المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



ليلة الهرير  
  
4115   11:10 صباحاً   التاريخ: 10-02-2015
المؤلف : ابي الحسن علي بن عيسى الأربلي
الكتاب أو المصدر : كشف الغمة في معرفة الائمة
الجزء والصفحة : ج1,ص451-453.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-01-2015 3817
التاريخ: 19-4-2022 2350
التاريخ: 21-01-2015 3227
التاريخ: 18-10-2015 3375

من وقائع صفين ليلة الهرير التي خاضت الفرسان فيها في دماء أقرانها و أضرمت الحرب فيها شواظ نيرانها وتعاطى الشجعان فيها كاسات الحمام فمالت بصاحبها و سكرانها وجل الأمر عن المضاربة بسيفها و المطاعنة بسنانها فهرت لحقدها كأدمة بأنيابها عاضة بأسنانها قد شعلت بنار الحمية فطائفة تجهد في طاعتها و أخرى تدأب في عصيانها قد صبرت هذه اتباعا لحقها و صدقها وتلك لباطلها و بهتانها قاتلت هذه حسبة سبيل ربها و إمامها و تلك في اتباع غويها و شيطانها و هذه تعلن بتلاوة كتابها وترتيل قرآنها وتلك القاسطة تنادي بدعوى الجاهلية و أوثانها.

والإمام (عليه السلام) قد باشرها بنفسه فكم قتل من رجالها و أردى من فرسانها و كم أنحى على كتيبة فما عاد إلا بعد تفريق جمعها وهد أركانها ووصل بين الحزن وأهلها و فرق بين رؤوسها و أبدانها و شتت شمل اجتماعها فجمع عليها بين وحوش الأرض و عقبانها فيا لها من ليلة خرست فيها الشقاشق فلا تسمع إلا همهمة و خشعت لها الأصوات فلا تحس إلا غمغمة و عجزت بها الألسن عن النطق فكان نطقها تمتمة و أرادت التقريع على فعالها فلم تستطعه فاعتاضت عنه زئيرا و دمدمة و أظلم سواد حديدها و ليلها وغبارها فعدت بليالي و سال بأرضها طوفان الدم فسوى بين السافل و العالي و أومضت في ظلمائها بوارق السيوف و بدور البيض وشهب العوالي و دارت بها رحى الحرب فطحنت الأواخر والأوالي و انتصب مالك لتلقي روح المعادي و استبشر رضوان بروح الموالي و أمير المؤمنين فارس ذلك الجمع و أسده وإمامه و مولاه و سيده و هادي من اتبعه و مرشده يهدر كالفحل و يزأر كالأسد و يفرقهم و يجمعهم كفعله بالنقد لا يعترضه في إقامة الحق و إدحاض الباطل فتور ولا يلم به في إعلاء كلمة الله و خزي أعدائه قصور يختطف النفوس و يقتطف الرؤوس ويلقي بطلاقة وجهه اليوم العبوس و يذل بسطوة بأسه الأسود السود والفرسان الشئوس و يخجل بأنواره في ليل القتام الأقمار و الشموس فما لقي شجاعا إلا و أراق دمه و لا بطلا إلا و زلزل قدمه و لا مريدا إلا أعدمه و لا قاسطا إلا قصر عمره و أطال ندمه و لا جمع نفاق إلا فرقه و لا بناء ضلال إلا هدمه و كان كلما قتل فارسا أعلن بالتكبير فأحصيت تكبيراته ليلة الهرير فكانت خمسمائة و ثلاثا و عشرين تكبيرة بخمسمائة و ثلاث و عشرين قتيلا من أصحاب السعير .

وقيل إنه في تلك الليلة فتق نيفق درعه لثقل ما كان يسيل من الدم على ذراعه و قيل إن قتلاه عرفوا في النهار فإن ضرباته كانت على وتيرة واحدة إن ضرب طولا قد أو عرضا قط و كانت كأنها مكواة بالنار قال كمال الدين بن طلحة فما تحلى بهذه المزايا والخلال ولا أبلى بلاؤه المذكور في النزال و لا صدرت منه هذه الأفعال إلا عن شجاعة تذل لها الأبطال وتقل لديها الأهوام و لا تقوم بوصفها الأقلام و الأقوال و لا يحتاج في تحققها أن يثبتها الاستدلال و على الجملة و التفصيل فمقام شجاعته لا ينال و ما ذا بعد الحق إلا الضلال و لما أسفر صبح ليلة الهرير عن ضيائه و حسر الليل جنح ظلمائه كانت القتلى من الفريقين ستة و ثلاثين ألف قتيل هكذا نقله مصنف كتاب الفتوح و مؤرخ الوقائع التي نقلها بألسنة أقلامه فهي في الرواية منسوبة إليه العهدة فيها عند تتبعها عليه و هذه الوقائع المذكورة مع أهوالها الصعاب و صيالها المصلى لظى الطعان والضراب هي بالنسبة إلى بقايا وقائع صفين كالقطرة من السحاب و الشذرة من السحاب.

قلت وفي صبيحة هذه الليلة استظهر أصحاب علي (عليه السلام) و لاحت لهم أمارات الظفر و علائم الغلب وزحف مالك الأشتر رحمه الله بمن معه حتى ألجأهم إلى معسكرهم و اشتد القتال ساعتئذ ورأى علي (عليه السلام) أمارات النصر من جهة الأشتر فأمده برجال من أصحابه.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.