أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-4-2018
1178
التاريخ:
677
التاريخ: 29-4-2018
3224
التاريخ: 28-4-2018
794
|
اقترح لايكوف وجونسن نظرية ذهنية تختلف عن النظريات المعيار، وهي نظرية ذات منحى تجريبي. وتركز على شيئين تم إغفالهما في عدد من الأعمال النفسية في الدلالة:
أ- دور الإنسان في تحديد التصورات الدالة؛
ب- وقدرة الخيال البشري على خلق تصورات دالة.
وقد شكلت هاتان النقطتان انطلاقة لعدد من النظريات ذات النزعة التجريبية بخصوص المعرفة، على اعتبار أن التنظير للعلاقة بين الرموز اللغوية والمتكلم، باعتباره كيانا مدركا له تجربة معينة مع محيطه، يجب أن يولي النقطتين بالغ الاهتمام.
قام الطرح ذو النزعة التجريبية بخصوص المعرفة على عدد هائل من الانتقادات الموجهة الى الطروحات السابقة(1). إن ما يمكن أن يكون مقاربة واعدة في الدلالة المعرفية، بحسب جونسن (1987) ولايكوف (1987)، هو البعد التجريبي في قيام المعنى وفهمه عند البشر (2). وما هو تجريبي هنا بمعناه الواسع، بما في ذلك البعد الحسي – الحركي، والبعد العاطفي، والبعد الاجتماعي، وتجارب أخرى من هذا القبيل متيسرة عند كل الكائنات البشرية العادية. ويضاف الى كل هذا القدراتُ الفطرية التي توجه التجربة وتجعلها ممكنة. ومفهوم التجربة لا يحيل، بالأساس،على التجارب العرضية الفرادية التي قد تحصل لنوع من الناس بعينه. فالمقصود بالتجربة ذاك المظهر الذي نتوافر عليه جميعنا باعتبارنا، بكل بساطة، كائنات بشرية تعيش على هذه الأرض في إطار مجتمع بشري. والتجربة ليست عنصراً ساكناً أو سالباً ؛ إنها عنصر فاعل في " اشتغال " البشر وفعلهم في محيطهم الطبيعي والاجتماعي / الثقافي باعتبارهم جزءاً جوهرياً فيهما. وتكمن فاعلية التجربة البشرية المشتركة (التي تحوي خصائص البشر، بما في ذلك امتلاك أجساد وقدرات فطرية وطريقة في " الاشتغال " باعتبارهم جزءاً من عالم واقعي وحقيقي ) في العمل على تحفيز ما هو دال في
ص51
الفكر البشري. ومفهوم التحفيز لا يعني التحديد. فالتجربة لا تحدد بشكل صارم التصورات البشرية وأشكال التفكير. فالبنية التي تلازم تجربتنا هي التي الفهم التصوري ممكنا، كما تقيد، في عدة حالات، طبقة البنيات التصورية الممكنة لدى البشر.
ويمكن ان نعرض، بإيجاز، بعض العناصر الأساسية في التصور التجريبي القائم على البعد المعرفي وعلى الأسس النفسية بإدراك التجربة البشرية وتصورها:
أ- الفكر البشري ليس محايداً، إنه يقتضي بشكل أساسي وجوهري، نوع التجربة المبنية التي تنتج عن كون البشر يملكون اجساداً، ولهم قدرات حسية حركية فطرية،... إلخ.
ومعنى هذا أن المعنى تفاعلي، ينتج من خصائص البشر ومن تجربتهم في العالم الذي يعيشون فيه.
ب- من الصعب النظر الى المعنى انطلاقاً من نظرية توافقية تضم الرموز الى الأشياء الخارجية. فالمعنى يرتبط، بالأساس، بإسقاط خيالي يستعمل آليات مثل المقولة والاستعارة والكناية. وهذه الآليات تتيح أن ينتقل البشر مما يقومون بتجربته بكيفية مبنية الى نماذج معرفية مجردة.
جـ - لا داعي الى اعتبار سيرورات الفكر معالجة لرموز مجردة عن طريق عدد هائل من الخوارزمات المبنية بشكل دقيق. ينبغي ان نشرط عدداً قليلاً من السيرورات المعرفية العامة التي يعطي تطبيقها على النماذج المعرفية المجردة ما يمكن تسميته " العقل " أو " الفكر " البشري.
ومن الأعمال التي تم انجازها داخل هذا الطرح كتاب لايكوف وجونسن الذي يحمل عنوان " الاستعارات التي نحيا بها ". ويبحث هذا الكتاب في الكيفية التي يفهم بها الإنسان لغته وتجربته والعلائق الرابطة بينهما، أي كيف تفعل التجربة في اللغة وكيف تفعل اللغة في التجربة. وقد تم انتقاء آليات اشتغال التعابير الاستعارية لقياس هذا التفاعل ورصد بضع أجزائه.
إن جزءاً هاماً من تجاربنا وسلوكاتنا وانفعالاتنا استعاري من حيث طبيعته. وإذا كان الأمر كذلك، فإن نسقنا التصوري يكون مبنياً جزئياً بواسطة الاستعارة. وبهذا لن تكون الاستعارات تعابير مشتقة من " حقائق " أصلية، بل تكون هي نفسها عبارة عن " حقائق " بصدد الفكر البشري والنسق التصوري البشري.
إن القدرة على فهم التجربة عن طريق الاستعارة تعد معنى في حد ذاتها. وهي في ذلك مثل استخدام حاسة الرؤية أو حاسة اللمس في حصول بعض الإدراكات. وهذا يعني أننا لا ندرك مظاهر العالم ومكوناته، ولا نباشر التجربة إلا من خلال بعض الاستعارات.
ص52
فالاستعارات تلعب دورا يوازي، من حيث أهميته، ذلك الدور الذي تلعبه حراستا في مباشر " إدراك العالم وممارسة تجربته.
إذا صح كل هذا، لن تكون الاستعارة مظهراً لغوياً صرفا، بل تكون مظهراً ثقافياً عاما تتأثر به اللغة مصدر الاستدلال على هذه الفرضية، كما يبرهن على أن ظاهرة الاستعارة يمكن أن تفسر بشكل جيد عن طريق افتراض ترابطات تصورية بين مجال تصوري وآخر. وبمقتضى هذا الافتراض، يمكن أن نقول إن معاني جزء كبير من لغتنا تحتاج الى هذا النوع من الترابطات.
ص53
_______________
(1) ويدخل في هذا الإطار أيضاً الانتقادات التي وجهها بوتنام الى هذا التصور باعتباره يفرق في استعمال عدة رياضية لا تمت بصلة الى ما يفترض أنه واقعي عند متكلم اللغة. انظر بهذا الصدد، بوتنام (1981).
(2) نحيل هنا على العملين التاليين: جونسن (1987)، ولا يكوف (1987).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|