية من جراء حركة التوسع والانتشار الإسلامي. فإذا هو غير قادر على استيعاب المعطيات الجديدة.
اعتمد ابن الزبير، في نشر دعوته، على أنصاره المنتشرين في الأمصار في حين كانت السياسة الصائبة تقضي عليه بأن يتولى ذلك بنفسه، فنتج عن ذلك أن دعوته لم تصل، رغم سيطرتها حينا على معظم أجزاء الدولة الأموية، إلى تحقيق التعبئة المنظمة.
أثرت معارضة الشيعة، والخوارج، في مرحلة لاحقة، سلبا على قوته بحيث توزعت بين قتال هؤلاء وتعقب أولئك.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|