الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
إدريس بن اليمان
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج4، ص623-626
21-2-2018
3833
هو أبو عليّ إدريس بن اليمان بن سام العبدريّ اليابسيّ (نسبة إلى يابسة أصغر الجزر الشرقية-شرق الاندلس) الشبينيّ (نسبة الى الشبين، و هو شجر الصنوبر لأنه يكثر في بلده) . أصل أهله من قسطلّة الغرب من عمل شنت مريّة ابن هارون من مملكة شلب حيث حكم بنو مزيّن من ملوك الطوائف (4١٩-444 ه) . و يبدو أن مولده كان في جزيرة يابسة. و لقد نشأ و قرأ العلم في مدينة دانية (على الساحل الجنوبيّ الشرقي من الاندلس) . ثم طال مكثه فيها، و فيها بدأ حياته العامّة و عرفت مواهبه الأدبية. بعدئذ أخذ يتردّد على بلاطات ملوك الطوائف فنفق شعره فيها و تكسب به: مدح ابن حمّود (لعلّه محمد المهديّ بن القاسم بن حمود صاحب الجزيرة الخضراء من سنة 4٣١ إلى سنة 44٠) و مدح ابن مقنة وزير يحيى بن حمّود صاحب مالقة و مدح الموفّق مجاهدا العامري في دانية (4٠٨-4٣٢ ه) و ابنه اقبال الدولة (4٣6-46٨ ه) و مدح المأمون بن ذي النون في طليطلة (4٢٩-46٧ ه) ثم مدح المعتضد بن عبّاد صاحب اشبيلية (4٣4-46١ ه) .
و كانت وفاة ادريس بن اليمان اليابسيّ سنة 4٧٠(١٠٧٧ م) . و إذا نحن قبلنا أن يكون مدحه قد بدأ بابن مقنة وزير يحيى بن حمّود-و كان يحيى قد حكم مالقة في فترتين بين سنة 4١٢ و سنة 4٢٧(١٠٢١-1035 م) ، فيجب ان يكون قد عاش ثمانين سنة او تزيد.
إدريس بن اليمان اليابسي شاعر جليل و مكثر مطيل، نجد في شعره الوجدانيّ عذوبة. أمّا شعره الرسمي في الفخر و المديح ففيه تقليد للمشارقة في الأغراض و الأسلوب. و هو مع ذلك، في الأندلس، من فحول الشعراء. و لم يكن بعد ابن درّاج (راجع، فوق، ص ٣٧٧) من يجري مجراه في متانة التركيب و علوّ النفس. و قد تصرّف في المديح تصرّفا حسنا، و كان يأخذ على القصيدة مائة دينار. و غزله و نسيبه حسنان. و له وصف بارع للخمر و للطبيعة. و له هجاء.
مختارات من شعره :
- من مشهور شعر (ادريس بن اليمان) في المغرب و المشرق (نفح الطيب 4:٧5) في الخمر:
ثقلت زجاجات أتتنا فرّغا ... حتّى إذا ملئت بصرف الراح (1)
خفّت فكادت أن تطير بما حوت... و كذا الجسوم تخفّ بالأرواح
- و من أبياته المستحسنة عندهم:
قبلة كانت على دهش ... أذهبت ما بي من العطش (2)
و لها في القلب منزلة ... لو عدتها النفس لم تعش (3)
طرقتني و الدجى لبست ... خلعا من جلدة الحنش (4)
و كأنّ النجم حين بدا ... درهم في كفّ مرتعش
- و من أبياته القصيرة المرقصة بألفاظها:
أقبلت تهتزّ كالغصـ...ـن و تمشي كالحمامة
ظبية تحسد عينيـ...ـها و خدّيها المدامة (5)
- و له في لحية طويلة عريضة (المغرب 1:400) :
لو أنّها دون السماء سحابة ... لم تخترقها دعوة المظلوم (6)
- و من شعره الفخم الذي يقلّد فيه المشارقة قوله:
لبّيك لبّيك، داعي اللهو من كثبٍ ... إلى معاطفة الأغصان و الكثب (7)
إلى خدود بنات الروم قد برزت ... من حجبها و أدارت أعين العرب
من كلّ سافرة عن مشرب خجلا ... فيه طرازان من ماء و من لهب (8)
و استضحكت عن لآل أو حصى برد... يكاد يقطر من مائيّة الشنب (9)
يحدو بها فتية صيغت وجوههم ... من الرضا و عواليهم من الغضب (10)
قد قارعوا دونها كلّ ابن قارعة ... يهبّ منغمسا في الحرب و الحرب (11)
ما ذا أقول لدنيا لو ظفرت بها ... أدّبتها غضبا للظرف و الأدب (12)
ألقى الأحبّة مخفوض الجناح و قد ... أختال تحت الرداء العضب ذو الشطب (13)
- و قال في فعل الخمر بشاربيها:
و موسّدين على الأكفّ رؤوسهم ... قد غالهم في السكر ما قد غالني (14)
ما زلت أسقيهم و أشرب فضلهم ... حتّى انثنيت و نالهم ما نالني
و الخمر تعرف كيف تأخذ حقّها... إنّي أملت إناءها فأمالني (15)
- و قال في الوصف:
و فتيان صدق عرّسوا تحت دوحةٍ ... و ليس لهم الاّ النبات فراش (16)
فكأنّهم-و النور يسقط فوقهم- ... مصابيح تهوي نحوهنّ فراش (17)
- سأله المعتضد أن يمدحه بقصيدة يعارض بها قصيدته السينية التي مدح بها ابن حمّود فقال له: «أشعاري مشهورة. و بنات صدري كريمة. فمن أراد أن ينكح بكرها فقد عرف مهرها» .
_________________________
١) صرف الراح: الراح (الخمر) الخالصة (غير الممزوجة بالماء) .
٢) دهش (بفتح فكسر) يدهش (بفتح الهاء) دهشا (بفتح ففتح) : ذهاب العقل او تحييره من خوف او حب او حياء.
٣) عدتها: تجاوزتها.
4) من جلدة الحنش (حية سوداء كبيرة غير سامة) : شديدة السواد.
5) المدامة: الخمر.
6) في الاثر: ان الشخص المظلوم اذا دعا الله فلا يكون بين دعوته و بين وصولها الى الله حجاب.
٧) كثب (الاولى) : قرب. الكثب (الثانية) جمع كثيب: التلة من الرمل العظيم المستدير. الاغصان (هنا) : كناية عن قدود النساء، و الكثب كناية عن اوساط النساء.
8) مشرب: فم. طرازان: صفان (من الاسنان) من ماء (ريق ابيض حلو زكي الرائحة) و من لهب (كناية عن اشتعال العاطفة بالحب) .
9) حصى (حجارة) برد: حبات البرد (قطرات الماء المتجمدة و الساقطة مع المطر، كناية عن نظافتها و شدة بياضها) . الشنب: اللون الابيض في الاسنان.
10) العالية: صدر الرمح (اعلاه) . -هم في السلم يبدو الرضا على وجوههم (للجميع) و في الحرب يكونون في غضب شديد على الخصم.
11) قارعوا دونها: قاتلوا و دافعوا (عنها) . القارعة: الداهية (المصيبة) . ابن قارعة الرجل المتمرس بالدهاء و الاختبار. الحرب (بفتح ففتح) : السلب.
12) ادبتها (عاقبتها بالضرب) غضبا (انتقاما) للظرف و الادب (لأنه ليس فيها او لا ينفع فيها الظرف -الحلاوة في الكلام و في المعاملة مع النكتة) .
13) مخفوض الجناح (الجانب) متواضع. ثم امشي الخيلاء (بضم ففتح) متعاظما متكبرا، اذا كنت احمل تحت ثوبي عضبا (سيفا قاطعا) ذا شطب (شقوق) لكثرة ما حاربت به. -يختال (فرحا) و هو ذاهب الى الحرب.
14) قوم جعلوا أكفّهم و سادة (ناموا من السكر أو التعب في غير فراش) . غالهم: أهلكهم، (أتعبهم، ذهبت الخمر بوعيهم) .
15) أملت اناءها (حنيته لأصب منه الخمر: شربت ما فيه من الخمر) فأمالني (حنى رأسي من النعاس) .
16) عرّسوا: نزلوا في الليل، باتوا. دوحة: شجرة عظيمة.
17) النور (بفتح النون) الزهر الابيض.