أقرأ أيضاً
التاريخ: ج1،ص220-221
1018
التاريخ: 14-3-2018
847
التاريخ: 24-9-2017
1249
التاريخ: 24-9-2017
884
|
أما المتوكل فقد كان معروفاً باللهو والمجون ومعاقرة الخمر، قال المسعودي: "ولم يكن أحد ممن سلف من خلفاء بني العباس ظهر في مجلســه العبث والهزل والمضاحك وغير ذلك مما قد أستفاض في الناس تركه إلا المتوكل فإنه السابق إلى ذلك والمُحدث له" (1) .
قال أبو الفرج الأصفهاني: "كان المتوكل شديد الوطأة على آل أبي طالب، غليظاً على جماعتهم مهتماً بأمورهم، شديد الغيظ والحقد عليهم، وسوء الظن والتهمة لهم، وأتفق له أن عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزيره يسيء الرأي فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، وكان من ذلك أن كرَبَ (2) قبر الحسين وعفّى آثاره، ووضع على سائر الطرق مسالح له لا يجدون أحداً زاره إلا أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة" (3). حتى قال الشاعر :
تالله إن كانت أمية قد أتت
قتلى ابن بنت نبيها مظلوماً
فلقد أتاه بنو أبيه مثلها
هذا لعمرك قبره مهدوما
أسفوا على أن لا يكونوا شايعوا
في قتله فتتبعوه رميما (4)
وأستعمل المتوكل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخّجي فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، ومنع الناس من البرّ بهم، وكان لا يبلغه أن أحداً أبرَّ أحداً منهم بشيء وإن قلّ إلا أنهكه عقوبة، وأثقله غُرماً، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة، ثم يرقعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر (5) .
هكذا شاء "أمير المؤمنين المتوكل على الله" أن تقبع العلويات في بيوتهن عاريات يتبادلن القميص المرقع عند الصلاة، وأن تختال الفاجرات بالحُلي وحُلل الديباج بين الإماء والعبيد... لقد أرسل الرشيد إلى بنات الرسول (صلى الله عليه وآله) من يسلب الثياب عن أبدانهن (6)، أما المتوكل فقد شدد وضيَّق عليهن، حتى ألجأهن إلى العُريّ، وهكذا تتطور الفلسفات والمناهج مع الزمن على أيدي القرشيين العرب أبناء الأمجاد والأشراف.
لقد تفرّق العلويون أيام المتوكل، فمنهم من توارى، فمات في حال تواريه، كأحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، وعبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) (7)، ومنهم من ثار من الضغط والجور، كمحمد بن صالح بن عبد الله بن موسى، ومحمد بن جعفر بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين (عليه السلام) (8).
لقد أمر القرآن الكريم بمودة أهل البيت، وجعلها أجراً وشُكراً لمحمد (صلى الله عليه وآله) على ما أسداه لأمته من الخير، فكانت النتيجة إن أقرب الناس إليه الذين حكموا وتحكّموا برقاب الناس بأسمه هم الذين أستباحوا من دماء أبنائه، والتنكيل بهم.. إن الذين أنكروا محمداً (صلى الله عليه وآله) ورسالته أهون على الإسلام بكثير من المتوكل وأمثاله الذين أظهروا الإسلام، ثم كادوا له وخالفوه مخالفة المضاد المعاند، والعدو الحاقد (9).
ونكتفي بما ذكرناه عن العباسيين، فإن فيه الدلالة الكافية الوافية على قبح سيرتهم، وسوء سياستهم التي تتلخص بكلمتين: إجتراء على الشر والحرام، وشغف بالظلم والفساد، وإحتقار للدين والإنسانية. والمصدر الوحيد لهذه السيئات والمنكرات هو حكم الفرد، وإستقلاله في شؤون الدولة، وإستهتاره بحقوق الجماعة.
__________________
(1) المسعودي، مروج الذهب، جـ 7، ص 191 .
(2) كرب: يكرب الأرض للزرع: قلبها وحرثها.
(3) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 597 .
(4) الطوسي، الأمالي، ص 329؛ ابن شهراشوب، مناقب آل أبي طالب، جـ 3، ص 221؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، جـ 12، ص 35؛ ابن كثير، البداية والنهاية، جـ 11، ص 143؛ السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص 347.
(5) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 599؛ ابن الصوفي، المجدي في أنساب الطالبيين، ص 372.
(6) الصدوق، عيون أخبار الرضا، جـ 2، ص 172؛ ابن شهراشوب، مناقب آل أبي طالب، جـ 3، ص 457؛ المجلسي، بحار الأنوار، جـ 49، ص 166 .
(7) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 628؛ النعمان، أبو حنيفة، شرح الأخبار، جـ 3، صص 331-332؛ التنوخي، أبو علي المحسن بن أبي القاسم (ت 384هـ/994م)، الفرج بعد الشدة، ط2، (قم، منشورات الشريف الرضي، 1364هـ/1944م)، جـ1، ص 141؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة، جـ 11، ص 340.
(8) الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 600؛ الصفدي، الوافي بالوفيات، جـ 3، صص 154-155؛ ابن عنبة، عمدة الطالب، ص 116 .
(9) مغنية، محمد جواد، الشيعة والحاكمون، ص 171 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يواصل إقامة دوراته القرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|