الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الخُشَني المؤرخ
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج4، ص263-266
22-2-2018
3361
هو أبو عبد اللّه محمّد بن الحارث بن أسد الخشنيّ، ولد في القيروان و درس فيها و في تونس و سكن مدّة في سبتة.
دخل الخشنيّ الأندلس سنة ٣١١ أو ٣١٢(924 م) حدثا، و درس في قرطبة على قاسم بن أصبغ (ت 340 ه) و على معاصره محمّد بن عبد الملك بن أيمن.
و أراد الخليفة عبد الرحمن الناصر أن يولّي الخشنيّ القضاء في جيّان فأبى الخشنيّ إباء شديدا، و لكنّه قبل، في أيام الحكم المستنصر (350-366 ه) أن يتولّى المواريث في مدينة بجّانة من أعمال المريّة. و بعد وفاة الحكم عمل الخشنيّ بالعطارة (بيع العطور و البذور و بيع موادّ لها صلة بالأدوية الخفيفة و بالكيمياء) .
و توفّي محمّد بن حارث الخشنيّ في الثالث من صفر من سنة ٣٧١(٨/٨/٩٨١ م) و في تحقيق سنة وفاته اختلاف بين سنة 361 و سنة ٣٧١ ه.
محمّد بن حارث الخشنيّ محدّث و فقيه و مؤرّخ؛ له من الكتب: كتاب القضاة بقرطبة-كتاب علماء إفريقية (القطر التونسي) -أخبار الفقهاء و المحدّثين-الاتفاق و الاختلاف لمالك بن أنس و أصحابه. و يبدو أنه كان لأبي عبد اللّه محمّد بن حارث الخشنيّ شعر كثير مشهور يدلنا القليل الذي بقي لنا منه على شيء من المتانة و على أن من أغراضه الزهد و الحكمة.
مختارات من آثاره:
- قال محمّد بن حارث الخشنيّ في مقدّمة كتاب «القضاة» ، بعد أن ذكر اهتمام الأمير الحكم المستنصر (1) بالعلوم و تدوينها و أنه هو الذي أمر بتأليف هذا الكتاب:
لمّا كان القاضي أعظم الولاة خطرا بعد الإمام الذي جعله اللّه زماما للدين و قواما (2) للدنيا، لما يتقلّده القاضي من تنفيذ الأحكام في الدماء و الفروج و الأموال و الأعراض (3) و ما يتّصل بذلك من ضروب المنافع و وجوه المضارّ، و كانت العقبى من اللّه في ذلك فظيعة المقام هائلة الموقف مخوفة المطلع (4) ، اختلفت في ذلك الهمم من عقلاء الناس و علمائهم. فقبل كثير منهم القضاء رغبة في شرف العاجلة (5) و رجاء لمعونة اللّه عليه و اتّكالا على سعة عفوه فيه، و نفر آخرون منه رهبة من مكروه الآجلة (6) و حذارا من اللّه فيما يكون منهم و على أيديهم. و قد سلف من رجال الأندلس، من أهل حاضرتها العظمى (7) ، رجال دعوا إلى القضاء فلم يجيبوا رهبة. . . من منتظر العاقبة (8) . و قد رأيت أن أدوّن ذكرهم و أصف مقاماتهم بين يدي خلفائهم و إشفاقا ممّا دعاهم إليه أمراؤهم، و أن أجعل لذلك بابا في صدر الكتاب (9) ، ثمّ أصير إلى ذكر ولاة القضاء قاضيا قاضيا على ما كانت عليه دولهم (10) . . .
- قال أبو عبد اللّه محمّد بن حارث الخشنيّ في يحيى بن معمر الألهاني (11) (المقتبس 54) :
يحيى بن معمر بن عمران بن منير بن عبيد بن أنيف الألهانيّ من العرب الشاميّين (12) ، و كان من أهل إشبيلية، منزله منها بمغرانة - قرية بقرب الحاضرة و عليها ممرّ السابلة (13) . و كان في وقته فقيه إشبيلية و فارضها (14) . و كانت له رحلة لقي فيها أشهب بن عبد العزيز (15) و سمع منه و من غيره من أهل العلم. و كان ورعا زاهدا فاضلا عفّا مقبلا على عمارة ضيعته و ترقيح (16) معيشته. فانتهى خبره إلى الأمير عبد الرحمن (17) ، و قد احتاج إلى قاض، فاعتامه (18) للقضاء و استقدمه إلى قرطبة و قلّده قضاء الجماعة بها. فصدق الظنّ به و اغتدى من خير القضاة في قصد سيرته و حسن هديه و صلابة قناته و إنفاذ الحقّ على من توجّه عليه لا يحفل لومة لائم فيه.
- و من مشهور شعر أبي عبد اللّه (محمّد بن حارث) الخشنيّ (المقتبس 257-258) :
كأن لم يكن بينٌ و لم تكُ فرقةٌ... إذا كان من بعد الفراق تلاقِ (19)
كأن لم تؤرّق بالعراقين مقلتي... و لم تمر كفّ الشوق ماء مآقي (20)
و لم أزر الأعراب في خبت أرضهم... بذات اللوى من رامة و براق (21)
و لم أصطبح بالبيد من قهوة الندى... بكأس سقانيها الفراق دهاق (22)
بلى، و كأنّ الموت قد زار مضجعي... فحوّل منّي النفس بين تراق (23)
أخي، إنّما الدنيا محلّة فرقة... و دار غرور آذنت بفراق (24)
تزوّد، أخي، من قبل أن تسكن الثرى... و تلتفّ ساق للنشور بساق (25)
_______________________
١) الحكم المستنصر كان ابن عبد الرحمن الناصر (٣٠٠-350 ه) و خليفته.
٢) الخطر: القيمة المكانة، الشرف. زمام: رسن، قياد، ضابط. القوام: النظام، الأصل، العماد.
٣) في الدماء (القصاص على القتل و الجروح) و الفروج (الزواج و الطلاق و ما يتعلّق بهما) و الأموال (الزكاة و الصدقات و الضرائب) و الأعراض (جمع عرض بكسر العين: شرف الإنسان ثمّ جمع عرض بفتح ففتح: البضائع، و هي المقصودة هنا: أي أمور التجارة من البيع و الشراء الخ) .
4) ضروب: أنواع. العقبى: النتيجة (ما يصير إليه الإنسان في الآخرة) . فظيعة: شديدة، شنيعة. المطلع: المظهر.
5) العاجلة: الدنيا.
6) الآجلة: الآخرة (يوم القيامة) .
٧) سلف: مضى (عاش قبل أيامنا) . الحاضرة: العاصمة (فرطبة) .
٨) خوفا من الحساب على أعمالهم يوم القيامة.
٩) و اشفاقا (العطف هنا غير واضح) . صدر: أوّل.
10) الدولة: الدور (المدّة التي يقضيها الإنسان بعد غيره) -دولة دولة: مرّة بعد مرّة.
11) توفّي يحيى بن معمر قبل 234 ه.
12) راجع، فوق، ص ٣٩.
13) الحاضرة: العاصمة (هنا: قرطبة) . ممرّ السابلة (السائرين في السبيل: الطريق) : الطريق العامّ (بين مدينة و مدينة) .
14) الفارض: الذي يتولّى قسمة الارث بين أصحاب الحقّ (و العالم بذلك) .
15) أشهب بن عبد العزيز فقيه مالكي من أهل مصر (ت 204 ه-٨١٩ م) .
16) الترقيح: إصلاح أمر المعيشة.
17) هو عبد الرحمن بن الحكم (206-٢٣٨ ه) رابع الأمراء المتوارثين في الأندلس.
18) اعتامه: قصده (طلبه) .
19) البين: البعد، الفراق.
20) العراقان: البصرة و الكوفة (القطر العراقي) . مرى اللبن من ضرع البقرة: مسّ الضرع برفق ليخرج منه اللبن.
21) الخبت من الأرض: المنخفض (الذي يكون فيه عادة ماء) الواسع.
22) اصطبح: شرب الخمر صباحا. القهوة: الخمر المطبوخة بالنار. دهاق: مملوءة. قهوة الندى. . . . . (؟) .
23) التراقي جمع ترقوة (بضمّ التاء) : عظم في أعلى الصدر. فحوّل منّي الخ: قرّبني من الموت.
24) آذن: أوشك، اقترب.
25) النشور: يوم القيامة. التفّت الساق (العظم الأدنى من رجل الإنسان) : اشتبكت (كناية الازدحام و الاضطراب) .