أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-5-2018
2506
التاريخ: 17-10-2016
2710
التاريخ: 17-10-2016
2323
التاريخ: 27-5-2018
4356
|
كان دخل الدولة الساسانية يأتي عن طريق نوعين من الضرائب :
الأول من الخراج أو الضرائب العقارية ، والثاني من الجزية وهي ضريبة الرؤوس . ولم يتغير النوع الأخير من الضرائب بمعنى أنه كان يحدد مبلغ لكل قسم من أقسام المملكة ويقسم على عدد سكان القرية . ويحدد خراج كل ناحية طبقاً لدرجة خصوبتها ، وعلى كل قرية أن تدفع من سدس إلى ثلث محصولها حسب سنوات الرخاء أو القحط أو بالنظر إلى المسافة بينها وبين المدينة ، وأعفي من الضرائب النساء والأطفال والشيوخ ، أما من يدفع ضريبة الرؤوس ، فهم أولئك الذين ليس لهم نسب ملكي ، وكذلك اليهود والمسيحيون ، ولما كانت هذه الضرائب تقدر جزافاً وأدت جبايتها على الظلم والأعتداءات المتكررة من موظفي الحكومة ولما كان موظف الحكومة لا يحدد مقدار الضرائب التي يجب على الزارع أو المالك دفعها بما يعطل جني المحصول (1) ، لذا فقد فكر قباذ في إعداد نظام جديد للضرائب أتمه أنوشيروان فيما بعد ، فمسحوا الأرض الزراعية الخصبة المزروعة وجعلوا الكريب ، وكان يعادل ألفين وأربع مئة ذراع مربع بقياس اليوم ، أساساً لضرائب الأرض ، أي أن يطالب بمقدار معين ومحدد من الضرائب عن كل كريب ، تحصل الضرائب على أربعة أقساط ، وكانوا يطلقون على القسط أسم ( سي مرك ) أو ذي الثلاثة شهور (2) .
وكان هذا النظام الضريبي مع عيوبه سبباً في سعادة الشعب ورفاهيته ، نظراً لما كان يقاسيه من عدم تحديد الضرائب وكثرتها في العهود السابقة . وقد تم أصلاح جزية الرؤوس أيضاً في عهد أنوشيروان . إذ قسم الشعب من ناحية الملكية التقريبية إلى عدة طبقات ، وقرر لكل طبقة مبلغاً لجزية الرؤوس وأعفي من هذه الضريبة رجال الحرب ورجال الدين والكتاب المستخدمون في إدارات الدولة (3).
وكانت جزية الرؤوس تؤخذ في سن العشرين إلى سن الخمسين ، ولتنفيذ القرارات المذكورة صدر الأمر إلى قضاة الولايات بالإشراف على تنفيذها والتحقيق في الشكاوي التي تقدم لتعري موظفي الدولة . وإطلاع العاصمة على هذه بأنتظام (4) . كانت الضرائب أذن هي أهم موارد الدخل العادية للدولة الساسانية ، ولكن وجدت موارد كبيرة للدولة كالغنائم الحربية والغرامات التي كانت تحصلها من بلاد الروم والهدايا التي كان يقدمها أثرياء المدن في عيدي النوروز والمهرجان ، وعائد معادن الذهب وغيره ، ويظن بعض الباحثين إنهم كانوا يحصلون الجمارك في ذلك الوقت ولكن هذا غير مؤكد وقد وصل دخل الدولة في عصر كسرى برويز على مئتين وأربعين مليوناً من الدراهم تقريباً (5) .
كانت كما ذكرنا معظم الإيرادات المالية للدولة الساسانية من مصدرين مهمين هما : ضريبة الأرض ، وضريبة الأعناق (6) ، وكان على كل قرية أن تدفع قسماً مما تنتجها أرضها من غلات زراعية (7) . ضريبة للدولة تتراوح نسبتها من النصف إلى العشر ، وغالباً ما تكون بين الثلث والسدس ، حسب سياسة الدولة المالية أما ضريبة الأعتاق فتمثلت بالجزية التي قررت على أربع نسب (8) . على وفق ما يتناسب مع كل فرد في السنة ، وشملت الفلاحين والحرفيين والتجار ومن الذين تتراوح أعمارهم بين العشرين والخمسين سنة (9) . واعفي منها أهل البيوتات من أبناء الأسر النبيلة ورجال الدين وكبار ملاك الأراضي والفرسان والكتاب (10) ويعود سبب تباين مقدار هذه الضريبة وفرضها على فئة من الناس من دون أخرى إلى طبيعة النظام الطبقي للمجتمع ، وأستبدادية الحاكم الذي يتيح لنفسه فرض أي نوع من الضرائب من دون محاسبة (11).
بحكم كون الدهاقنة حلقة إدارية مهمة فقد أصبح من واجباتهم فرض سيطرة الدولة على مساحة واسعة من الأرض الزراعية الخصبة وأجبار الفلاحين على الأستمرار في الزراعة ، ووصفوا بأنهم عمار البلاد (12) .
وبفضل نظام الدهقنة ضمنت الدولة الحصول على الأموال الباهضة ، ووصف الدهاقين بكونهم أرباب الخراج وبواسطتهم تؤخذ الأموال (13) ، لأن الأرض تمثل مصدراً مالياً قلما ينضب (14) .
ومن واجباتهم الإشراف على الأرض وتطبيق نظم الدولة الإدارية والمالية من خلال جباية الضرائب من الفلاحين العاملين في الأراضي ورفعها على خزائن الأموال ، فكانوا بمثابة الواسطة بين الفلاحين والملك ، وأستخدم الدهاقين الأساليب القسرية عند تحصيل الضرائب من الفلاحين ، التي كثيراً ما أستندت إلى التعذيب الجسدي (15) .
يتضح من خلال البحث إن الأداة تركزت عند الساسانيين بيد رئيس الوزراء الذي كان يمثل رئيس الإداة المركزية ويحمل لقباً خاصاً بهذا المنصب هو ( هزاربذ ) ، وهذا المنصب متطور عمن سبقهم من الأكمينين وبواسطته يدير الملك الدولة .
ومن الطبيعي أن يختار لهذا المنصب من يثق به الملك ويعمل تحت رقابته ، وكان له شيء من الأستقلالية فيما يراه من قرارات أو ينوب عن الملك في حالة غيابه لأداء الحرب . وكان يمثل الدولة في المفاوضات الدبلوماسية ، وربما كان يقود الجيش أحياناً فهو كبير المستشارين للملك في كل شؤون الدولة الإدارية والمالية وكانت ثقافة شاغل المنصب فضلاً عن حسن سلوكه هي المقياس في أختياره فهو كما يتمتع بكافة الصلاحيات لا يستطيع التنفيذ من دون مشاورة الملك في القرارات ، وخلاصة القول أنه يعمل بأسم الملك لا بأسم الشعب .
وفي الإدارة ظهر رجال الدين بشكل طبقة خاصة متميزة ، وكانوا متحالفين مع الإقطاعيين لتشابك مصالحهم . وبالرغم أن النبلاء ورجال الدين متلاحمين فإنهم كانوا منفصلين ، لكل منهم مصالحه الخاصة . برزت أحياناً أتفاقات تعقد بينهم لإزالة الملك أو التآمر عليه ، عند تقاطع المصالح بين الملك وبين هذين الإتجاهين . وكان رجال الدين يمتلكون أمتيازات في القضاء والحكم في أمور تتعلق بالزواج وشهادات الميلاد .
إن الأرض التي يسيطر عليها رجال الدين وما تدره من الموارد الغزيرة علاوة على الغرامات المالية التي يفرضونها والعشور والهبات تشكل موارد قوية لهم . وبأختصار إنهم دولة داخل دولة (16) .
وتمكن رجال الدين من ترتيب درجاتهم وألقابهم وأمتيازاتهم بدقة متناهية . والرئيس يمثل في عصرنا الحالي منصب (البابا) ، له سلطة عليا في المسائل النظرية وفي الأصول والفروع ورسم السياسة الروحية ، وهو مسؤول إدارياً عن عزل وتعيين الموظفين الدينيين والحاكم ، ويمتلك تأثيراً قوياً في جميع شؤون الدولة ، لكونه المرشد الروحي ، وموظفوه يشرفون على المعابد الدينية ويسمعون أقوال الناس في الأعتراف والغفران والعفو .
لقد تدخل الدين في أمور الحياة اليومية وكان المواطن معرضاً للمساءلة ، فرجال الدين لم يكونوا يملكون وظيفة تشريعية بل كانوا ملاكاً للعقارات والأراضي تنتقل إرثاً بينهم وهم أصحاب ثروات طائلة .
والمالية كان لها ما يشبه منصب وزير المالية والمسؤول عنها تتوزع مسؤولياته على الخراج وجبايته ، ويوجد رئيس للمحاسبين ومسؤولين عن ضريبة العقار والضريبة الشخصية وكان هناك من يهتم بأمور الكمارك المأخوذة على السلع والأفراد المسافرين . وكذلك شؤون البريد والضرائب عليها . وتتركز المالية في أمور مصروفات الدولة على الحرب والموظفين ومصاريف البلاد ، وحملات الإعمار في أعمار الجسور والطرق وحفر الأنهار إضافة إلى توزيع الملك الهبات والمساعدات للفقراء برغم قلة المصروفات للخير العام ، لأن الحكام الساسانيين كانوا يهتمون بالجباية وزيادة عائد خزانة الدولة ، ودأب الساسانيون على سك النقود الجديدة لكل ملك بعد إذابة النقود القديمة (17).
________________
(1) المسعودي ، مروج الذهب ، ج1 ، ص 237 ، كريستنسن ، إيران في عهد الساسانيين ، ص 111 – 112 .
(2) بيرنا ، حسن , تاريخ إيران القديم ، ص 297 – 298 ، الصالح ، صبحي ، النظم الإسلامية ، دار العلم ، بيروت ، 1978 ، ص 32 .
(3) طه ، باقر وآخرون ، تاريخ إيران القديم ، ص 144 – 145 ، بيرينا , حسن، تاريخ إيران القديم ، ص 298 .
(4) أبن خرداذبه ، المسالك والممالك ، ص 18 . قدامه ، أبو الفرج قدامه بن جعفر البغدادي ( ت 328 هـ / 939 م ) ، الخراج وصناعة الكتابة ، تح ، محمد حسين الزبيدي ، دار الحرية ، بغداد ، 1981 ، ص 184 ، مستوفي ، قزويني ، تاريخ كزيده ، ص 115 .
(5) بيرينا ، حسن ، تاريخ إيران القديم ، ص 299 .
(6) كريستنسن ، إيران في عهد الساسانيين ، ص 111 – 112 ، شعبان محمد عبد الحي ، صدر الإسلام والدولة الأموية ، بيروت ، 1983 ، ص 60 .
(7) كريستنسن ، إيران في عهد الساسانيين ، ص 112 .
(8) الدنيوري ، الأخبار الطوال ، ص 71 ، بياتي ، كليات تاريخ وتمدن إيران ، ص 165 – 166 .
(9) رازي ، تاريخ إيران المفصل ، ص 55 – 56 .
(10) " ساسانيان " ، مصدر سبق ذكره ، ص 5 ، أربري ، تراث فارس ، ص 95 .
(11) النعيم ، عبد العزيز علي ، نظام الضرائب في الإسلام ، بيروت ، 1975 ، ص 81 .
(12) المسعودي، مروج الذهب، ج1، ص 251 ، رازي ، تاريخ إيران المفصل ، ص 56 .
(13) المسعودي ، المصدر نفسه ، ج1 ، ص 251 ، رازي ، المصدر نفسه ، ص 57 .
(14) دبورانت ، قصة الحضارة ، مج 1 ، ج1 ، ص 284 .
(15) كريستنسن ، ، إيران في عهد الساسانيين ، ص 99 .
(16) كريستنسن ، إيران في عهد الساسانيين ، ص 100 – 114 ، باقر ، طه وآخرون ، ص 170 – 171 .
(17) المسعودي ، مروج الذهب ، ج1 ، ص 219 – 220 ، كريستنسن ، إيران في عهد الساسانيين ، ص 100 – 114 . بيرينا , حسن ، تاريخ إيران القديم ، ص 297 – 299 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|